عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 11:25 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن قال نسختها اقتلوا المشركين ولا مجادلة أشد من السيف). [تفسير عبد الرزاق: 2/98-99]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن خصيف عن مجاهد {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن إلا الّذين ظلموا منهم} قال: ولا تجادلوا ولا تقاتلوا إلّا من قاتلكم ولم يعط الجزية [الآية: 46]). [تفسير الثوري: 235-236]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا محمّد بن المثنّى، عن عثمان بن عمر، حدّثنا عليٌّ، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: كان أهل الكتاب يقرءون التّوراة بالعبرانيّة، فيفسّرونها بالعربيّة لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لا تصدّقوا أهل الكتاب، ولا تكذّبوهم، ولكن قولوا: {آمنّا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ ونحن له مسلمون}). [السنن الكبرى للنسائي: 10/211]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالّتي هي أحسن إلاّ الّذين ظلموا منهم وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ ونحن له مسلمون}.
يقول تعالى ذكره: {ولا تجادلوا} أيّها المؤمنون باللّه وبرسوله اليهود والنّصارى، وهم {أهل الكتاب إلاّ بالّتي هي أحسن} يقول: إلاّ بالجميل من القول، وهو الدّعاء إلى اللّه بآياته، والتّنبيه على حججه.
وقوله: {إلاّ الّذين ظلموا منهم} اختلف أهل التّأويل في تأويله؛ فقال بعضهم: معناه: إلاّ الّذين أبوا أن يقرّوا لكم بإعطاء الجزية، ونصبوا دون ذلك لكم حربًا، فإنّهم ظلمةٌ، فأولئك فجادلوهم بالسّيف حتّى يسلموا أو يعطوا الجزية.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ بن سهلٍ، قال: حدّثنا يزيد، عن سفيان، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالّتي هي أحسن إلاّ الّذين ظلموا منهم} قال: من قاتل ولم يعط الجزية.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي، عن سفيان، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه. إلاّ أنّه قال: من قاتلك ولم يعطك الجزية.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالّتي هي أحسن} قال: إن قالوا شرًّا، فقولوا خيرًا، {إلاّ الّذين ظلموا منهم} فانتصروا منهم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {إلاّ الّذين ظلموا منهم} قال: قالوا مع اللّه إلهٌ، أو له ولدٌ، أو له شريكٌ، أو يد اللّه مغلولةٌ، أو اللّه فقيرٌ، أو آذوا محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: هم أهل الكتاب.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن شريكٍ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ، {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالّتي هي أحسن إلاّ الّذين ظلموا منهم} قال: أهل الحرب، من لا عهد له، جادله بالسّيف.
وقال آخرون: معنى ذلك: {ولا تجادلوا أهل الكتاب} الّذين قد آمنوا به، واتّبعوا رسوله فيما أخبروكم عنه ممّا في كتبهم {إلاّ بالّتي هي أحسن إلاّ الّذين ظلموا منهم} فأقاموا على كفرهم، وقالوا: هذه الآية محكمةٌ، وليست بمنسوخةٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالّتي هي أحسن} قال: ليست بمنسوخةٍ، لا ينبغي أن تجادل من آمن منهم، لعلّهم يحدثون شيئًا في كتاب اللّه، لا تعلمه أنت، فلا تجادله، ولا ينبغي أن تجادل إلاّ الّذين ظلموا، المقيم منهم على دينه. فذلك الّذي يجادل ويقال له بالسّيف. قال: وهؤلاء يهود. قال: ولم يكن بدار الهجرة من النّصارى أحدٌ، إنّما كانوا يهودًا، هم الّذي كلّموا وحالفوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وغدرت النّضير يوم أحدٍ، وغدرت قريظة يوم الأحزاب.
وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية قبل أن يؤمر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بالقتال، وقالوا: هي منسوخةٌ نسخها قوله: {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر} الآية.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالّتي هي أحسن} ثمّ نسخ بعد ذلك، فأمر بقتالهم في سورة براءة، ولا مجادلة أشدّ من السّيف أن يقاتلوا حتّى يشهدوا أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدًا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، أو يقرّوا بالخراج.
وأولى هذه الأقوال بالصّواب، قول من قال: عني بقوله {إلاّ الّذين ظلموا منهم} إلاّ الّذين امتنعوا من أداء الجزية، ونصبوا دونها الحرب.
فإن قال قائلٌ: أو غير ظالمٍ من أهل الكتاب، إلاّ من يردّ الجزية؟!
قيل: إنّ جميعهم وإن كانوا لأنفسهم بكفرهم باللّه، وتكذيبهم رسوله محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، ظلمةً، فإنّه لم يعن بقوله {إلاّ الّذين ظلموا منهم} ظلم أنفسهم. وإنّما عنى به: إلاّ الّذين ظلموا منهم أهل الإيمان باللّه ورسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، فإنّ أولئك جادلوهم بالقتال.
وإنّما قلنا: ذلك أولى الأقوال فيه بالصّواب، لأنّ اللّه تعالى ذكره أذن للمؤمنين بجدال ظلمة أهل الكتاب بغير الّذي هو أحسن، بقوله {إلاّ الّذين ظلموا منهم} فمعلومٌ إذ كان قد أذن لهم في جدالهم، أنّ الّذين لم يؤذن لهم في جدالهم إلاّ بالّتي هي أحسن، غير الّذين أذن لهم بذلك فيهم، وأنّهم غير المؤمنين، لأنّ المؤمنين منهم غير جائزٍ جداله إلاّ في غير الحقّ، لأنّه إذا جاء بغير الحقّ، فقد صار في معنى الظّلمة في الّذي خالف فيه الحقّ. فإذ كان ذلك كذلك، تبيّن أن لا معنى لقول من قال: عنى بقوله {ولا تجادلوا أهل الكتاب} أهل الإيمان منهم، وكذلك لا معنى لقول من قال: نزلت هذه الآية قبل الأمر بالقتال، وزعم أنّها منسوخةٌ، لأنّه لا خبر بذلك يقطع العذر، ولا دلالة على صحّته من فطرة عقلٍ.
وقد بيّنّا في غير موضعٍ من كتابنا، أنّه لا يجوز أن يحكم على حكم اللّه في كتابه بأنّه منسوخٌ إلاّ بحجّةٍ يجب التّسليم لها من خبرٍ أو عقلٍ.
وقوله: {وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ ونحن له مسلمون} يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله، الّذين نهاهم أن يجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالّتي هي أحسن: إذا حدّثكم أهل الكتاب أيّها القوم عن كتبهم، وأخبروكم عنها بما يمكن ويجوز أن يكونوا فيه صادقين، وأن يكونوا فيه كاذبين، ولم تعلموا أمرهم وحالهم في ذلك، فقولوا لهم {آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم} ممّا في التّوراة والإنجيل {وإلهنا وإلهكم واحدٌ} يقول: ومعبودنا ومعبودكم واحدٌ {ونحن له مسلمون} يقول: ونحن له خاضعون متذلّلون بالطّاعة فيما أمرنا ونهانا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك جاء الأثر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر الرّواية بذلك:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عثمان بن عمر، قال: أخبرنا عليٌّ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: كان أهل الكتاب يقرءون التّوراة بالعبرانيّة. فيفسّرونها بالعربيّة لأهل الإسلام، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم، وقولوا: آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم، وإلهنا وإلهكم واحدٌ، ونحن له مسلمون.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن عطاء بن يسارٍ، قال: كان ناسٌ من اليهود يحدّثون ناسًا من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: لا تصدّقوهم ولا تكذّبوهم، وقولوا: آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم.
- قال: حدّثنا أبو عامرٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن سليمان، عن عمارة بن عميرٍ، عن حريث بن ظهيرٍ، عن عبد اللّه، قال: لا تسألوا أهل الكتاب عن شيءٍ، فإنّهم لن يهدوكم وقد ضلّوا، إمّا أن تكذّبوا بحقٍّ، أو تصدّقوا بباطلٍ، فإنّه ليس أحدٌ من أهل الكتاب إلاّ وفي قلبه تاليةٌ تدعوه إلى دينه كتالية المال.
وكان مجاهدٌ يقول في ذلك ما:
- حدّثنا به محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {إلاّ الّذين ظلموا منهم} قال: قالوا مع اللّه إلهٌ، أو له ولدٌ، أو له شريكٌ، أو يد اللّه مغلولةٌ. أو اللّه فقيرٌ، أو آذوا محمّدًا، {وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم} لمن لم يقل هذا من أهل الكتاب). [جامع البيان: 18/417-423]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلّا بالّتي هي أحسن إلّا الّذين ظلموا منهم وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ ونحن له مسلمون (46)
قوله تعالى: ولا تجادلوا.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي ثنا مالك بن إسماعيل، ثنا قيس بن الرّبيع، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ قوله: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن قال: كان ناسٌ من الأنصار يسترضعون لأولادهم في اليهود، فكانوا يجادلونهم ويذكرون لهم الإسلام فأنزل اللّه: لا إكراه في الدّين
الوجه الثّاني
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، ثنا عبد الرّزّاق، ثنا معمرٌ، عن قتادة قوله: ولا تجادلوا أهل الكتاب نسختها فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ولا مجادلة أشدّ من السّيف.
الوجه الثّالث
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن قال: ليست بمنسوخةٍ، لا ينبغي أن يجادل من آمن منهم، لعلّهم أن يحدثوا شيئًا في كتاب اللّه لا تعلمه أنت قال: لا تجادلوا، لا ينبغي أن تجادل منهم.
الوجه الرّابع
- حدّثنا أحمد بن عصامٍ الأنصاريّ، ثنا مؤمّلٌ، ثنا سفيان، عن ابن نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن قال: لا تقاتلوا إلا من قاتلكم ولم يعطي الجزية.
قوله تعالى: إلا بالّتي هي أحسن
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا بشر بن الحارث، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن يقول: من أدّى منهم الجزية فلا تقولوا لهم إلا حسنًا.
- حدّثنا أبي ثنا سعيد بن سليمان، ثنا عبّاد بن العوّام، عن سفيان بن حسينٍ في قوله: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن قال: الّتي هي أحسن قولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ إلى آخر الآية هذه مجادلتهم بالّتي هي أحسن.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبانة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن إن قالوا شرًّا فقولوا خيرًا.
قوله تعالى: إلا الّذين ظلموا منهم
- حدثنا أحمد بن عاصم الاستهباني، ثنا أبو عاصمٍ، ثنا سفيان، عن خصيفٍ، عن مجاهد لا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن إلا الّذين ظلموا منهم قال: الّذين ظلموا: من قاتلك ولم يعطك الجزية.
- حدّثنا أبي، ثنا عبدة بن سليمان، ثنا ابن المبارك، ثنا إسرائيل، عن سالمٍ، عن مجاهدٍ ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن إلا الّذين ظلموا منهم قال: الّذين ظلموا منهم أهل الحرب من لا عهد له فتجادلوهم بالسيف.
- حدثنا حجاج بن حمزة، ثنا شبانة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: إلا الّذين ظلموا فانتصروا منهم. وقال مجاهدٌ في موضع آخر من هذه السّورة: إلا الّذين ظلموا منهم قالوا: مع الله إله، وولدا وشريكا ويد الله مغلولة وإن الله فقيرا محمد صلى الله عليه وسلم: هم أهل الكتاب.
قوله تعالى: وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن المثنّى، ثنا عثمان بن عمر، ثنا عليّ بن المبارك، عن يحيى..، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: كان أهل الكتاب يقرءون التّوراة فيفسّرونها بالعربيّة لأهل الإسلام. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم، وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ ونحن له مسلمون
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، ثنا سفيان، ثنا سعد بن إبراهيم، ثنا عطاء بن دينارٍ قال: كان ناسٌ من يهود يحدّثون ناسًا من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فبلغ ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: (لا تصدّقوهم) ولا تكذّبوهم، قولوا آمنّا به كلٌّ من، عند ربّنا.
قوله تعالى: ونحن له مسلمون
- حدّثنا أبو زرعة ثنا صفوان ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ يعني قوله: مسلمون يقول: مخلصون). [تفسير القرآن العظيم: 9/3068-3070]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن يقول إن قالوا شرا فقولوا خيرا). [تفسير مجاهد: 496]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد إلا الذين ظلموا منهم يعني أنهم قالوا مع الله إله وقالوا له ولد وله شريك ويده مغلولة هو فقير تبارك وتعالى وأوذي محمد صلى الله عليه وسلم وهم أهل الكتاب فقال الله عز وجل إلا الذين ظلموا منهم يقول فانتصروا منهم). [تفسير مجاهد: 496]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا شريك عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير في قوله إلا الذين ظلموا منهم قال هم أهل الحرب ومن لا عهد له يقول جاهدوهم بالسيف). [تفسير مجاهد: 496]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم ثنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم يعني لمن لم يقل هذا من أهل الكتاب). [تفسير مجاهد: 497]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون * وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون.
أخرج الفريابي، وابن جرير عن مجاهد في قوله {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم} قال: الذين قالوا: مع الله اله أو له ولد أوله شريك أو يد الله مغلولة أو الله فقير ونحن أغنياء أو آذى محمدا صلى الله عليه وسلم وهم أهل الكتاب، وفي قوله {وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم} قال: لمن يقول هذا منهم، يعني من لم يقل مع الله اله أوله ولد أوله شريك أو يد الله مغلولة أو الله فقيرا وآذى محمدا صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 11/556-557]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن جرير عن مجاهد في قوله {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} قال: إن قالوا شرا فقولوا خيرا {إلا الذين ظلموا منهم} فانتصروا منهم). [الدر المنثور: 11/557]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم} قال: لا تقاتلوا إلا من قاتل ولم يعط الجزية ومن أدى منهم الجزية فلا تقولوا لهم إلا حسنا). [الدر المنثور: 11/557]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} قال: بلا اله إلا الله). [الدر المنثور: 11/557]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن حسين في الآية قال {التي هي أحسن} قولوا {آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون} فهذه مجادلتهم بالتي هي أحسن). [الدر المنثور: 11/557]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} قال: نهى عن مجادلتهم في هذه الآية، ثم نسخ ذلك فقال {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} ولا مجادلة أشد من السيف). [الدر المنثور: 11/558]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري والنسائي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا {آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون} ). [الدر المنثور: 11/558]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي، وابن جرير عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال: كانت اليهود يحدثون أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيسبحون كانهم يعجبون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا {آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون} ). [الدر المنثور: 11/558]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف، وابن سعد وأحمد والبيهقي في سننه عن أبي نملة الانصاري رضي الله عنه أن رجلا من اليهود قال لجنازة: أنا أشهد أنه تتكلم، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا: آمنا بالله وكتبه ورسله فان كان حقا لم تكذبوهم وان كان باطلا لم تصدقوهم). [الدر المنثور: 11/558-559]

تفسير قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالّذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلاّ الكافرون}.
يقول تعالى ذكره: كما أنزلنا الكتب على من قبلك يا محمّد من الرّسل {كذلك أنزلنا إليك} هذا {الكتاب فالّذين آتيناهم الكتاب} من قبلك من بني إسرائيل {يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به} يقول: ومن هؤلاء الّذين هم بين ظهرانيك اليوم من يؤمن به كعبد اللّه بن سلامٍ، ومن آمن برسوله من بني إسرائيل.
وقوله: {وما يجحد بآياتنا إلاّ الكافرون} يقول تعالى ذكره: وما يجحد بأدلّتنا وحججنا إلاّ الّذي يجحد نعمنا عليه، وينكر توحيدنا، وربوبيّتنا على علمٍ منه عنادًا لنا.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وما يجحد بآياتنا إلاّ الكافرون} قال: إنّما يكون الجحود بعد المعرفة). [جامع البيان: 18/423-424]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالّذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلّا الكافرون (47)
قوله تعالى: وكذلك أنزلنا إليك الكتاب
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو يحيى الحمّانيّ، عن أبي بكرٍ الهذليّ، عن الحسن قال: الكتاب القرآن.
قوله تعالى: فالّذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، ثنا عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، عن قتادة قوله آتيناهم الكتاب اليهود والنّصارى.
قوله تعالى: وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ قال: سمعت سعيدًا، عن قتادة قوله وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون وإنّما يكون الجحود بعد المعرفة). [تفسير القرآن العظيم: 9/3070-3071]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في "سننه" وفي الشعب والديلمي وأبو نصر السجزي في الابانة، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسألوا هل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا اما أن تصدقوا بباطل أو تكذبوا بحق والله لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني). [الدر المنثور: 11/559]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق عن زيد بن أسلم قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا أنفسهم). [الدر المنثور: 11/559]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا لتكذبوا بحق وتصدقوا بباطل، فان كنتم سائليهم لا محالة فانظروا ما واطأ كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه). [الدر المنثور: 11/559-560]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك إذًا لارتاب المبطلون}.
يقول تعالى ذكره: {وما كنت} يا محمّد {تتلو} يعني تقرأ {من قبله} يعني من قبل هذا الكتاب الّذي أنزلته إليك {من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك} يقول: ولم تكن تكتب بيمينك، ولكنّك كنت أمّيًّا {إذًا لارتاب المبطلون} يقول: ولو كنت من قبل أن يوحى إليك تقرأ الكتاب، أو تخطّه بيمينك، إذن لارتاب: يقول: إذن لشكّ بسبب ذلك في أمرك، وما جئتهم به من عند ربّك من هذا الكتاب الّذي تتلوه عليهم المبطلون، القائلون: إنّه سجعٌ وكهانةٌ، وإنّه أساطير الأوّلين.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك إذًا لارتاب المبطلون} قال: كان نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمّيًّا لا يقرأ شيئًا ولا يكتب.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك} قال: كان نبيّ اللّه لا يقرأ كتابًا قبله، ولا يخطّه بيمينه، قال: كان أمّيًّا، والأمّيّ: الّذي لا يكتب.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن إدريس الأوديّ، عن الحكم، عن مجاهدٍ، {وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك} قال: كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لا يخطّ بيمينه، ولا يقرأ كتابًا، فنزلت هذه الآية.
وبنحو الّذي قلنا أيضًا في قوله: {إذًا لارتاب المبطلون} قالوا:
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إذًا لارتاب المبطلون} إذن لقالوا: إنّما هذا شيءٌ تعلّمه محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم وكتبه.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه {إذًا لارتاب المبطلون} قال: قريشٌ). [جامع البيان: 18/424-426]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك إذًا لارتاب المبطلون (48)
قوله تعالى: وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن إدريس، عن الحكم، عن مجاهدٍ وما كنت تتلوا من قبله من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك إذا قال كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أنّ محمّدًا لا يخطّ بيمينه ولا يقرأ كتابًا فنزلت هذه الآية.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ قال: سمعت سعيدًا، عن قتادة قوله: وما كنت تتلوا من قبله من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك قال: كان نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لا يقرأ كتابًا قبله ولا يخطّه بيمينه قال: وكان أمّيًّا، والأمّيّ، الّذي لا يكتب.
قوله تعالى: ولا تخطه بيمينك
[الوجه الأول]
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي ثنا أبي عن جدّه عطيّة، عن ابن عبّاسٍ قوله: ولا تخطّه بيمينك قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أمّيّا لا يقرأ ولا يكتب.
الوجه الثّاني
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا ابن أبي حمّادٍ، ثنا مهران، عن سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم قال: الأمّيّ: يقرأ ولا يكتب.
قوله تعالى: إذًا لارتاب المبطلون
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: إذًا لارتاب المبطلون قريشٌ). [تفسير القرآن العظيم: 9/3071]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إذا لارتاب المبطلون يعني قريشا). [تفسير مجاهد: 497]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون * بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون * وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين.
أخرج ابن أبي شيبه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد، في قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} قال: كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يخط بيمينه ولا يقرأ كتابا، فنزلت {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون} قريش). [الدر المنثور: 11/560]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والإسماعيلي في معجمه عن ابن عباس في قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ ولا يكتب كان أميا، وفي قوله {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} قال: كان الله أنزل شأن محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل لأهل العلم وعلمه لهم وجعله لهم آية فقال لهم: إن آية نبوته أن يخرج حين يخرج لا يعلم كتابا ولا يخطه بيمينه، وهي الآيات البينات التي قال الله تعالى). [الدر المنثور: 11/560]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا يقرأ كتابا قبله ولا يخطه بيمينه وكان أميا لا يكتب، وفي قوله {آيات بينات} قال: النّبيّ آية بينة ? {في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب}? قال: وقال الحسن: القرآن {آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} يعني المؤمنين). [الدر المنثور: 11/560-561]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في "سننه" عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتاب} قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ ولا يكتب). [الدر المنثور: 11/561]

تفسير قوله تعالى: (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله بل هو آيات بينات قال النبي آية بينة وكذلك قرأها قتادة في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب). [تفسير عبد الرزاق: 2/99]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال الحسن القرآن آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم يعني المؤمنين). [تفسير عبد الرزاق: 2/99]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلاّ الظّالمون}.
اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بقوله: {بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم} فقال بعضهم: عنى به نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وقالوا: معنى الكلام: بل وجود أهل الكتاب في كتبهم أنّ محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم لا يكتب ولا يقرأ، وأنّه أمّيّ، آياتٌ بيّناتٌ في صدورهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: ثتي عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم} قال: كان اللّه تعالى أنزل شأن محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم في التّوراة والإنجيل لأهل العلم وعلّمه لهم، وجعله لهم آيةً، فقال لهم: إنّ آية نبوّته أن يخرج حين يخرج لا يعلم كتابًا، ولا يخطّه بيمينه، وهي الآيات البيّنات.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ} قال: كان نبيّ اللّه لا يكتب ولا يقرأ، وكذلك جعل اللّه نعته في التّوراة والإنجيل، أنّه نبيٌّ أمّيٌّ، لا يقرأ ولا يكتب، وهي الآية البيّنة في صدور الّذين أوتوا العلم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم} من أهل الكتاب، صدّقوا بمحمّدٍ ونعته ونبوّته.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، {بل هو آياتٌ بيّناتٌ} قال: أنزل اللّه شأن محمّدٍ في التّوراة والإنجيل لأهل العلم، بل هو آيةٌ بيّنةٌ في صدور الّذين أوتوا العلم، يقول: النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال آخرون: عنى بذلك القرآن، وقالوا: معنى الكلام: بل هذا القرآن آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم من المؤمنين بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، قال: قال الحسن، في قوله: {بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم} القرآن آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم، يعني المؤمنين.
وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: عني بذلك: بل العلم بأنّك ما كنت تتلو من قبل هذا الكتاب كتابًا، ولا تخطّه بيمينك، آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم من أهل الكتاب.
وإنّما قلت: ذلك أولى التّأويلين بالآية، لأنّ قوله: {بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم} بين خبرين من أخبار اللّه عن رسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، فهو بأن يكون خبرًا عنه أولى من أن يكون خبرًا عن الكتاب الّذي قد انقضى الخبر عنه قبل.
وقوله: {وما يجحد بآياتنا إلاّ الظّالمون} يقول تعالى ذكره: ما يجحد نبوّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وأدلّته، وينكر العلم الّذي يعلم من كتب اللّه الّتي أنزلها على أنبيائه، ببعث محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، ونبوّته، ومبعثه إلاّ الظّالمون، يعني الّذين ظلموا أنفسهم بكفرهم باللّه عزّ وجلّ). [جامع البيان: 18/426-428]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، ثنا عبد الرّزّاق، ثنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: بل هو آياتٌ بيّناتٌ قال: النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم آيةٌ بيّنةٌ وكذلك قرأ قتادة: وقال معمرٌ قال: الحسن: القرآن آياتٌ بيّناتٌ.
- حدّثنا أبي ثنا أبو الدّرداء عبد العزيز بن منيبٍ، ثنا أبو معاذٍ النّحويّ، عن عبيد بن سليمان، عن الضّحّاك قوله: وما كنت تتلوا من قبله من كتابٍ قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لا يقرأ ولا يكتب، وكذلك جعل اللّه نعته في التّوراة والإنجيل أنّه نبيّ أمّيّ، لا يقرأ ولا يكتب وهي الآية البيّنة.
قوله تعالى: في صدور الّذين أوتوا العلم
- أخبرنا محيي بن سعدٍ فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي حدّثني أبي جدّي عطيّة بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الذين أوتوا العلم كان اللّه تبارك وتعالى أنزل شأن محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، التّوراة والإنجيل لأهل العلم وعلّمه لهم وجدله لهم آيةً. فقال له: أي يخرج حين يخرج لا يعلم كتابًا ولا يخطّه بيمينه، وهي الآيات البيّنات الّتي ذكر اللّه عزّ وجلّ.
قوله تعالى: وما يجحد بآياتنا إلا الظّالمون
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا حم بن نوحٍ، ثنا معاذٌ، ثنا أبو مسلمٍ، عن الضّحّاك في قوله: وما يجحد بآياتنا إلا الظّالمون قال: يعني صفته الّتي وصف لأهل الكتاب يعرفونه بالصّفة). [تفسير القرآن العظيم: 9/3071-3072]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والإسماعيلي في معجمه عن ابن عباس في قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ ولا يكتب كان أميا، وفي قوله {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} قال: كان الله أنزل شأن محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل لأهل العلم وعلمه لهم وجعله لهم آية فقال لهم: إن آية نبوته أن يخرج حين يخرج لا يعلم كتابا ولا يخطه بيمينه، وهي الآيات البينات التي قال الله تعالى). [الدر المنثور: 11/560] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا يقرأ كتابا قبله ولا يخطه بيمينه وكان أميا لا يكتب، وفي قوله {آيات بينات} قال: النّبيّ آية بينة ? {في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب}? قال: وقال الحسن: القرآن {آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} يعني المؤمنين). [الدر المنثور: 11/560-561] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا يقرأ ولا يكتب وكذلك جعل نعته في التوراة والإنجيل أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، وهي الآية البينة، وهي قوله {وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون} قال: يعني صفته التي وصف لأهل الكتاب يعرفونه بالصفة). [الدر المنثور: 11/561]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالوا لولا أنزل عليه آياتٌ من ربّه قل إنّما الآيات عند اللّه وإنّما أنا نذيرٌ مبينٌ}.
يقول تعالى ذكره: وقالت المشركون من قريشٍ: هلاّ أنزل على محمّدٍ آيةٌ من ربّه تكون حجّةً له علينا، كما جعلت النّاقة لصالحٍ، والمائدة لعيسى، قل يا محمّد: إنّما الآيات عند اللّه، لا يقدر على الإتيان بها غيره {وإنّما أنا نذيرٌ مبينٌ} وإنّما أنا نذيرٌ لكم، أنذركم بأس اللّه وعقابه على كفركم برسوله. وما جاءكم به من عند ربّكم {مبينٌ} يقول: قد أبان لكم إنذاره). [جامع البيان: 18/428]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وقالوا لولا أنزل عليه آياتٌ من ربّه قل إنّما الآيات عند اللّه وإنّما أنا نذيرٌ مبينٌ (50)
قوله تعالى: وقالوا لولا أنزل عليه آياتٌ من ربه- الآية
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن نميرٍ، ثنا الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: أتا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم (الصّفا) فصعد عليه ثم نادا أيا صباحا، فاجتمع الناس إليه يبن رجل يجيء إليه بين رجلٍ يبعث رسوله، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يا بني عبد المطّلب يا بني فهرٍ، يا بني، يا بني، أرأيتم لو أخبرتكم أنّ خيلا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم صدّقتموني، قالوا: نعم. قال: فإنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ.
تقدّم تفسير النّذير عن ابن عبّاس غير مرّةٍ). [تفسير القرآن العظيم: 9/3072]

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إنّ في ذلك لرحمةً وذكرى لقومٍ يؤمنون}.
يقول تعالى ذكره: أو لم يكف هؤلاء المشركين يا محمّد، القائلين: لولا أنزل على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم آيةٌ من ربّه، من الآيات والحجج {أنّا أنزلنا عليك} هذا {الكتاب يتلى عليهم} يقول: يقرأ عليهم {إنّ في ذلك لرحمةً} يقول: إنّ في هذا الكتاب الّذي أنزلنا عليهم لرحمةً للمؤمنين به، وذكرى يتذكّرون بما فيه من عبرةٍ وعظةٍ.
وذكر أنّ هذه الآية نزلت من أجل أنّ قومًا من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم انتسخوا شيئًا من بعض كتب أهل الكتاب.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن يحيى بن جعدة، أنّ ناسًا من المسلمين أتوا نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بكتبٍ قد كتبوا فيها بعض ما يقول اليهود، فلمّا أن نظر فيها ألقاها، ثمّ قال: كفى بها حماقة قومٍ، أو ضلالة قومٍ، أن يرغبوا عمّا جاءهم به نبيّهم، إلى ما جاء به غير نبيّهم، إلى قومٍ غيرهم، فنزلت: {أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إنّ في ذلك لرحمةً وذكرى لقومٍ يؤمنون} ). [جامع البيان: 18/428-429]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قرأه، ثنا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن يحيى بن جعدة قال: أتي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بكتابٍ في كتفٍ. فقال: كفى). [تفسير القرآن العظيم: 9/3072]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون * قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السموات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون.
أخرج الدارمي وأبو داود في مراسيله، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن يحي بن جعدة رضي الله عنه قال: جاء ناس من المسلمين بكتب قد كتبوها فيها بعض ما سمعوه من اليهود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفى بقوم حمقا أو ضلالة أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إليهم إلى ما جاء به غيره إلى غيرهم، فنزلت {أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} الآية). [الدر المنثور: 11/561-562]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الإسماعيلي في معجمه، وابن مردويه من طريق يحيى ابن جعدة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتبون من التوراة فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان أحمق الحمق وأضل الضلالة قوم رغبوا عما جاء به نبيهم إلى نبي غير نبيهم والى أمة غير أمتهم، ثم أنزل الله {أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} ). [الدر المنثور: 11/562]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي في شعب الإيمان عن الزهري: أن حفصة جاءت إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم بكتاب من قصص يوسف في كتف فجعلت تقرأه عليه والنبي صلى الله عليه وسلم يتلون وجهه فقال والذي نفسي بيده لو أتاكم يوسف وأنا بينكم فاتبعتموه وتركتموني لضللتم). [الدر المنثور: 11/562-563]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن سعد، وابن الضريس والحاكم في الكنى والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن ثابت بن الحرث الأنصاري قال: دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على النّبيّ صلى الله عليه وسلم بكتاب فيه مواضع من التوراة فقال: هذه أصبتها مع رجل من أهل الكتاب أعرضها عليك، فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تغيرا شديدا لم أر مثله قط فقال عبد الله بن الحارث لعمر رضي الله عنهما: أما ترى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر رضي الله عنه: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا، فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ولو نزل موسى فأتبعوه وتركتموني لضللتم انا حظكم من النبيين وأنتم حظي من الامم). [الدر المنثور: 11/563]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن أبي قلابة ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر برجل يقرأ كتابا فاستمعه ساعة فاستحسنه فقال للرجل: اكتب لي من هذا الكتاب قال: نعم، فاشترى أديما فهيأه ثم جاء به إليه فنسخ له في ظهره وبطنه ثم أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فجعل يقرأه عليه وجعل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلون فضرب رجل من الأنصار بيده الكتاب وقال: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب أما ترى ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ اليوم وأنت تقرأ عليه هذا الكتاب فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم عند ذلك انما بعثت فاتحا وخاتما وأعطيت جوامع الكلم وفواتحه واختصر لي الحديث اختصارا فلا يهلكنكم المتهوكون). [الدر المنثور: 11/563-564]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي وضعفه عن عمر بن الخطاب قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تعلم التوراة فقال لا تتعلمها وآمن بها وتعلموا ما أنزل إليكم وآمنوا به). [الدر المنثور: 11/564]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الضريس عن الحسن ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا رسول الله ان أهل الكتاب يحدثونا بأحاديث قد أخذت بقلوبنا وقد هممنا ان نكتبها فقال يا ابن الخطاب أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ولكني أعطيت جوامع الكلم واختصر لي الحديث اختصارا). [الدر المنثور: 11/564]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن ابن أبي ملكية قال: أهدى عبد الله بن عامر بن كرز إلى عائشة رضي الله عنها هدية فظنت أنه عبد الله بن عمرو فردتها وقالت: يتتبع الكتب وقد قال الله {أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} فقيل لها: انه عبد الله بن عامر، فقبلتها). [الدر المنثور: 11/564-565]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (52) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل كفى باللّه بيني وبينكم شهيدًا يعلم ما في السّموات والأرض والّذين آمنوا بالباطل وكفروا باللّه أولئك هم الخاسرون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد للقائلين لك: لولا أنزل عليك آيةٌ من ربّك، الجاحدين بآياتنا من قومك: كفى اللّه يا هؤلاء بيني وبينكم شاهدًا لي وعليّ، لأنّه يعلم المحقّ منّا من المبطل، ويعلم ما في السّماوات وما في الأرض، لا يخفى عليه شيءٌ فيهما، وهو المجازي كلّ فريقٍ منّا بما هو أهله، المحقّ على ثباته على الحقّ، والمبطل على باطله، بما هو أهله {والّذين آمنوا بالباطل} يقول: صدّقوا بالشّرك، فأقرّوا به {وكفروا باللّه} يقول: وجحدوا اللّه {أولئك هم الخاسرون} يقول: هم المغبونون في صفقتهم.
وبنحو الّذي قلنا في قوله {والّذين آمنوا بالباطل} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {والّذين آمنوا بالباطل} الشّرك). [جامع البيان: 18/429-430]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قل كفى باللّه بيني وبينكم شهيدًا يعلم ما في السّماوات والأرض والّذين آمنوا بالباطل وكفروا باللّه أولئك هم الخاسرون (52)
بقومٍ حمقًا أو ضلالةً أن يرغبوا عمّا جاء به نبيّهم أو كتابٌ غير كتابهم، فأنزل اللّه: أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم... الآية
- حدّثنا جعفر بن منيرٍ المدائنيّ، ثنا روح بن عبادة، ثنا عمر بن سعيد بن أبي حسينٍ حدّثني عبد اللّه بن أبي مليكة أنّ ابن عامرٍ أهدى إلى عائشة فظنّت أنّه عبد اللّه بن عمرٍو، فقالت: لا حاجة لي بهديّة من تبع الكتب، وقالت أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم
قوله تعالى: إنّ في ذلك لرحمةً وذكرى لقومٍ يؤمنون
تقدّم تفسيره.
قوله تعالى: قل كفى باللّه بيني وبينكم شهيدًا
- حدّثنا عليّ بن الحسين الهسنجابي، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة قوله: قل كفى باللّه بيني وبينكم شهيدًا قد كان من أهل الكتاب قومٌ يشهدون بالحقّ ويعرفونه.
قوله تعالى: يعلم ما في السماوات والأرض
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ حدّثني سعيد بن جبيرٍ قال: قال ابن عبّاسٍ: خلق اللّه اللّوح المحفوظ كمسيرة مائة عامٍ، فقال للقلم قبل أن يخلق الخلق وهو على العرش تبارك وتعالى اكتب، فقال القلم: وما أكتب قال: علمي في خلقي إلى يوم تقوم الساعة، فجر القلم بما هو كائنٌ في علم اللّه إلى يوم القيامة، فذلك قوله تبارك وتعالى للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يعلم ما في السماوات والأرض
قوله تعالى: والّذين آمنوا بالباطل
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ قال: سمعت سعيدًا، عن قتادة في قوله: والّذين آمنوا بالباطل قال: بالشّرك.
قوله تعالى: وكفروا باللّه
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني أبو غسّان، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: باللّه يعني بتوحيد اللّه.
قوله تعالى: أولئك هم الخاسرون
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد حدّثني بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان أولئك هم الخاسرون في الآخرة.
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليّ بن حسن بن شقيقٍ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ أبو وهبٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله أولئك هم الخاسرون يقول: في الآخرة هم في النّار). [تفسير القرآن العظيم: 9/3073-3074]


رد مع اقتباس