عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 11:20 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (الم (1) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الم (1) أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون}.
قال أبو جعفرٍ: وقد بيّنّا معنى قول اللّه تعالى {الم} وذكرنا أقوال أهل التّأويل في تأويله والّذي هو أولى بالصّواب من أقوالهم عندنا بشواهده فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع). [جامع البيان: 18/355]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (الم (1)
قوله تعالى: الم
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن شريكٌ، عن عطاء بن السّائب، عن أبي الضّحى، عن ابن عبّاسٍ الم قال: أنا اللّه أعلم. وروي عن سعيد بن جبيرٍ والضّحّاك نحو ذلك.
[الوجه الثّاني]
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا يحيى بن عبّادٍ، ثنا شعبة، عن السّدّيّ قال: بلغني، عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: الم اسمٌ من أسماء اللّه الأعظم.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباط بن نصرٍ، عن السّدّيّ الم أمّا الم حرفٌ من حروف اسم اللّه.
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي رزمة، ثنا أبي، ثنا عيسى بن عبيدٍ، عن حسين بن عثمان المزّيّ، عن سالم بن عبد اللّه قال: الم، وحم، ون ونحوها اسم اللّه مقطّعةٌ.
- حدّثنا أبي حدّثني محمّد بن معمرٍ، ثنا عيّاش بن زيادٍ، أنبأ يعلى، ثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: الم، وحم، ون قال: اسمٌ مقطّعٌ.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم بن أبي إياسٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية في قوله: الم قال: هذه الأحرف الثّلاثة من التّسعة والعشرين حرفا وأزت فيها الألسن كلها منها حرفٌ إلا وهو مفتاح اسمٍ من أسمائه، وليس منها حرفٌ إلا وهو في الآية وبلا به، وليس منها حرفٌ إلا وهو في مدّة أقوامٍ وآجالهم، وقال عيسى بن مريم صلوات اللّه عليه وسلّم وعجب. فقال:
وعجبٌ أنّهم ينطقون بأسمائه ويعيشون في رزقه فكيف يكفرون به، فالألف مفتاح اسمه اللّه، واللام مفتاح اسمه لطيفٍ والميم مفتاحٌ اسمه مجيدٍ فالألف إلا اللّه، واللام لطف اللّه، والميم مجد اللّه فالألف ستّةٌ واللام ثلاثون والميم أربعون.
وروي، عن الرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك.
الوجه الرّابع:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ الم اسمٌ من أسماء القرآن. وروي، عن قتادة وزيد بن أنسٍ نحو ذلك.
الوجه الخامس:
- حدّثنا الحسين بن الحسن، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه بن حاتمٍ الهرويّ أنبأ حجّاج بن محمّدٍ قال ابن جريجٍ: أخبرنا، عن مجاهدٍ أنّه قال: الم هي فواتح يفتتح اللّه بها القرآن.
الوجه السّادس:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن عليّة، عن خالدٍ، عن عكرمة الم قال: قسمٌ). [تفسير القرآن العظيم: 9/3029-3030]

تفسير قوله تعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن رجل عن عامر الشعبي قال لما نزلت آية الهجرة كتب بها المسلمون إلى إخوانهم بمكة فخرجوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق أدركهم المشركون فردوهم فأنزل الله تعالى آلم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يقتنون عشر آيات من أول السورة فتعاهدوا أن يخرجوا إلى المدينة فخرجوا فتبعهم المشركون فاقتتلوا فمنهم من قتل ومنهم من نجا فنزلت فيهم ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم). [تفسير عبد الرزاق: 2/95]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال سمعت عكرمة يقول كان ناس بمكة قد شهدوا أن لا إله إلا الله فلما خرج المشركون إلى بدر أخرجوهم معهم فقتلوا قال فنزلت فيهم الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم إلى قوله عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا قال فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكة فخرج ناس من المسلمين حتى إذا كانوا ببعض الطريق طلبهم المشركون فأدركوهم فمنهم من أعطى الفتنة فأنزل الله ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكة فقال رجل من بني ضمرة لأهله وكان مريضا أخرجوني إلى الروح فأخرجوه حتى إذا كان بالحصحاص فمات فأنزل الله عز و جل ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله إلى آخر الآية ونزل في أولئك الذين كانوا أعطوا الفتنة ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم). [تفسير عبد الرزاق: 2/95-96]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وهم لا يفتنون قال لا يبتلون). [تفسير عبد الرزاق: 2/96]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أبي هاشمٍ عن مجاهدٍ في قوله: {الم (1) أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون} قال: يبتلون {ولقد فتنا الذين من قبلهم} قال: ابتلينا [الآية: 1 و 2]). [تفسير الثوري: 235]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وأمّا قوله: {أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون} فإنّ معناه: أظنّ الّذين خرجوا يا محمّد من أصحابك من أذى المشركين إيّاهم، أن نتركهم بغير اختبارٍ، ولا ابتلاء امتحانٍ، بأن قالوا: آمنّا بك يا محمّد، فصدّقناك فيما جئتنا به من عند اللّه، كلاّ، لنختبرهم ليتبيّن الصّادق منهم من الكاذب.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه {آمنّا وهم لا يفتنون} قال: يبتلون في أنفسهم وأموالهم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وهم لا يفتنون} أي لا يبتلون.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي هاشمٍ، عن مجاهدٍ، في قوله {وهم لا يفتنون} قال: لا يبتلون.
و(أن) الأولى منصوبةٌ بـ(حسب)، والثّانية منصوبةٌ في قول بعض أهل العربيّة بتعلّق {يتركوا} بها، وأنّ معنى الكلام على قوله {أحسب النّاس أن يتركوا} لأن يقولوا آمنّا؛ فلمّا حذفت اللاّم الخافضة من (لأنّ)، نصبت على ما ذكرت.
وأمّا على قول غيره فهي في موضع خفضٍ بإضمار الخافض، ولا تكاد العرب تقول: تركت فلانًا أن يذهب، فتدخل (أن) في الكلام، وإنّما تقول: تركته يذهب، وإنّما أدخلت {أن} هاهنا لاكتفاء الكلام بقوله {أن يتركوا} إذ كان معناه: أحسب النّاس أن يتركوا وهم لا يفتنون، من أجل أن يقولوا آمنّا، فكان قوله: {أن يتركوا} مكتفيةً بوقوعها على النّاس، دون أخبارهم.
وإن جعلت {أن} في قوله {أن يقولوا} منصوبةً بنيّة تكرير {أحسب}، كان جائزًا، فيكون معنى الكلام: أحسب النّاس أن يتركوا: أحسبوا أن يقولوا آمنّا، وهم لا يفتنون). [جامع البيان: 18/355-356]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون (2)
قوله تعالى: أحسب النّاس أن يتركوا
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن سليمان، ثنا إسماعيل بن زكريّا، عن محمّد بن عونٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: الم أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يبعث من بعده أو من شاء اللّه منهم أنّا على منهاج النّبيّ وسبيله، فينزل اللّه بهم البلاء، فمن ثبت منهم على ما كان عليه فهو الصّادق، ومن خالف إلى غير ذلك فهو كاذبٌ.
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ في قوله: الم أحسب النّاس أن يتركوا قال: كان أمر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم رجالا وحسبوا أن الأمر يخفوا فلمّا أوذوا في اللّه ارتدّ منهم أقوامٌ، وقال في آيةٍ أخرى: أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولمّا يأتكم مثل الّذين خلوا من قبلكم مسّتهم البأساء والضّرّاء وزلزلوا قال: فكان أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقولون: أتتنا يعني السّنن. على ما أوذوا في اللّه، وصبروا، عند البأساء والضّرّاء وشكروا في السّرّاء وقضى اللّه عليهم أنّه سيبتليهم بالسراء والضراء والخير والشر وإلا من والخوف والطمأنينة والشخوص، واستخرج اللّه، عند ذلك أخبارهم [17130] من الدّهر حتّى وضعت الحرب أوزارها وجلسوا في المجالس آمنين، ثمّ قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في آخر عمره وخشي عليهم الدّنيا وعرف أنهم سيأتون من قبلها أنّها تفتح عليهم خزائنها فتقدّم إليهم في ذلك أن تغرّهم الحياة الدّنيا وأخبرهم أنّ الفتنة واقعةٌ وأنّها مصيبةٌ الّذين ظلموا منهم خاصّةً فإذا فعلوا ذلك كانوا في انتقاصٍ وتغييرٍ.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ حدّثني مطرٌ الورّاق، عن الشّعبيّ في قوله: الم أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون أنّها أنزلت في أناسٍ كانوا بمكّة قد أقرّوا بالإسلام، حتّى تهاجروا، قال: فخرجوا عامدين إلى المدينة فأتبعهم المشركون فردّوهم، فنزلت هذه الآية قال: فكتبوا إليهم أنّه قد أنزلت فيكم آية كذا وكذا قال:
فقالوا: نخرج فإن اتّبعنا أحدٌ قاتلناه. قال: فخرجوا فأتبعهم المشركون فقاتلوهم، فمنهم من قتل ومنهم من نجا. فأنزل اللّه فيهم ثمّ إنّ ربّك للّذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثمّ جاهدوا وصبروا إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد أنبأ سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة في قوله: الم أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون قال: نزلت في ناسٍ من أهل مكّة خرجوا يريدون النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فعرض لهم المشركون فرجعوا فكتب إليهم إخوانهم بما نزل فيهم من القرآن، فخرجوا فقتل من قتل وخلص من خلص فنزل القرآن والّذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإنّ اللّه لمع المحسنين
قوله تعالى: أن يقولوا آمنّا
- حدّثنا أبي ثنا عبد اللّه بن أبي زيادٍ، ثنا سيّارٌ، ثنا مسكينٌ يعني أبا فاطمة، عن حوشبٍ، عن الحسن في قوله: الم أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنا قال: أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا لا إله إلا اللّه حتّى أبتليهم فأعرف الصّادق من الكاذب.
قوله تعالى: وهم لا يفتنون
- حدثنا حجاج بن حمزة، ثنا شبانه، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: وهم لا يفتنون يبتلون في أموالهم وأنفسهم
- وروي، عن سعيد ابن جبيرٍ، وقتادة والرّبيع بن أنسٍ، ومعاوية بن قرّة وخصيفٍ: أنّهم قالوا: يبتلون.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ قال: فابتلوا، عند الفرقة حين اقتتل عليّ، وطلحة، والزّبير.
- ذكر الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قال:
سمعت عبد اللّه بن عبيد بن عميرٍ يقول: نزلت في عمّار بن ياسرٍ إذ كان يعذّب في اللّه.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قوله: الم أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون قال: لا يختبرون). [تفسير القرآن العظيم: 9/3030-3032]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وهم لا يفتنون يقول لا يبتلون في أموالهم وأنفسهم ولقد فتنا يعني ابتلينا). [تفسير مجاهد: 493]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعملن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه في قوله {الم} {أحسب الناس أن يتركوا} قال: أنزلت في أناس بمكة قد اقروا بالإسلام فكتب إليهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة لما نزلت آية الهجرة: انه لا يقبل منكم قرار ولا إسلام حتى تهاجروا قال: فخرجوا عامدين إلى المدينة فأتبعهم المشركون فردوهم فنزلت فيهم هذه الآية فكتبوا إليهم أنه قد نزلت فيكم آية كذا وكذا فقالوا: نخرج فان اتبعنا أحد قاتلناه، فخرجوا فاتبعهم المشركون فقاتلوهم فمنهم من قتل ومنهم من نجا فأنزل الله فيهم {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم} النحل الآية 110). [الدر المنثور: 11/526-527]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {الم} {أحسب الناس} قال نزلت في أناس من أهل مكة خرجوا يريدون النّبيّ صلى الله عليه وسلم فعرض لهم المشركون فرجعوا فكتب إليهم إخوانهم بما نزل فيهم من القرآن فخرجوا فقتل من قتل وخلص من خلص فنزل القرآن (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) ). [الدر المنثور: 11/527]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآيات في القوم الذين ردهم المشركون إلى مكة وهؤلاء الآيات العشر مدنيات وسائرها مكي). [الدر المنثور: 11/527]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: نزلت في عمار بن ياسر يعذب في الله {أحسب الناس أن يتركوا} ). [الدر المنثور: 11/527]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: سمعت ابن عمير وغيره يقولون: كان أبو جهل لعنه الله يعذب عمار بن ياسر وأمه ويجعل على عمار درعا من حديد في اليوم الصائف وطعن في حيا أمه برمح، ففي ذلك نزلت {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون} ). [الدر المنثور: 11/528]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وهم لا يفتنون} قال: لا يبتلون في أموالهم وأنفسهم {ولقد فتنا الذين من قبلهم} قال: ابتلينا). [الدر المنثور: 11/528]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون} قال: يبتلون {ولقد فتنا الذين من قبلهم} قال: ابتلينا الذين من قبلهم {فليعلمن الله الذين صدقوا} قال: ليعلم الصادق من الكاذب والطائع من العاصي وقد كان يقال: إن المؤمن ليضرب بالبلاء كما يفتن الذهب بالنار وكان يقال: إن مثل الفتنة كمثل الدرهم الريف يأخذه الأعمى ويراه البصير). [الدر المنثور: 11/528]

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {فليعلمنّ اللّه} [العنكبوت: 3] : «علم اللّه ذلك، إنّما هي بمنزلة فليميز اللّه» ، كقوله: {ليميز اللّه الخبيث من الطّيّب} [الأنفال: 37] ). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله فليعلمنّ اللّه علم اللّه ذلك إنّما هي بمنزلة فليميز الله كقوله ليميز الله الخبيث من الطّيب وقال أبو عبيدة في قوله تعالى فليعلمنّ الله الّذين آمنوا أي فليميزنّ اللّه لأنّ اللّه قد علم ذلك من قبل). [فتح الباري: 8/510]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({وليعلمنّ الله} (العنكبوت: 3) علم الله ذالك إنّما هي بمنزلة فليميز الله كقوله: {ليميز الله الخبيث من الطّيّب} (الأنفال: 37)
أشار به إلى قوله تعالى: {وليعلمن الله الّذين آمنوا وليعلمن المنافقين} . وفي التّفسير: أي حال الفريقين ظاهرة عند الله الّذي يملك الجزاء، وقال الله تعالى أيضا: {فليعلمن الله الّذين صدقوا وليعلمن الكاذبين} . قوله: (وإنّما هي) ، أي: إنّما لفظة: (ليعلمن الله) ، بلام التّأكيد ونونه بمنزلة قوله: (فلميز الله) يعني: علم الله ذلك من قبل لأنّه فرق بين الطّائفتين، كما في قوله تعالى: {ليميز الله الخبيث من الطّيب} (الأنفال: 37) أي: الكافر من المؤمن). [عمدة القاري: 19/108-109]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({فليعلمن الله}) [العنكبوت: 3] أي (علم الله ذلك) في الأزل القديم فصيغة المضي في فليعلمن الله (إنما هي بمنزلة فليميز الله) بفتح الياء التحتية وكسر الميم (كقوله) عز وجل: {ليميز الله الخبيث} [الأنفال: 37] زاد أبو ذر: ({من الطيب}) لما بين العلم والتمييز من الملازمة قاله الكرماني). [إرشاد الساري: 7/285]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد فتنّا الّذين من قبلهم فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين}.
يقول تعالى ذكره: ولقد اختبرنا الّذين من قبلهم من الأمم، ممّن أرسلنا إليهم رسلنا، فقالوا مثل ما قالته أمّتك يا محمّد بأعدائهم، وتمكيننا إيّاهم من أذاهم، كموسى إذ أرسلناه إلى بني إسرائيل، فابتليناهم بفرعون وملئهم، وكعيسى إذ أرسلناه إلى بني إسرائيل، فابتلينا من اتّبعه بمن تولّى عنه، فكذلك ابتلينا أتباعك بمخالفيك من أعدائك {فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا} منهم في قيلهم: آمنّا {وليعلمنّ الكاذبين} منهم في قيلهم ذلك، واللّه عالمٌ بذلك منهم قبل الاختبار، وفي حال الاختبار، وبعد الاختبار، ولكنّ معنى ذلك: وليظهرنّ اللّه صدق الصّادق منهم في قيله آمنّا باللّه من كذب الكاذب منهم بابتلائه إيّاه بعدوّه، ليعلم صدقه من كذبه أولياؤه، على نحو ما قد بيّنّاه فيما مضى قبل.
وذكر أنّ هذه الآية نزلت في قومٍ من المسلمين عذّبهم المشركون، ففتن بعضهم، وصبر بعضهم على أذاهم حتّى أتاهم اللّه بفرجٍ من عنده.
ذكر الرّواية بذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قال: سمعت عبد اللّه بن عبيد بن عميرٍ، يقول: نزلت، يعني هذه الآية {الم. أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا} إلى قوله: {وليعلمنّ الكاذبين} في عمّار بن ياسرٍ، إذ كان يعذّب في اللّه.
وقال آخرون: بل نزل ذلك من أجل قومٍ كانوا قد أظهروا الإسلام بمكّة، وتخلّفوا عن الهجرة، والفتنة الّتي فتن بها هؤلاء القوم على مقالة هؤلاء، هي الهجرة الّتي امتحنوا بها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن مطرٍ، عن الشّعبيّ، قال: إنّها نزلت، يعني {الم أحسب النّاس أن يتركوا} الآيتين في أناسٍ كانوا بمكّة أقرّوا بالإسلام، فكتب إليهم أصحاب محمّدٍ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من المدينة: إنّه لا يقبل منكم إقرارٌ بالإسلام حتّى تهاجروا، فخرجوا عامدين إلى المدينة، فاتّبعهم المشركون فردّوهم، فنزلت فيهم هذه الآية، فكتبوا إليهم: إنّه قد نزلت فيكم آية كذا وكذا، فقالوا: نخرج، فإن اتّبعنا أحدٌ قاتلناه؛ قال: فخرجوا فاتّبعهم المشركون فقاتلوهم ثمّ فمنهم من قتل، ومنهم من نجا، فأنزله اللّه فيهم: {ثمّ إنّ ربّك للّذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثمّ جاهدوا وصبروا إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ}.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {ولقد فتنّا} قال: ابتلينا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي هاشمٍ، عن مجاهدٍ، {ولقد فتنّا الّذين من قبلهم} قال: ابتلينا الّذين من قبلهم.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن أبي هاشمٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {ولقد فتنّا الّذين من قبلهم} أي ابتلينا). [جامع البيان: 18/357-359]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولقد فتنّا الّذين من قبلهم فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين (3)
قوله تعالى: ولقد فتنّا الّذين من قبلهم
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو عبد الرّحمن الحارثيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك ولقد فتنّا الّذين من قبلهم يقول: ابتلينا الّذين من قبلهم. وروي، عن سعيد بن جبيرٍ ومجاهدٍ، وعطاءٍ الخرسانيّ ومعاوية بن مرّة وخصيفٍ: مثل ذلك
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه عزّ وجلّ ولقد فتنّا الّذين من قبلهم يقول: ولقد اختبرناهم.
قوله تعالى: فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين
- حدّثنا موسى بن إسحاق، ثنا أبو كريبٍ، ثنا يونس بن بكيرٍ، ثنا أبو المسرور، عن رجلٍ من بني قيس بن ثعلبة: أنّ عليًّا كان يقرأ فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين قال: يعلمهم النّاس.
- ذكر، عن الحسين بن الحسين العربي، ثنا يحيى بن يعلى الأسلميّ، عن أسباط بن نصرٍ، عن السّدّيّ في قوله: الم أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون ولقد فتنّا الّذين من قبلهم فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين قال: الّذين صدقوا: عليّ بن أبي طالبٍ وأصحابه.
- حدّثنا عبيد بن محمّد بن يحيى بن حمزة فيما كتب إليّ ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، ثنا قتادة ولقد فتنّا الّذين من قبلهم أي ابتلينا الّذين من قبلهم فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين ليعلم اللّه الصّادق من الكاذب والسّامع من العاصي.
وقد كان يقال: إنّ المؤمن ليضرب بالبلاء كما يفتن الذّهب بالنّار. وقد كان يقال: إنّ مثل الفتنة كمثل الدّرهم الزّيف يأخذه الأعمى ويراه البصير). [تفسير القرآن العظيم: 9/3032-3033]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وهم لا يفتنون} قال: لا يبتلون في أموالهم وأنفسهم {ولقد فتنا الذين من قبلهم} قال: ابتلينا). [الدر المنثور: 11/528] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون} قال: يبتلون {ولقد فتنا الذين من قبلهم} قال: ابتلينا الذين من قبلهم {فليعلمن الله الذين صدقوا} قال: ليعلم الصادق من الكاذب والطائع من العاصي وقد كان يقال: إن المؤمن ليضرب بالبلاء كما يفتن الذهب بالنار وكان يقال: إن مثل الفتنة كمثل الدرهم الريف يأخذه الأعمى ويراه البصير). [الدر المنثور: 11/528] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه أنه كان يقرأ {فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين} قال: يعلمهم الناس). [الدر المنثور: 11/528]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال: كان الله يبعث النّبيّ إلى أمته فيلبث فيهم إلى انقضاء اجله في الدنيا ثم يقبضه الله إليه فتقول الأمة من بعده أو من شاء الله منهم: انا على منهاج النّبيّ وسبيله فينزل الله بهم البلاء فمن ثبت منهم على ما كان عليه فهو الصادق ومن خالف إلى غير ذلك فهو الكاذب). [الدر المنثور: 11/529]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن ماجه، وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: أول من أظهر إسلامه سبعة، رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وسمية أم عمار وعمار وصهيب وبلال والمقداد فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبي طالب وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه وأما سائرهم فأخذهم المشركون فالبسوهم ادراع الحديد فانه هانت عليه نفسه في الله وهان على قومه فأخذوه فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول: أحد أحد، والله تعالى أعلم). [الدر المنثور: 11/529]

تفسير قوله تعالى: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أم حسب الّذين يعملون السّيّئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون}.
يقول تعالى ذكره: أم حسب الّذين يشركون باللّه فيعبدون معه غيره، وهم المعنيّون بقوله: {الّذين يعملون السّيّئات} - {أن يسبقونا}. يقول: أن يعجزونا فيفوتونا بأنفسهم، فلا نقدر عليهم، فننتقم منهم لشركهم باللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {أم حسب الّذين يعملون السّيّئات} أي الشّرك أن يسبقونا.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {أن يسبقونا}: يعجزونا.
وقوله: {ساء ما يحكمون} يقول تعالى ذكره: ساء حكمهم الّذي يحكمون بأنّ هؤلاء الّذين يعملون السّيّئات يسبقوننا بأنفسهم). [جامع البيان: 18/359-360]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أم حسب الّذين يعملون السّيّئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون (4)
قوله تعالى: أم حسب الذين يعملون
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ، ثنا حسينٌ المروزيّ، ثنا شيبان بن عبد الرّحمن، عن قتادة في قوله: أم حسب الّذين يعملون قال: اليهود.
قوله تعالى: السّيّئات
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ قال: سمعت سعيدًا، عن قتادة قوله: أم حسب الّذين يعملون السّيّئات أي الشّرك أن يسبقونا ساء ما يحكمون
قوله تعالى: أن يسبقونا ساء ما يحكمون
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبانه، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: أن يسبقونا ساء ما يحكمون أي: يعجزونا). [تفسير القرآن العظيم: 9/3033]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن يسبقونا قال يعني يعجزونا). [تفسير مجاهد: 493]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {أم حسب الذين يعملون السيئات} قال: الشرك). [الدر المنثور: 11/529]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أن يسبقونا} قال: إن يعجزونا). [الدر المنثور: 11/529-530]

تفسير قوله تعالى: (مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {من كان يرجو لقاء اللّه فإنّ أجل اللّه لآتٍ وهو السّميع العليم (5) ومن جاهد فإنّما يجاهد لنفسه إنّ اللّه لغنيٌّ عن العالمين}.
يقول تعالى ذكره: من كان يرجو اللّه يوم لقائه، ويطمع في ثوابه، فإنّ أجل اللّه الّذي أجّله لبعث خلقه للجزاء والعقاب لآتٍ قريبًا. {وهو السّميع} يقول: واللّه الّذي يرجو هذا الرّاجي بلقائه ثوابه، السّميع لقوله: آمنّا باللّه {العليم} بصدق قيله إنّه قد آمن من كذبه فيه). [جامع البيان: 18/360-361]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: من كان يرجوا لقاء اللّه
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: من كان يرجوا لقاء اللّه يقول: من كان يخشى. وروي، عن السّدّيّ مثل ذلك.
قوله تعالى: لقاء الله
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول لقاء اللّه البعث في الآخرة.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان، عن ربيع بن أبي راشدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله من كان يرجوا لقاء اللّه قال: ثواب ربّه.
قوله تعالى: فإنّ أجل اللّه لآتٍ وهو السّميع
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة، ثنا محمّد بن إسحاق: السميع أي: سميعٌ لما يقولون.
قوله تعالى: العليم
- عن ابن إسحاق: عليمٌ بما يخفون). [تفسير القرآن العظيم: 9/3033-3034]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم * ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين * والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {من كان يرجو لقاء الله} قال: من كان يخشى البعث في الآخرة). [الدر المنثور: 11/530]

تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ومن جاهد فإنّما يجاهد لنفسه} يقول: ومن يجاهد عدوّه من المشركين فإنّما يجاهد لنفسه، لأنّه يفعل ذلك ابتغاء الثّواب من اللّه على جهاده، والهرب من العقاب، فليس باللّه إلى فعله ذلك حاجةٌ، وذلك أنّ اللّه غنيٌّ عن جميع خلقه، له الملك والخلق والأمر). [جامع البيان: 18/361]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ومن جاهد فإنّما يجاهد لنفسه إنّ اللّه لغنيٌّ عن العالمين (6)
قوله تعالى: ومن جاهد فإنّما يجاهد لنفسه
- حدّثنا أبي، ثنا أبو غسّان النّهديّ، ثنا الحسن بن صالحٍ، عن أبي بشيرٍ يعني: عمران بن بشيرٍ الحلبيّ، عن الحسن قال: إنّ العبد ليجاهد في اللّه حقّ جهاده وما ضرب بسيفٍ.
قوله تعالى: إنّ اللّه لغنيّ
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليّ بن الحسن بن شقيقٍ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان في قوله: أنّ الله لغني في سلطانه.
قوله تعالى: لغنيّ عن العالمين
- وبه، عن مقاتل بن حيّان في قوله: لغنيّ في سلطانه عمّا، عندكم.
قوله تعالى: العالمين
تقدّم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 9/3034-3035]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لنكفّرنّ عنهم سيّئاتهم ولنجزينّهم أحسن الّذي كانوا يعملون}.
يقول تعالى ذكره: والّذين آمنوا باللّه ورسوله، فصحّ إيمانهم عند ابتلاء اللّه إيّاهم وفتنته لهم، ولم يرتدّوا عن أديانهم بأذى المشركين إيّاهم {وعملوا الصّالحات لنكفّرنّ عنهم سيّئاتهم} الّتي سلفت منهم في شركهم {ولنجزينّهم أحسن الّذي كانوا يعملون} يقول: ولنثيبنّهم على صالحات أعمالهم في إسلامهم، أحسن ما كانوا يعملون في حال شركهم مع تكفيرنا سيّئه). [جامع البيان: 18/361]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لنكفّرنّ عنهم سيّئاتهم ولنجزينّهم أحسن الّذي كانوا يعملون (7)
قوله تعالى: والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن إسماعيل، عن أبي غياثٍ أنبأ إسماعيل بن أبي أويسٍ حدّثني عبد اللّه بن نافعٍ الصّائغ عن عاصم بن عمر عن زيد بن أسلم والّذين آمنوا قال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه.
قوله تعالى: وعملوا الصالحات
تقدّم تفسيره.
قوله تعالى: لنكفّرنّ، عنهم سيّئاتهم
- حدّثنا الحسن بن أحمد بن موسى بن مسلمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد منصورٍ قال: سألت الحسن، عن قوله: لنكفّرنّ، عنهم سيّئاتهم قال: هم المهاجرون.
قوله تعالى: ولنجزينّهم
- أحمد بن سنانٍ، ثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن شفيعٍ عن أبي مالكٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: لنجزينهم قال: إذا جاءوا إلى اللّه جزاهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون.
قوله تعالى: ولنجزينّهم أحسن الذّي كانوا يعملون
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا يحيى بن آدم، ثنا سفيان، عن إسماعيل بن شفيعٍ، عن أبي الرّبيع، عن ابن عبّاسٍ قوله: ولنجزينّهم أحسن الّذي كانوا يعملون قال: الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 9/3035]


رد مع اقتباس