عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 10:17 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل الحمد للّه وسلامٌ على عباده الّذين اصطفى آللّه خيرٌ أمّا يشركون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم {قل} يا محمّد {الحمد للّه} على نعمه علينا، وتوفيقه إيّانا لما وفّقنا من الهداية. {وسلامٌ} يقول: وأمنةٌ منه من عقابه الّذي عاقب به قوم لوطٍ وصالحٍ، على الّذين اصطفاهم، يقول: الّذين اجتباهم لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، فجعلهم أصحابه ووزراءه على الدّين الّذي بعثه بالدّعاء إليه دون المشركين به، الجاحدين نبوّة نبيّه.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا طلقٌ يعني ابن غنّامٍ، عن ابن ظهيرٍ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وسلامٌ على عباده الّذين اصطفى} قال: أصحاب محمّدٍ اصطفاهم اللّه لنبيّه.
- حدّثنا عليّ بن سهلٍ، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: قلت لعبد اللّه بن المبارك: أرأيت قول اللّه {قل الحمد للّه وسلامٌ على عباده الّذين اصطفى} من هؤلاء؟ فحدّثني عن سفيان الثّوريّ، قال: هم أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقوله: {آللّه خيرٌ أمّا يشركون} يقول تعالى ذكره؛ قل يا محمّد لهؤلاء الّذين زيّنّا لهم أعمالهم من قومك فهم يعمهون: اللّه الّذي أنعم على أوليائه هذه النّعم الّتي قصّها عليكم في هذه السّورة، وأهلك أعداءه بالّذي أهلكهم به من صنوف العذاب الّتي ذكرها لكم فيها، خيرٌ أمّا تشركون من أوثانكم الّتي لا تنفعكم ولا تضرّكم، ولا تدفع عن أنفسها ولا عن أوليائها سوءًا، ولا تجلب إليها ولا إليهم نفعًا؟ يقول: إنّ هذا الأمر ما يشكل على من له عقلٌ، فكيف تستجيزون أن تشركوا عبادة من لا نفع عنده لكم، ولا دفع ضرٍّ عنكم في عبادة من بيده النّفع والضّرّ، وله كلّ شيءٍ.
ثمّ ابتدأ تعالى ذكره تعديد نعمه عليهم، وأياديه عندهم، وتعريفهم بقلة شكرهم إيّاه على ما أولاهم من ذلك، فقال: {أمّن خلق السّموات والأرض} ). [جامع البيان: 18/98-99]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: قل الحمد للّه وسلام على عباده
قد تقدم تفسير الحمد لله.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو ثميلة، عن أبي المنيب، عن أبي الشّعثاء في قوله: سلامٌ قال: هو اسمٌ من أسماء اللّه.
قوله تعالى: على عباده الّذين اصطفى
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أحمد بن عبيد بن زياد بن نسطاس، ثنا الحكم بن ظهيرٍ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ، عن ابن عبّاسٍ وسلامٌ على عباده الّذين اصطفى قال: أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم ورضي عنهم- وروي عن السّدّيّ وسفيان الثّوريّ نحو ذلك.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه وسلامٌ على عباده الّذين اصطفى فقرأ سلام على نوح في العالمين وسلام على إبراهيم وسلامٌ على المرسلين ثمّ قال: وسلامٌ على عباده الّذين اصطفى فجعلهم في السّلام مثل الأنبياء.
قوله تعالى: آللّه خيرٌ أمّا يشركون
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ ابن عيينة سمعت صدقة يحدّث، عن السّدّيّ يعني قوله: أمّا يشركون يقول: عمّا أشرك المشركون). [تفسير القرآن العظيم: 9/2905-2906]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وسلامٌ على عباده الّذين اصطفى} [النمل: 59].
- عن ابن عبّاسٍ قال: سلامٌ على عباده الّذين اصطفى قال: هم أصحاب محمّدٍ - صلّى اللّه عليه وسلّم [اصطفاهم اللّه لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم].
رواه البزّار، وفيه الحكم بن ظهيرٍ وهو متروكٌ). [مجمع الزوائد: 7/87]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا محمّد بن عمارة بن صبيحٍ، ثنا طلق بن غنّامٍ، ثنا الحكم بن ظهيرٍ، عن السّدّيّ - إن شاء اللّه - عن أبي مالكٍ، عن ابن شهابٍ، قال: {وسلامٌ على عباده الّذين اصطفى} [النمل: 59] قال: هم أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، اصطفاهم اللّه لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/62]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أ أما يشركون.
أخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد والبزار، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وسلام على عباده الذين اصطفى آلله} قال: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم اصطفاهم الله لنبيه). [الدر المنثور: 11/388-389]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن سفيان الثوري في قوله {وسلام على عباده الذين اصطفى} قال: نزلت في أصحاب محمد خاصة). [الدر المنثور: 11/389]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة أنه كان إذا قرأ {آلله خير أما يشركون} قال: بل الله خير وأبقى وأجل وأكرم). [الدر المنثور: 11/389]

تفسير قوله تعالى: (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله حدائق ذات بهجة قال النخل الحسان). [تفسير عبد الرزاق: 2/85-86]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أمّن خلق السّموات والأرض وأنزل لكم من السّماء ماءً فأنبتنا به حدائق ذات بهجةٍ ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإلهٌ مّع اللّه بل هم قومٌ يعدلون}.
يقول تعالى ذكره للمشركين به من قريشٍ: أعبادة ما تعبدون من أوثانكم الّتي لا تضرّ ولا تنفع خيرٌ، أم عبادة من خلق السّماوات والأرض؟ {وأنزل لكم من السّماء ماءً} يعني مطرًا، وقد يجوز أن يكون مريدًا به العيون الّتي فجّرها في الأرض، لأنّ كلّ ذلك من خلقه {فأنبتنا به} يعني بالماء الّذي أنزل من السّماء. {حدائق} وهي جمع حديقةٍ، والحديقة: البستان عليه حائطٌ محوطٌ، وإن لم يكن عليه حائطٌ لم يكن حديقةً.
وقوله: {ذات بهجةٍ} يقول: ذات منظرٍ حسنٍ. وقيل ذات بالتّوحيد. وقد قيل حدائق، كما قال: {وللّه الأسماء الحسنى}، وقد بيّنت ذلك فيما مضى.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {حدائق ذات بهجةٍ} قال: البهجة: الفقّاح ممّا يأكل النّاس والأنعام.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {حدائق ذات بهجةٍ} قال: من كلّ شيءٍ يأكله النّاس والأنعام.
وقوله: {ما كان لكم أن تنبتوا شجرها} يقول تعالى ذكره: أنبتنا بالماء الّذي أنزلناه من السّماء لكم هذه الحدائق إذ لم يكن لكم لولا أنّه أنزل عليكم الماء من السّماء طاقةً أن تنبتوا شجر هذه الحدائق، ولم تكونوا قادرين على ذهاب ذلك، لأنّه لا يصلح ذلك إلاّ بالماء.
وقوله: {أإلهٌ مع اللّه} يقول تعالى ذكره: أمعبودٌ مع اللّه أيّها الجهلة خلق ذلك، وأنزل من السّماء الماء، فأنبت به لكم الحدائق؟
فقوله: {أءلهٌ} مردودٌ على تأويل: أمع اللّه إلهٌ؟
{بل هم قومٌ يعدلون} يقول جلّ ثناؤه: بل هؤلاء المشركون قوم ضلالٍ، يعدلون عن الحقّ، ويجورون عليه، على عمدٍ منهم لذلك، مع علمهم بأنّهم على خطأٍ وضلالٍ، ولم يعدلوا عن جهلٍ منهم بأنّ من لا يقدر على نفعٍ ولا ضرٍّ خيرٌ ممّن خلق السّماوات والأرض، وفعل هذه الأفعال، ولكنّهم عدلوا على علمٍ منهم ومعرفةٍ، اقتفاءً منهم سنّة من مضى قبلهم من آبائهم). [جامع البيان: 18/99-101]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أم من خلق السّماوات والأرض وأنزل لكم من السّماء ماءً فأنبتنا به حدائق ذات بهجةٍ ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أئلهٌ مع اللّه بل هم قومٌ يعدلون (60)
قوله تعالى: أمّن خلق السماوات والأرض
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عمرو بن عثمان، ثنا بقيّة، عن أرطأة، عن المعلّى بن إسماعيل، أنّ رجلا أتى أبيّ بن كعبٍ فسأله، عن القدر فقال: سبحان اللّه العظيم، إنّ اللّه خلق السّموات، وخلق الخير والشّرّ، فأسعد بالخير من شاء، وأشقى بالشّرّ من شاء.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: خلق السماوات قال: خلق السّموات قبل الأرض.
قوله تعالى: وأنزل لكم من السماء ماء
قد تقدّم تفسيره غير مرّةٍ واللّه أعلم.
قوله تعالى: فأنبتنا به حدائق
- حدّثنا أبى، ثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام، ثنا معتمرٌ، قال: سمعت أبي يحدّث، عن سيّارٍ، عن خالد بن يزيد، قال: كان عند عبد الملك بن مروان، فذكروا الماء، فقال خالد بن يزيد: منه من السّماء، ومنه ما يسقيه الغيم من البحر فيعذبه الرّعد والبرق، فأمّا ما كان من البحر فلا يكون له نباتٌ، وأمّا النّبات فما كان من ماء السّماء.
قوله تعالى: حدائق
- أخبرنا محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، عن قتادة في قوله: حدائق قال: النّخل الحسان.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن حاتمٍ الزّمّيّ، أنبأ مروان، ثنا جويبرٌ، عن الضّحّاك حدائق قال: البساتين.
- أخبرنا عبيد بن محمّد بن يحيى بن حمزة فيما كتب إليّ، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة حدائق قال: جنّاتٌ ذات بهجةٍ قال: ذات نضارةٍ.
قوله تعالى: ذات بهجةٍ
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ حدائق ذات بهجةٍ الفقاح ممّا يأكل النّاس والأنعام.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك ذات بهجةٍ قال: ذات حسنٍ.
قوله تعالى: ما كان لكم أن تنبتوا شجرها
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ إسماعيل بن عبد الكريم حدّثني عبد الصّمد بن معقلٍ، أنّه سمع عمّه وهب بن منبّهٍ يقول: قالت مريم بنت عمران: إنّ اللّه أنبت بقدرته الشّجر بغير غيثٍ، وإنّه جعل بتلك القدرة الغيث حياةً للشّجر بعد ما خلق كلّ واحدٍ منهما وحده.
قوله تعالى: أإلهٌ مع اللّه
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ قوله: أإلهٌ مع اللّه أي ليس مع اللّه إلهٌ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، قال: حدّثت، عن الحسين بن عليٍّ الجعفيّ، عن سفيان بن عيينة، عن جامع بن أبي راشدٍ، عن زيد بن أسلم أإلهٌ مع اللّه قال: أإلهٌ مع اللّه فعل هذا؟
قوله تعالى: بل هم قومٌ يعدلون
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: يعدلون قال: يشركون.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج، قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قوله: بل هم قومٌ يعدلون قال: الآلهة الّتي عبدوها عدلوها باللّه ليس للّه عدلٌ ولا ندٌّ ولا اتّخذ صاحبةً ولا ولدًا). [تفسير القرآن العظيم: 9/2906-2908]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ذات بهجة الفقاح مما يأكل الناس والأنعام). [تفسير مجاهد: 474]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: أمن خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون * أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون.
أخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الازرق قال له: أخبرني عن قوله تعالى {حدائق} قال: البساتين، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت الشاعر يقول:
بلاد سقاها الله أما سهولها * فقضب ودر مغدق وحدائق). [الدر المنثور: 11/389]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {حدائق} قال: النخل الحسان {ذات بهجة} قال: ذات نضارة). [الدر المنثور: 11/389]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {حدائق} قال: البساتين تخللها الحيطان {ذات بهجة} قال: ذات حسن). [الدر المنثور: 11/390]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {حدائق ذات بهجة} قال البهجة الفقاع، يعني النوار مما يأكل الناس والأنعام). [الدر المنثور: 11/390]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {أإله مع الله} أي ليس مع الله اله). [الدر المنثور: 11/390]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة {بل هم قوم يعدلون} قال: يشركون). [الدر المنثور: 11/390]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {بل هم قوم يعدلون} الآلهة التي عبدوها عدلوها بالله، ليس لله عدل ولا ند ولا اتخذ صاحبة ولا ولدا). [الدر المنثور: 11/390]

تفسير قوله تعالى: (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أمّن جعل الأرض قرارًا، وجعل خلالها أنهارًا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزًا أإلهٌ مع اللّه بل أكثرهم لا يعلمون}.
يقول تعالى ذكره: أعبادة ما تشركون أيّها النّاس بربّكم خيرٌ وهو لا يضرّ ولا ينفع، أم الّذي جعل الأرض لكم قرارًا تستقرّون عليها لا تميد بكم.
{وجعل} لكم {خلالها أنهارًا} يقول: بينها أنهارًا. {وجعل لها رواسي} وهي ثوابت الجبال، {وجعل بين البحرين حاجزًا} بين العذب والملح، أن يفسد أحدهما صاحبه. {أإلهٌ مع اللّه} يقول: أإلهٌ مع اللّه سواه فعل هذه الأشياء فأشركتموه في عبادتكم إيّاه؟
وقوله: {بل أكثرهم لا يعلمون} يقول تعالى ذكره: بل أكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون قدر عظمة اللّه، وما عليهم من الضّرّ في إشراكهم في عبادة اللّه غيره، وما لهم من النّفع في إفرادهم اللّه بالألوهة، وإخلاصهم له العبادة، وبراءتهم من كلّ معبودٍ سواه). [جامع البيان: 18/101-102]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أم من جعل الأرض قرارًا وجعل خلالها أنهارًا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزًا أئلهٌ مع اللّه بل أكثرهم لا يعلمون (61)
قوله تعالى: أمّن جعل الأرض قرارًا وجعل خلالها أنهارًا
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ، فيما كتب إليّ، أنبأ إسماعيل بن عبد الكريم، حدّثني عبد الصّمد بن معقلٍ قال: سمعت وهب بن منبّهٍ قال: قال: جرجيس: هو الّذي وضع الأرض فسطحها، ونصب فيها جبالها، وفتق فيها أنهارها، ونطقها ببحارها، وأنبت فيها أشجارها، وأجرى فيها ليلها ونهارها، وله سبّحت بمن عليها، واستقامت على قرارها.
قوله تعالى: وجعل لها رواسي
- حدّثنا أبي، ثنا عمرو بن محمّد النّاقد، ثنا يزيد بن هارون أنبأ العوّام ابن حوشبٍ، عن سليمان بن أبي سليمان، عن أنس بن مالكٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لمّا خلق اللّه الأرض جعلت تميد، فخلق اللّه الجبال فألقاها عليها فاستقرّت، فعجبت الملائكة من خلق الجبال فقالت: يا ربّ هل من خلقك أشدّ من الجبال؟ قال: نعم الحديد فقالت: يا ربّ هل من خلقك أشدّ من الحديد؟ قال: نعم النّار؟ قالت: فهل من خلقك أشدّ من النّار؟ قال: نعم الماء قالت: يا ربّ فهل من خلقك أشدّ من الماء؟ قال: نعم الرّيح. قالت: يا ربّ فهل من خلقك أشدّ من الرّيح؟ قال: نعم ابن آدم يتصدّق بيمينه فيخفيها من شماله.
- حدّثنا أبي ثنا أبو نعيمٍ، ثنا طلحة بن عمرٍو، عن عطاءٍ قال: أوّل جبلٍ وضع على الأرض أبو قبيسٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ ثنا شعيبٌ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: رواسي أي جبالٌ.
قوله تعالى: وجعل بين البحرين حاجزا
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو معاوية، عن جويبرٍ، عن عمرٍو، عن الحسن قوله: وجعل بين البحرين حاجزًا قال: بحر فارس والرّوم.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ حدّثني عقبة، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ قال: بحرٌ في السّماء وبحرٌ في الأرض.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، عن أسباطٍ وجعل بين البحرين حاجزًا قال: هما بحر الشّام وبحر العراق، والنّاس بينهما.
قوله تعالى: حاجزا
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا هاني بن سعيدٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: ثمّ جعل بينهما حاجزًا من أمره، لا يسيل المالح على العذب ولا العذب على المالح.
قوله تعالى: أإلهٌ مع اللّه بل أكثرهم لا يعلمون
قد تقدّم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 9/2908-2909]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {وجعل لها رواسي} قال: رواسيها: جبالها {وجعل بين البحرين حاجزا} قال: حاجزا من الله لا يبغي أحدهما على صاحبه). [الدر المنثور: 11/390-391]

تفسير قوله تعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أمّن يجيب المضطرّ إذا دعاه ويكشف السّوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإلهٌ مع اللّه قليلاً ما تذكّرون}.
يقول تعالى ذكره: أم ما تشركون باللّه خيرٌ، أم الّذي يجيب المضطرّ إذا دعاه، ويكشف السّوء النّازل به عنه؟
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {ويكشف السّوء} قال: الضّرّ.
وقوله: {ويجعلكم خلفاء الأرض} يقول: ويستخلف بعد أمرائكم في الأرض منكم خلفاء أحياء يخلفونهم.
وقوله: {أإلهٌ مع اللّه} يقول: أإلهٌ مع اللّه سواه يفعل هذه الأشياء بكم، وينعم عليكم هذه النّعم؟
وقوله: {قليلاً ما تذكّرون} يقول: تذكّرًا قليلاً من عظمة اللّه وأياديه عندكم تذكرون وتعتبرون حجج اللّه عليكم يسيرًا، فلذلك أشركتم باللّه غيره في عبادته). [جامع البيان: 18/102-103]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أم من يجيب المضطرّ إذا دعاه ويكشف السّوء ويجعلكم خلفاء الأرض أئلهٌ مع اللّه قليلًا ما تذكّرون (62)
قوله تعالى: أمّن يجيب المضطر إذا دعاه
- حدّثنا أبي، ثنا عليّ بن هاشمٍ، ثنا عبدة بن نوحٍ، عن عمر بن حجّاجٍ، عن عبيد اللّه بن أبى صالحٍ قال: دخل عليّ طاوسٌ يعودني، فقلت له: ادع اللّه لي يا أبا عبد الرّحمن. قال: ادع لنفسك، فإنّه يجيب المضطرّ إذا دعاه.
قوله تعالى: ويكشف السّوء
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ إسماعيل بن عبد الكريم أخبرني عبد الصّمد بن معقلٍ أنّه سمع عمّه وهب بن منبّهٍ يقول: قرأت في كتابٍ آخر أنّ اللّه تبارك وتعالى يقول: بعزّتي إنّه من اعتصم بي فإن كادته السّموات بمن فيهنّ والأرض بمن فيها فإنّي أجعل له من بين ذلك مخرجًا، ومن لم يعتصم بي فإنّي أخسف به من تحت قدميه الأرض، فأجعله في الهواء، ثمّ أكله إلى نفسه.
قوله تعالى: ويجعلكم خلفاء الأرض
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة ويجعلكم خلفاء الأرض أي خلفًا من بعده خلفٌ.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: ويجعلكم خلفاء الأرض فقال: خلفاء لمن قبلهم من الأمم.
قوله تعالى: أإله مع الله
تقدّم تفسيره.
قوله تعالى: قليلا ما تذكّرون
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ. فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم قال: أهل الذّكر هم أهل القرآن). [تفسير القرآن العظيم: 9/2909-2910]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون * أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون * أمن يبدؤ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
وأخرج أحمد وأبو داود والطبراني عن رجل من بلجهم قال: قلت يا رسول الله إلام تدعو قال أدعو إلى الله وحده الذي إن نزل بك ضر فدعوته كشف عنك والذي إن ضللت بأرض قفر فدعوته رد عليك والذي ان أصابك سنة فدعوته أنزل لك). [الدر المنثور: 11/391]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ويكشف السوء} قال: الضر). [الدر المنثور: 11/391]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن سحيم بن نوفل قال: بينما نحن عند عبد الله إذ جاءت وليدة إلى سيدها فقالت: ما يحبسك وقد لفع فلان مهرك بعينه فتركه يدور في الدار كأنه في فلك قم فابتغ راقيا فقال عبد الله: لا تبتغ راقيا وانفث في منخره الأيمن أربعا وفي الايسر ثلاثا وقل: لا بأس اذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي لا يكشف الضر إلا أنت قال: فذهب ثم رجع إلينا فقال: فعلت ما أمرتني فما جئت حتى راث وبال وأكل). [الدر المنثور: 11/391]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن سعد بن جنادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فارق الجماعة فهو في النار على وجهه، لان الله تعالى يقول {أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض} فالخلافة من الله عز وجل فان كان خيرا فهو يذهب به وان كان شرا فهو يؤخذ به عليك أنت بالطاعة فيما أمر الله تعالى به). [الدر المنثور: 11/392]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البغوي في معجمه عن اياد بن لقيط قال: قال جعدة بن هبيرة لجلسائه: اني قد علمت ما لم تعلموا وأدركت ما لم تدركوا أنه سيجيء بعد هذا - يعني معاوية - أمراء ليس من رجاله ولا من ضربائه وليس فيهم أصغر أو أبتر حتى تقوم الساعة، هذا السلطان سلطان الله جعله وليس أنتم تجعلونه، إلا وان للراعي على الرعية حقا وللرعية على الراعي حقا فادوا إليهم حقهم فان ظلموكم فكلوهم إلى الله فانكم وإياهم تختصمون يوم القيامة وان الخصم لصاحبه الذي أدى إليه الحق الذي عليه في الدنيا، ثم قرأ {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين} الأعراف الآية 6 حتى بلغ {والوزن يومئذ الحق} الأعراف الآية 8 هكذا قرأ). [الدر المنثور: 11/392]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة: {ويجعلكم خلفاء الأرض} قال خلفا بعد خلف). [الدر المنثور: 11/392-393]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {ويجعلكم خلفاء الأرض} قال: خلفا لمن قبلكم من الامم). [الدر المنثور: 11/393]

تفسير قوله تعالى: (أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أمّن يهديكم في ظلمات البرّ والبحر ومن يرسل الرّياح بشرًا بين يدي رحمته أإلهٌ مع اللّه تعالى اللّه عمّا يشركون}.
يقول تعالى ذكره: أم ما تشركون باللّه خيرٌ، أم الّذي يهديكم في ظلمات البرّ والبحر إذا أضللتم فيهما الطّريق، فأظلمت عليكم السّبل فيهما؟
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {أمّن يهديكم في ظلمات البرّ والبحر} وظلمات البرّ ضلالة الطّريق، والبحر ضلالة طريقه، وموجه، وما يكون فيه.
وقوله: (ومن يرسل الرّياح نشرًا بين يدي رحمته) يقول: والّذي يرسل الرّياح نشرًا لموتان الأرض بين يدي رحمته، يعني: قدّام الغيث الّذي يحيي موات الأرض.
وقوله: {أءلهٌ مع اللّه تعال‍ى اللّه عمّا يشركون} يقول تعالى ذكره: أإلهٌ مع اللّه سوى اللّه يفعل بكم شيئًا من ذلك فتعبدوه من دونه، أو تشركوه في عبادتكم إيّاه. {تعالى اللّه} يقول: للّه العلوّ والرّفعة عن شرككم الّذي تشركون به، وعبادتكم معه ما تعبدون). [جامع البيان: 18/103-104]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أم من يهديكم في ظلمات البرّ والبحر ومن يرسل الرّياح بشرًا بين يدي رحمته أئلهٌ مع اللّه تعالى اللّه عمّا يشركون (63)
قوله تعالى: أمّن يهديكم في ظلمات البرّ والبحر
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو بكيرٍ النّخعيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في البرّ والبحر قال: البرّ بادية الأعراب، والبحر الأمصار والقرى.
قوله تعالى: ومن يرسل الرّياح
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: يرسل الرّياح قال: إنّ اللّه عزّ وجلّ يرسل الرّياح فتأتي بالسّحاب من بين الخافقين طرف السّماء والأرض، حيث يلتقيان فيخرجه من ثمّ، ثمّ ينشره فيبسطه في السّماء كيف يشاء ثمّ يفتح أبواب السّماء ليسيل الماء على السّحاب ثمّ يمطر السّحاب بعد ذلك.
قوله: بشرًا بين يدي رحمته
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ بشرًا بين يدي رحمته قال: ينشر السّحاب بين يدي المطر.
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: بين يدي رحمته أمّا رحمته فهو المطر.
قوله تعالى: أإلهٌ مع اللّه تعالى اللّه عمّا يشركون
قد تقدم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 9/2910-2911]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن جرير عن ابن جريج {أم من يهديكم في ظلمات البر} قال: ضلال الطريق {والبحر} قال: ضلالة طرقه وموجه وما يكون فيه). [الدر المنثور: 11/393]

تفسير قوله تعالى: (أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (64) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أمّن يبدأ الخلق ثمّ يعيده ومن يرزقكم من السّماء والأرض، أإلهٌ مع اللّه قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}.
يقول تعالى ذكره: أم ما تشركون أيّها القوم خيرٌ، أم الّذي يبدأ الخلق ثمّ يعيده فينشئه من غير أصلٍ، ويبتدعه ثمّ يفنيه إذا شاء، ثمّ يعيده إذا أراد كهيئته قبل أن يفنيه، والّذي يرزقكم من السّماء والأرض فينزل من هذه الغيث، وينبت من هذه النّبات لأقواتكم، وأقوات أنعامكم. {أإلهٌ مع اللّه} سوى اللّه يفعل ذلك؟ وإن زعموا أنّ إلهًا غير اللّه يفعل ذلك أو شيئًا منه، فقل لهم يا محمّد {هاتوا برهانكم} أي حجّتكم على أنّ شيئًا سوى اللّه يفعل ذلك. {إن كنتم صادقين} في دعواكم.
و(من) الّتي في {أمّن} و(ما) مبتدأٌ في قوله: {أمّا يشركون}، والآيات بعدها إلى قوله: {ومن يرزقكم من السّماء والأرض} بمعنى (الّذي)، لا بمعنى الاستفهام؛ وذلك أنّ الاستفهام لا يدخل على الاستفهام). [جامع البيان: 18/104]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أم من يبدأ الخلق ثمّ يعيده ومن يرزقكم من السّماء والأرض أئلهٌ مع اللّه قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين (64)
قوله تعالى: أمن يبدؤا الخلق ثمّ يعيده
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ إسماعيل بن عبد الكريم حدّثني عبد الصّمد بن معقلٍ أنّه سمع وهبًا يقول: خلق اللّه ابن آدم كما شاء وممّا شاء فكان كذلك فتبارك اللّه أحسن الخالقين خلق من التّراب والماء، فمنه لحمه ودمه وشعره وعظامه وجسده، فهذا بدء الخلق الّذي خلق اللّه منه ابن آدم. ثمّ جعلت فيه النّفس فيها يقوم ويقعد ويسمع ويبصر ويعلم ما تعلم الدّوابّ ويتّقي ما تتّقي ثمّ جعلت فيه الرّوح فبه عرف الحقّ من الباطل والرّشد من الغيّ، وبه حذر وتقدّم واستشار وتعلّم ودبّر الأمور كلّها. فمن التّراب يبوسته ومن الماء رطوبته. فهذا بدء الخلق الّذي منه خلق اللّه ابن آدم كما أحبّ أن يكون
قوله تعالى: ثمّ يعيده
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ بإسناده أعلاه إلى وهبٍ يقول: إنّه قرأ في بعض الكتب: أنّ اللّه تبارك وتعالى حين خلق الخلق فنظر إليهم حين مشوا على وجه الأرض وجرت الأنهار، قال: أنا اللّه الّذي خلقتك بقوّتي وأتقنتك بحكمتي، حقٌّ قضائي ونافذٌ أمري، وأنا الّذي أفنيك كما خلقتك، حتّى أبقى كما كنت قبل أن أخلقك وحدي، لأنّ الملك والخلود لا ينبغي إلا لي. ثمّ أعيد خلقي بعد فنائهم لجزائي وأجمعهم لقضائي، فيومئذٍ يخشى خلقي عذابي ووعيدي، ويومئذٍ تجلّ القلوب من خوفي وترفل الأقدام من هيبتي، وتخفّ القلوب من شدّة سلطاني، وتبرأ الآلهة ممّن عبدها دوني.
قوله تعالى: ومن يرزقكم من السّماء والأرض
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ، ثنا أبو داود، ثنا جرير بن حازمٍ، عن ليثٍ، عن عبد الرّحمن بن سابطٍ، عن أبي ثعلبة الخشنيّ، عن أبي عبيدة بن الجرّاح، ومعاذ بن جبلٍ رضي اللّه عنهما، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: ليكوننّ في الأرض فسّاقٌ في الأمّة يستحلّون الفروج والخمور والحرير، وينصرون على ذلك، ويرزقون أبدًا حتّى يلقوا اللّه عزّ وجلّ.
قوله تعالى: أإله مع الله
تقدم تفسيره.
قل هاتوا برهانكم تقدّم تفسيره في سورة البقرة.
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية هاتوا برهانكم أي حجّتكم- وروي عن مجاهدٍ والسّدّيّ نحو ذلك.
- أخبرنا محمد عبيد اللّه بن المنادي، فيما كتب إليّ، ثنا يونس بن محمّدٍ المؤدّب، ثنا شيبان النّحويّ، عن قتادة قل هاتوا برهانكم قال: بيّنتكم على ذلك إن كنتم صادقين.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ إسماعيل بن عبد الكريم، ثنا عبد الصّمد بن معقلٍ، أنّه سمع وهب بن منبّهٍ يقول: قال اللّه عزّ وجلّ يا معشر الجنّ والإنس اسمعوا منّي اليوم وأنصتوا لي، فو عزتي لا يجوز اليوم ظالم بظلم، ولا متقول عليّ ولا مبتدعٌ في عظمتي فهاتوا برهانكم أيّها المتقوّلون عليّ والمبتدعون في عظمتي والمستخفّون بحقّ جلالي. ما الّذي غرّكم عنّي وأنا اللّه الّذي لا شيء مثلي؟ لو تجلّيت للسموات والأرض والجبال لزلن من هيبتي، ولو لحظت البحار ليبست من مياهها وبدت قعورها من خشيتي، ولو أنّ جميع الخلائق سمعوا كلمةً من كلامي لصعقوا من خوفي. وهاتوا برهانكم أيها الجهلة بأن لهذا الخلق بديعا غيري وبأنّ لي شريكًا كما زعمتم في ملكي، أو ثانيًا وليًّا معي. ولأي شيءٍ عبدتموها دوني؟ ولأي شيء نفيتموها، عن عبادتي وملكي وربوبيّتي؟ فالويل الطّويل يومئذٍ لمن أبان كذبه صدقه في، والويل الطويل يومئذ لمن أزهق الضّلالة حقّي، والويل الطّويل لمن دحضت حجّته قدّامي.
قوله تعالى: إن كنتم صادقين
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية إن كنتم صادقين بما تقولون إنّه كما تقولون. وروي، عن الرّبيع ابن أنسٍ نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 9/2911-2913]


رد مع اقتباس