عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 9 صفر 1440هـ/19-10-2018م, 09:51 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (9) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم وقفهم احتجاجا عليهم، أعندهم رحمة الله وخزائنها التي فيها الهدى والنبوءة وكل فضل، فيكون لهم تحكم في الرسالة وغيرها من نعم الله؟ و"أم" هنا، لم تعادلها ألف، فهي المقطوعة التي معناها إضراب عن الكلام الأول واستفهام، وقدرها سيبويه بـ "بل والألف"، كقول العرب: "إنها لإبل أم شاء". والخزائن للرحمة مستعارة، كأن المعنى: موضع جمعها وحفظها، من حيث كانت ذخائر البشر تحتاج إلى ذلك خوطب في الرحمة بما ينحو إلى ذلك، وقال الطبري: يعني بالخزائن المفاتيح. والله تعالى أعلم). [المحرر الوجيز: 7/ 326-327]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ (10) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب * جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب * كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد * وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب * إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب}
"أم" في هذه الآية معادلة للألف المقدرة في "أم" الأولى، وكأنه تعالى يقول في هذه الآية: أم لهم هذا الملك فتكون النبوءة والرسالة على اختيارهم ونظرهم، فليرتقوا في الأسباب إن كان الأمر كذلك، أي: إلى السماء، قاله ابن عباس رضي الله عنهما. و"الأسباب" كل ما يتوصل به إلى الأشياء، وهي هنا بمعنى الحبال والسلالم. وقال قتادة: أراد أبواب السماء).[المحرر الوجيز: 7/ 327]

تفسير قوله تعالى: {جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ (11) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {جند ما هنالك مهزوم}، اختلف المتأولون في الإشارة بـ"هنالك" إلى ما هي، فقالت فرقة: أشار إلى الارتقاء في الأسباب، أي: هؤلاء القوم إن راموا ذلك جند مهزوم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله
وهذا قوي.
وقالت فرقة: الإشارة بـ"هنالك" إلى حماية الأصنام وعضدها، أي: هؤلاء القوم جند مهزوم في هذه السبيل، وقال مجاهد: الإشارة بـ"هنالك" إلى يوم بدر، وكان غيبا أعلم الله به على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أن جند المشركين يهزمون، فخرج في بدر، وقالت فرقة: الإشارة إلى من حضر عام الخندق بالمدينة. وقوله: {من الأحزاب}، أي: من جملة أحزاب الأمم الذين تعصبوا في الباطل وكذبوا الرسل فأخذهم الله تعالى.
و"ما"، في قوله تعالى: {جند ما هنالك} زائدة مؤكدة، وفيها تخصيص). [المحرر الوجيز: 7/ 327-328]

تفسير قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ (12) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (واختلف المتأولون في قوله تعالى: {ذي الأوتاد}، فقال ابن عباس، وقتادة: سمي بذلك لأنه كانت له أوتاد وخشب يلعب له بها وعليها، وقال السدي: كان يقتل الناس بالأوتاد يشدهم في الأرض بها، وقال الضحاك: أراد المباني العظام الثابتة. وهذا أظهر الأقوال، كما يقال للجبال أوتاد لثبوتها، ويحتمل أن يقال له: "ذو الأوتاد" عبارة عن كثرة أخبيته وعظم عساكره، ونحو من هذا قولهم: "أهل العمود").[المحرر الوجيز: 7/ 328]

تفسير قوله تعالى: {وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ (13) إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (14) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأت فرقة: "ليكة"، وقرأت فرقة: "الأيكة"، وقد تقدم.
ثم أخبر تعالى أن هؤلاء المذكورين هم الأحزاب، وضرب بهم المثل لقريش في أنهم كذبوا، ثم أخبر أن عقابه حق على جميعهم، أي فكذلك يحق عليكم أيها المكذبون بمحمد عليه الصلاة والسلام، وفي قراءة ابن مسعود: "إن كل لما"، وحكى أبو عمرو الداني أن فيها: "إن كلهم إلا كذب"). [المحرر الوجيز: 7/ 328]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (15) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق * وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب * اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب * إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق * والطير محشورة كل له أواب * وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب}
"ينظر" بمعنى: ينتظر، وهذا إخبار من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم، صدقه الوجود، فالصيحة - على هذا التأويل - عبارة عن جميع ما نابهم من قتل وأسر وغلبة، وهذا كما تقول: صاح فيهم الدهر، وقال قتادة: توعدهم بصيحة القيامة والنفخ في الصور، قال الثعلبي: روي هذا التفسير مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقالت طائفة: توعدهم تعالى بصيحة يهلكون بها في الدنيا، وعلى هذين التأويلين فمعنى الكلام أنهم بمدرج عقوبة، وتحت أمر خطير، ما ينتظرون فيه إلا الهلكة، وليس معناه التوعد بشيء معين ينتظره محمد صلى الله عليه وسلم فيه كالتأويل الأول. وقرأ الجمهور: "فواق" بفتح الفاء، وقرأ حمزة، والكسائي، وابن وثاب، والأعمش، وأبو عبد الرحمن: "فواق" بضم الفاء. قال ابن عباس، وغيره: هما بمعنى واحد، أي: ما لها من انقطاع وعودة، بل هي متصلة حتى مهلكهم، ومنه: "فواق الحلبة": المهلة التي بين الشخبتين، وجعلوه مثل قصاص الشعر وقصاصه، وغير ذلك، ومنه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من رابط فوق ناقة حرم الله جسده على النار". وقال ابن زيد، وأبو عبيدة، ومؤرج، والفراء: المعنى مختلف، الضم كما تقدم من معنى فواق، والفتح بمعنى الإفاقة، أي: ما يكون لهم بعد هذه الصيحة إفاقة ولا استراحة، ففواق مثل جواب، من أجاب). [المحرر الوجيز: 7/ 328-329]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (16) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ذكر عز وجل عنهم أنهم قالوا: {ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب}، والقط: الحظ والنصيب، والقط أيضا: الصك والكتاب من السلطان بصلة ونحوه، ومنه قول الأعشى:
ولا الملك النعمان يوم لقيته ... بغبطته يعطي القطوط ويأفقوهو من، قططت، أي: قطعت. واختلف الناس في "القط" هنا، ما أرادوا به؟ فقال سعيد بن جبير: أرادوا به: عجل لنا نصيبنا من الخير والنعيم في دنيانا، وقال أبو العالية، والكلبي: أرادوا: عجل لنا صحفنا بأيماننا، وذلك لما سمعوا في القرآن أن الصحف تعطى يوم القيامة بالأيمان والشمائل قالوا ذلك، وقال ابن عباس، وغيره: أرادوا ضد هذا من العذاب ونحوه، فهذا نظير قولهم: {فأمطر علينا حجارة من السماء}. وقال السدي: المعنى: أرنا منازلنا في الجنة حتى نتابعك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله
وعلى كل تأويل، فكلامهم خرج على جهة الاستخفاف والهزء، ويدل على ذلك ما علم من كفرهم واستمر، ولفظ الآية يعطي إقرارا بيوم الحساب). [المحرر الوجيز: 7/ 329-330]

رد مع اقتباس