عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 06:51 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (9) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {أم عندهم خزائن رحمة ربّك العزيز الوهّاب} يقول تعالى ذكره: أم عند هؤلاء المشركين المنكرين وحي اللّه إلى محمّدٍ خزائن رحمة ربّك، يعني مفاتيح رحمة ربّك يا محمّد، العزيز في سلطانه، الوهّاب لمن يشاء من خلقه، ما يشاء من ملكٍ وسلطانٍ ونبوّةٍ، فيمنعوك يا محمّد ما منّ اللّه به عليك من الكرامة، وفضّلك به من الرّسالة). [جامع البيان: 20/26]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} أي في ديننا هذا ولا في زماننا هذا {إن هذا إلا اختلاق} قال: قالوا إن هذا إلا شيء يخلقه، وفي قوله {أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب} قال: لا والله ما عندهم منها شيء ولكن الله يختص برحمته من يشاء {أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب} قال: في السماء). [الدر المنثور: 12/509-510] (م)

تفسير قوله تعالى: (أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ (10) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى فليرتقوا في الأسباب قال في أبواب السماء). [تفسير عبد الرزاق: 2/160]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {الأسباب} [ص: 10] : «طرق السّماء في أبوابها»). [صحيح البخاري: 6/124]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله الأسباب طرق السّماء في أبوابها وصله الفريابيّ من طريق مجاهد بلفظ طرق السّماء أبوابها وقال عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة الأسباب هي أبواب السّماء وقال أبو عبيدة العرب تقول للرّجل إذا كان ذا دينٍ ارتقى فلانٌ في الأسباب). [فتح الباري: 8/545]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله الأسباب السّماء سقط هذا لغير أبي ذرٍّ وثبت للنّسفيّ بلفظ ويقال وقد وصله الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس). [فتح الباري: 8/543]

- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله
وقال مجاهد في عزة معازين الملّة الآخرة ملّة قريش الاختلاق الكذب الأسباب طرق السّماء في أبوابها جند ما هنالك مهزوم يعني قريشًا أولئك الأحزاب القرون الماضية فواق رجوع قطنا عذابنا اتخذناهم سخريا أحطنا بهم أتراب أمثال
وقال ابن عبّاس الأيد القوّة في العبادة الأبصار البصر في أثر الله حب الخير عن ذكر ربّي من ذكر طفق مسحا يمسح أعراف الخيل وعراقيبها الأصفاد الوثاق
أما أقوال مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 2 ص {بل الّذين كفروا في عزة} قال معازين
وفي قوله 7 ص {ما سمعنا بهذا في الملّة الآخرة} قال ملّة قريش {إن هذا إلّا اختلاق} 7 ص قال كذب
وفي قوله 10 ص {فليرتقوا في الأسباب} طرق السّماء أبوابها). [تغليق التعليق: 4/295-296] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال ابن جرير حدثني علّي ثنا عبد الله حدثني معاوية عن علّي عن ابن عبّاس قوله 10 ص {فليرتقوا في الأسباب} يقول في السّماء). [تغليق التعليق: 4/295]

- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (الأسباب طرق السّماء في أبوابها
أشار به إلى قوله تعالى: {فليرتقوا في الأسباب} (ص: 10) وفسّر الأسباب بطرق السّماء في أبوابها، وكذا فسره مجاهد وقتادة، وفي التّفسير: فليرتقوا أي: فليصعدوا في الجبال إلى السّموات فليأتوا منها بالوحي إلى من يختارون ويشاؤون، وهذا أمر توبيخ وتعجيز). [عمدة القاري: 19/138]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({الأسباب}) في قوله تعالى: {فليرتقوا في الأسباب} [ص: 10] هي (طرق السماء في أبوابها) قاله مجاهد وكل ما يوصلك إلى شيء من باب أو طريق فهو سببه وهذا أمر توبيخ وتعجيز أي إن ادّعوا أن عندهم خزائن رحمة ربك أو لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليصعدوا في الأسباب التي توصلهم إلى السماء فليأتوا منها بالوحي إلى من يختارون وهذا في غاية التهكّم بهم). [إرشاد الساري: 7/316]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({الأسباب}) هي (السماء) قاله ابن عباس فيما وصله الطبري وثبت هنا الأسباب السماء لأبي ذر عن الكشميهني). [إرشاد الساري: 7/314]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (طرقي السماء في أبوابها) الجار والمجرور في محل الحال من طرق). [حاشية السندي على البخاري: 3/67]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أم لهم ملك السّموات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب (10) جندٌ ما هنالك مهزومٌ من الأحزاب}.
يقول تعالى ذكره: أم لهؤلاء المشركين الّذين هم في عزّةٍ وشقاقٍ {ملك السّموات والأرض وما بينهما} فإنّه لا يعازّني ويشاقّني إلاّ من كان له ذلك، يقول: ليس ذلك لأحدٍ غيري، فكيف يعازّني ويشاقّني من كان في ملكي وسلطاني !.
وقوله: {فليرتقوا في الأسباب} يقول: وإن كان لهم ملك السّموات والأرض وما بينهما، فليصعدوا في أبواب السّماء وطرقها، فإن كان له ملك شيءٍ لم يتعذّر عليه الإشراف عليه وتفقّده وتعهّده.
واختلف أهل التّأويل في معنى الأسباب الّتي ذكرها اللّه في هذا الموضع، فقال بعضهم: عني بها أبواب السّماء.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {فليرتقوا في الأسباب} قال: طرق السّماء وأبوابها.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فليرتقوا في الأسباب} يقول: في أبواب السّماء.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {في الأسباب} قال: أسباب السّموات.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فليرتقوا في الأسباب} قال: طرق السّموات.
- حدّثت عن المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، {أم لهم ملك السّموات والأرض} يقول: إن كان {لهم ملك السّموات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب} يقول: فليرتقوا إلى السّماء السّابعة.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فليرتقوا في الأسباب} يقول: في السّماء.
- وذكر عن الرّبيع بن أنسٍ في ذلك ما: حدّثت عن المسيّب بن شريكٍ، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، قال: الأسباب: أدقّ من الشّعر، وأشدّ من الحديد، وهو بكلّ مكانٍ، غير أنّه لا يرى.
وأصل السّبب عند العرب: كلّ ما تسبّب به إلى الوصول إلى المطلوب من حبلٍ أو وسيلةٍ، أو رحمٍ، أو قرابةٍ أو طريقٍ، أو محجّةٍ وغير ذلك). [جامع البيان: 20/26-28]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فليرتقوا في الأسباب يعني في طرق السماء في أبوابها). [تفسير مجاهد: 547-548]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} أي في ديننا هذا ولا في زماننا هذا {إن هذا إلا اختلاق} قال: قالوا إن هذا إلا شيء يخلقه، وفي قوله {أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب} قال: لا والله ما عندهم منها شيء ولكن الله يختص برحمته من يشاء {أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب} قال: في السماء). [الدر المنثور: 12/509-510] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فليرتقوا في الأسباب} قال: في السماء). [الدر المنثور: 12/510]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال {الأسباب} أدق من الشعر وأحد من الحديد وهو بكل مكان غير أنه لا يرى). [الدر المنثور: 12/510]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فليرتقوا في الأسباب} قال: طرق السماء أبوابها، وفي قوله {جند ما هنالك} قال: قريش {من الأحزاب} قال: القرون الماضية). [الدر المنثور: 12/510]

تفسير قوله تعالى: (جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ (11) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب قال هو يوم بدر أخبرهم الله به قبل أن يكون). [تفسير عبد الرزاق: 2/161]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قوله: {جندٌ ما هنالك مهزومٌ} [ص: 11] : «يعني قريشًا»). [صحيح البخاري: 6/124]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله جندٌ ما هنالك مهزومٌ يعني قريشًا سقط لفظ قوله لغير أبي ذرٍّ وقد وصله الفريابيّ من طريق مجاهدٍ في قوله جندٌ ما هنالك مهزومٌ قال قريشٌ وقوله جندٌ خبر مبتدأٍ محذوفٍ أي هم وما مزيدةٌ أو صفةٌ لجند وهنا لك مشارٌ به إلى مكان المراجعة ومهزومٌ صفةٌ لجندٍ أي سيهزمون بذلك المكان وهو من الإخبار بالغيب لأنّهم هزموا بعد ذلك بمكّة لكن يعكّر على هذا ما أخرجه الطّبريّ من طريق سعيدٍ عن قتادة قال وعده اللّه وهو بمكّة أنّه سيهزم جند المشركين فجاء تأويلها ببدر فعلى هذا فهنا لك ظرفٌ للمراجعة فقط ومكان الهزيمة لم يذكر). [فتح الباري: 8/545]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله
وقال مجاهد في عزة معازين الملّة الآخرة ملّة قريش الاختلاق الكذب الأسباب طرق السّماء في أبوابها جند ما هنالك مهزوم يعني قريشًا أولئك الأحزاب القرون الماضية فواق رجوع قطنا عذابنا اتخذناهم سخريا أحطنا بهم أتراب أمثال
وقال ابن عبّاس الأيد القوّة في العبادة الأبصار البصر في أثر الله حب الخير عن ذكر ربّي من ذكر طفق مسحا يمسح أعراف الخيل وعراقيبها الأصفاد الوثاق
أما أقوال مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 2 ص {بل الّذين كفروا في عزة} قال معازين
وفي قوله 7 ص {ما سمعنا بهذا في الملّة الآخرة} قال ملّة قريش {إن هذا إلّا اختلاق} 7 ص قال كذب
وفي قوله 10 ص {فليرتقوا في الأسباب} طرق السّماء أبوابها
وفي قوله 11 ص {جند ما هنالك مهزوم} قال قريش و{الأحزاب} القرون الماضية). [تغليق التعليق: 4/295-296]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (جندٌ ما هنالك مهزومٌ يعني قريشا
لغير أبي ذر قوله: (جند ما) إلى آخره. قوله: (يعني قريشًا) ، وهكذا قاله مجاهد. قوله: جند، خبر مبتدأ محذوف أي: هم جند، وكلمة ما متزيدة أو صفة لجند. (وهنالك) يشار به إلى مكان المراجعة، ومهزوم صفة جند، أي: سيهزمون بذلك المكان وهو من الأخبار بالغيب لأنهم هزموا بعد ذلك بمكّة. وعن قتادة وعده الله، عز وجل، بمكّة أنهم سيهزمون، يهزمهم الله، فجاء تأويلها يوم بدر). [عمدة القاري: 19/138]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({جند}) ولأبي ذر قوله: جند ({ما هنالك مهزوم}) [ص: 11] قال مجاهد أيضًا فيما وصله الفريابي (يعني قريشًا) وهنالك مشار به إلى موضع التقاول والمحاورة بالكلمات السابقة وهو مكة أي سيهزمون بمكة وهو إخبار بالغيب وصحح الإمام فخر الدين كون ذلك في فتح مكة قال لأن المعنى أنهم جند سيصيرون منهزمين في الموضع الذي ذكروا فيه هذه الكلمات اهـ وهذا معارض بما أخرجه الطبري من طريق سعيد بن قتادة قال وعده الله وهو بمكة أنه سيهزم جند المشركين فجاء تأويلها ببدر وهنالك إشارة إلى بدر ومصارعهم وسقط من قوله جند إلى آخر قوله قريشًا لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/316]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {جندٌ ما هنالك مهزومٌ من الأحزاب} يقول تعالى ذكره: هم {جندٌ} يعني الّذين في عزّةٍ وشقاقٍ هنالك، يعني: ببدرٍ {مهزومٌ}.
وقوله: {هنالك} من صلة {مهزومٌ}.
وقوله: {من الأحزاب} يعني من أحزاب إبليس وأتباعه الّذين مضوا قبلهم، فأهلكهم اللّه بذنوبهم.
و{من} من قوله: {من الأحزاب} من صلة قوله {جندٌ}.
ومعنى الكلام: هم جندٌ من الأحزاب مهزومٌ هنالك، و{ما في قوله: {جندٌ ما هنالك} صلةٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {جندٌ ما هنالك مهزومٌ من الأحزاب} قال: قريشٌ من الأحزاب، قال: القرون الماضية.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {جندٌ ما هنالك مهزومٌ من الأحزاب} قال: وعده اللّه وهو بمكّة يومئذٍ أنّه سيهزم جندًا من المشركين، فجاء تأويلها يوم بدرٍ.
- وكان بعض أهل العربيّة يتأوّل ذلك {جندٌ ما هنالك} مغلوبٌ عن أن يصعد إلى السّماء). [جامع البيان: 20/28-29]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب يعني قريشا). [تفسير مجاهد: 548]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب} قال: وعده الله وهو بمكة أنه سيهزم له جند المشركين فجاء تأويلها يوم بدر، وفي قوله {وفرعون ذو الأوتاد} قال: كانت له أوتاد وأرسان وملاعب يلعب له عليها، وفي قوله: {إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب} قال: هؤلاء كلهم قد كذبوا الرسل فحق عليهم عقاب {وما ينظر هؤلاء} يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم {إلا صيحة واحدة} يعني الساعة {ما لها من فواق} يعني ما لها من رجوع ولا مثوبة ولا ارتداد {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} أي نصيبنا حظنا من العذاب {قبل يوم} القيامة قد كان قال ذلك أبو جهل: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا (فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) (الأنفال 32) ). [الدر المنثور: 12/510-511]

تفسير قوله تعالى: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ (12) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {كذّبت قبلهم قوم نوحٍ وعادٌ وفرعون ذو الأوتاد (12) وثمود وقوم لوطٍ وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب (13) إن كلٌّ إلاّ كذّب الرّسل فحقّ عقاب}.
يقول تعالى ذكره: كذبت قبل هؤلاء المشركين من قريشٍ القائلين: أجعل الآلهة إلهًا واحدًا، رسلها، قوم نوحٍ وعادٌ وفرعون ذو الأوتاد.
واختلف أهل العلم في السّبب الّذي من أجله قيل لفرعون ذو الأوتاد، فقال بعضهم: قيل ذلك له لأنّه كانت له ملاعب من أوتادٍ، يلعب له عليها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن عليّ بن الهيثم، عن عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {وفرعون ذو الأوتاد} قال: كانت ملاعب يلعب له تحتها.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وفرعون ذو الأوتاد} قال: كان له أوتادٌ وأرسانٌ وملاعب يلعب له عليها.
وقال آخرون: بل قيل ذلك له كذلك لتعذيبه النّاس بالأوتاد.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {ذو الأوتاد} قال: كان يعذّب النّاس بالأوتاد، يعذّبهم بأربعة أوتادٍ، ثمّ يرفع صخرةً تمدّ بالحبال، ثمّ تلقى عليه فتشدخه.
- حدّثت عن عليّ بن الهيثم، عن ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ، قال: كان يعذّب النّاس بالأوتاد.
وقال آخرون: معنى ذلك: ذو البنيان، قالوا: والبنيان: هو الأوتاد.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، {ذو الأوتاد} قال: ذو البنيان.
وأشبه الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: عني بذلك الأوتاد، إمّا لتعذيب النّاس، وإمّا للعبٍ، كان يلعب له بها، وذلك أنّ ذلك هو المعروف من معنى الأوتاد). [جامع البيان: 20/30-31]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب} قال: وعده الله وهو بمكة أنه سيهزم له جند المشركين فجاء تأويلها يوم بدر، وفي قوله {وفرعون ذو الأوتاد} قال: كانت له أوتاد وأرسان وملاعب يلعب له عليها، وفي قوله: {إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب} قال: هؤلاء كلهم قد كذبوا الرسل فحق عليهم عقاب {وما ينظر هؤلاء} يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم {إلا صيحة واحدة} يعني الساعة {ما لها من فواق} يعني ما لها من رجوع ولا مثوبة ولا ارتداد {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} أي نصيبنا حظنا من العذاب {قبل يوم} القيامة قد كان قال ذلك أبو جهل: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا (فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) (الأنفال 32) ). [الدر المنثور: 12/510-511] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ (13) )

قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {أصحاب الأيكة} قال: أصحاب الغيضة [الآية: 13]). [تفسير الثوري: 256]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {أولئك الأحزاب} [ص: 13] : «القرون الماضية»). [صحيح البخاري: 6/124]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله: {أولئك الأحزاب{ القرون الماضية وصله الفريابيّ عن مجاهدٍ). [فتح الباري: 8/545]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (أولئك الأحزاب القرون الماضية
أشار به إلى قوله تعالى: {وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب} (ص: 13) وفسرها بقوله: (القرون الماضية) وهكذا قال مجاهد وزاد غيره الّذين قهروا وأهلكوا). [عمدة القاري: 19/138]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (أولئك الأحزاب) أي (القرون الماضية) قاله مجاهد أيضًا أي كانوا أكثر منكم وأشد قوّة وأكثر أموالًا وأولادًا فما دفع ذلك عنهم من عذاب الله من شيء لما جاء أمر الله). [إرشاد الساري: 7/316]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وثمود وقوم لوطٍ} وقد ذكرنا أخبار كلّ هؤلاء فيما مضى قبل من كتابنا هذا {وأصحاب الأيكة} يعني: وأصحاب الغيضة.
- وكان أبو عمرو بن العلاء فيما: حدّثت عن معمر بن المثنّى، عن أبي عمرٍو، يقول: الأيكة: الحرجة من النّبع والسّدر وهو الملتف منه، قال الشّاعر:
أفمن بكاء حمامةٍ في أيكةٍ = يرفضّ دمعك فوق ظهر المحمل
يعني: محمل السّيف.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وأصحاب الأيكة} قال: كانوا أصحاب شجرٍ، قال: وكان عامّة شجرهم الدّوم.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {وأصحاب الأيكة} قال: أصحاب الغيضة.
وقوله: {أولئك الأحزاب} يقول تعالى ذكره: هؤلاء الجماعات المجتمعة، والأحزاب المتحزّبة على معاصي اللّه والكفر به، الّذين منهم يا محمّد مشركو قومك، وهم مسلوكٌ بهم سبيلهم). [جامع البيان: 20/31-32]

تفسير قوله تعالى: (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (14) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {إن كلٌّ إلاّ كذّب الرّسل} يقول: ما كلّ هؤلاء الأمم إلاّ كذّب رسل اللّه؛ وهي في قراءة عبد اللّه كما ذكر لي: (إذ كلٌّ لمّا كذّب الرّسل). {فحقّ عقاب} يقول: فوجب عليهم عقاب اللّه إيّاهم.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إن كلٌّ إلاّ كذّب الرّسل فحقّ عقاب} قال: هؤلاء كلّهم قد كذّبوا الرّسل، فحقّ عليهم العذاب). [جامع البيان: 20/32]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب} قال: وعده الله وهو بمكة أنه سيهزم له جند المشركين فجاء تأويلها يوم بدر، وفي قوله {وفرعون ذو الأوتاد} قال: كانت له أوتاد وأرسان وملاعب يلعب له عليها، وفي قوله: {إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب} قال: هؤلاء كلهم قد كذبوا الرسل فحق عليهم عقاب {وما ينظر هؤلاء} يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم {إلا صيحة واحدة} يعني الساعة {ما لها من فواق} يعني ما لها من رجوع ولا مثوبة ولا ارتداد {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} أي نصيبنا حظنا من العذاب {قبل يوم} القيامة قد كان قال ذلك أبو جهل: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا (فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) (الأنفال 32) ). [الدر المنثور: 12/510-511] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (15) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله فواق قال ليس لها مثنوية). [تفسير عبد الرزاق: 2/161]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {ما لها من فواق} قال: من رجعة [الآية: 15]). [تفسير الثوري: 256-257]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {فواقٍ} [ص: 15] : «رجوعٍ»). [صحيح البخاري: 6/124]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله فواقٍ رجوعٍ وصله الفريابيّ من طريق مجاهدٍ مثله وقال عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة ليس لها مثنوية وهي بمعنى قول مجاهد وروى ابن أبي حاتمٍ من طريق السّدّيّ ما لها من فواقٍ يقول ليس لهم إفاقةٌ ولا رجوعٌ إلى الدّنيا وقال أبو عبيدة من فتحها أي الفاء قال ما لها من راحةٍ ومن ضمّها جعلها من فواقي ناقةٍ وهو ما بين الحلبتين والّذي قرأ بضمّ الفاء حمزة والكسائيّ والباقون بفتحها وقال قومٌ المعنى بالفتح وبالضّمّ واحدٌ مثل قصاص الشّعر يقال بضمّ القاف وبفتحها). [فتح الباري: 8/545]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله
وقال مجاهد في عزة معازين الملّة الآخرة ملّة قريش الاختلاق الكذب الأسباب طرق السّماء في أبوابها جند ما هنالك مهزوم يعني قريشًا أولئك الأحزاب القرون الماضية فواق رجوع قطنا عذابنا اتخذناهم سخريا أحطنا بهم أتراب أمثال
وقال ابن عبّاس الأيد القوّة في العبادة الأبصار البصر في أثر الله حب الخير عن ذكر ربّي من ذكر طفق مسحا يمسح أعراف الخيل وعراقيبها الأصفاد الوثاق
أما أقوال مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 2 ص {بل الّذين كفروا في عزة} قال معازين
وفي قوله 7 ص {ما سمعنا بهذا في الملّة الآخرة} قال ملّة قريش {إن هذا إلّا اختلاق} 7 ص قال كذب
وفي قوله 10 ص {فليرتقوا في الأسباب} طرق السّماء أبوابها
وفي قوله 11 ص {جند ما هنالك مهزوم} قال قريش {والأحزاب} القرون الماضية
وفي قوله 15 ص {ما لها من فواق} قال رجوع). [تغليق التعليق: 4/295-296] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (فواقٍ: رجوعٍ
أشار به إلى قوله تعالى: {وما ينظر هؤلاء إلّا صيحة واحدة ما لها من فواق} (ص: 15) يقول: ليس لهم إقامة ولا رجوع إلى الدّنيا، وقال أبو عبيدة: من فتح الفاء قال: مالها من راحة، ومن ضمها جعلها من فواق النّاقة وهو ما بين الحليتين، وقرأ بضم الفاء حمزة والكسائيّ والباقون بفتحها، وقيل الضيم والفتح بمعنى واحد مثل قصاص الشّعر جاء فيه الفتح والضّم). [عمدة القاري: 19/138]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({فواق}) بالرفع لأبي ذر أي (رجوع) هو من أفاق المريض إذا رجع إلى صحته وإفاقة الناقة ساعة يرجع اللبن إلى ضرعها يريد قوله تعالى: {وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق} [ص: 15] ولغير أبي ذر فواق رجوع بجرهما وقرأ حمزة والكسائي فواق بضم الفاء وهما لغتان بمعنى واحد وهما الزمان الذي بين حلبتي الحالب). [إرشاد الساري: 7/316]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما ينظر هؤلاء إلاّ صيحةً واحدةً ما لها من فواقٍ (15) وقالوا ربّنا عجّل لنا قطّنا قبل يوم الحساب}.
يقول تعالى ذكره: {وما ينظر هؤلاء} المشركون باللّه من قريشٍ {إلاّ صيحةً واحدةً} يعني بالصيحة الواحدة: النّفخة الأولى في الصّور {ما لها من فواقٍ} يقول: ما لتلك الصيحة من فيقةٍ، يعني من فتورٍ ولا انقطاعٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وما ينظر هؤلاء إلاّ صيحةً واحدةً} يعني: أمّة محمّدٍ {ما لها من فواقٍ}.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن إسماعيل بن رافعٍ، عن يزيد بن زيادٍ، عن رجلٍ، من الأنصار، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ اللّه لمّا فرغ من خلق السّموات والأرض خلق الصّور، فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه شاخصًا ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر قال أبو هريرة: يا رسول اللّه وما الصّور؟ قال: قرنٌ، قال: كيف هو؟ قال: قرنٌ عظيمٌ ينفخ فيه ثلاث نفخاتٍ: نفخة الفزع الأولى، والثّانية: نفخة الصّعق، والثّالثة: نفخة القيام لربّ العالمين، يأمر اللّه إسرافيل بالنّفخة الأولى، فيقول: انفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السّموات وأهل الأرض إلاّ من شاء اللّه، ويأمره اللّه فيديمها ويطوّلها، فلا يفتر وهي الّتي يقول اللّه {ما ينظر هؤلاء إلاّ صيحةً واحدةً ما لها من فواقٍ}.
واختلف أهل التّأويل في معنى قوله: {ما لها من فواقٍ} فقال بعضهم: يعني بذلك: ما لتلك الصيحة من ارتدادٍ ولا رجوعٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {ما لها من فواقٍ} يقول: من تردادٍ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ {ما لها من فواقٍ} يقول: ما لها من رجعةٍ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ما لها من فواقٍ} قال: من رجوعٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ما لها من فواقٍ} يعني السّاعة ما لها من رجوعٍ ولا مثنويّة ولا ارتدادٍ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ما لهؤلاء المشركين بعد ذلك إفاقةٌ ولا رجوعٌ إلى الدّنيا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {ما لها من فواقٍ} يقول: ليس لهم بعدها إفاقةٌ ولا رجوعٌ إلى الدّنيا.
وقال آخرون: الصيحة في هذا الموضع: العذاب ومعنى الكلام: ما ينتظر هؤلاء المشركون إلاّ عذابًا يهلكهم، لا إفاقة لهم منه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ما لها من فواقٍ} قال: ما ينتظرون إلاّ صيحةً واحدةً ما لها من فواقٍ، ما لها من صيحةٍ لا يفيقون فيها كما يفيق الّذي يغشى عليه وكما يفيق المريض تهلكهم، ليس لهم فيها إفاقةٌ.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة {من فواقٍ} بفتح الفاء وقرأته عامّة أهل الكوفة: (من فواقٍ) بضمّ الفاء.
واختلفت أهل العربيّة في معناها إذا قرئت بفتح الفاء وضمّها، فقال بعض البصريّين منهم: معناها، إذا فتحت الفاء: ما لها من راحةٍ، وإذا ضمّت جعلها من فواق ناقةٍ: ما بين الحلبتين.
وكان بعض الكوفيّين منهم يقول: معنى الفتح والضّمّ فيها واحدٌ، وإنّما هما لغتان مثل السّواف والسّواف، وجمام المكوك وجمامه، وقصاص الشّعر وقصاصه.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما لغتان، وذلك أنّا لم نجد أحدًا من المتقدّمين على اختلافهم في قراءته يفرّقون بين معنى الضّمّ فيه والفتح، ولو كان مختلف المعنى باختلاف الفتح فيه والضّمّ، لقد كانوا فرّقوا بين ذلك في المعنى فإذ كان ذلك كذلك، فبأيٍّ القراءتين قرأ القارئ فمصيبٌ؛ وأصل ذلك من قولهم: أفاقت النّاقة، فهي تفيق إفاقةً، وذلك إذا ردّت ما بين الرّضعتين ولدها إلى الرّضعة الأخرى، وذلك أن ترضع البهيمة أمّها، ثمّ تتركها حتّى ينزل شيءٌ من اللّبن، فتلك الإفاقة؛ يقال إذا اجتمع ذلك في الضّرع فيقةٌ، كما قال الأعشى:
حتّى إذا فيقةٌ في ضرعها اجتمعت = جاءت لترضع شقّ النّفس لو رضعا). [جامع البيان: 20/33-36]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ما لها من فواق قال من رجوع). [تفسير مجاهد: 548]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب} قال: وعده الله وهو بمكة أنه سيهزم له جند المشركين فجاء تأويلها يوم بدر، وفي قوله {وفرعون ذو الأوتاد} قال: كانت له أوتاد وأرسان وملاعب يلعب له عليها، وفي قوله: {إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب} قال: هؤلاء كلهم قد كذبوا الرسل فحق عليهم عقاب {وما ينظر هؤلاء} يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم {إلا صيحة واحدة} يعني الساعة {ما لها من فواق} يعني ما لها من رجوع ولا مثوبة ولا ارتداد {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} أي نصيبنا حظنا من العذاب {قبل يوم} القيامة قد كان قال ذلك أبو جهل: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا (فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) (الأنفال 32) ). [الدر المنثور: 12/510-511] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ما لها من فواق} قال: رجوع {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} قال: عذابنا). [الدر المنثور: 12/511]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما لها من فواق} قال: من رجعة {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} قال: سألوا الله أن يعجل لهم). [الدر المنثور: 12/511]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (16) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن عطاء الخراساني في قوله قطنا قال قضاءنا). [تفسير عبد الرزاق: 2/161]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة قال نصيبنا من العذاب). [تفسير عبد الرزاق: 2/161]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أبي المقدام عن سعيد بن جبير في قوله: {قالوا ربّنا عجّل لنا قطّنا قبل يوم الحساب} قال: نصيبنا من الجنة [الآية: 16].
سفيان [الثوري] عن الأشعث عن الحسن قال: عقوبتنا). [تفسير الثوري: 257]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (القطّ: الصّحيفة هو ها هنا صحيفة الحساب "). [صحيح البخاري: 6/124]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله القطّ الصّحيفة هو ها هنا صحيفة الحسنات في رواية الكشميهنيّ الحساب وكذا في رواية النّسفيّ وذكره بعض الشّرّاح بالعكس قال أبو عبيدة القطّ الكتاب والجمع قطوطٌ وقططةٌ كقردٍ وقرودٍ وقردةٍ وأصله من قطّ الشّيء أي قطعه والمعنى قطعةٌ ممّا وعدتنا به ويطلق على الصّحيفة قطٌّ لأنّها قطعةٌ تقطع وكذلك الصّكّ ويقال للجائزة أيضًا قطٌّ لأنّها قطعةٌ من العطيّة وأكثر استعماله في الكتاب وسيأتي له تفسيرٌ آخر قريبًا وعند عبد بن حميدٍ من طريق عطاءٍ أنّ قائل ذلك هو النّضر بن الحارث). [فتح الباري: 8/545]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (القطّ: الصّحيفة هو هاهنا صحيفة الحسنات
أشار به إلى قوله تعالى: {قالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب} (ص: 16) وقال: (القط الصّحيفة) مطلقًا ولكن المراد هاهنا صحيفة الحسنات، وفي رواية الكشميهني: صحيفة الحساب، وكذا في رواية النّسفيّ، وقال الكلبيّ لما نزلت في الحاقة: {فأما من أوتي كتابه بيمينه} (الحاقة: 19) الآية. قالوا على وجه الاستهزاء، عجل لنا قطنا، يعنون كتابنا عجله لنا في الدّنيا قبل يوم الحساب، وعن قتادة ومجاهد والسّديّ: يعنون عقوبتنا وما كتب لنا من العذاب، وعن عطاء: قاله النّضر بن الحارث، وعن أبي عبيدة: القط الكتاب والجمع قطوط وقططة كقرد وقرود وقردة وأصله من قطّ الشّيء إذا قطعه، ويطلق على الصّحيفة لأنّها قطعة تقطع وكذلك الصّك). [عمدة القاري: 19/138]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (القط) في قوله تعالى: {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} [ص: 16] هو (الصحيفة) مطلقًا لأنها قطعة من القرطاس من قطه إذا قطعه لكنه (هو ها هنا صحيفة الحسنات) قال سعيد بن جبير: يعنون حظنا ونصيبنا من الجنة التي تقول، ولأبي ذر عن الكشميهني صحيفة الحساب بالموحدة آخره بدل الفوقية وإسقاط النون وكسر المهملة أي عجل لنا كتابنا في الدنيا قبل يوم الحساب قالوه على سبيل الاستهزاء لعنهم الله وعند عبد بن حميد من طريق عطاء أن قائل ذلك هو النضر بن الحارث وفيه تفسير آخر يأتي قريبًا إن شاء الله تعالى). [إرشاد الساري: 7/315-316]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (القط الصحيفة) أي: لأنها قطعة من القرطاس من قطة إذ قطعه). [حاشية السندي على البخاري: 3/67]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {قطّنا} [ص: 16] : «عذابنا»). [صحيح البخاري: 6/124]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله قطّنا عذابنا وصله الفريابيّ من طريق مجاهدٍ أيضًا ولا منافاة بينه وبين ما تقدّم فإنّه محمولٌ على أنّ المراد بقولهم قطّنا أي نصيبنا من العذاب وقد أخرج عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة في قوله قطّنا قال نصيبنا من العذاب وهو شبيه قولهم وإذ قالوا اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك الآية وقول الآخرين ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصّادقين وقد أخرج الطّبريّ من طريق إسماعيل بن أبي خالدٍ قال قوله قطّنا أي رزقنا ومن طريق سعيد بن جبيرٍ قال نصيبنا من الجنّة ومن طريق السّدّيّ نحوه ثمّ قال وأولى الأقوال بالصّواب أنّهم سألوا تعجيل كتبهم بنصيبهم من الخير أو الشّرّ الّذي وعد اللّه عباده في الآخرة أن يعجّل لهم ذلك في الدّنيا استهزاءً منهم وعنادًا). [فتح الباري: 8/545-546]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله
وقال مجاهد في عزة معازين الملّة الآخرة ملّة قريش الاختلاق الكذب الأسباب طرق السّماء في أبوابها جند ما هنالك مهزوم يعني قريشًا أولئك الأحزاب القرون الماضية فواق رجوع قطنا عذابنا اتخذناهم سخريا أحطنا بهم أتراب أمثال
وقال ابن عبّاس الأيد القوّة في العبادة الأبصار البصر في أثر الله حب الخير عن ذكر ربّي من ذكر طفق مسحا يمسح أعراف الخيل وعراقيبها الأصفاد الوثاق
أما أقوال مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 2 ص {بل الّذين كفروا في عزة} قال معازين
وفي قوله 7 ص {ما سمعنا بهذا في الملّة الآخرة} قال ملّة قريش {إن هذا إلّا اختلاق} 7 ص قال كذب
وفي قوله 10 ص {فليرتقوا في الأسباب} طرق السّماء أبوابها
وفي قوله 11 ص {جند ما هنالك مهزوم} قال قريش {والأحزاب} القرون الماضية
وفي قوله 15 ص {ما لها من فواق} قال رجوع
وفي قوله 16 ص ربنا عجل لنا قطنا قال عذابنا). [تغليق التعليق: 4/295-296] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (قطّنا: عذابنا
قيل هذا مكرر وليس كذلك فإنّه فسر (قطنا) في الأول بالصحيفة، وهاهنا العذاب. أي: عجل لنا عذابنا على أنه لا يوجد في أكثر النّسخ). [عمدة القاري: 19/138]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (قطنا) أي (عذابنا) قاله مجاهد وغيره). [إرشاد الساري: 7/316]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وقالوا ربّنا عجّل لنا قطّنا قبل يوم الحساب} يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء المشركون باللّه من قريشٍ: يا ربّنا عجّل لنا كتبنا قبل يوم القيامة والقطّ في كلام العرب: الصحيفة المكتوبة؛ ومنه قول الأعشى:
ولا الملك النّعمان يوم لقيته بنعمته = يعطي القطوط ويأفق
يعني بالقطوط: جمع القط، وهي الكتب بالجوائز.
واختلف أهل التّأويل في المعنى الّذي أراد هؤلاء المشركون بمسألتهم تعجيل القطّ لهم، فقال بعضهم: إنّما سألوا ربّهم تعجيل حظّهم من العذاب الّذي أعدّ لهم في الآخرة في الدّنيا كما قال بعضهم: {إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السّماء أو ائتنا بعذابٍ أليمٍ}.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ربّنا عجّل لنا قطّنا} يقول: العذاب.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: {وقالوا ربّنا عجّل لنا قطّنا قبل يوم الحساب} قال: سألوا اللّه أن يعجّل لهم العذاب قبل يوم القيامة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ، في قوله: {عجّل لنا قطّنا} قال: عذابنا.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى؛ وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {عجّل لنا قطّنا} قال: عذابنا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وقالوا ربّنا عجّل لنا قطّنا قبل يوم الحساب} أي نصيبنا وحظّنا من العذاب قبل يوم القيامة، قال: قد قال ذلك أبو جهلٍ: اللّهمّ إن كان ما يقول محمّدٌ حقًّا {فأمطر علينا حجارةً من السّماء} الآية.
وقال آخرون: بل إنّما سألوا ربّهم تعجيل أنصبائهم ومنازلهم من الجنّة حتّى يروها فيعلموا حقيقة ما يعدهم محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم فيؤمنوا حينئذٍ به ويصدّقوه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {عجّل لنا قطّنا} قالوا: أرنا منازلنا في الجنّة حتّى نتابعك.
وقال آخرون: مسألتهم نصيبهم من الجنّة، ولكنّهم سألوا تعجيله لهم في الدّنيا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ثابت الحدّاد، قال: سمعت سعيد بن جبيرٍ، يقول في قوله: {عجّل لنا قطّنا قبل يوم الحساب} قال: نصيبنا من الجنّة.
وقال آخرون: بل سألوا ربّهم تعجيل الرّزق.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمر بن عليٍّ، قال: حدّثنا أشعث السّجستانيّ، قال: حدّثنا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، في قوله: {عجّل لنا قطّنا} قال: رزقنا.
وقال آخرون: بل سألوا أن يعجّل لهم كتبهم الّتي قال اللّه {فأمّا من أوتي كتابه بيمينه}، {وأمّا من أوتي كتابه بشماله} في الدّنيا، لينظروا بأيمانهم يعطونها بأيمانهم أم بشمائلهم؟ ولينظروا من أهل الجنّة هم أم من أهل النّار قبل يوم القيامة استهزاءً منهم بالقرآن وبوعد اللّه.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصّواب أن يقال: إنّ القوم سألوا ربّهم تعجيل صكاكهم بحظوظهم من الخير أو الشّرّ الّذي وعد اللّه عباده أن يؤتيهموها في الآخرة قبل يوم القيامة في الدّنيا استهزاءً بوعيد اللّه.
وإنّما قلنا إنّ ذلك كذلك، لأنّ القطّ هو ما وصفت من الكتب بالجوائز والحظوظ، وقد أخبر اللّه عن هؤلاء المشركين أنّهم سألوه تعجيل ذلك لهم، ثمّ أتبع ذلك قوله لنبيّه: {اصبر على ما يقولون} فكان معلومًا بذلك أنّ مسألتهم ما سألوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لو لم تكن على وجه الاستهزاء منهم لم يكن بالّذي يتبع الأمر بالصّبر عليه، ولكن لمّا كان ذلك استهزاءً، وكان فيه لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أذًى، أمره اللّه بالصّبر عليه حتّى يأتيه قضاؤه فيهم، ولمّا لم يكن في قوله: {عجّل لنا قطّنا} بيان أيّ القطوط إراد بهم، لم يكن لما توجيه ذلك إلى أنّه معنيٌّ به القطوط ببعض معاني الخير أو الشّرّ، فلذلك قلنا: إنّ مسألتم كانت بما ذكرت من حظوظهم من الخير والشّرّ). [جامع البيان: 20/36-40]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عجل لنا قطنا أي عذابنا قبل يوم الحساب). [تفسير مجاهد: 548]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب} قال: وعده الله وهو بمكة أنه سيهزم له جند المشركين فجاء تأويلها يوم بدر، وفي قوله {وفرعون ذو الأوتاد} قال: كانت له أوتاد وأرسان وملاعب يلعب له عليها، وفي قوله: {إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب} قال: هؤلاء كلهم قد كذبوا الرسل فحق عليهم عقاب {وما ينظر هؤلاء} يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم {إلا صيحة واحدة} يعني الساعة {ما لها من فواق} يعني ما لها من رجوع ولا مثوبة ولا ارتداد {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} أي نصيبنا حظنا من العذاب {قبل يوم} القيامة قد كان قال ذلك أبو جهل: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا (فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) (الأنفال 32) ). [الدر المنثور: 12/510-511] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ما لها من فواق} قال: رجوع {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} قال: عذابنا). [الدر المنثور: 12/511] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما لها من فواق} قال: من رجعة {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} قال: سألوا الله أن يعجل لهم). [الدر المنثور: 12/511] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله تعالى {عجل لنا قطنا} قال: القط الجزاء، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت الأعشى وهو يقول:
ولا الملك النعمان يوم لقيته * بنعمة يعطيني القطوط ويطلق). [الدر المنثور: 12/511-512]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {عجل لنا قطنا} قال: عقوبتنا). [الدر المنثور: 12/512]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {عجل لنا قطنا} قال: كتابنا). [الدر المنثور: 12/512]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه {عجل لنا قطنا} قال: حظنا). [الدر المنثور: 12/512]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عطاء رضي الله عنه في قوله {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} قال: هو النضر بن الحرث بن علقمة بن كلدة أخو بني عبد الدار وهو الذي قال (سأل سائل بعذاب واقع) (المعارج 1) قال: سأل بعذاب هو واقع به فكان الذي سأل أن قال (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) (الأنفال 32) قال عطاء رضي الله عنه: لقد نزلت فيه بضع عشرة آية من كتاب الله). [الدر المنثور: 12/512]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الزبير بن عدي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {عجل لنا قطنا} قال: نصيبنا من الجنة). [الدر المنثور: 12/512]


رد مع اقتباس