عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 02:27 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة هود
[ من الآية (106) إلى الآية (108) ]

{ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108) }

قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106)}

قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107)}

قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {أما الذين سعدوا} [108].
قرأ حمزة والكسائي وحفص {سعدوا} بضم السين على ما لم يُسم فاعله. جعلاه من الفعل الذي يصلح للفاعل والمفعول كقولك: نزحت البئر ونزحتها، وجبر الله فلانا فجبر هو [وينشد] قول العجاج:
قد جبر الدين الإله فجبر
وعور الرحمن من ولى العور
فكذلك: سعد زيد، وسعده الله، ومن ذلك قيل: رجل مسعود من سعد.
وقرأ الباقون {سعدوا} بفتح السين. وحجتهم: {أما الذين شقوا} [106] ولم يقل اشقو، والاختيار إذا رددت سعد إلى ما لم يُسم فاعله أن تقول:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/293]
اسعد فلان، لأنك تقول: سعد زيد وأسعده الله، كما تقول: قام زيد وأقامه الله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/294]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ السين وفتحها من قوله: سعدوا [هود/ 108].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر: سعدوا بفتح السين.
وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم: سعدوا بضم السين.
قال أبو علي: حكى سيبويه: سعد يسعد سعادة فهو سعيد، وينبغي أن يكون غير متعدّ، كما أنّ خلافه الذي هو شقي كذلك، وإذا لم يكن متعدّيا لم يجز أن يبنى للمفعول به، لأنك إنما تبني الفعل للمفعول به إذا تعلّق به مفعول به، فأما إذا لم يكن له مفعول فلا يجوز أن تبنيه له، وإذا كان كذلك
[الحجة للقراء السبعة: 4/378]
كان ضمّ السين من سعدوا مستثقلا إلّا أن يكون سمع فيه لغة خارجة عن القياس، أو يكون من باب فعل وفعلته، نحو:
غاض الماء وغضته، وحزن وحزنته، ولعلهم استشهدوا فيه بقولهم: مسعود، وأن مسعودا على سعدوا، ولا دلالة قاطعة على هذا، لأنه يجوز أن يكون مثل: أجنّه الله فهو مجنون، فالمفعول حاء في هذا على أنه حذفت الزيادة منه كما حذف من اسم الفاعل من نحو قوله:
يكشف عن جمّاته دلو الدّال إنّما هو: دلو المدلي.
وكذلك:
ومهمه هالك من تعرّجا في أحد القولين، والقول الآخر: أنهم زعموا أنهم يقولون: هلكني زيد، وأنه من لغة تميم. ومن الحذف قوله:
يخرجن من أجواز ليل غاض
[الحجة للقراء السبعة: 4/379]
يريد: مغض، وكذلك: وأرسلنا الرياح لواقح [الحجر/ 22]، وهي تلقح الشجر، فإذا ألقحتها وجب أن يكون في الجمع: ملاقح، فجاء على حذف الزيادة، فأما قول الطرمّاح:
قلق لأفنان الرّيا... ح للاقح منها وحائل
فإن قوله للاقح ليس على: ألقحتها الريح، فحذفت منها الزيادة كما حذف من قوله:
يخرجن من أجواز ليل غاض ولكنه على معنى النسب تقديره: ذات لقاح منها، وكذلك: حائل ذات حيال، ولذلك حذفت منه التاء لأنها لم تجر على الفعل. ولو كانت الجارية على الفعل لثبتت العلاقة، كما ثبتت في قوله: ولسليمان الريح عاصفة [الأنبياء/ 81] والنسب كقوله: جاءتها ريح عاصف [يونس/ 22] والريح الجنوب تثير السحاب فينبسط ثم ينحلّ، والشمال بعكس هذا، وكذلك مسعود يجوز أن يكون على حذف الزيادة). [الحجة للقراء السبعة: 4/380]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وأما الّذين سعدوا ففي الجنّة}
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {وأما الّذين سعدوا} بضم السّين على ما لم يسم فاعله تقول سعد زيد لازما وسعده الله متعدّيا قال الكسائي سعد واسعد لغتان ومن ذلك رجل مسعود من سعد اعلم أن سعده الله قليل في الاستعمال ومصدره ومفعوله كثير لأن مسعودا في كلام العرب أكثر من مسعد وأسعده الله في كلامهم أكثر من سعده الله فقول مسعود يدل على جواز سعده الله وقراءتهم لا تكون إلّا من سعده الله فغالب الاستعمال في المفعول على الفعل الّذي لا زيادة فيه هو سعد وغالب الاستعمال في الفعل هو اللّفظ الّذي بزيادة الميم وهو أسعد ومثله يقال أحب والاسم منه محب إلّا أنه قل الاسم من أحب وإنّما يقولون محبوب وكثر الفعل منه فيقال أحب وكثر الاسم من حب فيقولون محبوب وقل الفعل منه فلا يقال حب وكذلك سعد قل الفعل منه وكثر الاسم منه وقل الاسم من أسعد فلا يقال مسعد وكثر الفعل منه فيقال أسعد
وقرأ أهل الحجاز والبصرة والشّام وأبو بكر {وأما الّذين سعدوا} بفتح السّين وحجتهم ذكرها اليزيدي فقال يقال ما سعد زيد حتّى أسعده الله وهذه القراءة هي المختارة عند أهل اللّغة يقال
[حجة القراءات: 349]
سعد فلان وأسعده الله وأخرى وهي أنهم أجمعوا على فتح الشين في {شقوا} ولم يقل شقوا فكان رد ما اختلفوا فيه إلى حكم ما أجمعوا عليه أولى ولو كانت بضم السّين كان الأفصح أن يقال أسعدوا). [حجة القراءات: 350]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (25- قوله: {سُعدوا} قرأه حفص وحمزة والكسائي بضم السين، وفتحها الباقون.
وحجة من فتح أن {سعدوا} فعل لا يتعدى، وإذا لم يتعد إلى مفعول لم يردّ إلى ما لم يسمّ فاعله، إذ لا مفعول في الكلام يقوم مقام الفاعل، فهو وجه الكلام والاختيار، وقد قال: {فأما الذين شقوا}، ولم يقل: «أشقوا» ولا «شُقوا» فحمل {سعدوا} على {شقوا} أحسن وأولى.
26- وحجة من ضم السين أنه حمله على لغة حُكيت عن العرب خارجة عن القياس حُكي: سعده الله، بمعنى: أسعده الله، وذلك قليل، وقولهم: مسعود، يدل على «سعده الله» حكى الكسائي: سعدوا وأسعدوا، اللغتان بمعنى). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/536]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا} [آية/ 108] بضم السين:
قرأها حمزة والكسائي و-ص- عن عاصم.
والوجه أنه مبنيٌّ للمفعول به من قولهم: سعدت الرجل أسعده سعدًا فهو مسعودٌ، فيكون متعديًّا لسعد كما يقال حزنته فحزن هو.
وقرأ الباقون {سَعِدُوا} بفتح السين.
والوجه أنه فعل لازمٌ مبني للفاعل على وزن فعل، يُقال سعد فلانٌ يسعد سعادةً فهو سعيدٌ، كما يُقال شقي يشقى فهو شقيٌّ). [الموضح: 658]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس