عرض مشاركة واحدة
  #38  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 02:46 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة التوبة
[ الآيتين (117) ، (118) ]

{ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) }

قوله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جل وعزّ: (من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريقٍ منهم... (117)
قرأ حفص عن عاصم وحمزة (كاد يزيغ) بالياء، وقرأ الباقون (تزيغ) بالتاء.
قال أبو منصور: قد مرّ الجواب في مثل هذا في غير موضع). [معاني القراءات وعللها: 1/467]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (24- قوله تعالى: {من بعد ما كاد يزيغ قلوب} [117].
فيه ثلاث قراءات:
قرأ حمزة وحفص عن عاصم {يزيغ} بالياء، والقلوب جمع على تذكير «كاد».
وقرأ الباقون بالتاء على التقديم، والتقدير: من بعد ما كاد قلوب فريق تزيغ.
وقرأ أبو عمرو {كاد تزيغ} بإدغام الدال في التاء لقرب المخرجين، يقال: زاغ قلبه وزاغ بصره وزاغ القوم وأزاغهم الله، قال الله تعالى: {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم} ومن ذلك قوله: {ربنا لا تزغ قلوبنا}. قرأ عمرو بن فايد {ربنا لا تزغ قلوبنا} جعل الفعل للقلوب، وهذا لا يلتفت إليه؛ لأن الله قال في موضع آخر {أزاغ الله قلوبهم} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/257]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله [جل وعز]: كاد تزيغ [التوبة/ 117].
فقرأ حمزة وحفص عن عاصم: كاد يزيغ بالياء.
وقرأ الباقون وعاصم في رواية أبي بكر: بالتاء.
[الحجة للقراء السبعة: 4/234]
قال أبو علي: يجوز أن يكون فاعل كاد أحد ثلاثة أشياء:
أحدها: أن يضمر فيه القصة أو الحديث، وتكون تزيغ الخبر.
فإن قلت: إن أصل إضمار القصة أو الحديث إنما هو في الابتداء، نحو هو الله أحد ونحو قوله [سبحانه] فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا [الأنبياء/ 97]، ثم تدخل على الاسم المبتدأ الذي هو ضمير الحديث أو القصة العوامل التي تدخل على المبتدأ، وليس كاد من العوامل التي تدخل على المبتدأ.
قيل: جاز ذلك فيها للزوم الخبر لها، فأشبهت العوامل الداخلة على المبتدأ للزوم الخبر لها. فإن قلت: فهل يجوز أن يضمر في عسى ضمير القصة أو الحديث، لأن عسى أيضا يلزمها الخبر كما يلزم كاد.
قيل: لا يجوز ذلك لأن عسى يكون فاعله المفرد في كثير من الأمر فلا يلزمه الخبر كقوله: وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم [البقرة/ 216] فإذا كان فاعله المفرد في كثير من الأمر لم يحتمل الضمير الذي احتمله كاد، كما لم يحتمله سائر الأفعال التي
[الحجة للقراء السبعة: 4/235]
تسند إلى فاعليها مما لا يدخل على المبتدأ.
فأما ما يجيء في الشعر من كاد أن يفعل وعسى يفعل، فليس به اعتداد لأن هذه الأشياء التي تجيء في الضرورة غير مأخوذ بها في حال السعة، ألا ترى أنهم قالوا: إوزّ،
ومودّ، فجعلوا الأصل الإدغام ولم يقدّروا نقل الحركة فيها إلى ما قبلها، وإنما وقعت في أول أحوالها مدغمة، فدلّك هذا أنّ الإظهار في هذا النحو في الشعر لا اعتداد به، وكلّ ما أشبهه فهو على هذا الحكم، وإضمار القصة أو الحديث فيها قول سيبويه.
والوجه الثاني في فاعل كاد أن يضمّنه ذكرا مما تقدّم لمّا كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم والمهاجرون والأنصار قبيلا واحدا وفريقا جاز أن يضمر في كاد ما دل عليه مما تقدم ذكره من القبيل، والحزب، والفريق، ونحو ذلك من الأسماء المفردة الدالة على الجمع، وقال: منهم، فحمله على المعنى كقوله [سبحانه]:
من آمن بالله واليوم الآخر ثم قال: فلا خوف عليهم [المائدة/ 69] فكذلك فاعل كاد على هذا الوجه.
والثالث في فاعل كاد: أن يكون فاعلها القلوب، كأنه: من بعد ما كاد قلوب فريق منهم تزيغ، ولكنه قدم تزيغ
[الحجة للقراء السبعة: 4/236]
كما يقدم خبر كان في قوله تعالى: وكان حقا علينا نصر المؤمنين [الروم/ 147]، وجاز تقديمه، وإن كان فيه ذكر من القلوب، ولم يمتنع من حيث يمتنع الإضمار قبل الذكر، لما كان النية به التأخير، كما لم يمتنع: ضرب غلامه زيد، لمّا كان التقدير به التأخير، ألا ترى أن حكم الخبر أن يكون بعد الاسم، كما أن حكم المفعول به أن يكون بعد الفاعل؟
فأما من قرأ يزيغ بالياء فيجوز أن يكون ذهب إلى أنّ في كاد ضمير الحديث، فإذا اشتغل كاد بهذا الضمير ارتفع القلوب بيزيغ؛ فذكر، وإن كان فاعله مؤنثا لتقدم الفعل.
ومن قرأ بالتاء تزيغ جاز أن يكون ذهب إلى أنّ القلوب مرتفعة بكاد، فلا يكون تزيغ فعلا مقدما كما كان عند الآخرين كذلك، فإذا لم يكن مقدّما قبح التذكير لتقدّم ذكر الفاعل كما قبح:
[الحجة للقراء السبعة: 4/237]
ولا أرض أبقل إبقالها ولم يقبح: أبقل أرض، ويجوز أن يكون الفعل المسند إلى القصة والحديث يؤنث، إذا كان في الجملة التي يفسرها مؤنث، كقوله [جلّ وعز]: فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا [الأنبياء/ 97] وقوله: فإنها لا تعمى الأبصار [الحج/ 46] ألا ترى أن هي من قوله: فإذا هي شاخصة ضمير القصة، كما أن قوله [سبحانه]: هو الله في قوله:
هو الله أحد [الإخلاص/ 6] مذكر وجاز تأنيث هي* التي هي ضمير القصة لذكر الأبصار المؤنثة في الجملة التي هي التفسير، وكذلك أنّثت في قوله: فإنها لا تعمى الأبصار وكذلك يؤنّث الضمير الذي في كاد لذكر المؤنث في الجملة المفسّرة فتقول: كادت وتدغم التاء التي هي علامة التأنيث في: تاء تزيغ وتزيغ على هذا للقلوب، وهي مرتفعة به.
ويجوز إلحاق التاء في كاد من وجه آخر، وهو أن ترفع
[الحجة للقراء السبعة: 4/238]
قلوب فريق بكاد، فيلحقه علامة التأنيث من حيث كان مسندا إلى مؤنث كقوله سبحانه: قالت الأعراب [الحجرات/ 14] وتكون على هذا في تزيغ ضمير القلوب لأن النية بتزيغ التأخير). [الحجة للقراء السبعة: 4/239]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({الّذين اتّبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم}
قرأ حمزة وحفص {من بعد ما كاد يزيغ} بالياء وقرأ الباقون بالتّاء
اعلم أن فعل جماعة يتقدّم لمذكر أو مؤنث إن شئت أنثت فعله إذا قدمته وإن شئت ذكرته كما قال جلّ وعز {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها} و{لا يحل لك النّساء} فإذا أنثت أردت جماعة وإذا ذكرت أردت جمعا ومن قرأ {يزيغ} بالياء جعل في كاد اسما وترتفع القلوب ب {يزيغ} والتّقدير كاد الأمر يزيغ قلوب فريق منهم وإنّما قدرنا هذا التّقدير لأن كاد فعل ويزيغ فعل والفعل لا يلي الفعل وعلى هذه القراءة لا يجوز أن يرتفع القلوب ب كاد ومن قرأ بالتّاء ارتفعت القلوب ب كاد
[حجة القراءات: 325]
فلا يجوز حينئذٍ إلّا تزيغ بالتّاء لأن فيه إضمارا للقلوب ومعناه التّأخير والتّقدير من بعدما كاد قلوب فريق منهم تزيغ ومن رفع القلوب ب تزيغ أضمر في كاد الأمر كما ذكرنا في قراءة حمزة وحجّة التّاء قوله {وتطمئن قلوبنا} ولم يقرأ أحد بالياء في هذا الموضع
مسألة فإن قيل لم أنث تزيغ ولم تؤنث كاد وهما فعلان
الجواب قال الفراء {كاد} فعل و(تزيغ) فعل فلك أن تذكرهما جميعًا ولك أن تؤنثهما جميعًا فلمّا كان لك الوجهان ذكرت الأول لأن بعده فعلا آخر ملتزما بالقلوب فذكرت الأول لأنّه تباعد من القلوب وأنثت الّذي بجنب القلوب
وقال آخرون {كاد} ليس بفعل متصرف ولا يكادون يقولون منه فاعلا ولا مفعولا به فذكرته وأنثت (تزيغ) لأنّه فعل مستقبل متصرف). [حجة القراءات: 326]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (30- قوله: {كاد يزيغ} قرأه حفص وحمزة بالياء، على تذكير الجمع، كما قال: {وقال نسوة} «يوسف 30» وفي «كاد» إضمار الحديث، فارتفعت «القلوب» بـ «يزيغ»، ولأجل هذا الإضمار جاز أن يلي «يزيغ» كاد، كأن ذلك المضمر حالًا بينهما، وصارت {يزيغ قلوب} خبر «كاد» ويجوز أن ترتفع «القلوب» بـ «كاد»، ويقدر في «يزيغ» التأخير، والتقدير: من بعد ما كادت قلوب فريق منهم تزيغ، وهذا التقدير في قراءة من قرأ بالتاء يحسن، وهم الباقون من القراء غير حمزة وحفص، لتأخير الفعل به بعد المؤنث، وجاز تقديم «تزيغ» إلى «كاد» كما جاز تقديم خبر كان في قولك: كان قائمًا زيد، لكن التقديم مع الفعل فيه قبح، لو قلت: كان يقوم زيد على أن تجعل «يقوم» خبر كان، و«زيد» اسمها قبح، لأن الفعل يقوي فيعمل في الاسم بعده، فإنما يحسن هذا على أن تضمر في «كان» الحديث أو الخبر، وتكون الجملة من الفعل والفاعل خبر كان، وقد اختلف في نحو هذا في قوله تعالى: {وأنه كان يقول سفيهنا} «الجن 4» فقيل: إن في كان اسمها، أي: كان الحديث أو الأمر أو الخبر يقول سفيهنا، فالجملة من الفعل والفاعل على الخبر، وقيل: بل «سفيهنا» اسم كان، و«يقول» خبر مقدم على الاسم، وفيه بعد.
وحجة من قرأ بالتاء أنه أنَّث لتأنيث الجماعة كما قال: {قالت الأعراب} «الحجرات 14» والكلام على «كاد وتزيغ» مثلما تقدم، وهو الاختيار،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/510]
لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/511]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (33- {مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ تَزِيغُ} [آية/ 117] بالتاء:
قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر والكسائي ويعقوب (وعاصم- ياش-).
والوجه أن في {كَادَ} ضمير الشأن أو الحديث، فالفعل مشغول بضميره، و{تَزِيغُ} فعل القلوب، وهي مؤنثة لكونها جماعة، فلهذا ذكر الفعل الأول وهو {كَادَ وأنث الفعل الثاني وهو {تَزِيغُ}.
ويجوز أن تكون القلوب فاعل {كَادَ ولم يؤنث {كَادَ} لتقدم الفعل، و{تَزِيغُ} فعل القلوب أيضًا، لكنه مؤخر عنها في التقدير؛ لأن التقدير كاد قلوب فريق منهم تزيغ، فلتأخر الفعل أنث الضمير في {تَزِيغُ}.
وقرأ حمزة و- ص- عن عاصم {كَادَ يَزِيغُ} بالياء.
والوجه أن في {كَادَ} ضمير الشأن، و{يَزِيغُ} فعل القلوب وهي مؤنثة، لكن الفعل مقدم، فجاز تذكيره لتقدمه، سيما والتأنيث غير حقيقي). [الموضح: 610]

قوله تعالى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الناس: {الَّذِينَ خُلِّفُوا}، وقرأ: [خَلَفُوا] -بفتح الخاء واللام خفيفة- عكرمة وزر بن حُبيش وعمرو بن عبيد، ورُويت عن أبي عمرو، قرأ: [خالَفُوا]
[المحتسب: 1/305]
أبو جعفر محمد بن علي وعلي بن الحسين وجعفر بن محمد وأبو عبد الرحمن السلمي.
قال أبو الفتح: من قرأ: [خَلَفُوا] فتأويله: أقاموا ولم يبرحوا، ومَن قرأ: [خالَفُوا] فمعناه عائد إلى ذلك؛ وذلك أنهم إذا خالفوهم فأقاموا فقد خلفوا هناك). [المحتسب: 1/306]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس