عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:44 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {إنّ الّذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدّنيا واطمأنّوا بها والّذين هم عن آياتنا غافلون (7) أولئك مأواهم النّار بما كانوا يكسبون (8) }
يقول اللّه تعالى مخبرًا عن حال الأشقياء الّذين كفروا بلقاء اللّه يوم القيامة ولا يرجون في لقاء اللّه شيئًا، ورضوا بهذه الحياة الدّنيا واطمأنّت إليها أنفسهم.
قال الحسن: واللّه ما زيّنوها ولا رفعوها، حتّى رضوا بها وهم غافلون عن آيات اللّه الكونيّة فلا يتفكّرون فيها، والشّرعيّة فلا يأتمرون بها،
بأنّ مأواهم يوم معادهم النّار، جزاءً على ما كانوا يكسبون في دنياهم من الآثام والخطايا والإجرام، مع ما هم فيه من الكفر باللّه ورسوله واليوم الآخر). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 249]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات يهديهم ربّهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنّات النّعيم (9) دعواهم فيها سبحانك اللّهمّ وتحيّتهم فيها سلامٌ وآخر دعواهم أن الحمد للّه ربّ العالمين (10) }
وهذا إخبارٌ عن حال السّعداء الّذين آمنوا باللّه وصدّقوا المرسلين، وامتثلوا ما أمروا، به فعملوا الصّالحات، بأنّه سيهديهم بإيمانهم.
يحتمل أن تكون "الباء" هاهنا سببيّةً فتقديره: بسبب إيمانهم في الدنيا يهديهم الله يوم القيامةعلى الصّراط، حتّى يجوزوه ويخلصوا إلى الجنّة. ويحتمل أن تكون للاستعانة، كما قال مجاهدٌ في قوله: {يهديهم ربّهم بإيمانهم} قال: [يكون لهم نورًا يمشون به].
وقال ابن جريج في [قوله: {يهديهم ربّهم بإيمانهم} قال]: يمثل له عمله في صورةٍ حسنةٍ وريحٍ طيّبةٍ إذا قام من قبره، يعارض صاحبه ويبشّره بكلّ خيرٍ، فيقول له: من أنت؟ فيقول: أنا عملك. فيجعل له نورًا. من بين يديه حتّى يدخله الجنّة، فذلك قوله تعالى: {يهديهم ربّهم بإيمانهم} والكافر يمثل له عمله في صورةٍ سيّئةٍ وريحٍ منتنةٍ فيلازم صاحبه ويلازّه حتّى يقذفه في النّار.
وروي نحوه عن قتادة مرسلًا فاللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 249-250]

تفسير قوله تعالى: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {دعواهم فيها سبحانك اللّهمّ وتحيّتهم فيها سلامٌ وآخر دعواهم أن الحمد للّه ربّ العالمين} أي: هذا حال أهل الجنّة.
قال ابن جريجٍ: أخبرت أنّ قوله: {دعواهم فيها سبحانك اللّهمّ} [قال: إذا مرّ بهم الطّير يشتهونه، قالوا: سبحانك اللّهمّ] وذلك دعواهم فيأتيهم الملك بما يشتهونه، فيسلّم عليهم، فيردّون عليه. فذلك قوله: {وتحيّتهم فيها سلامٌ} قال: فإذا أكلوا حمدوا اللّه ربّهم، فذلك قوله: {وآخر دعواهم أن الحمد للّه ربّ العالمين}
وقال مقاتل بن حيّان: إذا أراد أهل الجنّة أن يدعوا بالطّعام قال أحدهم: {سبحانك اللّهمّ} قال: فيقوم على أحدهم عشرة آلاف خادمٍ، مع كلّ خادمٍ صحفةٌ من ذهبٍ، فيها طعامٌ ليس في الأخرى، قال: فيأكل منهنّ كلّهنّ.
وقال سفيان الثّوريّ: إذا أراد أحدهم أن يدعو بشيءٍ قال: {سبحانك اللّهمّ}
وهذه الآية فيها شبهٌ من قوله: {تحيّتهم يوم يلقونه سلامٌ وأعدّ لهم أجرًا كريمًا} [الأحزاب: 44]، وقوله: {لا يسمعون فيها لغوًا ولا تأثيمًا إلا قيلا سلامًا سلامًا} [الواقعة: 25، 26]. وقوله: {سلامٌ قولا من ربٍّ رحيمٍ} [يس: 58]. وقوله: {والملائكة يدخلون عليهم من كلّ بابٍ سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار} [الرّعد: 23، 24].
وقوله: {وآخر دعواهم أن الحمد للّه ربّ العالمين} هذا فيه دلالةٌ على أنّ اللّه تعالى هو المحمود أبدًا، المعبود على طول المدى؛ ولهذا حمد نفسه عند ابتداء خلقه واستمراره، وفي ابتداء كتابه، وعند ابتداء تنزيله، حيث يقول تعالى: {الحمد للّه الّذي أنزل على عبده الكتاب} [الكهف: 1]، {الحمد للّه الّذي خلق السّماوات والأرض} [الأنعام: 1] إلى غير ذلك من الأحوال الّتي يطول بسطها، وأنه المحمود في الأوّل و [في] الآخر، في الحياة الدّنيا وفي الآخرة، في جميع الأحوال؛ ولهذا جاء في الحديث: "إنّ أهل الجنّة يلهمون التّسبيح والتّحميد كما يلهمون النّفس" وإنّما يكون ذلك كذلك لما يرون من تضاعف نعم اللّه عليهم، فتكرّر وتعاد وتزاد، فليس لها انقضاءٌ ولا أمدٌ، فلا إله إلّا هو ولا ربّ سواه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 250-251]


رد مع اقتباس