عرض مشاركة واحدة
  #32  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 08:43 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام

[ من الآية (114) إلى الآية (117) ]
{أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117)}

قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ ابن عامر وحفص عن عاصم: إنه منزل من ربك [الأنعام/ 114] مشدّدة الزاي، وخفّفها الباقون، وأبو بكر عن عاصم أيضا.
حجّة التشديد: تنزيل الكتاب من الله [الجاثية/ 2]، وحجة التخفيف: وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم [النحل/ 64] و: لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه [النساء/ 166] ). [الحجة للقراء السبعة: 3/387]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يعلمون أنه منزل من ربك بالحقّ}
قرأ ابن عامر وحفص {أنه منزل من ربك} بالتّشديد من نزل ينزل جمعا بين اللغتين لأنّه قد تقدم قوله {وهو الّذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا} ولم يقل وهو الّذي نزل). [حجة القراءات: 268]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (61- قوله: {منزل} قرأ ابن عامر وحفص بالتشديد، جعلاه من «نزّل»، وهما لغتان بمعنى واحد، يقال: نزّل وأنزل، لكن التشديد معنى التكرير، وقرأ الباقون بالتخفيف، جعلوه من «أنزل»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/448]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (43- {أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ} [آية/ 114] بتشديد الزاي:-
قرأها ابن عامر وعاصم -ص-، وقرأ الباقون {مُنَزَلٌ} بالتخفيف.
وقد سبق الكلام في مثلهما، وأن نزل وأنزل واحد، نحو فرحته وأفرحته ونجيته وأنجيته، وقد فرق بعض الناس بين أنزل ونزل بأن التنزيل لما ينزل شيئا بعد شيء، والإنزال لما يكون جملة أو تفصيلاً، ولم يرضه الحذاق من أهل العربية.
وحجة القراءة الأولى {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ} و{نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} ونحوهما.
وحجة الأخرى {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ} و{لَكِنِ الله يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} ونحوهما). [الموضح: 495]

قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وتمّت كلمت ربّك... (115).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو - هنا (كلمات ربّك) جماعة، وفي يونس (كلمت ربّك) في موضعين، وفي المؤمن: (حقّت كلمت ربّك)
[معاني القراءات وعللها: 1/380]
وقرأ نافع وابن عامر هذه الأربعة المواضع على الجمع، وقرأهن الباقون على التوحيد، لم يختلفوا في غير هذه الأربعة.
قال أبو منصور: الكلمة تنوب عن الكلمات:، تقول العرب: قال فلان في كلمته أي: في قصيدته، والقرآن كله كلمة الله، وكلم الله، وكلام الله، وكلمات الله، وكله صحيح من كلام العرب). [معاني القراءات وعللها: 1/381]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (40- وقوله تعالى: {وتمت كلمت ربك} [115].
قرأ أهل الكوفة {كلمت} على التوحيد.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/167]
وقرأ الباقون {كلمت} بالجمع.
فمن قرأ بالجمع لم يقف إلا على التاء، ومن قرأ بالتوحيد جاز أن يقف بالتاء والهاء). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/168]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التوحيد والجمع في قوله: وتمت كلمات ربك [الأنعام/ 115]، في أربعة مواضع:
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وتمت كلمات ربك جماعا، وفي يونس حقت عليهم كلمت ربك في الموضعين [33 - 96]، وفي حم* المؤمن [6] كلمة ربك*. على واحدة.
[الحجة للقراء السبعة: 3/387]
وقرأ نافع وابن عامر هذه المواضع الأربعة كلّها كلمات* جماعة.
وقرأهنّ عاصم وحمزة والكسائيّ بالتوحيد كلمة*، ولم يختلفوا في غير هذه المواضع الأربعة.
الكلمة والكلمات- والله أعلم- ما جاء من وعد، ووعيد، وثواب، وعقاب، فلا تبديل فيه ولا تغيير له، كما قال: ما يبدل القول لدي [ق/ 29]، وقال: لا مبدل لكلماته [الكهف/ 27]. فكأنّ التقدير، وتمّت ذوات الكلمات، ولا يجوز أن يعنى بالكلمات الشرائع هنا، كما عني بقوله: وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن [البقرة/ 124]، وقوله: وصدقت بكلمات ربها [التحريم/ 12]، لأنه قد قال: لا مبدل لكلماته، والشرائع يجوز فيها النسخ والتبديل.
وصدقا، وعدلا مصدران ينتصبان على الحال من الكلمة، تقدير ذلك: صادقة وعادلة، وقد قدّمنا شيئا من القول فيما تقدم من هذا الكتاب.
ووجه قراءة ابن كثير وأبي عمرو: وتمت كلمات ربك جماعا، وفي سورة يونس حقت عليهم كلمت ربك في الموضعين، وفي حم* المؤمن: حقت كلمة ربك على
[الحجة للقراء السبعة: 3/388]
واحد. وقرأ نافع وابن عامر هذه المواضع كلّها: كلمات* جماعة. وجه جميع ذلك: أنّه لما كان جمعا كان في المعنى جمعا.
ووجه الإفراد أنهم قد قالوا: الكلمة، يعنون الكثرة كقولهم: قال زهير في كلمته، يعني: قصيدته، وقال قسّ في كلمته، يعني: خطبته، فقد وقع المفرد على الكثرة، فلما كان كذلك أغنى عن الجمع، وممّا جاء على ذلك قوله: وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا [الأعراف/ 137]، فإنما هو، والله أعلم، قوله: ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض... إلى آخر الآية [القصص/ 5]. فسمي هذا القصص كلّه كلمة.
وقال مجاهد [في قوله]: وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها [الفتح/ 26]، قال: لا إله إلّا الله. فإذا وقعت الكلمة على الكثرة، جاز أن يستغنى بها عن لفظ الجميع، وجاز أن يجمع على المعنى من حيث كان في المعنى جمعا.
وأما قراءة عاصم وحمزة والكسائي بالتوحيد، فهو على ما ذكرنا من أنّ الكلمة قد جاءت يراد بها الكثرة والجمع،
[الحجة للقراء السبعة: 3/389]
ويؤكد ذلك أمر آخر وهو أن المضاف قد يقع على الكثرة في نحو قوله: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها [إبراهيم/ 34] ). [الحجة للقراء السبعة: 3/390]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته}
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {وتمت كلمة ربك} على التّوحيد وحجتهم إجماع الجميع على التّوحيد في قوله {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل} {وتمت كلمة ربك لأملأن جهنّم} فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه
وقرأ الباقون (كلمات ربكم) على الجمع وحجتهم في ذلك أنّها مكتوبة بالتّاء فدلّ ذلك على الجمع وعلى أن الألف الّتي قبل التّاء اختصرت في المحصف وأخرى أن الكلمات جاءت بعدها بلفظ الجمع فقال {لا مبدل لكلماته} وفيها إجماع فكان الجمع في الأول أشبه بالصّواب للتوفيق بينهما إذ كانا بمعنى واحد). [حجة القراءات: 268]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (59- قوله: {وتمت كلمة ربك} قرأه الكوفيون بالتوحيد، وجمع الباقون، وقرأ نافع وابن عامر «كلمات» بالجمع في موضعين في يونس الأول «33» والآخر في موضع في غافر «6» وقرأهن الباقون بالتوحيد.
وحجة من جمع أن معنى «الكلمات» في هذا هو ما جاء من عند الله من وعد ووعيد وثواب وعقاب، وأخبار عما كان، وعما يكون، وذلك كثير، فجمع «الكلمات» لكثرة ذلك، وقد أجمعوا على الجمع في قوله: {لا تبديل لكلمات الله} «يونس 64»، {ولا مبدل لكلمات الله} «الأنعام 34» ولا يحسن أن يراد بالكلمات، في هذه المواضع، الشرائع كما قال: {وإذا ابتلى إبراهيم ربه
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/447]
بكلماتٍ} «البقرة 124» وقال: {وصدقت بكلمات ربها} «التحريم 12» لأن الشرائع قد تنسخ، ولا يحسن أن تُخبر عنها أنها لا تبدل، وإنما تتم ولا تتغير، فإنما المراد بالكلمات، في هذه المواضع، الأشياء التي لا يدخلها نسخ.
60- وحجة من قرأ بالتوحيد أن الواحد في مثل هذا يدل على الجمع، أجمعوا على التوحيد في قوله: {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل} «الأعراف 137» وقال تعالى: {وألزمهم كلمة التقوى} «الفتح 26» وهي كلمة: لا إله إلا الله، في قول أكثر المفسرين، فلما كان لفظ الواحد يدل على الجمع، وكان أخف، قرئ بالتوحيد، إذ هي على معنى قراءة من قرأ بالجمع، وهو أخف، والاختيار الجمع؛ لأنه الأصل، وبه يرتفع الإشكال وعليه أكثر القراء في الأنعام). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/448]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (44- {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} [آية/ 115] بغير ألف:-
قرأها الكوفيون ويعقوب، وكذلك في يونس في الموضعين {كَلِمَةُ رَبِّكَ} وفي المؤمن {كَلِمَةُ} الكل على التوحيد.
والوجه أن الكلمة قد جاءت في كلامهم، ويراد بها الكثرة، فإنهم يذكرون
[الموضح: 495]
الكلمة ويريدون بها القصيدة والخطبة، يقال قال زهير في كلمته، وقال قس في كلمته، فمحصول ذلك أنه يراد بالكلمة ما يراد بالكلمات.
وقرأ نافع وابن عامر {كَلِمات} جمعًا في الأربعة الأحرف.
والوجه أن المراد ما جاء في كلامه تعالى في وعد ووعيد وثواب وعقاب فهي ضروب، فلهذا جمعت، فأراد أن لا تبديل فيها ولا تغيير.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو في الأنعام {كَلِمَات} جمعًا، والباقي على التوحيد.
ولم يختلفوا في غير هذه الأربعة.
أراد أن يأخذا باللفظين لما كانا في معنى واحد). [الموضح: 496]

قوله تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116)}

قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّ ربّك هو أعلم من يضلّ عن سبيله... (117)
روى نصير عن الكسائي (من يضلّ عن سبيله) بضم الياء وفتح الضاد، وقرأ الباقون، (من يضلّ) بفتح الياء وكسر الضاد.
قال أبو منصور: من قرأ (من يضلّ عن سبيله) فموضع (من) رفع بالابتداء، ولفظها لفظ الاستفهام، المعنى: إن ربك هو أعلم أي الناس يضل عن سبيله.
وهو مثل قوله: (لنعلم أيّ الحزبين أحصى).
ومن قرأ (من يضلّ عن سبيله) فهو بهذا المعنى أيضًا، إلا أن الفعل خرج مخرج ما لم يسم فاعله، يقال: ضل فلان يضل ضلالاً، وأضله الله، أي: لم يهده). [معاني القراءات وعللها: 1/381]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يُضِلُّ عَنْ سَبِيلِه] بضم الياء.
قال أبو الفتح: لا يجوز أن تكون [مَنْ] في موضع جر بإضافة "أعلم" إليها، لا فيمن ضم ياء يُضل، ولا فيمن فتحها؛ من حيث كانت "أعلم" أفعل، وأفعل هذه متى أضيفت إلى شيء فهو بعضه، كقولنا: زيد أفضل عشيرته؛ لأنه واحد منهم، ولا نقول: زيد أفضل إخوته؛ لأنه ليس منهم، لا نقول أيضًا: النبي -صلى الله عليه وسلم- أفضل بني تميم على هذا؛ لأنه ليس منهم؛ لكن تقول: محمد -صلى الله عليه وسلم- أفضل بني هاشم؛ لأنه منهم، والله يتعالى علوًّا عظيمًا أن يكون بعضَ المضلين أو بعض الضالين.
فأما قوله تعالى: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} فليس من هذا؛ إنما تأويل ذلك -والله أعلم- وجده ضالًّا، كقوله: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى}، وذلك مشروح في موضعه، فقوله أيضًا: [أَعْلَمُ مَنْ يُضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ] أي: يُجيرُه عن الحق ويصد عنه.
[المحتسب: 1/228]
كما أن قراءة مَن قرأ: [أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ]: مَنْ يجور عنه، ألا ترى إلى قوله قبل ذلك: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} فلا محالة أنه -سبحانه- أراد بمن يضل عن سبيله، فحذف الباء وأوصل "أعلم" هذه بنفسها، أو أضمر فعلًا واصلًا تدل هذه الظاهرة عليه، حتى كأنه قال: يعلم، أو علم مَن يُضِلُّ عن سبيله. يؤكد ذلك ظهور الباء بعده معه في قوله: {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}، وقوله بعده: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ} .
وقد يجوز أن تكون [مَنْ] هذه مرفوعة بالابتداء، و[يُضل] بعدها خبر عنها، و"أعلم" هذه معلقة عن الجملة، حتى كأنه قال: إن ربك هو أعلم أيُّهم يُضِلُّ عن سبيله، كقوله تعالى: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا}.
فأما الجر فمدفوع من حيث ذكرنا، وإذا كان ذلك كذلك علمت أن "مَن" في قول الطائي:
غدوتُ بهم أَمَدَّ ذَوِيَّ ظِلًّا ... وأكثَرَ مَنْ ورَائِي ماءَ وادِي
لا يجوز أن تكون "مَنْ" في موضع جر بإضافة أكثر إليه؛ إذ ليس واحدًا ممن وراءه، فهو إذن منصوب الموضع لا محالة بأكثر أو بما دل عليه أكثر؛ أي كَثَرتُهم: كنتُ أكثرَهم ماء واد.
ولا يجوز فيه الرفع الذي جاز مع العلم؛ لأن كثرت ليس من الأفعال التي يجوز تعليقها؛ إنما تلك ما كان من الأفعال داخلًا على المبتدأ وخبره، وأظنني قد ذكرت نحو هذا في صدر هذا الكتاب). [المحتسب: 1/229]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس