عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 03:54 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الإسراء

[ من الآية (4) إلى الآية (8) ]
{ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8) }

قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس ونصر بن عاصم وجابر بن يزيد: [لَتُفْسَدُنَّ]، بضم التاء، وفتح السين. وقرأ: [لَتَفْسُدُنَّ]، بفتح التاء، وضم السين والدال -الفعل لهم- عيسى الثقفي.
قال أبو الفتح: إحدى هاتين القراءتين شاهدة للأخرى؛ لأنهم إذا أفسدوا فقد فسدوا). [المحتسب: 2/14]

قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه: [عَبيدًا لنا].
قال أبو الفتح: أكثر اللغة أن تستعمل العبيد للناس والعباد لله. قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}، وقال تعالى: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُون}، وهو كثير. وقال: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} . ومن أبيات الكتاب:
أتُوعِدُني بقومك يابن حَجْل ... أشاباتٍ يُخَالُون العبادا؟
بما جمَّعْتَ من حضَنٍ وعمرو ... وما حضَنٌ وعمرو والحِيادا؟
[المحتسب: 2/14]
أي يُخالون عبيدا، أي مماليك. ويقال: العبادُ قوم من قبائل شتى من العرب، اجتمعوا على النصرانية، فأنفوا أن يسموا العبيد؛ فقالوا: نحن العباد). [المحتسب: 2/15]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي السمال: [فَحَاسُوا]، بالحاء.
قال أبو الفتح: قال أبو زيد، أو غيره: قلت له إنما هو {فَجَاسُوا}، فقال: فَحَاسُوا وجَاسُوا واحد، وهذا يدل على أن بعض القراءة يتخير بلا رواية، ولذلك نظائر). [المحتسب: 2/15]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رويناه عن أبي زيد أن أبا سرار الغنوي كان يقرأ: [فَحاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ]، والحاء غير معجمة. فقيل له: إنما هو {جاسوا}، فقال: حاسوا، وجاسوا واحد.
ومن ذلك حكاية ذي الرمة في قوله:
وظاهر لها من يابس الشخت
فقيل له: أنشدتنا بائس السخت فقال: بائس، ويابس واحد.
[المحتسب: 2/336]
وأخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن عن أبي العباس أحمد بن يحيى قال: قال بعض أصحاب ابن الأعرابي له في قوة الشاعر:
وموضع زبن لا أريد مبيته ... كأني به من شدة الروع آنس
أنشدتناه وموضع ضيق، فقال له أبن الأعرابي: سبحان الله! تصحبنا منذ كذا وكذا سنة ولا تدري أن [زَبْن] و[ضيق] واحد؟). [المحتسب: 2/337] (م)

قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)}

قوله تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ليسوءوا وجوهكم)
قرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم وحمزة (ليسوء) بالياء وفتح الهمزة على واحدٍ، وقرأ الكسائي (لنسوء) بالنون وفتح الهمزة، وقرأ الباقون (ليسوءوا وجوهكم) بالياء وضم الهمزة ممدودةً على جميع.
قال أبو منصور: من قرأ (ليسوء وجوهكم) فالمعنى: فإذا جاء وعد المرة الآخرة ليسوء الوعد وجوهكم.
ومن قرأ (ليسوءوا وجوهكم) بالجمع فالمعنى: ليسوءوا الرجال وأولو البأس الشديد وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أوّل مرةٍ.
ومن قرأ (لنسوء وجوهكم) فهو من فعل الله، أي: لنسوء نحن وجوهكم
[معاني القراءات وعللها: 2/87]
مجازاة لسوء فعلكم.
وكل ذلك جائز، والاختيار عندي (ليسوءوا) بالجمع؛ لأنه عطف عليه (وليدخلوا المسجد)، والله أعلم.
حدثنا الحسين بن إدريس عن عثمان بن أبي شيبة عن سعيد بن صلة عن الحسن بن عمرو عن الحكم عن مجاهد في قوله جلّ وعزّ: (وكلّ إنسانٍ ألزمناه طائره في عنقه).
قال: صحيفة في عنقه مكتوب فيها شقي وسعيد.
حدثنا الحسين قال حدثنا عثمان قال حدثنا وكيع عن أبي جعفر الرازيّ عن الربيع بن أنس عن أبي عالية في قوله جلّ وعزّ (وإذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها). أكثرنا مستكبريها). [معاني القراءات وعللها: 2/88]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {ليسئوا وجوهكم} [7].
قرأ أبو عمرو وابن كثير ونافع وحفص عن عاصم: {ليسئوءوا وجوهكم} همزة بين واوين على الجمع كقوله {وليدخلوا} {وليتبروا}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/363]
وقرأ الكسائي بالنون وفتح الواو، كما تقول: لتدعو فعلامة النصب فتحة الواو، وعلامة النصب في القراءة الأولى حذف النون.
وقرأ الباقون {ليسوء وجوهكم} بالياء وفتح الواو على معنى: ليسوء العذاب وجوهكم. وإنما مد {ليسئوا} تمكينًا للهمزة، لأن كل واو سكنت وانضم ما قبلها وأتت بعدها همزة فلابد من مد في كلمة أو كلمتين فما كان من كلمتين فنحو: {قالوا ءامنا} وما كنا من كلمة فنحو: تبوء بإثمه، وينوء بحمله، ويسوء زيدًا، وكذلك الياء، والألف كالواو. وقد بينت ذلك فيما مضى أيضًا.
فحدثني ابن مجاهد رضي الله عنه عن السمري عن الفراء قال: في قراءة أُبَيٍّ: {ليسوءن وجوهكم} بنون خفيفة، وهي نون التأكيد مثل: {لنسفعا بالناصية} و{ليكونا من الصاغرين} وليس في القرآن نون خفيفة وهي نون التأكيد غير هذه الثلاثة. فمن بي قراءته على قراءة أبي يضمر في اللام {كي} وليدخلوا و[تكون] اللام في قراءة أُبَيًّ {ليسؤن} لام التأكيد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/364]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: ليسوءوا وجوهكم [7].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: ليسوءوا بالياء جماع، همزة بين واوين.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وابن عامر وحمزة: (ليسوء) على واحد بالياء.
وقرأ الكسائي: (لنسوء) بالنون.
قال أبو علي: قوله: لتفسدن في الأرض مرتين [الإسراء/ 4] المعنى: فإذا جاء وعد الآخرة، أي: المرّة الآخرة من قوله: لتفسدن
[الحجة للقراء السبعة: 5/85]
في الأرض مرتين بعثناهم ليسوءوا وجوهكم، فحذف بعثناهم، لأن ذكره قد تقدم، ولأنه جواب إذا وشرطها تقتضيه، فحذف للدّلالة عليه.
فأما ليسوءوا فقال أبو زيد: سؤته مساءة، ومسائية، وسواية.
وقال: وجوهكم على أنّ الوجوه مفعول به لسؤت، وعدي إلى الوجوه لأن الوجوه قد يراد بها ذوو الوجوه، كقوله: كل شيء هالك إلا وجهه [القصص/ 88] وقال: وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة [عبس/ 38، 39] وقال: وجوه يومئذ ناضرة [القيامة/ 22] ووجوه يومئذ باسرة [القيامة/ 24]. وقال النابغة:
أقارع عوف لا أحاول غيرها... وجوه قرود تبتغي من تجادع
وكأنّ الوجوه إنما خصّت بذلك لأنها تدلّ على ما كان في ذوي الوجوه من الناس من حزن، ومسرّة، وبشارة، وكآبة.
فأما ليسوءوا فالحجة له أنه أشبه بما قبله وما بعده، ألا ترى أن الذي يراد قبله: بعثناهم، وبعده: ليدخلوا المسجد، وهو بيت المقدس، والمبعوثون في الحقيقة هم الذين يسوءونهم بقتلهم إياهم وأسرهم لهم، فهو وفق المعنى.
فأما وجه قول من قرأ: (ليسوء وجوهكم): بالياء، ففاعل ليسوء يجوز أن يكون أحد شيئين:
أحدهما: أن يكون اسم الله عز وجل لأن الذي تقدّم: بعثنا، ورددنا لكم وأمددناكم بأموال.
[الحجة للقراء السبعة: 5/86]
والآخر: أن يكون البعث دل عليه: بعثنا المتقدم كقوله: لا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم [آل عمران/ 180]، أي: البخل.
ومن قرأ (لنسوء) بالنون كان في المعنى كقول من قدر أن الفاعل ما تقدم من اسم الله، وجاز أن تنسب المساءة إلى الله سبحانه وتعالى، وإن كانت من الذين جاسوا خلال
الديار في الحقيقة لأنهم فعلوا المساءة بقوة الله عز وجل وتمكينه لهم، فجاز أن ينسب إليه كما: وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى [الأنفال/ 17] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/87]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أُبيّ بن كعب: [لِنَسُوءًا]، بالتنوين.
قال أبو الفتح: لم يذكر أبو حاتم التنوين، لكنه قال: وبلغني أنها في مصحف أُبي، [لِيُسِيءً]، بالياء مضمومة بغير واو. فأما التنوين في: [لنَسُوءًا] فطريق القول عليه أن يكون أراد الفاء فحذفها، كما قال في موضع آخر، أي [فَلْنَسُوءًا وُجُوهَكُمْ] على لفظ الأمر، كما تقول: إذا سألتني فلأعطك، كأنك تأمُرُ نفسَكَ، ومعناه فلأعطينَّك. واللامان بعده للأمر أيضا، وهما: {وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ ... وَلِيُتَبِّرُوا} . ويقويّ ذلك أنه لم يأت لإذا جواب فيما بعد، فدل على أن تقديره [فَلْنَسُوءًا وُجُوهَكُمْ]، أي فَلْنَسُوءنَّ وُجُوهَكُمْ). [المحتسب: 2/15]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرّة وليتبروا ما علوا تتبيرا}
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وحفص {ليسوؤوا وجوهكم} بالياء على الجمع وحجتهم ذكرها اليزيدي فقال والألف تدل على أنّها جمع ولو كانت ليسوء على واحد أو لتسوء لم يكن فيها ألف وحجّة أخرى وهي أن ما قبله وما بعده جاء بلفظ الجمع فالّذي قبله {بعثنا عليكم عبادا} والّذي بعده {وليدخلوا المسجد} {وليتبروا} قوله {ليسوؤوا} إخبار عن قوله {بعثنا عليكم عبادا} وجواب إذا محذوف المعنى فإذا جاء وعد الآخرة بعثنا عليكم عبادا لنا ليسوؤوا وجوهكم أي ليسوء العباد وجوهكم
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائيّ (ليسوء) بالياء وفتح الهمزة فاعل (ليسوء) يجوز أن يكون أحد شيئين أحدهما أن يكون اسم الله تعالى أي ليسوء الله وجوهكم والآخر أن يكون العذاب أي ليسوء العذاب وجوهكم ويجوز أن يكون الوعد وجواب إذا محذوف المعنى فإذا جاء وعد الآخرة جاء ليسوء وجوهكم ومن وجه تأويله إلى ليسوء الله كان أيضا في الكلام محذوف غير أنه سوى
[حجة القراءات: 397]
جاء ويكون معنى الكلام فإذا جاء وعد الآخرة بعثناهم ليسوء الله وجوهكم
قرأ الكسائي (لتسوء) بالنّون وفتح الهمزة أخبر جلّ وعز عن نفسه وحجته أن الكلام أتى عقيب قوله {بعثنا عليكم} {ثمّ رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم} وبعده {وإن عدتم عدنا} وأعتدنا لهم فكان حكم ما توسط الكلامين الخارجين بلفظ الجمع أن يجري على لفظهما أولى من صرفه إلى العباد وإذا قرئ بالنّون استعمل على المعاني كلها لأن الله تعالى هو الفاعل لذلك في الحقيقة فإذا أسند الفعل في اللّفظ إليه جاز أن يسوء وجوههم بالوعد وجاز أن يسوءها بالعباد). [حجة القراءات: 398]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (2- قوله: {ليسئوا وجوهكم} قرأه أبو بكر وحمزة وابن عامر بالياء، وفتح الهمزة، على معنى: ليسوء الله وجوهكم، أو ليسوء البعث وجوهكم، لتقدم ذكر ذلك ودل {بعثنا} على «البعث» وقرأ الكسائي بالنون وفتح الهمزة على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، لأن قبله إخبارًا، فحمله عليه، وهو قوله: {بعثنا عليكم عبادًا لنا} «5»، و{رددنا}
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/42]
و{أمددناكم} و{جعلناكم} حمل {ليسؤوا} على هذه الألفاظ المتكررة بالإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، ليكون الكلام في آخره محمولًا على أوله، فذلك أليق في المشاكلة والمطابقة، وقرأ الباقون بالياء وبهمزة مضمومة، بعدها واو على الجمع، ردوه على الجمع الذي قبله، والغيبة التي دل عليها الكلام في قوله: {فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤا وجوهكم}، لأن تقديره: فإذا جاء وعد الآخرة بعثناهم ليسؤوا وجوهكم، ويقوي الجمع قوله: {وليدخلن المسجد كما دخلوه}، وقوله: {وليتبروا ما علوا}، وهو الاختيار؛ لاتفاق أهل الحرمين عليه، ولصحة معناه، ولأنه أخبر عن المفسرين في المرة الأولى، فقال: {فجاسوا خلال الديار} «5» وكذلك في المرة الثانية هم المخبر عنهم بالفساد والتتبير). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/43]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {لِنَسُوءَ} [آية/ 7] بالنون وفتح الهمزة:
قرأها الكسائي وحده.
والوجه أن الفعل لله تعالى في هذه القراءة، وهو بالنون إخبارًا عن نفسه على سبيل التعظيم، وإنما أُسندت المساءة إلى الله تعالى، وهي في المتعارف فعل الذين جاسوا خلال الديار؛ لأن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، وقال بعضهم: لما مكّن الله تعالى أعداءهم منهم صارت المساءة منه سبحانه.
وقرأ ابن عامر وحمزة وعاصم ياش- {لِيَسُوءَ} بالياء وفتح الهمزة على التوحيد.
والوجه أن الفعل يجوز أن يكون مسندًا إلى الله تعالى على المعنى الذي سبق.
ويجوز أن يكون مسندًا إلى البعث الذي يدل عليه {بَعَثْنَا}، أو الوعد
[الموضح: 749]
الذي تقدم في قوله {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ}، والتقدير: ليسوء البعث أو الوعد وجوهكم.
وقرأ ابن كثير ونافعٌ وأبو عمرو وعاصم ص- ويعقوب {لِيَسُوءُوا} بالياء وواوٍ بعد الهمزة على الجمع بوزن ليسوعوا.
والوجه أن ما قبله على الإخبار عن جماعة وهو قوله: {بَعَثْنَا عليكم عِبادًا} وكذلك أُضمر قبل هذه الكلمة هذا الفعل، والتقدير: فإذا جاء وعد الآخرة بعثناهم ليسوءوا وجوهكم). [الموضح: 750]

قوله تعالى: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس