عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 10:15 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإن تعجب فعجبٌ قولهم أئذا كنّا ترابًا أئنّا لفي خلقٍ جديدٍ أولئك الّذين كفروا بربّهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون (5)}
يقول تعالى لرسوله محمّدٍ، صلوات اللّه وسلامه عليه: {وإن تعجب} من تكذيب هؤلاء المشركين بأمر المعاد مع ما يشاهدونه من آيات اللّه سبحانه ودلالاته في خلقه على أنّه القادر على ما يشاء، ومع ما يعترفون به من أنّه ابتدأ خلق الأشياء، فكوّنها بعد أن لم تكن شيئًا مذكورًا، ثمّ هم بعد هذا يكذّبون خبره في أنّه سيعيد العالمين خلقًا جديدًا، وقد اعترفوا وشاهدوا ما هو أعجب ممّا كذّبوا به، فالعجب من قولهم: {أئذا كنّا ترابًا أئنّا لفي خلقٍ جديدٍ} وقد علم كل عالم وعاقل أن خلق السموات والأرض أكبر من خلق النّاس، وأنّ من بدأ الخلق فالإعادة سهلةٌ عليه، كما قال تعالى: {أولم يروا أنّ اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض ولم يعي بخلقهنّ بقادرٍ على أن يحيي الموتى بلى إنّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}
ثمّ نعت المكذّبين بهذا فقال: {أولئك الّذين كفروا بربّهم وأولئك الأغلال في أعناقهم} أي: يسحبون بها في النّار، {وأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون} أي: ماكثون فيها أبدًا، لا يحوّلون عنها ولا يزولون). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 432]

تفسير قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويستعجلونك بالسّيّئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإنّ ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس على ظلمهم وإنّ ربّك لشديد العقاب (6)}
يقول تعالى: {ويستعجلونك} أي: هؤلاء المكذّبون {بالسّيّئة قبل الحسنة} أي: بالعقوبة، كما أخبر عنهم في قوله: {وقالوا يا أيّها الّذي نزل عليه الذّكر إنّك لمجنونٌ * لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصّادقين * ما ننزل الملائكة إلا بالحقّ وما كانوا إذًا منظرين} [الحجر:6 -8] وقال تعالى: {ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجلٌ مسمًّى لجاءهم العذاب وليأتينّهم بغتةً وهم لا يشعرون * يستعجلونك بالعذاب وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين} [العنكبوت: 53، 54] وقال: {سأل سائلٌ بعذابٍ واقعٍ} [المعارج: 1] وقال: {يستعجل بها الّذين لا يؤمنون بها والّذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنّها الحقّ} [الشّورى: 18] {وقالوا ربّنا عجّل لنا قطّنا قبل يوم الحساب} [ص: 16] أي: حسابنا وعقابنا، كما قال مخبرًا عنهم: {وإذ قالوا اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السّماء أو ائتنا بعذابٍ أليمٍ} [الأنفال: 32] فكانوا يطلبون من الرّسول أن يأتيهم بعذاب اللّه، وذلك من شدّة تكذيبهم وكفرهم وعنادهم.
قال اللّه تعالى: {وقد خلت من قبلهم المثلات} أي: قد أوقعنا نقمتنا بالأمم الخالية وجعلناهم مثلةً وعبرةً وعظةً لمن اتّعظ بهم.
ثمّ أخبر تعالى أنّه لولا حلمه وعفوه [وغفره] لعالجهم بالعقوبة، كما قال تعالى: {ولو يؤاخذ اللّه النّاس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابّةٍ} [فاطرٍ: 45].
وقال تعالى في هذه الآية الكريمة: {وإنّ ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس على ظلمهم} أي: إنّه ذو عفوٍ وصفحٍ وسترٍ للنّاس مع أنّهم يظلمون ويخطئون باللّيل والنّهار. ثمّ قرن هذا الحكم بأنّه شديد العقاب، ليعتدل الرّجاء والخوف، كما قال تعالى: {فإن كذّبوك فقل ربّكم ذو رحمةٍ واسعةٍ ولا يردّ بأسه عن القوم المجرمين} [الأنعام: 147] وقال: {إنّ ربّك لسريع العقاب وإنّه لغفورٌ رحيمٌ} [الأعراف: 167] وقال: {نبّئ عبادي أنّي أنا الغفور الرّحيم وأنّ عذابي هو العذاب الأليم} [الحجر:49، 50] إلى أمثال ذلك من الآيات الّتي تجمع الرّجاء والخوف.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا حمّادٌ، عن عليّ بن زيدٍ، عن سعيد بن المسيّب قال: لمّا نزلت هذه الآية: {وإنّ ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس على ظلمهم وإنّ ربّك لشديد العقاب} قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لولا عفو اللّه وتجاوزه، ما هنّأ أحدًا العيش ولولا وعيده وعقابه، لاتّكل كلّ أحدٍ".
وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة الحسن بن عثمان أبي حسّان الزّياديّ: أنّه رأى ربّ العزّة في النّوم، ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم واقفٌ بين يديه يشفّع في رجلٍ من أمّته، فقال له: ألم يكفك أنّي أنزلت عليك في سورة الرّعد: {وإنّ ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس على ظلمهم}؟ قال: ثمّ انتبهت. ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 433-434]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويقول الّذين كفروا لولا أنزل عليه آيةٌ من ربّه إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ (7)}
يقول تعالى إخبارًا عن المشركين أنّهم يقولون كفرًا وعنادًا: لولا يأتينا بآيةٍ من ربه كما أرسل الأولون، كما تعتنوا عليه أن يجعل لهم الصّفا ذهبا، وأن يزيل عنهم الجبال، ويجعل مكانها مروجًا وأنهارًا، قال اللّه تعالى: {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذّب بها الأوّلون وآتينا ثمود النّاقة مبصرةً فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفًا} [الإسراء: 59].
قال اللّه تعالى: {إنّما أنت منذرٌ} أي: إنّما عليك أن تبلّغ رسالة اللّه الّتي أمرك بها، {ليس عليك هداهم ولكنّ اللّه يهدي من يشاء} [البقرة: 272].
وقوله: {ولكلّ قومٍ هادٍ} قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، أي: ولكلّ قومٍ داعٍ.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ في تفسيرهما: يقول اللّه تعالى: أنت يا محمّد منذرٌ، وأنا هادي كلّ قومٍ، وكذا قال مجاهدٌ، وسعيد بن جبيرٍ، والضّحّاك.
وعن مجاهدٍ: {ولكلّ قومٍ هادٍ} أي: نبيٌّ. كما قال: {وإن من أمّةٍ إلا خلا فيها نذيرٌ} [فاطرٍ: 24] وبه قال قتادة، وعبد الرّحمن بن زيد.
وقال أبو صالحٍ، ويحيى بن رافعٍ: {ولكلّ قومٍ هادٍ} أي: قائدٍ.
وقال أبو العالية: الهادي: القائد، والقائد: الإمام، والإمام: العمل.
وعن عكرمة، وأبي الضّحى: {ولكلّ قومٍ هادٍ} قالا هو محمّدٍ [رسول اللّه] صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال مالكٌ: {ولكلّ قومٍ هادٍ} من يدعوهم إلى اللّه، عزّ وجلّ.
وقال أبو جعفر بن جريرٍ: حدّثني أحمد بن يحيى الصّوفيّ، حدّثنا الحسن بن الحسين الأنصاريّ، حدّثنا معاذ بن مسلمٍ بيّاعٌ الهرويّ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما، قال: لمّا نزلت: {إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: وضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يده على صدره، وقال: "أنا المنذر، ولكلّ قومٍ هادٍ". وأومأ بيده إلى منكب عليٍّ، فقال: "أنت الهادي يا عليّ، بك يهتدي المهتدون من بعدي".
وهذا الحديث فيه نكارة شديدة.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن الحسين، حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا المطّلب بن زيادٍ، عن السّدّيّ، عن عبد خيرٍ، عن عليٍّ: {ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: الهادي: رجلٌ من بني هاشمٍ: قال الجنيد هو عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه.
قال ابن أبي حاتمٍ: وروي عن ابن عبّاسٍ، في إحدى الرّوايات، وعن أبي جعفرٍ محمّد بن عليٍّ، نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 434-435]

رد مع اقتباس