عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 6 صفر 1432هـ/11-01-2011م, 06:51 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

الفراشي والمنامي

قَالَ أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدانيُّ (ت: 444هـ): (أخبرنا سلمون بن داود المقرئ قال: أنا ابن عباد، قال: أنا إسماعيل ابن إسحاق، قال: أنا سلمون، قال: أنا الحارث بن عبيد، عن سعيد الجريري، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُـحْرَس حتى نزلت هذه الآية: {والله يعصمك من الناس}
فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة؛ فقال: (( يا أيها الناس انصرفوا؛ فقد عصمني الله عز وجل )) ).
[البيان:؟؟]

قالَ عبدُ الرَّحمن بنُ عُمَرَ بنِ رَسْلانَ البُلقِينيُّ (ت: 824هـ):
(النوع التاسع: الفراشي

قد تقدم في الآيات التي فيها توبة الثلاثة الذين خلفوا، كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية، أنها نزلت في بيت أم سلمة ليلا، والنبي صلى الله عليه وسلم نائم في فراشها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم – في حق عائشة -: ((ما نزل علي الوحي في فراش امرأة غيرها)).
ولعل هذا قبل هذه القصة التي نزل فيها الوحي في فراش أم سلمة رضي الله عنها.
ويلحق بهذا النوع ما نزل والنبي صلى الله عليه وسلم نائم العين، إذ هو صلى الله عليه وسلم تنام عيناه ولا ينام قلبه، ففي "صحيح مسلم" عن أنس بن مالك: (بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا في المسجد؛ إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال: ((أنزل علي آنفا سورة))، فقرأ: ((بسم الله الرحمن الرحيم {إنا أعطينك الكوثر. فصل لربك وانحر. إن شانئك هو الأبتر} [سورة الكوثر]))). [مواقع العلوم: 48]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (النوع التاسع: الفراشي
ذكر البلقيني مثالاً واحداً وهو آية الثلاثة الذين خلفوا كما تقدم أنها نزلت وقد بقي من الليل نحو الثلث وهو عند أم سلمة، وظفرت بمثال آخر، وهو: {والله يعصمك من الناس} الآية [المائدة: 67] كما تقدم، واستشكل الجمع بين ما تقدم من نزول الآية في بيت أم سلمة وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حق عائشة: ((ما نزل عليَّ الوحي في فراش امرأة غيرها)).
قال البلقيني: ولعل هذا كان قبل القصة التي نزل فيها الوحي في فراش أم سلمة.

قلت: ظفرت بما يحصل به الجواب وهو أحسن من هذا، فروى أبو يعلى بسنده عن عائشة قالت: (أعطيت تسعاً) – الحديث، وفيه: (وإن كان الوحي لينزل عليه وهو في أهله فينصرفون عنه، وإن كان لينزل عليه وأنا معه في لحافه). وبهذا علم أنه لا معارضة بين الحديثين كما لا يخفى). [التحبير في علم التفسير: 83]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (النوع العاشر: النومي
ذكره البلقيني وجعله ملحقاً بما قبله ورأينا إفراده بنوع أليق، ومثل له بما في صحيح مسلم عن أنس قال: (بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا في المسجد إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسماً فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال: ((أنزل عليَّ آنفاً سورة)) فقرأ: ((بسم الله الرحمن الرحيم {إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر * إن شانئك هو الأبتر} [سورة الكوثر]))).
وقال الإمام الرافعي في "أماليه": فهم فاهمون من الحديث أن السورة نزلت في تلك الإغفاءة وقالوا: من الوحي ما كان يأتيه في النوم؛ لأن رؤيا الأنبياء وحي قال: وهذا صحيح، لكن الأشبه أن يقال: إن القرآن كله نزل في اليقظة، وكأنه خطر له في النوم سورة الكوثر المنزلة في اليقظة أو عرض عليه الكوثر الذي وردت فيه السورة فقرأها عليهم وفسرها لهم، قال: وورد في بعض الروايات أنه أغمي عليه وقد يحمل ذلك على الحالة التي كانت تعتريه عند نزول الوحي – ويقال لها: برحاء الوحي. انتهى.
قلت: الذي قاله الرافعي في غاية الاتجاه، وهو الذي كنت أميل إليه قبل الوقوف عليه والتأويل الأخير أصح من الأول؛ لأن قوله: أنزل علي آنفاً يدفع كونها نزلت قبل ذلك، بل نقول: نزلت في تلك الحالة وليست الإغفاءة إغفاءة نوم، بل الحالة التي كانت تعتريه عند الوحي، فقد ذكر العلماء أنه كان يؤخذ عن الدنيا). [التحبير في علم التفسير: 84-85]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (النوع الخامس الفراشي والنومي
من أمثلة الفراشي قوله: {والله يعصمك من الناس} الآية [المائدة: 67] كما تقدم، وآية {الثلاثة الذين خلفوا} [التوبة: 118] ففي "الصحيح": (أنها نزلت وقد بقي من الليل ثلثه وهو عند أم سلمة).
واستشكل الجمع بين هذا وقوله صلى الله عليه وسلم في حق عائشة: ((ما نزل علي الوحي في فراش امرأة غيرها)).
قال القاضي جلال الدين: ولعل هذا كان قبل القصة التي نزل الوحي فيها في فراش أم سلمة، قلت: ظفرت بما يؤخذ منه الجواب الذي أحسن من هذا.
فروى أبو يعلى في مسنده عن عائشة قالت: (أعطيت تسعا..) الحديث) وفيه: (وإن كان الوحي لينزل عليه وهو في أهله فينصرفون عنه وإن كان لينزل عليه وأنا معه في لحافه).
وعلى هذا لا معارضة بين الحديثين كما لا يخفى.
وأما النومي: فمن أمثلته سورة الكوثر لما روى مسلم عن أنس قال: (بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال: ((أنزل علي آنفا سورة)) فقرأ: ((بسم الله الرحمن الرحيم {إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر} [الكوثر: 1-3]))).
وقال الإمام الرافعي في "أماليه": فهم فاهمون من الحديث أن السورة نزلت في تلك الإغفاءة، وقالوا: من الوحي ما كان يأتيه في النوم؛ لأن رؤيا الأنبياء وحي، قال: وهذا صحيح لكن الأشبه، أن يقال: إن القرآن كله نزل في اليقظة وكأنه خطر له في النوم سورة الكوثر المنزلة في اليقظة أو عرض عليه الكوثر الذي وردت فيه السورة فقرأها عليهم وفسرها لهم، ثم قال: وورد في بعض الروايات أنه أغمي عليه وقد يحمل ذلك على الحالة التي كانت تعتريه عند نزول الوحي ويقال لها: برحاء الوحي. انتهى.
قلت: الذي قاله الرافعي في غاية الاتجاه وهو الذي كنت أميل إليه قبل الوقوف عليه والتأويل الأخير أصح من الأول؛ لأن قوله: ((أنزل علي آنفا)) يدفع كونها نزلت قبل ذلك بل نقول: نزلت في تلك الحالة وليس الإغفاء إغفاء نوم بل الحالة التي كانت تعتريه عند الوحي فقد ذكر العلماء: أنه كان يؤخذ عن الدنيا). [الإتقان في علوم القرآن: 1/152-154]


رد مع اقتباس