عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 02:42 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ (6) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فستبصر ويبصرون...} {بأيّكم المفتون...}.المفتون ها هنا بمعنى: الجنون: هو في مذهب الفتون، كما قالوا: ليس له معقول رأى، وإن شئت جعلته بأيكم: في أيكم أي: في أي الفريقين المجنون، فهو حينئذ اسم ليس بمصدر). [معاني القرآن: 3/173]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({بأيّكم المفتون} مجازها: أيّكم المفتون كما قال الأول:
نحن بنو جعدة أصحاب الفلج = نضرب بالسيف ونرجو بالفرج). [مجاز القرآن: 2/264]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({بأيّكم المفتون}قال: {بأيّكم المفتون} يريد "أيّكم المفتون"). [معاني القرآن: 4/33]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بأيّكم المفتون}؟! أي أيّكم المفتون؟ [أي الذي فتن بالجنون]. والباء زائدة. كما قال الراجز: [تفسير غريب القرآن: 477]
نضرب بالسيف ونرجو بالفرجأي نرجو الفرج.وقال الفراء: «و[قد] يكون المفتون بمعنى: الفتنة، كما يقال: ليس له معقول - أي عقل - ولا معقود، أي رأي. وأراد: الجنون»). [تفسير غريب القرآن: 478]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والباء تزاد في الكلام، والمعنى إلقاؤها. كقوله سبحانه: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}، وقوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} أي اسم ربك، و{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} أي يشربها، {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} أي هزّي جذع، وقال: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} أي أيكم المفتون.
وقال الأعشى:
ضَمِنَتْ برزق عيالنا أرماحُنا
وقال الآخر:
نضربُ بالسَّيفِ ونرجو بالفرج
وقال امرؤ القيس:
هصرتُ بغُصْن ذِي شماريخَ ميَّال
أي: غصنا.
وقال أمية بن أبي الصّلت:
إذ يَسُفُّون بالدقيق وكانوا = قبلُ لا يأكلون شيئاً فَطِيرا
وقال: {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}، وقوله: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} ). [تأويل مشكل القرآن: 248-250](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(قوله: {فستبصر ويبصرون (5) بأيّكم المفتون (6)} معنى المفتون: الذي قد فتن بالجنون.قال أبو عبيدة، معنى الباء الطرح، المعنى: أيكم المفتون.
قال: ومثله قول الشاعر:
نضرب بالسيف ونرجو بالفرج
قال معناه: نرجو الفرج. وليس كذلك. المعنى: نرجو كشف ما فيه نحن بالفرج، أو نرجو النصر بالفرج.
والباء في (بأيّكم المفتون) لا يجوز أن تكون لغوا. وليس هذا جائزا في العربية في قول أحد من أهلها.
وفيه قولان للنحويين:
- قالوا: المفتون ههنا بمعنى الفتون، المصادر تجيء على المفعول. تقول العرب: ليس لهذا معقول. أي عقل. وليس له معقود رأي، بمعنى عقد رأى.وتقول: دعه إلى ميسور. بمعنى: إلى يسر.فالمعنى: فستبصر ويبصرون بأيّكم المفتون.
- وفيه قول آخر: بأيّكم المفتون بالفرقة التي أنت فيها، أو فرقة الكفار التي فيها أبو جهل والوليد بن المغيرة المخزومي ومن أشبههم. فالمعنى على هذا: فستبصر ويبصرون في أي الفريقين المجنون. أفي فرقة الإسلام أم في فرقة الكفر). [معاني القرآن: 5/204-205]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ} أي المجنون. ويقال: الباء ليست بزائدة، [تفسير المشكل من غريب القرآن: 275]
ولكنها بمعنى، (في أيكم المفتون) بمعنى الفتون أي المجنون و[قيل] الباء زائدة والتقدير: أيكم الجنون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 276]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7)}

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8)}

تفسير قوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ودّوا لو تدهن...} يقال: ودوا لو تلين في دينك، فيلينون في دينهم، وقال بعضهم: لو تفكر فيكفرون، أي: فيتبعونك على الكفر). [معاني القرآن: 3/173]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({لو تدهن} من المداهنة). [مجاز القرآن: 2/264]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({ودوا لو تدهن فيدهنون}: أي تكفر فيكفرون، مدهن مكذب وكافر). [غريب القرآن وتفسيره: 383]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {ودّوا لو تدهن} أي: تداهن [وتلين لهم] في دينك {فيدهنون}: [فيلينون] في أديانهم.
وكانوا أرادوه على أن يعبد آلتهم مدة، ويعبدوا اللّه مدة). [تفسير غريب القرآن: 478]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قوله: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}لاأي تلين لهم في دينك فيلينون في أديانهم). [تأويل مشكل القرآن: 237](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ودّوا لو تدهن فيدهنون} أي: ودّوا لو تصانعهم في الدين فيصانعونك). [معاني القرآن: 5/205]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} أي لو تداهن في دينك فيداهنون في أديانهم. وقيل: معناه ودّوا لو تكفر بالله فيتمادون على كفرهم. وقيل: معناه ودّوا لو ترخّص في دينك فيرخّصون. وقيل: معناه ودّوا لو تركن إلى دينهم فيركنون إليك. وقال الفرّاء: الإدهان: التليين له، مأخوذ من الدهن، لأنّه يليّن ما وقع عليه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 276]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (يُدْهِنُ): يكفر {فَيُدْهِنُونَ}: فيكفرون). [العمدة في غريب القرآن: 310]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا تطع كلّ حلاّفٍ مّهينٍ...}. المهين، ها هنا: الفاجر). [معاني القرآن: 3/173]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ((المهين): الحقير الدنيء). [تفسير غريب القرآن: 478]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا تطع كلّ حلّاف مهين} فعيل من المهانة، وهي القلة.ومعناه ههنا القلة في الرأي والتمييز). [معاني القرآن: 5/205]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَّهِينٍ} أي حقير). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 276]

تفسير قوله تعالى: (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والهماز: الذي يهمز الناس). [معاني القرآن: 3/173]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مّشّاء بنميمٍ...} نميم ونميمة من كلام العرب). [معاني القرآن: 3/173]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({همّازٍ}: عيّاب). [تفسير غريب القرآن: 478]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {همّاز مشّاء بنميم} الهمّاز الذي يغتاب الناس). [معاني القرآن: 5/205]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({هَمَّازٍ} أي عيّاب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 276]

تفسير قوله تعالى: (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({منّاعٍ للخير} بخيل، {معتدٍ}: ظلوم. و(العتل): الغليظ الجافي. نراه من قولهم: فلان يعتل، إذا غلّظ عليه وعنّف به في القود: و(الزينم): الدّعيّ. [تفسير غريب القرآن: 478]
وقد ذكرت هذا في كتاب «تأويل المشكل»، وتأويل قوله: {سنسمه على الخرطوم}). [تفسير غريب القرآن: 479]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {منّاع للخير معتد أثيم (12)} معناه: كان يمنع أهله وولده ولحمته من الإسلام.وجاء في التفسير أنه الوليد بن المغيرة المخزومي، وكان موسرا كثير المال، وكان له عشرة بنين فكان يقول لهم وللحمته: من أسلم منكم منعته رفدي.
وقوله: {معتد أثيم} أي متجاوز في الظلم، وأثيم: أي أثيم بربه، أي أثيم باعتدائه وذنبه). [معاني القرآن: 5/205]

تفسير قوله تعالى: (عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {عتلٍّ...} في هذا الموضع هو الشديد الخصومة بالباطل، والزنيم: الملصق بالقوم، وليس منهم وهو: المدعى). [معاني القرآن: 3/173]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" عتلٍّ " العتل الفظ الكافر في هذا الموضع وهو الشديد في كل شيء قال ذو الإصبع العدواني:والدهر يغدو معتّلاً جذعا
أي شديداً). [مجاز القرآن: 2/264]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" بعد ذلك " مع ذلك). [مجاز القرآن: 2/265]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" زنيمٍ " الزنيم المعلق في القوم ليس منهم قال حسان بن ثابت:وأنت زنيم نيط في آل هاشمٍ... كما نيط خلف الراكب القدح الفردويقال للتيس: زنيم له زنمتان). [مجاز القرآن: 2/265]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ((العتل): الغليظ الجافي.
{الزنيم}: الملصق بالقوم ليس منهم. وقال بعضهم هو المعروف بالشيء كالشاة تعرف بزنمتها، قال بعضهم كالقرن). [غريب القرآن وتفسيره: 383]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (
ومنه قوله سبحانه: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} ذهب بعض المفسّرين فيه: إلى أنّ الله عزّ وجلّ يسم وجهه يوم القيامة بالسّواد.

وللعرب في مثل هذا اللفظ مذهب نخبر به، والله أعلم بما أراد.
تقول العرب للرجل يسبّ الرجل سبّة قبيحة، أو ينثو عليه فاحشة: وقد وسمه بميسم سوء. يريدون: ألصق به عارا لا يفارقه، كما أنّ السّمة لا تنمحي ولا يعفو أثرها.
وقال جرير:
لما وَضَعْتُ على الفرزدقِ مِيسَمِي = وعلى البَعِيثِ جَدَعْتُ أنفَ الأَخْطَلِ
يريد: أنه وسم الفرزدق وجدع أنف الأخطل بالهجاء، أي أبقى عليه عارا كالجدع والوسم.
وقال أيضا:
رُفِعَ المطيُّ بما وَسَمْتُ مُجاشعا = والزَّنبَرِيُّ يعومُ ذو الأَجْلالِ
يريد: أن هجاءه قد سارت به المطيّ، وغُنِّيَ به في البر والبحر.
وقال:
وأوقدت ناري بالحديد فأصبحت = لها وَهَجٌ يُصْلِي به الله من يُصْلِي
شَبَّهَ شِعْرَه بالنَّارِ، وهجاءَه بمواسم الحديد.
وقال الكميت بن زيد يذكر قصيدة له:
تُعَلِّطُ أَقواماً بميسَمِ بارِق = وتَقطم أوباشاً زَنيما وَمُسْنَدًا
والعِلاطُ: سمة في العنق.
وربما استعاروا للهجاء غير الوسم، كقول الهذليّ:
مَتى ما أَشَأْ غَيرَ زَهْوِ الملو = كِ أَجْعَلْكَ رَهْطًا على حَيِّضِ
وَأَكْحَلْكَ بالصَّابِ أَوْ بالجَلا = فَفَقِّحْ لِكَحْلِكَ أَوْ غَمِّضِ
وَأَسْعَطْكَ فِي الأَنفِ مَاء الأَبا = ءِ مِمَّا يُثَمَّلُ بالمِخْوَضِ
جَهِلْتَ سَعُوطَكَ حَتَّى ظَنَنْـ = ـتَ بأن قد أُرِضْتَ، وَلَم تُؤْرَضِ
والرّهط: جلد تلبسه المرأة أيام الحيض.
والصاب: شجر له لَبَنٌ يُحرق العين.
والجلا: كُحْلٌ يُحَكُّ على حَجَرٍ ثم يُكتحل به.
والأَباء: القَصَبُ، ومَاؤه شَرُّ المياه.
ويقال: الأباء هاهنا: الماء الذي تشرب منه الأروى، فتبول فيه وتُدَمِّنُه. ويُثَمَّل: يُنَقَّعُ.
وهذه أمثال ضربها لما يهجوه به.
وقال آخر:
سأكسوكما يا ابني يزيد بن جُعْشِمٍ = رداءين من قار ومن قطران
في أشباه لهذا كثيرة.
وهذه الآية نزلت في الوليد بن المغيرة، ولا نعلم أن الله عزّ وجل وصف أحدا وصفه له، ولا بلغ من ذكر عيوبه ما بلغه من ذكرها منه لأنه وصفه بالخلف، والمهانة، والعيب للناس، والمشي بالنّمائم، والبخل، والظلم، والإثم، والجفاء، والدِّعوة.
فألحق به عاراً لا يفارقه في الدنيا ولا في الآخرة، كالوَسْمِ على الخرطوم، وأبين ما يكون الوسم في الوجه.
ومما يشهد لهذا المذهب، ما رواه سفيان، عن زكريا، عن الشّعبي في قوله تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} أنه قال: العُتُلُّ: الشَّدِيدُ. والزَّنيمُ: الذي له زَنَمَةٌ مِنَ الشَّرِّ يُعرَفُ بها، كَمَا تُعرف الشاةُ بالزَّنَمَةِ.
أراد الشّعبي: أنه قد لحقته سُبَّةٌ من الدِّعوة عُرِفَ بها كَزَنَمَةِ الشَّاةِ). [تأويل مشكل القرآن: 156-159](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(قوله عزّ وجلّ: {عتلّ بعد ذلك زنيم} جاء في التفسير أن العتل ههنا الشديد الخصومة، وجاء في التفسير أنه الجافي الخلق اللئيم الضريبة، وهو في اللّغة الغليظ الجافي.والزنيم جاء في اللغة أنه الملزق في القوم وليس منهم، قال حسّان بن ثابت الأنصاري:
وأنت زنيم نيط في آل هاشم = كما نيط خلف الرّاكب القدح الفرد وقيل إن الزنيم الذي يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها، والزنمتان المعلقتان عند حلوق المعزى). [معاني القرآن: 5/206]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {عُتُلٍّ} أي غليظ جاف. {والزَّنِيم} الدعيّ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 276]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {عُتُلٍّ}: غليظ وجاف (الزَنِيمٍ): الملصق إلى القوم وليس منهم). [العمدة في غريب القرآن: 310]

تفسير قوله تعالى: (أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أن كان ذا مالٍ وبنين...}.قرأها الحسن البصري وأبو جعفر المدني بالاستفهام "أ أن كان"، وبعضهم. "أن كان" بألف واحدة بغير استفهام، وهي في قراءة عبد الله: ولا تطع كلّ حلاّفٍ مهينٍ أن كان: لا تطعه أن كان ـ لأن كان ذا مالٍ.
ومن قرأ: أن كان ذا مال وبنين، فإنه وبّخه: ألأن كان ذا مالٍ وبنين تطيعه؟ وإن شئت قلت: ألأن كان ذا مالٍ وبنين، إذا تليت عليه آياتنا قال: أساطير الأولين. وكلٌّ حسن). [معاني القرآن: 3/173-174]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {أن كان ذا مال وبنين} وقرئت على لفظ الاستفهام، والمعنى معنى التوبيخ.وموضع " أن " نصب على وجهين: على معنى ألأن كان ذا مال وبنين يقول، (إذا تتلى عليه آياتنا). فيكون " أن " نصبا بمعنى قال ذلك لأن كان ذا مال وبنين، أي جعل مجازاة النعمة التي خوّلها في المال والبنين والكفر بآياتنا.وإذا جاءت ألف الاستفهام فهذا هو القول لا يصلح غيره.وقيل في التفسير: ولا تطع كل حلاف مهين أن كان ذا مال وبنين أي لا تطعه ليساره وعدده). [معاني القرآن: 5/206]

تفسير قوله تعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( (إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأوّلين (15)(وأساطير) مرفوعة بإضمار هي، المعنى إذا تتلى عليه آياتنا قال هي أساطير الأولين.
وواحد الأساطير أسطورة). [معاني القرآن: 5/206]

تفسير قوله تعالى: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {سنسمه على الخرطوم...} أي: سنسمه سمة أهل النار، أي سنسوّد وجهه، فهو وإن كان الخرطوم قد خص بالسمة فإنه في مذهب الوجه؛ لأن بعض الوجه يؤدّى عن بعض.والعرب تقول: أما والله لأسمنّك وسماً لا يفارقك. تريد: الأنف، وأنشدني بعضهم:
لأعلطنّك وسماً لا يفارقه = كما يحزّ بحميّ الميسم البحر
فقال: الميسم ولم يذكر الأنف، لأنه موضع السمة، والبحر: البعير إذا أصابه البحر، هو داء يأخذ البعير فيوسم لذلك). [معاني القرآن: 3/174]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله سبحانه: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} ذهب بعض المفسّرين فيه: إلى أنّ الله عزّ وجلّ يسم وجهه يوم القيامة بالسّواد.
وللعرب في مثل هذا اللفظ مذهب نخبر به، والله أعلم بما أراد.
تقول العرب للرجل يسبّ الرجل سبّة قبيحة، أو ينثو عليه فاحشة: وقد وسمه بميسم سوء. يريدون: ألصق به عارا لا يفارقه، كما أنّ السّمة لا تنمحي ولا يعفو أثرها.
وقال جرير:
لما وَضَعْتُ على الفرزدقِ مِيسَمِي = وعلى البَعِيثِ جَدَعْتُ أنفَ الأَخْطَلِ
يريد: أنه وسم الفرزدق وجدع أنف الأخطل بالهجاء، أي أبقى عليه عارا كالجدع والوسم.
وقال أيضا:
رُفِعَ المطيُّ بما وَسَمْتُ مُجاشعا = والزَّنبَرِيُّ يعومُ ذو الأَجْلالِ
يريد: أن هجاءه قد سارت به المطيّ، وغُنِّيَ به في البر والبحر.
وقال:
وأوقدت ناري بالحديد فأصبحت = لها وَهَجٌ يُصْلِي به الله من يُصْلِي
شَبَّهَ شِعْرَه بالنَّارِ، وهجاءَه بمواسم الحديد.
وقال الكميت بن زيد يذكر قصيدة له:
تُعَلِّطُ أَقواماً بميسَمِ بارِق = وتَقطم أوباشاً زَنيما وَمُسْنَدًا
والعِلاطُ: سمة في العنق.
وربما استعاروا للهجاء غير الوسم، كقول الهذليّ:
مَتى ما أَشَأْ غَيرَ زَهْوِ الملو = كِ أَجْعَلْكَ رَهْطًا على حَيِّضِ
وَأَكْحَلْكَ بالصَّابِ أَوْ بالجَلا = فَفَقِّحْ لِكَحْلِكَ أَوْ غَمِّضِ
وَأَسْعَطْكَ فِي الأَنفِ مَاء الأَبا = ءِ مِمَّا يُثَمَّلُ بالمِخْوَضِ
جَهِلْتَ سَعُوطَكَ حَتَّى ظَنَنْـ = ـتَ بأن قد أُرِضْتَ، وَلَم تُؤْرَضِ
والرّهط: جلد تلبسه المرأة أيام الحيض.
والصاب: شجر له لَبَنٌ يُحرق العين.
والجلا: كُحْلٌ يُحَكُّ على حَجَرٍ ثم يُكتحل به.
والأَباء: القَصَبُ، ومَاؤه شَرُّ المياه.
ويقال: الأباء هاهنا: الماء الذي تشرب منه الأروى، فتبول فيه وتُدَمِّنُه. ويُثَمَّل: يُنَقَّعُ.
وهذه أمثال ضربها لما يهجوه به.
وقال آخر:
سأكسوكما يا ابني يزيد بن جُعْشِمٍ = رداءين من قار ومن قطران
في أشباه لهذا كثيرة.
وهذه الآية نزلت في الوليد بن المغيرة، ولا نعلم أن الله عزّ وجل وصف أحدا وصفه له، ولا بلغ من ذكر عيوبه ما بلغه من ذكرها منه لأنه وصفه بالخلف، والمهانة، والعيب للناس، والمشي بالنّمائم، والبخل، والظلم، والإثم، والجفاء، والدِّعوة.
فألحق به عاراً لا يفارقه في الدنيا ولا في الآخرة، كالوَسْمِ على الخرطوم، وأبين ما يكون الوسم في الوجه.
ومما يشهد لهذا المذهب، ما رواه سفيان، عن زكريا، عن الشّعبي في قوله تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} أنه قال: العُتُلُّ: الشَّدِيدُ. والزَّنيمُ: الذي له زَنَمَةٌ مِنَ الشَّرِّ يُعرَفُ بها، كَمَا تُعرف الشاةُ بالزَّنَمَةِ.
أراد الشّعبي: أنه قد لحقته سُبَّةٌ من الدِّعوة عُرِفَ بها كَزَنَمَةِ الشَّاةِ). [تأويل مشكل القرآن: 156-159]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
(وقوله عزّ وجلّ: {سنسمه على الخرطوم} [معاني القرآن: 5/206]
معناه سنسمه على أنفه، والخرطوم الأنف، ومعنى سنسمه سنجعل له في الآخرة العلم الذي يعرف به أهل النار من اسوداد وجوههم.
وجائز - واللّه أعلم - أذا يفرده بسمة لمبالغته في عداوة النبي عليه السلام؛ فيخصّ من التشويه بما يتبين به من غيره كما كانت عداوته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عداوة يتبين بها من غيره). [معاني القرآن: 5/207]

رد مع اقتباس