عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 11:24 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآَخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى وإلى مدين أخاهم شعيبا قال بلغنا أن شعيبا أرسل مرتين إلى أمتين مدين وأصحاب الأيكة). [تفسير عبد الرزاق: 2/98]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإلى مدين أخاهم شعيبًا، فقال يا قوم اعبدوا اللّه وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين}.
يقول تعالى ذكره: وأرسلت إلى مدين أخاهم شعيبًا، فقال لهم: يا قوم اعبدوا اللّه وحده، وذلّوا له بالطّاعة، واخضعوا له بالعبادة {وارجوا اليوم الآخر} يقول: وارجوا بعبادتكم إيّاي جزاء اليوم الآخر، وذلك يوم القيامة {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} يقول: ولا تكثروا في الأرض معصية اللّه، ولا تقيموا عليها، ولكن توبوا إلى اللّه منها، وأنيبوا.
وقد كان بعض أهل العلم بكلام العرب يتأوّل قوله: {وارجوا اليوم الآخر} بمعنى: واخشوا اليوم الآخر.
وكان غيره من أهل العلم بالعربيّة ينكر ذلك، ويقول: لم نجد الرّجاء بمعنى الخوف في كلام العرب إلاّ إذا قارنه الجحد). [جامع البيان: 18/397]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإلى مدين أخاهم شعيبًا فقال يا قوم اعبدوا اللّه وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين (36)
قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبًا فقال يا قوم اعبدوا اللّه
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، ثنا عبد الرّزّاق، ثنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: وإلى مدين أخاهم شعيبًا قال: بلغنا أنّ شعيبًا أرسل مرّتين إلى مدين وأصحاب الأيكة.
قوله تعالى: ولا تعثوا في الأرض
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، ثنا بشرٌ بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ ولا تعثوا في الأرض يقول: لا تسعوا في الأرض.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة لا تعثوا في الأرض مفسدين يقول: لا تسيروا في الأرض.
- حدّثنا موسى بن أبي (موسى الأنصاريّ) ثنا هارون بن (حاتمٍ) ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن ابن مالكٍ لا تعثوا في الأرض يعني لا تمشوا بالمعاصي.
وقد تقدّم القول في الفساد). [تفسير القرآن العظيم: 9/3059]

تفسير قوله تعالى: (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (37) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فكذّبوه فأخذتهم الرّجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين}.
يقول تعالى ذكره: فكذّب أهل مدين شعيبًا فيما أتاهم به عن اللّه من الرّسالة، فأخذتهم رجفة العذاب فأصبحوا في دارهم جاثمين جثومًا، بعضهم على بعضٍ موتى.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فأصبحوا في دارهم جاثمين} أي: ميّتين). [جامع البيان: 18/398]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: فكذّبوه فأخذتهم الرّجفة
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: إنّ اللّه عزّ وجلّ بعث شعيبًا إلى مدين فكان مع كفرهم يبخسون الكيل والموازين فدعاهم فكذّبوه فقال لهم: ذكر الله في القرآن وماردوا عليه، فلمّا عتوا وكذّبوا سألوه العذاب.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبانة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ فأخذتهم الرّجفة قال: الصّيحة.
قوله تعالى: فأصبحوا في دارهم
- حدّثنا موسى بن أبي موسى الأنصاريّ، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ قوله: دارهم يعني العسكر كله.
قوله تعالى: جاثمين
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ قال: سمعت سعيدا، عن قتادة قوله: جاثمين أي ميّتين، وروي، عن عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم مثل ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 9/3059-3060]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {فأخذتهم الرجفة} قال: الصيحة، وفي قوله {وكانوا مستبصرين} قال: في الضلالة). [الدر المنثور: 11/546]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فأصبحوا في دارهم جاثمين} قال: ميتين، وفي قوله {وكانوا مستبصرين} قال: معجبين بضلالتهم، وفي قوله {فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا} قال: هم قوم لوط {ومنهم من أخذته الصيحة} قال: قوم صالح وقوم شعيب {ومنهم من خسفنا به الأرض} قال: قارون {ومنهم من أغرقنا} قال: قوم نوح وفرعون وقومه). [الدر المنثور: 11/546-547]

تفسير قوله تعالى: (وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمَ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن عمرو ابن عبد الله، عن قتادة أنه قال: كان مساكن عاد بالشحر). [الجامع في علوم القرآن: 1/134]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وكانوا مستبصرين أي معجبين بضلالتهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/97]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال مجاهدٌ: {وكانوا مستبصرين} [العنكبوت: 38] : «ضللةً» ). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهد وكانوا مستبصرين ضللة وصله بن أبي حاتمٍ من طريق شبل بن عبّادٍ عن بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ بهذا وقال عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة قال معجبين بضلالتهم وأخرج بن أبي حاتمٍ من وجهٍ آخر عن قتادة قال كانوا مستبصرين في ضلالتهم معجبين بها). [فتح الباري: 8/510]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {وكانوا مستبصرين} ضللة
قال ابن أبي حاتم ثنا أبو سعيد الأشج ثنا أبو أسامة عن شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 38 العنكبوت {وكانوا مستبصرين} قال ضللة). [تغليق التعليق: 4/278]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (قال مجاهد: وكانوا مستبصرين: ضللةً
أي: قال مجاهد في قوله تعالى: {فصدهم عن السّبيل وكانوا مستبصرين} (العنكبوت: 38) . قوله: (ضللة) ، جمع ضال، قاله الكرماني وفيه ما فيه، والصّواب: ضلالة. وكذا هو في عامّة النّسخ، وفي التّفسير: مستبصرين يعني في الضّلالة، وعن قتادة: مستبصرين في ضلالتهم معجبين بها، وعن الفراء: عقلاء ذوي بصائر، وعن الضّحّاك والكلبي ومقاتل: حسبوا أنهم على الحق والهدى وهم على الباطل). [عمدة القاري: 19/108]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (قال) ولأبي ذر وقال (مجاهد): فيما وصله ابن أبي حاتم فيقوله: ({مستبصرين}) من قوله: {فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين} [العنكبوت: 38] أي (ضللة) يحسبون أنهم على هدى وهم على الباطل والمعنى أنهم كانوا عند أهلهم مستبصرين، وفي نسخة ضلالة بألف بين
اللامين، وعند ابن أبي حاتم عن قتادة: كانوا مستبصرين في ضلالتهم معجبين بها، وقال في الأنوار: أي متمكنين من النظر والاستبصار ولكنهم لم يفعلوا). [إرشاد الساري: 7/285]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (ضللة)، وقال غيره، أي: غفلاً ذوي بصائر). [حاشية السندي على البخاري: 3/63]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وعادًا وثمود وقد تبيّن لكم من مساكنهم، وزيّن لهم الشّيطان أعمالهم فصدّهم عن السّبيل وكانوا مستبصرين}.
يقول تعالى ذكره: واذكروا أيّها القوم عادًا وثمود، وقد تبيّن لكم من مساكنهم خرابها وخلاؤها منهم بوقائعنا بهم، وحلول سطوتنا بجميعهم {وزيّن لهم الشّيطان أعمالهم} يقول: وحسّن لهم الشّيطان كفرهم باللّه، وتكذيبهم رسله {فصدّهم عن السّبيل} يقول: فردّهم بتزيينه لهم ما زيّن لهم من الكفر، عن سبيل اللّه، الّتي هي الإيمان به ورسله، وما جاءوهم به من عند ربّهم {وكانوا مستبصرين} يقول: وكانوا مستبصرين في ضلالتهم، معجبين بها، يحسبون أنّهم على هدًى وصوابٍ، وهم على الضّلال.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {فصدّهم عن السّبيل وكانوا مستبصرين} يقول: كانوا مستبصرين في دينهم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {وكانوا مستبصرين} في الضّلالة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وكانوا مستبصرين} في ضلالتهم، معجبين بها.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله {وكانوا مستبصرين} يقول: في دينهم). [جامع البيان: 18/398-399]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وعادًا وثمود وقد تبيّن لكم من مساكنهم وزيّن لهم الشّيطان أعمالهم فصدّهم عن السّبيل وكانوا مستبصرين (38)
قوله تعالى: وعادا وثمود
تقدّم تفسيره.
قوله تعالى: وقد تبيّن لكم من مساكنهم
- حدّثنا أبي ثنا الحكم بن هشامٍ، ثنا الوليد، ثنا ابن عجلان حدّثني عون بن عبد اللّه بن عتبة أنّ أبا الدّرداء لمّا رأى ما أحدث المسلمون في الغوطة من البنيان ونصب الشّجر.. في مسجدهم فنادا: يا أهل دمشق، فاجتمعوا إليه فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال: الحديث بطوله قد كتب غير مرّةٍ.
قوله تعالى: وزيّن لهم الشّيطان أعمالهم
- أخبرنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن شبلٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ وكانوا مستبصرين قال: في الضّلال.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زبرع قال: سمعت سعيدًا، عن قتادة قوله: فصدّهم، عن السّبيل وكانوا مستبصرين في ضلالتهم معجبين بها.
- أخبرنا محمّد بن سعد بن عطيّة فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي حدّثني أبي عن جدّي عطيّة، عن ابن عبّاسٍ قوله: وكانوا مستبصرين يقول: مستبصرين في دينهم). [تفسير القرآن العظيم: 9/3060]

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وكانوا مستبصرين يعني في الضلالة). [تفسير مجاهد: 495]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {فأخذتهم الرجفة} قال: الصيحة، وفي قوله {وكانوا مستبصرين} قال: في الضلالة). [الدر المنثور: 11/546] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فأصبحوا في دارهم جاثمين} قال: ميتين، وفي قوله {وكانوا مستبصرين} قال: معجبين بضلالتهم، وفي قوله {فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا} قال: هم قوم لوط {ومنهم من أخذته الصيحة} قال: قوم صالح وقوم شعيب {ومنهم من خسفنا به الأرض} قال: قارون {ومنهم من أغرقنا} قال: قوم نوح وفرعون وقومه). [الدر المنثور: 11/546-547] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبيّنات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين}.
يقول تعالى ذكره: واذكر يا محمّد قارون وفرعون وهامان، ولقد جاء جميعهم موسى {بالبيّنات}، يعني بالواضحات من الآيات، {فاستكبروا في الأرض} عن التّصديق بالبيّنات من الآيات، وعن اتّباع موسى صلوات اللّه عليه {وما كانوا سابقين} يقول تعالى ذكره: وما كانوا سابقينا بأنفسهم فيفوتونا، بل كنّا مقتدرين عليهم). [جامع البيان: 18/400]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وقارون
- حدّثنا أحمد بن يحيى بن مالكٍ السّنوسيّ، ثنا عبد اللّه الخفّاف، عن سعيدٍ، عن قتادة قال: وكان قارون ابن عمّ موسى أخي أبيه وكان قطع البحر مع بني إسرائيل وكان يسمّى المنوّر من حسن صوته بالتّوراة، ولكنّ عدوّ اللّه نافق كما نافق السامري فأهلكه الله ببغية وانما بغا عليهم لكثرة ماله وولده قال اللّه: أولم يعلم أنّ اللّه قد أهلك من قبله من القرون
قوله تعالى: وفرعون وهامان
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى بن سلمة، عن ابن إسحاق قال: لم يكن منهم فرعون.. على اللّه ولا أعظم قولا ولا أطول عمرًا في ملكه منه، وكان اسمه فيما ذكر لي الوليد بن مظعب.
قوله تعالى: ولقد جاءهم موسى بالبيّنات فاستكبروا
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عبد اللّه بن عبد الملك بن الرّبيع بن أبي راشدٍ، ثنا عمر بن عطيّة، عن عطيّة، عن ابن عبّاسٍ قوله: آياتٍ بيّناتٍ قال: يده وعصاه ولسانه والبحر والطّوفان والجراد والدّم والضّفادع والدّم آياتٌ مفصّلاتٌ.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ ثنا عبد الرّزّاق، ثنا معمرٌ، عن قتادة، عن ابن عبّاسٍ قوله: آياتٍ بيّناتٍ قال: هي متتابعاتٌ.
قوله تعالى: فاستكبروا في الأرض
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن عليّ بن أبي ليلى، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا قال فرعون: ما علمت لكم من إلهٍ غيري قال جبريل عليه السّلام: يا ربّ، طغا عبدك فائذن لي في هلكة فرعون. قال: يا جبريل، هو عبدي، ولن يسبقني له أجلٌ قد أجّلته يحيى فذلك الأجل. فلمّا قال: أنا ربّكم الأعلى قال: يا جبريل، سبقت دعوتك في عبدي وقد جاء أوان هلكة فرعون). [تفسير القرآن العظيم: 9/3060-3061]

تفسير قوله تعالى: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فكلًّا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبًا ومنهم من أخذته الصّيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}.
يقول تعالى ذكره: فأخذنا جميع هذه الأمم الّتي ذكرناها لك يا محمّد بعذابنا {فمنهم من أرسلنا عليه حاصبًا} وهم قوم لوطٍ، الّذين أمطر اللّه عليهم حجارةً من سجّيلٍ منضودٍ، والعرب تسمّي الرّيح العاصف الّتي فيها الحصى الصّغار أو الثّلج أو البرد والجليد حاصبًا؛ ومنه قول الأخطل:
ولقد علمت إذا العشار تروّحت = هدج الرّئال يكبّهنّ شمالا
ترمي العضاه بحاصبٍ من ثلجها = حتّى يبيت على العضاه جفالا
وقال الفرزدق:
مستقبلين شمال الشّأم تضربنا = بحاصبٍ كنديف القطن منثور
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {فمنهم من أرسلنا عليه حاصبًا} قوم لوطٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فمنهم من أرسلنا عليه حاصبًا} وهم قوم لوطٍ.
{ومنهم من أخذته الصّيحة} اختلف أهل التّأويل في الّذين عنوا بذلك، فقال بعضهم: هم ثمود قوم صالحٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ، {ومنهم من أخذته الصّيحة} ثمود.
- وقال آخرون: بل هم قوم شعيبٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ومنهم من أخذته الصّيحة} قوم شعيبٍ.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ اللّه قد أخبر عن ثمود وقوم شعيبٍ من أهل مدين أنّه أهلكهم بالصّيحة في كتابه في غير هذا الموضع، ثمّ قال جلّ ثناؤه لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: فمن الأمم الّتي أهلكناهم من أرسلنا عليهم حاصبًا، ومنهم من أخذته الصّيحة، فلم يخصّص الخبر بذلك عن بعض من أخذته الصّيحة من الأمم دون بعضٍ، وكلا الأمّتين أعني ثمود ومدين قد أخذتهما الصّيحة.
وقوله: {ومنهم من خسفنا به الأرض} يعني بذلك قارون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {ومنهم من خسفنا به الأرض} قارون {ومنهم من أغرقنا} يعني: قوم نوحٍ، وفرعون وقومه.
واختلف أهل التّأويل في ذلك، فقال بعضهم: عني بذلك: قوم نوحٍ عليه السّلام.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {ومنهم من أغرقنا} قوم نوحٍ.
وقال آخرون: بل هم قوم فرعون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ومنهم من أغرقنا} قوم فرعون.
والصّواب من القول في ذلك، أن يقال: عني به قوم نوحٍ، وفرعون وقومه، لأنّ اللّه لم يخصّص بذلك إحدى الأمّتين دون الأخرى، وقد كان أهلكهما قبل نزول هذا الخبر عنهما، فهما معنيّتان به.
وقوله: {وما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} يقول تعالى ذكره: ولم يكن اللّه ليهلك هؤلاء الأمم الّذين أهلكهم بذنوب غيرهم، فيظلمهم بإهلاكه إيّاهم بغير استحقاقٍ، بل إنّما أهلكهم بذنوبهم، وكفرهم بربّهم، وجحودهم نعمه عليهم، مع تتابع إحسانه عليهم، وكثرة أياديه عندهم، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون بتصرّفهم في نعم ربّهم، وتقلّبهم في آلائه، وعبادتهم غيره، ومعصيتهم من أنعم عليهم). [جامع البيان: 18/400-403]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فكلًّا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبًا ومنهم من أخذته الصّيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (40)
قوله تعالى: فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو عبد الرّحمن الحارثيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبًا قال: حجارةً.
قوله تعالى: ومنهم من أخذته الصّيحة
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ قال:
سمعت سعيدًا يحدّث، عن قتادة قوله: ومنهم من أخذته الصّيحة قوم شعيبٍ.
قوله تعالى: ومنهم من خسفنا به الأرض
- وبه، عن قتادة قوله: ومنهم من خسفنا به الأرض قارون.
قوله تعالى: ومنهم من أغرقنا
- وبه، عن قتادة ومنهم من أغرقنا قوم فرعون.
قوله تعالى: وما كان اللّه ليظلمهم الآية.
- حدّثنا محمّد بن يحيى الواسطيّ، ثنا محمّد بن بشيرٍ، ثنا عمرو بن عطيّة، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: وما ظلمناهم نحن اعنى من ان تظلمهم.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول: ثمّ اعتذر إلى خلقه فقال: وما ظلمناهم ممّا ذكرنا لك من عذاب ممن عذّبنا من الأمم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ظلموا أنفسهم.
قوله تعالى: يظلمون
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، ثنا معمرٌ، عن ابن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ يظلمون قال: يضرّون). [تفسير القرآن العظيم: 9/3061-3062]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فأصبحوا في دارهم جاثمين} قال: ميتين، وفي قوله {وكانوا مستبصرين} قال: معجبين بضلالتهم، وفي قوله {فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا} قال: هم قوم لوط {ومنهم من أخذته الصيحة} قال: قوم صالح وقوم شعيب {ومنهم من خسفنا به الأرض} قال: قارون {ومنهم من أغرقنا} قال: قوم نوح وفرعون وقومه). [الدر المنثور: 11/546-547] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {أرسلنا عليه حاصبا} قال: حجارة). [الدر المنثور: 11/547]


رد مع اقتباس