عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 09:26 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يونس

[ من الآية (71) إلى الآية (74) ]
{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72) فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (74) }

قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {فأجمعوا أمركم} [71].
روى خارجة عن نافع {فأجمعوآ} بوصل الألف من جمعت.
وقرأ الباقون {فأجمعوآ}من أجمعت وهو الاختيار؛ لأن العرب تقول:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/270]
أجمعت على الأمر إذا أحكمته وعزمت عليه، أنشدني ابن مجاهد رضي الله عنه:
يا ليت شعري والمنى لا تنفع = هل أغدون يوما وأمرى مجمع
فهذا من أجمعت، ولو كان من جمعت لكان مجموعًا كما قال تعالى: {ذلك يوم مجموع له الناس}.
فأما قوله: {وشركآءكم} فقرأ القراء بالنصب قال الفراء: نصبه بإضمار فعل والتقدير: فاجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم.
وقال البصريون: هو مفعول معه؛ لأن الواو بمعنى «مع» التقدير: فاجمعوا أمركم مع شركاءكم.
وقرا الحسن وحده {وشركاؤكم} بالرفع فعطف ظاهرًا على مكني مرفوع، وإنما صلح ذلك حيث فصل بينهما المفعول فناب عن التأكيد، والتأكيد أن تقول: فاجمعوا أمركم أنت وشركاؤكم.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/271]
كما قال الشاعر شاهدًا لأجمعوا بقطع الألف.
أجمعوا أمرهم بليل فلما = أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/272]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وروى نصر بن علي عن الأصمعيّ قال: سمعت نافعا يقرأ: فاجمعوا أمركم [71]، مفتوحة الميم من
[الحجة للقراء السبعة: 4/286]
جمع. وروى غير الأصمعي عن نافع مثل سائر القرّاء.
وكلّهم قرأ: فأجمعوا أمركم بالهمز وكسر الميم من:
أجمعت.
قال أبو علي: ما رواه الأصمعي عن نافع من قراءته:
فاجمعوا أمركم من جمعت، فالأكثر في الأمر أن يقال:
أجمعت، كما قال: وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم [يوسف/ 102]. وقال:
هل أغدون يوما وأمري مجمع وقال:
أجمعوا أمرهم بليل فلمّا... أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء
فيمكن أن يكون أراد: فاجمعوا ذوي الأمر منكم. أي:
رؤساءكم ووجوهكم، كما قال سبحانه: وإلى أولي الأمر منهم [النساء/ 83]، فحذف المضاف، وجرى على المضاف
[الحجة للقراء السبعة: 4/287]
إليه، ما كان يجري على المضاف، لو ثبت، ويجوز أن يكون جعل الأمر ما كانوا يجمعونه من كيدهم الذي كانوا يكيدونه به، فيكون بمنزلة قوله: فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا [طه/ 64]، على أنّ أبا الحسن زعم أنّ وصل الألف في فاجمعوا أمركم وشركاءكم، أكثر في كلام العرب، قال: وإنما يقطعونها إذا قالوا: أجمعوا على كذا وكذا، قال: والقراءة بالقطع عربيّة. ومن قرأ: اجمعوا، من: جمعت، حمل الشركاء على هذا الفعل الظاهر، لأنّك جمعت الشركاء، وجمعت القوم، وعلى هذا جاء: ذلك يوم مجموع له الناس [هود/ 103].
ومن قال: فأجمعوا أمركم على أفعل، أضمر للشركاء فعلا آخر كأنّه: فأجمعوا أمركم، واجمعوا شركاءكم، فدلّ المنصوب على الناصب، كقول الشاعر:
علفتها تبنا وماء باردا... حتّى شتت همّالة عيناها
وكقول الآخر:
شرّاب ألبان وتمر وأقط
[الحجة للقراء السبعة: 4/288]
وكقوله:
متقلّدا سيفا ورمحا لمّا لم يجز أن يحمل الرمح على التقليد، أضمر له فعلا كما أضمر لنصب الشركاء لمّا لم يجز الحمل على: أجمعوا.
وزعموا أنّ في حرف أبيّ: وادعوا شركاءكم فحمل الكلام على الذي يراد به الانتصار، كقوله: وادعوا من استطعتم من دون الله [هود/ 13] وادعوا شهداءكم من دون الله [البقرة/ 23].
ويجوز أن يكون انتصاب الشركاء على أنه مفعول معه، أي: أجمعوا أمركم مع شركائكم، كقولهم: استوى الماء والخشبة، وجاء البرد والطّيالسة. ويدلّك على جوازه أن
الشركاء فاعله في المعنى، كما أن الطيالسة كذلك، ومن ثمّ قرأ الحسن فيما زعموا فاجمعوا أمركم وشركاؤكم.
وزعم أبو الحسن أن قوما يقيسون هذا الباب، ويجعلونه مستمرّا، وأن قوما يقصرونه على ما سمع، والقول الأوّل عندي أقيس). [الحجة للقراء السبعة: 4/289]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي عبد الرحمن والحسن وابن أبي إسحاق وعيسى الثقفي وسلام ويعقوب، ورُويت عن أبي عمرو: [فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ] مكسورة الميم ورفع [شركاؤكم]. وقرأ: [فَاجْمَعُوا أَمْرَكُمْ] غير مهموزة والميم مفتوحة [وشُرَكاءَكم] نصبًا الأعرج وأبو رجاء وعاصم الجحدري والزهري، ورُوي عن الأعمش. وفي قراءة أبي: [وادْعُوا شُرَكاءَكم ثم اجمَعوا أَمْرَكم].
قال أبو الفتح: أما [فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ] بالرفع، فرفعه على العطف على الضمير في [أَجْمِعوا]، وساغ عطفه عليه من غير توكيد للضمير في [أَجْمِعوا] من أجل طول الكلام بقوله: [أْمْرَكُم]. وعلى نحو من هذا يجوز أن تقول: قم إلى أخيك وأبو محمد، واذهب مع عبد الله وأبو بكر، فتعطف على الضمير من غير توكيد وإن كان مرفوعًا ومتصلًا؛ لما ذكرنا من طول الكلام بالجار والمجرور. وإذا جاز قول الله تعالى: {مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا}، وأن نكتفي بطول الكلام بـ"لا" وإن كانت بعد حرف العطف؛ كان الاكتفاء من التوكيد بما هو أطول من "لا"، وهو أيضًا قبل الواو، كما أن التوكيد لو ظهر لكان قبلها أحرى.
[المحتسب: 1/314]
وعلى ذلك فلو قال قائل: قم وزيد، فعطف على الضمير المرفوع من غير توكيد كان أقبح من قولنا: قمت وزيد؛ وذلك أن المعطوف عليه في قم وزيد ضمير لا لفظ له، فهو أضعف من الضمير في قمت؛ لأن له لفظًا وهو التاء، وقمت وزيد أضعف من قمنا وزيد؛ لأن "نا" من قمنا أتم لفظًا من التاء في قمت.
وعليه أيضًا تعلم أن قمتما وزيد أشبه شيئًا من قمنا وزيد؛ لأن "تُما" من قمتما أتم لفظًا من "نا" من قمنا. وكذلك أيضًا قولك للنساء: ادْخلْنانِّ وزيد، أمثل من قولك: دخلتنَّ وزيد؛ لأن "نانِّ" من ادخلنان أطول من "تُنَّ" من دخلتن.
فهذه مصارفة وإن خفيت ولطفت تؤثِّر في أنفس العارفين بها ما لا تخطر على أوهام الساهين عنها.
وكذلك لو قلت: اضربنا"نِّهِ" وزيد؛ لكان أمثل من ادخلنانِّ وزيد؛ لأن "نانِّهِ" ستة أحرف و"نانِّ" أربعة أحرف، وكذلك اضربنانِّهما وزيد أمثل من اضربنانِّه وزيد؛ لأن "نانِّهما" سبعة أحرف و"نانِّه" ستة أحرف، وكذلك الزيدين الثوبين اكسُونانِّهما هما، أمثل من قولك: الزيدين اكسونانِّهما؛ لأن "نانِّهما هما " عشرة أحرف "ونانِّهما" سبعة أحرف.
فهذا مبنًى يعاد عليه، ويثنى أشباهه إليه. وجميعه من بعد ليس في قوة التوكيد نحو: قم أنت وزيد، و {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}؛ وذلك أن التوكيد وإن لم يكن في طول هذه الفروق والفصول، فإن فيه معنى ليس فيها وهو تثبيتة معنى الاسمية للمضمر المتصل الذي قد شَعَّثَ الفعل فمازجه وصار كجزء منه، فضعفت عن العطف عليه، كما لا يجوز العطف على جزء من الفعل، فإذا وُكِّد صار في حيز الأسماء، ولحق بما يحسن العطف عليه بعد توكيده كما حسن عليها). [المحتسب: 1/315]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة السري بن يَنْعُم: [ثم أَفْضُوا إليَّ] من أفضيت.
قال أبو الفتح: معناه: أَسرعوا إليَّ، وهو أَفعلْت من الفضاء؛ وذلك أنه إذا صار إلى الفضاء تمكن من الإسراع، ولو كان في ضيق لم يقدر من الإسراع على ما يقدر عليه من السبعة، ولام
[المحتسب: 1/315]
أفضيت والفضاء وما تصرف منهما واو لقولهم: فَضَا الشيء يقضو إذا اتسع، فقولهم: أفضيت: صرت إلى الفضاء؛ كقولهم: أَعرَق الرجل: إذا صار إلى العراق، وأعمن الرجل: إذا صار إلى عُمان، وأنجد: أتى نجدًا، ونحو ذلك). [المحتسب: 1/316]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (22- {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ} [آية/ 71] بوصل الألف وفتح الميم:
قرأها نافع وحده- عي-.
والوجه أنه من جمع يجمع، والمراد اجمعوا ذوي أمركم، فحذف
[الموضح: 631]
المضاف، والمعنى اجمعوا رؤساءكم.
ويجوز أن يكون المراد بالأمر كيدهم الذي يكيدونه به، فيكون المعنى اجمعوا كيدكم كما قال تعالى {فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًا}.
وقرأ الباقون {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ} بقطع الألف وكسر الميم.
والوجه أن أجمع يكون بالأمر أخص، يقال أجمعت الأمر وجمعت القوم، قال الله تعالى {ومَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وقال الشاعر:
48- هل أغدون يومًا وأمري مجمع
فلما كان المفعول به ههنا الأمر في قوله {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ} كان أجمعوا بقطع الألف به أليق). [الموضح: 632]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (23- {شُرَكَاؤُكُمُ} [آية/ 71] بالرفع:
قرأها يعقوب وحده.
والوجه ان الشركاء معطوف على الضمير المرفوع، وهو ضمير الجمع في أجمعوا، أي أجمعوا أنتم وشركاؤكم، والعطف على الضمير المرفوع المستكن لا يصلح في سعة الكلام إلا بالتوكيد أو بما يقوم مقامه، لا تقول قم وزيد، إلا أن تؤكد، فتقول: قم أنت وزيد، ولو قلت قم يوم الجمعة وزيد
[الموضح: 632]
جاز؛ لأن الظرف الفاصل بينهما قام مقام التوكيد، وهذا منه؛ لأن قوله {أَمْرَكُمْ} الفاصل بين الضمير وبين ما عطف عليه يقوم مقام التأكيد، فلذلك جاز.
وقرأ الباقون {وشُرَكَاؤُكُمُ} بالنصب.
والوجه أن {شُرَكَاؤُكُمُ} عند من قرأ {اَجْمَعُوا} بوصل الألف، معطوف على الأمر، أي اجمعوا أمركم وشركاءكم جميعًا، وعند من قرأ {أَجْمِعُوا} بالقطع، منصوب بفعل مضمر؛ لأنه لا يقال أجمعت الشركاء، إنما يقال أجمعت الأمر أي عزمت عليه، وجمعت الشركاء، فكأنه قال أجمعوا أمركم وأجمعوا شركاءكم، كما قال الشاعر:
49- شراب ألبان وتمر وأقط
أرادوا أكال تمر: وقال:
50- علفتها تبنًا وماءً بارداً
أراد وسقيتها ماءً بارداً.
ويجوز أن يكون منصوبًا على أنه مفعول معه، والتقدير: اجمعوا أمركم مع شركائكم كما يقال جاء البرد والطيالسة، أي مع الطيالسة). [الموضح: 633]

قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72)}

قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73)}

قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (74)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس