عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 10:33 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنفال
[ من الآية (24) إلى الآية (26) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن والزهري: [بين الْمَرِّ وقلبِه].
قال أبو الفتح: وجه الصنعة في هذا أنه خفف الهمزة في "المرء" وألقى حركتها على الراء قبلها، فصارت "بين المرِّ وقبله"، ثم نوى الوقف فأسكن وثقَّل الراء على لغة من قال في الوقف: هذا خالدّ وهو يجعلّ، ثم أطلق ووصل على نية الوقف، فأقر التثقيل بحاله على إرادة الوقف، وعليه قوله، أنشدَناه أبو علي:
بِبَازلٍ وَجناءَ أو عَيْهَلِّ
يريد: العيهل، فنوى الوقف فثقل، ثم أطلق وهو يريد الوقف، ومثله ما قرأنا على أبي بكر محمد بن الحسن عن أبي العباس أحمد بن يحيى:
ومُقلتان جَوْنتا المكْحَلِّ
يريد: الْمَكْحَل. وأول هذه القصيدة:
ليث شبابي عاد للأولِّ ... وغضَّ عيش قد خلا أَرْغَلِّ
وفيها أشياء من هذا الطراز كثيرة، فكذلك "الْمَرِّ" على هذا.
وقراءة الجماعة من بعدُ أقوى وأحسن؛ لأن هذا من أغراض الشعر لا القرآن). [المحتسب: 1/276]

قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة العامة: {لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا}، وقراءة علي وزيد بن ثابت وأبي جعفر محمد بن علي والربيع بن أنس وأبي العالية وابن جماز: [لَتُصِيبَنَّ].
قال أبو الفتح: معنيا هاتين القراءتين ضدان كما ترى؛ لأن إحداهما: {لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}، والأخرى: [لَتُصِيبَنَّ] هؤلاء بأعيانهم خاصة. وإذا تباعد معنيا قراءتين هذا التباعد وأمكن أن يُجمع بينهما كان ذلك جميلًا وحسنًا، ولا يجوز أن يراد زيادة "لا" من قِبَل أنه كان يصير معناه: واتقوا فتنة تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة، فليس هذا عندنا من مواضع دخول النون، ألا تراك لا تقول: ضربت رجلًا يدخلَنَّ المسجد؟ هذا خطأ لا يقال؛ ولكن أقرب ما يصرف إليه الأمر في تلافي معنى القراءتين أن يكون يراد: لا تصيبن، ثم يحذف الألف من "لا" تخفيفًا واكتفاء بالفتحة منها، فقد فَعَلَت العرب هذا في أخت "لا" وهي أَمَا.
من ذلك ما حكاه محمد بن الحسن من قول بعضهم: أَمَ والله ليكونن كذا، فحذف ألف أَمَا تخفيفًا، وأنشد أبو الحسن وابن الأعرابي وغيرهما:
فلستُ بمدرك ما فات مني ... بلَهْف ولا بِلَيت ولا لو اني
يريد: بلهفا، فحذف الألف، وذهب أبو عثمان في قوله الله سبحانه: {يَا أَبَتَ} -فيمن فتح التاء- أنه أراد: يا أبتا، فحذف الألف تخفيفًا، وأنشدوا:
قد وردت من أَمكنه ... من هاهنا ومن هُنَهْ
إن لم أُروّها فَمَهْ
يريد: إن لم أروها فما أصنع؟ أو فما مغناي؟ أو فما مقداري؟ فحذف الألف، وألحق الهاء لبيان الحركة، وروينا عن قطرب.
[المحتسب: 1/277]
فعلى هذا يجوز أن يكون أراد بقوله: [لَتُصِيبَنَّ]: لا تُصِيبَنَّ، فحذف ألف "لا" تخفيفًا من حيث ذكرنا.
فإن قلت: فهل يجوز أن يحمله على أنه أراد: لتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة، ثم أشبع الفتحة، فأنشأ عنها ألفًا كالأبيات التي أنشدتها قبل هذا الموضع، نحو قوله:
ينباع من ذِفْرَى غَضوب جَسْرة
وهو يريد: ينبع.
قيل: يمنع من هذا المعنى، وهو قوله تعالى يليه: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}. فهذا الإغلاظ والإرهاب أشبه بقراءة مَن قرأ: {لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} من أن يكون معناه: إنما تصيب الذين ظلموا خاصة.
فتأمل ذلك؛ فإنه يضح لك بمشيئة الله). [المحتسب: 1/278]

قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس