عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:37 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام

[ من الآية (63) إلى الآية (67) ]
{قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (64) قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67)}

قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (تضرّعًا وخفيةً... (63).
قرأ عاصم في رواية أبي بكر (تضرّعًا وخفيةً) بكسر الخاء في السورتين، وقرأ الباقون (وخفيةً) بضم الخاء.
قال أبو منصور: هما لغتان (خفية وخفية)، والضم أجودهما، ومعناهما: ضد الجهر.
وانتصاب (تضرّعًا وخفيةً) على وجهين:
أحدهما: أنهما جعلا مصدرين لقوله: (تدعونه)؛ لأن معنى تدعون وتتضرعون واحد، وإن شئت جعلتهما مصدرين أقيما مقام الحال، كأنه قال: تدعونه متضرعين مخفين الدعاء). [معاني القراءات وعللها: 1/362]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى {تضرعا وخفية} [63].
قرأ عاصم وحده في رواية أبي بكر {وخفية} بالكسر.
وقرأ الباقون {خفية} بالضم، وهما لغتان: خِفْيَةٌ وخُفْيَةٌ وفيها لغة ثالثة ما قرأ بها أحد لخلاف المصحف غير أن ابن مجاهد خبرني عن السمري عن الفراء قال: يقال خُفية وخِفية وخُفوة وخِفوة بالواو مثل حُبوة وحِبوة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/159]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر} [63].
قرأ القراء كلهم {ينجيكم} مشددًا إلا علي بن نصر فإنه روى عن أبي عمرو {ينجيكم} خفيفة، والأمر بينهما قريب، نجي وأنجي مثل كرم وأكرم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/159]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (19- وقوله تعالى: {لئن أنجينا من هذه} [63].
قرأ الكوفيون {لئن أنجينا} على لفظ الخبر عن غائب.
وقرأ الباقون: {لئن أنجيتنا من هذه} على لفظ الخطاب لله تعالى، وكان عاصم يفخم على أصل الكلمة {أنجانا}.
وحمزة والكسائي يميلان {أنجانا} لأنه من ذوات الياء). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/160]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في التخفيف والتّشديد من قوله [جلّ وعزّ]: قل من ينجيكم.... قل الله ينجيكم [الأنعام/ 63، 64].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر قل من ينجيكم مشدّدة قل الله ينجيكم مخففة.
[الحجة للقراء السبعة: 3/321]
وروى عليّ بن نصر عن أبي عمرو قل من ينجيكم خفيفة، قل الله ينجيكم مثله مخفّفة.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائيّ قل من ينجيكم.. قل الله ينجيكم مشدّدتين.
وقرأ الكوفيون: عاصم وحمزة والكسائيّ: لئن أنجانا بألف.
وقرأ الحجازيون وأهل الشام: ابن كثير ونافع وابن عامر:
لئن أنجيتنا [يونس/ 22] وأبو عمرو مثلهم لئن أنجيتنا.
وكان حمزة والكسائيّ يميلان الجيم وغيرهما لا يميل.
وجه التشديد والتخفيف في ينجيكم وينجيكم أنّهم قالوا:
نجا زيد، قال:
نجا سالم والنّفس منه بشدقه فإذا نقل الفعل فحسن نقله بالهمزة في أفعل كحسن نقله بتضعيف العين، ومثل ذلك: أفرحته وفرّحته، وأغرمته وغرّمته، وما أشبه ذلك. وفي التنزيل: فأنجاه الله من النار [العنكبوت/ 24]، فأنجيناه والذين معه [الأعراف/ 64]
[الحجة للقراء السبعة: 3/322]
وفيه ونجينا الذين آمنوا [فصلت/ 18] ولئن أنجيتنا من هذه [يونس/ 22]، فلما أنجاهم [يونس/ 23]، فإذا جاء التنزيل باللغتين جميعا تبينت من ذلك استواء القراءتين في الحسن.
فأمّا حجّة من قرأ لئن أنجانا [الأنعام/ 63] فهي أنّه حمله على الغيبة، وذلك قوله: تدعونه لئن أنجانا، وكذلك ما بعده قل الله ينجيكم قل هو القادر [الأنعام/ 65]، فهذه كلّها أسماء غيبة، فأنجانا أولى من أنجيتنا، لكونه على ما قبله وما بعده من لفظ الغيبة، وإذا كان مشاكلا لما قبله وما بعده كان أولى وموضع تدعونه نصب على الحال، تقديره: قل من ينجّيكم داعين وقائلين: لئن أنجانا. وكذلك من قرأ: لئن أنجيتنا تقديره داعين وقائلين: لئن أنجيتنا، فواجهوا بالخطاب، ولم يراعوا ما راعاه الكوفيون من المشاكلة.
ويقوّي قول من خالف الكوفيين قوله في أخرى لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين [يونس/ 22]. قل الله ينجيكم، فجاء أنجيتنا على الخطاب وبعده اسم غيبة.
فأمّا إمالة حمزة والكسائي في أنجانا فمذهب حسن، لأنّ هذا النحو من الفعل إذا كان على أربعة أحرف. استمرت فيه
[الحجة للقراء السبعة: 3/323]
الإمالة لانقلاب الألف إلى الياء في المضارع، وإذا كانت الإمالة قد حسنت في «غزا» مع أنّه على ثلاثة أحرف لأنّ الياء تثبت فيه إذا بني الفعل للمفعول، مع أنّ الواو تصحّ فيه في فعلت، فلا إشكال في حسنها في أنجا وأغزا ونحو ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 3/324] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشّاكرين * قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب} 63 و64
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {لئن أنجانا من هذه} بغير تاء على لفظ الخبر عن غائب بمعنى لئن أنجانا الله وحجتهم أنّها في مصاحفهم بغير تاء
وقرأ الباقون {لئن أنجيتنا} بالتّاء على الخطاب لله أي لئن أنجيتنا يا ربنا وحجتهم ما في يونس {لئن أنجيتنا من هذه} وهذا مجمع عليه فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {قل الله ينجيكم منها} بالتّشديد من نجى ينجي وحجتهم إجماعهم على تشديد قوله قبلها {قل من ينجيكم من ظلمات} فكان إلحاق نظير لفظه به أولى من المخالفة بين اللّفظين
وقرأ الباقون {قل الله ينجيكم} بالتّخفيف وحجتهم قوله {لئن أنجيتنا من هذه} ولم يقل نجيتنا
قرأ أبوبكر {تضرعا وخفية} بكسر الخاء وفي الأعراف مثله وقرأ الباقون بالضّمّ وهما لغتان مثل رشوة ورشوة من أخفيت الشّيء إذا سترته والّتي في خاتمة الأعراف {تضرعا وخيفة} وهو من الخوف فتقلب الواو ياء للكسرة الّتي في الخاء). [حجة القراءات: 255] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (32- قوله: {وخفية} قرأه أبو بكر بكسر الخاء، ومثله في الأعراف، وضمَّ الباقون، وهما لغتان مشهورتان). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/435]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (33- قوله: {لئن أنجانا} قرأه الكوفيون بألف، من غير تاء، على لفظ الغيبة؛ لأن بعده: {قل الله ينجيكم} «64» وبعده: {قل هو القادر} «65» وقبله: {تدعونه} والهاء للغائب، وأجراه على ذلك مما بعده ومما قبله، وأماله حمزة والكسائي، لأن أصل الألف الياء، إذ هي رابعة، وقرأ الباقون بالتاء على لفظ الخطاب، فهو أبلغ في الدعاء والابتهال والسؤال، وهو الاختيار؛ لأن الأكثر من القراء عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/435]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (19- {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ} [آية/ 63] {قُلِ الله يُنَجِّيكُمْ} [آية/ 64] بالتخفيف في الحرفين:-
قرأهما يعقوب وحده، وقرأ الكوفيون بالتشديد في الحرفين، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ} مشددة {قُلِ الله يُنَجِّيكُمْ} مخففة.
وجه التشديد والتخفيف فيهما واحد، وذلك أن العرب تقول: نجيت زيدا وأنجيته، وحسن نقل الفعل في هذا الباب بالهمزة كحسن نقله بتضعيف
[الموضح: 473]
العين، تقول: أفرحت زيدا وفرحته، وغرمته وأغرمته، وأشباه ذلك كثيرة، قال الله تعالى {فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ}، وقال تعالى {وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا} وقد مضى مثله). [الموضح: 474]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (20- {لَئِنْ أَنْجَانَا} [آية/ 63] بالألف:
قرأها الكوفيون، وعاصم فتحها، وأمالها حمزة والكسائي.
والوجه أنهم حملوه على الغيبة؛ لأن ما قبله على الغيبة، وذلك قوله {تَدْعُونَهُ... لَئِنْ أَنْجَانَا} أي أنجانا الله، وكذلك ما بعده على لفظ الغيبة، وهو قوله {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا} فأنجانا على لفظ الغيبة أولى من أنجيتنا لمشاكلة ما قبله وما بعده.
وقرأ الباقون {أَنْجَيْتَنَا} بالياء والتاء، على المواجهة بالخطاب، وذلك أن هؤلاء لم يراعوا ما راعاه الكوفيون من المشاكلة، فاختاروا لفظ الخطاب؛ لأن في {تَدْعُونَهُ} معنى القول، كأنه قال: يقولون له لئن أنجيتنا، ويقوي هذه القراءة قوله تعالى في آية أخرى {لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}.
فأما إمالة حمزة والكسائي الألف في {أَنْجَانَا} فحسنة؛ لأن هذا الضرب
[الموضح: 474]
من الفعل إذا كان على أربعة أحرف حسنت فيه الإمالة؛ لانقلاب الألف فيه إلى الياء في المضارع، وذلك نحو أنجى ينجي، وإذا كانت الإمالة تحس في مثل غزا ودعا مع أنه على ثلاثة أحرف ومن بنات الواو؛ لأن الألف ينقلب فيه ياء إذا بني للمفعول به نحو غزي ودعي، فلأن تحسن الإمالة في أنجى وأغزي لانقلاب الألف فيه ياء في مضارعه أولى). [الموضح: 475]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (22- {تَضُرُّعًا وَخِفْيَةً} [آية/ 63] بكسر الخاء:-
قرأها عاصم وحده في رواية -ياش-، وكذلك في الأعراف، الباقون {خُفْيَةً} بضم الخاء.
والوجه أنهما لغتان، يقال خفية وخفية، وانتصاب {تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} على وجهين:
أحدهما: أن يكونا مصدرين لقوله: تدعون؛ لأن في معنى الدعاء التضرع، كأنه قال: يتضرعون تضرعًا.
ويجوز: أن يكونا مصدرين أقيما مقام الحال، كأنه قال: تدعونه متضرعين مخفين للدعاء.
وأما التي في آخر الأعراف {وَخِفْيَةً} بكسر الخاء، والياء قبل الفاء، فهي فعله من الخوف انقلبت الواو فيها ياء لكسرة ما قبلها، وهو اتفاق لا خلاف بين القراء فيه). [الموضح: 476]

قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (64)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {قل الله ينجيكم منها} [64].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/159]
قرأ عاصم وحمزة والكسائي وابن عامر برواية هشام {قل الله ينجيكم} مشددة.
والباقون مخففة، ويجوز أن يكون التشديد للتكرير شيئًا بعد شيء. ويجوز لأبي عمرو وغيره لمن شدد الأولى وخفف الثانية {أنه} أتى باللغتين ليُعلم أن كلتيهما صواب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/160]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في التخفيف والتّشديد من قوله [جلّ وعزّ]: قل من ينجيكم.... قل الله ينجيكم [الأنعام/ 63، 64].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر قل من ينجيكم مشدّدة قل الله ينجيكم مخففة.
[الحجة للقراء السبعة: 3/321]
وروى عليّ بن نصر عن أبي عمرو قل من ينجيكم خفيفة، قل الله ينجيكم مثله مخفّفة.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائيّ قل من ينجيكم.. قل الله ينجيكم مشدّدتين.
وقرأ الكوفيون: عاصم وحمزة والكسائيّ: لئن أنجانا بألف.
وقرأ الحجازيون وأهل الشام: ابن كثير ونافع وابن عامر:
لئن أنجيتنا [يونس/ 22] وأبو عمرو مثلهم لئن أنجيتنا.
وكان حمزة والكسائيّ يميلان الجيم وغيرهما لا يميل.
وجه التشديد والتخفيف في ينجيكم وينجيكم أنّهم قالوا:
نجا زيد، قال:
نجا سالم والنّفس منه بشدقه فإذا نقل الفعل فحسن نقله بالهمزة في أفعل كحسن نقله بتضعيف العين، ومثل ذلك: أفرحته وفرّحته، وأغرمته وغرّمته، وما أشبه ذلك. وفي التنزيل: فأنجاه الله من النار [العنكبوت/ 24]، فأنجيناه والذين معه [الأعراف/ 64]
[الحجة للقراء السبعة: 3/322]
وفيه ونجينا الذين آمنوا [فصلت/ 18] ولئن أنجيتنا من هذه [يونس/ 22]، فلما أنجاهم [يونس/ 23]، فإذا جاء التنزيل باللغتين جميعا تبينت من ذلك استواء القراءتين في الحسن.
فأمّا حجّة من قرأ لئن أنجانا [الأنعام/ 63] فهي أنّه حمله على الغيبة، وذلك قوله: تدعونه لئن أنجانا، وكذلك ما بعده قل الله ينجيكم قل هو القادر [الأنعام/ 65]، فهذه كلّها أسماء غيبة، فأنجانا أولى من أنجيتنا، لكونه على ما قبله وما بعده من لفظ الغيبة، وإذا كان مشاكلا لما قبله وما بعده كان أولى وموضع تدعونه نصب على الحال، تقديره: قل من ينجّيكم داعين وقائلين: لئن أنجانا. وكذلك من قرأ: لئن أنجيتنا تقديره داعين وقائلين: لئن أنجيتنا، فواجهوا بالخطاب، ولم يراعوا ما راعاه الكوفيون من المشاكلة.
ويقوّي قول من خالف الكوفيين قوله في أخرى لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين [يونس/ 22]. قل الله ينجيكم، فجاء أنجيتنا على الخطاب وبعده اسم غيبة.
فأمّا إمالة حمزة والكسائي في أنجانا فمذهب حسن، لأنّ هذا النحو من الفعل إذا كان على أربعة أحرف. استمرت فيه
[الحجة للقراء السبعة: 3/323]
الإمالة لانقلاب الألف إلى الياء في المضارع، وإذا كانت الإمالة قد حسنت في «غزا» مع أنّه على ثلاثة أحرف لأنّ الياء تثبت فيه إذا بني الفعل للمفعول، مع أنّ الواو تصحّ فيه في فعلت، فلا إشكال في حسنها في أنجا وأغزا ونحو ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 3/324] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشّاكرين * قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب} 63 و64
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {لئن أنجانا من هذه} بغير تاء على لفظ الخبر عن غائب بمعنى لئن أنجانا الله وحجتهم أنّها في مصاحفهم بغير تاء
وقرأ الباقون {لئن أنجيتنا} بالتّاء على الخطاب لله أي لئن أنجيتنا يا ربنا وحجتهم ما في يونس {لئن أنجيتنا من هذه} وهذا مجمع عليه فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {قل الله ينجيكم منها} بالتّشديد من نجى ينجي وحجتهم إجماعهم على تشديد قوله قبلها {قل من ينجيكم من ظلمات} فكان إلحاق نظير لفظه به أولى من المخالفة بين اللّفظين
وقرأ الباقون {قل الله ينجيكم} بالتّخفيف وحجتهم قوله {لئن أنجيتنا من هذه} ولم يقل نجيتنا
قرأ أبوبكر {تضرعا وخفية} بكسر الخاء وفي الأعراف مثله وقرأ الباقون بالضّمّ وهما لغتان مثل رشوة ورشوة من أخفيت الشّيء إذا سترته والّتي في خاتمة الأعراف {تضرعا وخيفة} وهو من الخوف فتقلب الواو ياء للكسرة الّتي في الخاء). [حجة القراءات: 255] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (34- قوله: {قل الله ينجيكم} قرأه الكوفيون وهشام بالتشديد، جعلوه من «نجا ينجي»، وقرأ الباقون بالتخفيف جعلوه من «أنجى يُنجي» والمعنى واحد، وأصل الفعل «نجا» ثم يثقل للتعدية بالهمز وبالتشديد، فالهمزة فيه كالتشديد في تعديته، وكل واحد يقوم مقام الآخر في التعدي إلى
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/435]
مفعول، واللغتان في القرآن إجماع، قال الله تعالى جل ذكره: {فأنجاه من النار} «العنكبوت 24» وقال: {وإذ أنجيناكم} «الأعراف 141» وقال: {فنجيناه ومن معه} «يونس 73» وهما في القرآن كثير، فالقراءتان متعادلتان، غير أن التشديد فيه معنى التكرير للفعل، على معنى «نجاة بعد نجاة»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/436]

قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)}

قوله تعالى: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66)}

قوله تعالى: {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس