عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 09:23 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة إبراهيم

[من الآية ( 35) إلى الآية ( 41) ]
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (38) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41)}

قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35)}
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وقرأ "إبراهام" هنا بالألف ابن عامر سوى النقاش عن الأخفش، وكذلك المطوعي عن الصوري كلاهما عن ابن ذكوان). [إتحاف فضلاء البشر: 2/169]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {إبراهيم} [35] قرأ هشام بفتح الهاء، وألف بعدها، والباقون بكسر الهاء، وبعدها ياء).[غيث النفع: 772]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35)}
{إِبْرَاهِيمُ}
قرأ ابن عامر والمطوعي وهشام والأخفش وابن ذكوان من طريق الصوري (إبراهام) بالألف بعد الهاء.
[معجم القراءات: 4/494]
وقرأ أبو عمرو ونافع وابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر ويعقوب وهي رواية النقاش عن الأخفش عن ابن ذكوان {إبراهيم} بياء بعد الهاء.
قال ابن الجزري:
«ووجه خصوصية هذه المواضع وهي ثلاثة وثلاثون، أنها كتبت في المصاحف الشامية بحذف الياء منها خاصة، وكذلك رأيتها في المصحف المدني، وكتبت في بعضها في سورة البقرة خاصة وهي لغة فاشية للعرب...».
وقال مكي:
«وقرأ باقي القراء في ذلك كله بالياء، وهو الاختيار اتباعًا للمصحف؛ ولأن عليه لغة العامة، والألف لغة شامية قليلة».
وتقدمت هاتان القراءتان في الآية /124 من سورة البقرة.
{وَاجْنُبْنِي}
قراءة الجماعة {واحنبني} بوصل الألف أمرًا من «جنب»، وهي لغة الحجاز، وقيل: هي لغة نجد، وأما لغة الحجاز فهي «جنب» بالتشديد.
وقرأ عاصم الجحدري وعيسى الثقفي ويحيى بن يعمر وأبو الهجهاج الأعرابي (وأجنبني) بقطع الألف، من «أجنب» بوزن أكرم»، وهي لغة نجد.
قال الفراء:
[معجم القراءات: 4/495]
«أهل الحجاز يقولون: جنبني، هي خفيفة، وأهل نجد يقولون: أجنبني شره، وجنبني شره، فلو قرأ قارئ (وأجنبني وبني) لأصاب، ولم أسمعه من قارئ».
وفي حاشية الجمل ما يدل على أن لغة نجد: جنبه وأجنبه، ثلاثيًا ورباعيًا، وأما لغة الحجاز فهي جنبه، مشددًا، ومثل هذا في البحر عند أبي حيان.
وقال ابن خالويه:
«سمعت الزاهد يقول: جنب، وأجنب، وجنب، وتجنب، بمعنى واحد» ).[معجم القراءات: 4/496]

قوله تعالى: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36)}
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (وَتَقَدَّمَ إِمَالَةُ عَصَانِي لِلْكِسَائِيِّ فِي بَابِهَا). [النشر في القراءات العشر: 2/299]
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (تتمة:
تقدم إظهار خبيثة اجتثّت [إبراهيم: 26]، وإمالة عصاني [إبراهيم: 36] للكسائي). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/406] (م)
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وأمال "عصاني" الكسائي، وقلله الأزرق بخلفه). [إتحاف فضلاء البشر: 2/170]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36)}
{إِنَّهُنَّ}
قراءة يعقوب في الوقف بهاء السكت (إنهنه).
{كَثِيرًا}
ترقيق الراء عن الأزرق وورش.
{مِنَ النَّاسِ}
الإمالة فيه لأبي عمرو من طريق الدوري بخلاف، وتقدم بيان هذا في الآية / 25 من هذه السورة.
{عَصَانِي}
أماله الكسائي.
وعن الأزرق وورش الفتح والتقليل.
والباقون على الفتح).[معجم القراءات: 4/496]

قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)}
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (هشام، من قراءتي على أبي الفتح: {أفئيدة من الناس} (37): بياء بعد الهمزة، وكذا نص عليه الحلواني عنه، وبه آخذ.
والباقون: بغير ياء). [التيسير في القراءات السبع: 331]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) :(هشام من قراءتي على أبي الفتح: (أفئيدة من النّاس)، بياء بعد الهمزة وكذا النّص عليه الحلواني عنه، والباقون بغير ياء). [تحبير التيسير: 425]
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ( (تَهْوَى) بفتح التاء والواو [(بَادِىَ) (مُجَاهِدٌ)] مطرف عن أبي جعفر (يَهْوَى) بالياء وضمها وفتح الواو على ما لم يسم فاعله (تَهْوِي) ابن أبي صفية عن أبي جعفر، ومجاهد، وأبان بن ثعلب، الباقون بالتاء وفتحها وكسر الواو، وهو الاختيار لقوله: (أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ) ). [الكامل في القراءات العشر: 580]
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ( (أَفْئِدَةً) بالياء البكرواني عن هاشم بن بكار، والبيروتي عن شامي، الباقون بغير ياء، وهو
[الكامل في القراءات العشر: 580]
الاختيار؛ لموافقة أهل الحرمين). [الكامل في القراءات العشر: 581]
قال أحمد بن علي بن خلف ابن الباذش الأنصاري (ت: 540هـ): ([37]- {أَفْئِدَةً} بياء بعد الهمزة: هشام.
نص عليه الحلواني عنه، وبه عنه قرأت على أبي -رضي الله عنه- عن قراءته على أصحاب عثمان بن سعيد، من طريق عبد الباقي بن الحسن.
[الإقناع: 2/677]
وقرأت به على أبي القاسم، من طريق الأزرق الجمال عن الحلواني عنه). [الإقناع: 2/678]
قال القاسم بن فيرُّه بن خلف الشاطبي (ت: 590هـ): (800- .... .... .... .... = وَأَفْئِدَةً بِالْيَا بِخُلْفٍ لَهُ وَلاَ). [الشاطبية: 63]
- قال علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت: 643هـ): ([800] وضم (كـ)فا (حصن) يضلوا يضل عن = وأفئدة باليا بخلف (لـ)ـه ولا
...
و(أفئيدة) بزيادة الياء، قرأ بهما أبو عمرو على أبي الفتح. قال: «وكذلك نص عليه الحلواني عنه».
[فتح الوصيد: 2/1041]
وذكر أبو الفتح في كتابه في قراءة السبعة: «وروی هشام وحده عن ابن عامر: (فاجعل أفئيدة) بياء ساكنة بعد الهمزة».
وهذه القراءة، وجهها الإشباع.والإشباع، أن تزيد في الحركة حتى تبلغ بها الحرف الذي أخذت منه. والغرض بذلك، الفرق بين الهمزة والدال، الأهما حرفان شدیدان.
و(الولاء)، مصدر: ولي ولاء). [فتح الوصيد: 2/1042]
- قال محمد بن أحمد الموصلي (شعلة) (ت: 656هـ): ([800] وضم كفا حصنٍ يضلوا يضل عن = وأفئدةً باليا بخلفٍ له ولا
ب: (الكفى): الكفؤ، (الولا): النصر.
[كنز المعاني: 2/359]
ح: (ضم): أمر، (كفى): نصب على الحال، أضيفت إلى (حصن) قصرت ضرورة، (يضلوا) مفعول (ضم)، (يضل عن): عطف بحذف العاطف، أفئدةً: مبتدأ، (باليا): حال، (له ولا): خبر ومبتدأ، والجملة: خبر الأول.
ص: قرأ ابن عامر والكوفيون ونافع: {ليضلوا عن سبيله} هنا [30]، و{ليضل عن سبيل الله} في الحج [9]، ولقمان [6]، و{ليضلوا عن سبيله} في الزمر [8] بضم الياء من الإضلال، والباقون: بفتحها من الضلال، وأشار إلى قوة قراءة الضم بقوله: (كُفى حصنٍ).
وقرأ هشام بخلاف عنه: (فاجعل أفئيدةً من الناس) [37] بياء بعد الهمزة بوزن: (أفعيلة)، نص على ذلك الحلوني، ووجهه: إشباع الكسر، وهو: أن يزيد في الحركة حتى يبلغ بها الحرف الذي أخذت منه، والباقون: بحذف
[كنز المعاني: 2/360]
الياء، نحو: (أعمدة)، و(أجربة)، وهو القياس). [كنز المعاني: 2/361] (م)
- قال أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (ت: 665هـ): (وقال صاحب التيسير هشام: من قراءتي علي أبي الفتح: "أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ" بياء بعد الهمزة قال: وكذلك نص عليه الحلواني عنه، قال الشيخ: وذكر أبو الفتح في كتابه في قراءة السبعة، وروى هشام وحده عن ابن عامر: "فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً" بياء ساكنة بعد الهمزة قال: وهذه القراءة وجهها الإشباع؛
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/299]
والإشباع أن تزيد في الحركة حتى تبلغ بها الحرف الذي أخذت منه، والغرض بذلك الفرق بين الهمزة والدال؛ لأنهما حرفان شديدان، والولاء مصدر ولى ولاء قلت الولاء النصر وهذه أيضا قراءة ضعيفة بعيدة عن فصاحة القرآن، وقل من ذكرها من مصنفي القراءات بل أعرض عنها جمهور الأكابر، ونعم ما فعلوا، فما كل ما يروى عن هؤلاء الأئمة يكون مختارا؛ بل قد روى عنهم وجوه ضعيفة، وعجيب من صاحب التيسير كيف ذكر هذه القراءة مع كونه أسقط وجوها كثيرة لم يذكرها نحو ما نبهنا عليه مما زاده ناظم هذه القصيدة، وههنا قراءة صحيحة تروى عن عاصم وأبي عمرو: "وإنما نؤخرهم ليوم" بالنون ذكرها ابن مجاهد وغيره من كبار أئمة القراءة، ولم يذكرها صاحب التيسير؛ لأنها ليست من طريق اليزيدي، وقد أشبعت الكلام في هذا في الشرح الكبير في آخر سورة أم القرآن، وما وزان هذه القراءة إلا أن يقال في أعمدة وأتجدة أعميدة وأتجيدة بزيادة ياء بعد الميم والجيم، وكان بعض شيوخنا يقول: يحتمل أن هشاما قرأها بإبدال الهمزة ياء أو بتسهيلها كالياء فعبر الراوي لها بالياء فظن من أخطأ فهمه أنها بياء بعد الهمزة وإنما كان المراد بياء عوضا من الهمزة، فيكون هذا التحريف من جنس التحريف المنسوب إلى من روى عن أبي عمرو: "بَارِئْكُمْ" و"يَأْمُرْكُمْ" ونحوه بإسكان حركة الإعراب وإنما كان ذلك اختلاسا، وفي هذه الكلمة قراءة أخرى ذكرها الزمخشري في تفسيره، وإن كان قد وَهِمَ في توجيهها وهي بكسر الفاء من غير همز، ووجهها أنها ألقيت حركة الهمزة على الساكن قبلها وحذفت فهذه قراءة جيدة وهذه صورة ما
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/300]
يفعله حمزة في الوقف عليها، ولعل من روى قراءة الإشباع كان قد قرأها بلا همز، فرد هشام عليه متلفظا بالهمزة وأشبع كسرتها زيادة في التنبيه على الهمزة، فظن أن الإشباع مقصود فلزمه ورواه والله أعلم). [إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/301]
- قال عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي (ت: 1403هـ): (800 - .... .... .... .... .... = وأفئيدة باليا بخلف له ولا
....
وقرأ هشام بخلف عنه بإثبات ياء ساكنة بعد الهمزة المكسورة في لفظ أفئدة في قوله: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ، وقرأ الباقون بحذف هذه الياء وهو الوجه الثاني لهشام). [الوافي في شرح الشاطبية: 303]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ( (وَاخْتُلِفَ) عَنْ هِشَامٍ فِي أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ، فَرَوَى الْحُلْوَانِيُّ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ بِيَاءٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ هُنَا خَاصَّةً، وَهِيَ رِوَايَةُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيِّ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ، قَالَ الْحُلْوَانِيُّ عَنْ هِشَامٍ: هُوَ مِنَ الْوُفُودِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ سُمِعَ فَعَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى لُغَةِ الْمُشْبِعِينَ مِنَ الْعَرَبِ الَّذِينَ يَقُولُونَ الدَّرَاهِيمَ وَالصَّيَارِيفَ، وَلَيْسَتْ ضَرُورَةً، بَلْ لُغَةٌ مُسْتَعْمَلَةٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ فِي شَوَاهِدِ التَّوْضِيحِ الْإِشْبَاعَ مِنَ الْحَرَكَاتِ الثَّلَاثَةِ لُغَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَجَعَلَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلَهُمْ: بَيْنَا زَيْدٌ قَائِمٌ جَاءَ عَمْرٌو، أَيْ: بَيْنَ أَوْقَاتِ قِيَامِ زَيْدٍ، فَأُشْبِعَتْ فَتْحَةُ النُّونِ فَتَوَلَّدَ الْأَلِفُ، وَحَكَى
[النشر في القراءات العشر: 2/299]
الْفَرَّاءُ أَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ أَكَلْتُ لَحْمَا شَاةٍ، أَيْ لَحْمَ شَاةٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ هُوَ ضَرُورَةٌ، وَإِنَّ هِشَامًا سَهَّلَ الْهَمْزَةَ كَالْيَاءِ فَعَبَّرَ الرَّاوِي عَنْهَا عَلَى مَا فَهِمَ بِيَاءٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ وَالْمُرَادُ بِيَاءٍ عُوِّضَ عَنْهَا، وَرَدَّ ذَلِكَ الْحَافِظُ الدَّانِيُّ، وَقَالَ: إِنَّ النَّقَلَةَ عَنْ هِشَامٍ كَانُوا أَعْلَمَ بِالْقِرَاءَةِ وَوُجُوهِهَا، وَلَيْسَ يُفْضِي بِهِمُ الْجَهْلُ إِلَى أَنْ يُعْتَقَدَ فِيهِمْ مِثْلُ هَذَا.
(قُلْتُ): وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ ذَلِكَ الْقَوْلِ أَنَّ تَسْهِيلَ هَذِهِ الْهَمْزَةِ كَالْيَاءِ لَا يَجُوزُ، بَلْ تَسْهِيلُهَا إِنَّمَا يَكُونُ بِالنَّقْلِ، وَلَمْ يَكُنِ الْحُلْوَانِيُّ مُنْفَرِدًا بِهَا عَنْ هِشَامٍ، بَلْ رَوَاهَا عَنْهُ كَذَلِكَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ الْبَكْرَاوِيُّ شَيْخُ ابْنِ مُجَاهِدٍ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ، بَلْ رَوَاهَا عَنِ ابْنِ عَامِرٍ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَغَيْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَرَوَاهَا الْأُسْتَاذُ أَبُو مُحَمَّدٍ سِبْطُ الْخَيَّاطِ عَنِ الْأَخْفَشِ عَنْ هِشَامٍ، وَعَنِ الدَّاجُونِيِّ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنْ هِشَامٍ، وَقَالَ: مَا رَأَيْتُهُ مَنْصُوصًا فِي التَّعْلِيقِ لَكِنْ قَرَأْتُ بِهِ عَلَى الشَّرِيفِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْخِلَافَ عَنْ جَمِيعِ أَصْحَابِ هِشَامٍ، وَرَوَى الدَّاجُونِيُّ مِنْ أَكْثَرِ الطُّرُقِ عَنْ أَصْحَابِهِ وَسَائِرِ أَصْحَابِ هِشَامٍ عَنْهُ بِغَيْرِ يَاءٍ، وَكَذَلِكَ قَرَأَ الْبَاقُونَ.
(وَاتَّفَقُوا) عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ أَنَّهُ بِغَيْرِ يَاءٍ لِأَنَّهُ جَمْعُ فُؤَادٍ، وَهُوَ الْقَلْبُ، أَيْ قُلُوبُهُمْ فَارِغَةٌ مِنَ الْعُقُولِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ قَالَ هِشَامٌ: هُوَ مِنَ الْوُفُودِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -). [النشر في القراءات العشر: 2/300]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (روى هشام باختلاف عنه {أفئدةً من الناس} [37] بياء بعد الهمزة هنا خاصة، والباقون بغير ياء). [تقريب النشر في القراءات العشر: 565]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (714- .... .... .... .... .... = .... .... واشبعن أفئدتا
715 - لي الخلف .... .... .... = .... .... .... .... .... ). [طيبة النشر: 81]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (قوله: (واشبعن أفئدة) أي قرأ هشام بخلاف عنه كما في أول البيت الآتي «فاجعل أفئدة من الناس» بإشباع الهمزة وهو عبارة عن تمكين الحركة فتولد منها حرف يجانسها وهذا وجه مسلم عند العرب، والباقون بغير ياء بعد الهمزة). [شرح طيبة النشر لابن الجزري: 258]
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (ثم كمل فقال:
ص:
(حبر) (غ) نا لقمان (حبر) وأتى = عكس رويس واشبعن أفئدتا
(ل) ى الخلف وافتح لتزول ارفع (ر) ما = ... ... ... ...
ش: أي: قرأ مدلول (حبر) ابن كثير وأبو عمرو وغين (غنا) رويس ليضلوا عن سبيله هنا [إبراهيم: 30]، وليضل عن سبيل الله بالحج [الآية: 9]، وو جعل لله أندادا ليضل بالزمر [الآية: 8]- بفتح ياء الثلاث على أنه مضارع «ضل» [اللازم].
وكذلك قرأ (حبر) لهو الحديث ليضل في (لقمان) [الآية: 6]، وقوله: (وأتى
[شرح طيبة النشر للنويري: 2/404]
[عكس)، أي: ورد عن رويس] روايتان:
الأولى: ما تقدم، وهو رواية التمار من كل طرقه إلا من طريق أبي الطيب.
والثانية: طريق أبي الطيب، عكس ذلك: بفتح الياء في لقمان، وبضمها في الثلاث.
وقرأ الباقون بضم الأربع على أنه مضارع «أضل»، وعليها قوله [تعالى]: وأضلّوا كثيرا وضلّوا [المائدة: 77].
واختلف عن ذي لام (لى) هشام في فاجعل أفئدة من النّاس تهوي إليهم [إبراهيم: 37]:
فروى عنه الحلواني من طرقه بياء بعد الهمزة هنا خاصة.
وهي من رواية العباس بن الوليد عن أصحابه عن ابن عامر.
قال الحلواني عن هشام: هو من الوفود، فإن كان قد سمع على غير قياس، وإلا فهو لغة المشبعين [من] العرب الذين يقولون: الدراهيم، والصياريف، وليست ضرورة، بل لغة مستعملة.
قال ابن مالك: معروفة، وجعل منها قولهم: «بينا زيد قائم جاء عمرو»، أي: بين أوقات قيام زيد، وأشبعت فتحة النون؛ فتولدت الألف.
وحكى الفراء: أن من العرب من يقول: أكلت لحما شاة ورواها [عن هشام] مع الحلواني أبو العباس البكراوي شيخ ابن مجاهد [ورواها مع هشام عن ابن عامر العباس بن الوليد وغيره].
ورواها سبط الخياط عن الأخفش عن هشام، وعن الداجوني عن أصحابه عن هشام.
قال: ما رأيته منصوصا في «التعليق» قرأت به على الشريف. انتهى.
وأطلق أبو العلاء الخلاف عن جميع أصحاب هشام.
وروى الداجوني من أكثر الطرق عن أصحابه وسائر أصحاب هشام عنه بغير ياء، وكذلك قرأ الباقون.
وقرأ ذو راء (رم) الكسائي وإن كان مكرهم لتزول منه [إبراهيم: 46] بفتح اللام
[شرح طيبة النشر للنويري: 2/405]
الأولى ورفع الأخيرة، والتسعة بكسر الأولى ونصب الأخيرة.
وجه الفتح: جعل أنّ مخففة من الثقيلة، واللام الأولى هي الفارقة بين المخففة والنافية، والفعل مرفوع.
ووجه الكسر: جعل أنّ نافية ك «ما» واللام للجحود والفعل منصوب بـ «أن» مضمرة بعدها نحو: وما كان الله ليطلعكم على الغيب [آل عمران: 179] ). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/406] (م)

قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وفتح ياء الإضافة من إني أسكنت نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر). [إتحاف فضلاء البشر: 2/170]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (واختلف في "أَفْئِدَة" [الآية: 37] هنا فهشام من جميع طرق الحلواني بياء بعد الهمزة لغرض المبالغة على لغة المشبعين من العرب على حد الدراهم والصياريف، وليست ضرورة بل لغة مستعملة معروفة، ولم ينفرد بهما الحلواني عن هشام، ولا هشام عن ابن عامر كما بينه في النشر، فالطعن فيها مردود، وروى الداجوني من أكثر الطرق عن هشام بغير ياء، وبه قرأ الباقون جمع فؤاد كغراب وأغربه، وخرج بهنا نحو: وأفئدتهم هواء المجمع على أنها بغير ياء أي: قلوبهم فارغة من العقول). [إتحاف فضلاء البشر: 2/170]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): ("وضم" هاء "إليهم" حمزة ويعقوب). [إتحاف فضلاء البشر: 2/170]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {إني أسكنت} [37] قرأ الحرميان والبصري بفتح الياء، والباقون بالإسكان).[غيث النفع: 772]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {أفئدة} قرأ هشام بخلف عنه بياء ساكنة بعد الهمزة، على لغة المشبعين من العرب وهي لغة معروفة ذكرها ابن مالك، ويحسنها هنا بيان الهمزة.
أو أنه جمع (وفد) واحد الوفود، على غير قياس، والباقون بغير ياء، وهو الطريق الثاني لهشام).[غيث النفع: 772]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {إليهم} ظاهر). [غيث النفع: 772]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)}
{إِنِّي أَسْكَنْتُ}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وأبو جعفر وابن محيصن واليزيدي (إني أسكنت) بفتح الياء في الوصل.
وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب {إني أسكنت} بسكون الياء في الوصل.
وأما في الوقف فجميعهم على سكون الياء.
{بِوَادٍ غَيْرِ}
أخفى أبو جعفر التنوين في الغين مع الغنة.
{الصَّلَاةَ}
غلظ اللام الأزرق وورش.
{أَفْئِدَةً} قراءة الجماعة {أفئدة} بالهمز، وهو الوجه الثاني عن هشام عن ابن عامر من طريق الداجوني.
وقرأ هشام عن ابن عامر من طريق الحلواني (أفئيدة) بياء بعد الهمزة.
وخرجت هذه القراءة على إشباع الكسرة على الهمزة حتى استوت
[معجم القراءات: 4/497]
ياء بعدها، لغرض المبالغة.
ولما كان الإشباع لا يكون إلا في ضرورة الشعر فقد حمل بعض العلماء هذه القراءة على التسهيل في الهمز كالياء، فعبر عنه الراوي بالياء، فظن من أخطأ فهم هذه القراءة أنها بياء بعد الهمزة.
ورد الداني هذا، وذكر أن النقلة عن هشام كانوا أعلم الناس بالقراءة ووجوهها، وليس يفضي بهم الجهل إلى أن يعتقد فيهم مثل هذا.
وإليك هذه النصوص في المسألة:
قال الشهاب:
«... وقرأ هشام عن ابن عامر بياء بعد الهمزة، فقيل: إنها إشباع كقوله:
أعوذ بالله من العقراب = و الشائلات عقد الأذناب
فقال بعضهم: إن الإشباع مخصوص بضرورة الشعر فكيف يقرأ به في أفصح الكلام؟
وزعم أنه قرأ بتسهيل الهمزة بين بين، فظنها الراوي زيادة ياء بعد الهمزة، وليس بشيء فإن الرواية أجل من هذا».
وفي الإتحاف:
«فهشام من جميع طرق الحلواني بياء بعد الهمزة لغرض المبالغة على لغة المشبعين من العرب على حد الدراهيم والصياريف، وليست ضرورة، بل لغة مستعملة معروفة، ولم ينفرد بها الحلواني عن هشام، ولا هشام عن ابن عامر كما بينه في النشر؛ فالطعن فيها مردود...».
وقال أبو حيان: «... وخرج ذلك على الإشباع، ولما كان الإشباع لا يكون إلا في
[معجم القراءات: 4/498]
ضرورة الشعر حمل بعض العلماء هذه القراءة على أن هشامًا قرأ بتسهيل الهمزة كالياء، فعبر الراوي عنها بالياء، فظن من أخطأ فهمه أنها بياء بعد الهمزة، والمراد بياء عوضًا من الهمزة، قال: فيكون هذا التحريف من جنس التحريف المنسوب إلى من روى عن أبي عمرو{بارئكم} و {يأمركم} ونحوه، بإسكان حركة الإعراب، وإنما كان ذلك اختلاسًا، قال أبو عمرو الداني الحافظ: ما ذكره صاحب هذا القول لا يعتمد عليه، لأن النقلة عن هشام وأبي عمرو كانوا من أعلم الناس بالقراءة ووجوهها، وليس يفضي بهم الجهل إلى أن يعتقد فيهم مثل هذا».
وقرأ ابن كثير (آفدة) على وزن فاعلة، وهو يحتمل وجهين:
الأول: أن يكون اسم فاعل من «أفد»، أي: دنا وقرب وعجل، أي: جماعات أفدة.
الثاني: أن يكون جمع «فؤاد»، ويكون من باب القلب، وصار بالقلب أأفدة، فأبدلت الهمزة الساكنة ألفًا كما قالوا في أرآم أأرام، فوزن: آفدة على هذا أغفلة.
كذا التخريج عند أبي حيان رحمه الله تعالى، وتجد مثل هذا عند الشهاب في حاشيته.
وقرأ عيسى بن عمر (أفدة) بغير مد ولا همز، وبكسر الفاء.
[معجم القراءات: 4/499]
وفي تخريجها وجهان:
1- أن يكون صفة من أفد، بوزن خشنة، كما تقول فَرِحَ فهو فَرِحٌ، فهو مثل القراءة السابقة من باب اسم الفاعل.
۲- أن يكون جمع فؤاد، وذلك بحذف الهمزة من «أفئدة» ونقل حركتها إلى الساكن قبلها وهو الفاء، ثم طرحت الهمزة.
وقرئ (فدة)، بغير همز ولا ياء مكسورة الفاء مثل عدة، ويجوز أن يكون مصدر وفد.
وقرأت أم الهيثم (أفودة) بالواو المكسورة في موضع الهمزة.
قال أبو حيان: «قال صاحب اللوامح: وهو جمع وفد، والقراءة حسنة، لكني لا أعرف هذه القراءة بل ذكرها أبو حاتم، انتهى.
قال أبو حيان: أبدل الهمزة في فؤاد بعد الضمة كما أبدلت في «جون»، ثم جمع، فأقرها في الجمع إقرارها في المفرد، أو هو جمع «وفد»، كما قال صاحب اللوامح، وقلب إذ الأصل: أوفدة، وجمع فعل على أفعلة شاذ نحو: نجد وأنجدة ووهي وأوهية، وأم الهيثم امرأة نقل عنها شيء من لغات العرب».
وقرأ زيد بن علي (إفادة) على وزن إشارة.
قال أبو حيان:
«ويظهر أن الهمزة بدل من الواو المكسورة كما قالوا إشاح في وشاح، فالوزن: فعالة، أي فاجعل ذوي وفادة، ويجوز أن يكون مصدر: أفاد إفادة، أو ذوي إفادة، وهم الناس الذين يفيدون وينتفع بهم».
[معجم القراءات: 4/500]
وقراءة حمزة في الوصل كقراءة الجماعة (أفئدة)، ولكنه في الوقف ينقل حركة الهمزة إلى الفاء ثم يحذف الهمزة فتصير (أفدة) مثل قراءة عيسى بن عمر المتقدمة.
{مِنَ النَّاسِ}
تقدمت الإمالة فيه في الآية /25 من هذه السورة.
{تَهْوِي إِلَيْهِمْ}
قراءة الجمهور {تهوي...} من «هوى»، أي: تسرع، وهي المختارة عند الزجاج، فهي أحب إليه من غيرها.
قال أبو حيان:
«تهوي إليهم، أي تسرع إليهم، وتطير نحوهم شوقًا ونزاعًا، ولما ضمن «تهوي» معني «تميل» عداه بإلي، وأصله أن يتعدى باللام...».
وقرأ علي بن أبي طالب وزيد بن علي ومحمد بن علي ومحمد بن السميع اليماني، وجعفر بن محمد ومجاهد (تهوى) فهو مضارع «هوي» بمعنى أحب، وعدي بإلى لتضمنه معنى النزوع، والأصل فيه أن يتعدى بنفسه، وأن يقال: تهواهم.
قال ابن جني:
«... بفتح الواو من هويت الشيء إذا أحببته، إلا أنه قال: {إليهم}، وأنت لا تقول، هويت إلى فلان، لكنك تقول: هويت فلانًا؛ لأنه عليه السلام حمله على المعنى، ألا ترى أن معنى هويت الشيء: ملت إليه؟ فقال: تهوي إليهم لأنه لاحظ معنى: تميل إليهم، وهذا باب من العربية ذو غور...».
[معجم القراءات: 4/501]
وقرأ مسلمة بن عبد الله (تهوى...) بضم التاء وفتح الواو مبنيًا للمفعول من «أهوى» المنقولة بهمزة التعدية من «هوى» اللازم، كأنه قيل: يشرع بها إليهم.
كذا النص عند أبي حيان، وجاءت عند السمين (یهوی) بالياء.
أما ابن جني فقال:
«وأما (تهوى إليهم)، فمنقول من {تهوي إليهم}، وإن شئت كان منقولًا من قراءة علي عليه السلام {تهوى}، كلاهما جائز على ما مضى».
وذكر ابن خالويه و مختصره القراءة عن مسلمة (يهوى...)، بالياء وفتح الواو مبنيًا للفاعل كقراءة علي رضي الله عنه إلا أنه بالياء، ولعله تصحيف صوابه بالتاء، ووقع مثل هذا التصحيف في قراءة علي السابقة ومن معه.
{إِلَيْهِمْ}
قراءة حمزة ويعقوب والمطوعي (إليهم) بضم الهاء في الحالين، وهو الأصل.
وقراءة الجماعة {إليهم} بكسر الهاء لمناسبة الياء).[معجم القراءات: 4/502]

قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (38)}
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وأمال "ما يخفى" حمزة والكسائي وخلف، وقلله الأزرق بخلفه). [إتحاف فضلاء البشر: 2/170]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (38)}
{تَعْلَمُ مَا}
إدغام الميم في الميم وإظهارها عن أبي عمرو ويعقوب.
{يَخْفَى}
أماله حمزة والكسائي وخلف.
[معجم القراءات: 4/502]
والفتح والتقليل عن الأزرق وورش.
والباقون على الفتح.
{شَيْءٍ}
تقدمت القراءة فيه في الوقف عند حمزة، انظر الآيتين / 20 و 106 من سورة البقرة.
{السَّمَاءِ}
قراءة حمزة في الوقف بتسهيل الهمز مع المد والتوسط والقصر).[معجم القراءات: 4/503]

قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39)}
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وعن ابن محيصن "وهبني على الكبر" بالنون عوضا من اللام). [إتحاف فضلاء البشر: 2/171]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39)}
قرأ ابن محيصن (وهبني على الكبر).
وقراءة الجماعة {وهب لي...} باللام.
أما ابن محيصن فقد جاء الفعل على قراءته متعديًا للمفعول الأول بنفسه، وأما عند الجماعة فهو متعد باللام وهو مثل: شكره، وشكر له.
وفي المصباح:
«وهبت لزيد مالًا أهبه له هيبة أعطيته بلا عوض، يتعدى إلى الأول باللام.
وفي التنزيل: {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور}.
قال ابن القوطية والسرقسطي والمطرزي وجماعة: ولا يتعدى إلى الأول بنفسه، فلا يقال: وهبتك مالًا، والفقهاء يقولونه، وقد يجعل له وجه وهو أن يضمن «وهب» معنى «جعل»، فيتعدى بنفسه إلى مفعولين: ومن كلامهم: وهبني الله فداك. أي جعلني، لكن لم يسمع كلام فصيح...».
{الدُّعَاءِ}
قراءة حمزة" في الوقف بتسهيل الهمز مع المد والتوسط والقصر).[معجم القراءات: 4/503]

قوله تعالى: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40)}
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (4 - وَاخْتلفُوا في إِثْبَات الْيَاء في الْوَصْل من قَوْله {وَتقبل دُعَاء} 40
قَرَأَ ابْن كثير وَحَمْزَة وَأَبُو عَمْرو وَحَفْص عَن عَاصِم في رِوَايَة هُبَيْرَة عَن حَفْص {وَتقبل دُعَاء} بياء في الْوَصْل
وَقَالَ البزي عَن ابْن كثير يصل وَيقف بياء
وروى أَبُو عمَارَة عَن أَبي حَفْص عَن أَبي عمر عَن عَاصِم {وَتقبل دُعَاء} بِغَيْر يَاء في وصل ووقف
وَقَالَ قنبل قَالَ بعض أَصْحَابنَا عَن ابْن كثير إِنَّه يشم الْيَاء في الْوَصْل وَلَا يثبثها وَيقف بِالْألف
الْبَاقُونَ {دُعَاء} بِغَيْر يَاء
وروى نصر بن علي عَن الأصمعي قَالَ سَمِعت نَافِعًا يقْرَأ {وَتقبل دُعَاء رَبنَا} بياء في الْوَصْل
وَكَذَلِكَ قَالَ ورش {دُعَاء} وروى غير هذَيْن عَن نَافِع بِغَيْر يَاء في وصل وَلَا وقف
وَقَرَأَ الكسائي وَابْن عَامر وَعَاصِم في رِوَايَة أَبي بكر بِغَيْر يَاء في وصل وَلَا وقف). [السبعة في القراءات: 362 - 363]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وأثبت الياء في "دعاء" وصلا ورش وأبو عمرو وحمزة وأبو جعفر وقنبل من طريق ابن شنبوذ، وحذفها في الحالين من طريق ابن مجاهد، وهذا هو طريق النشر الذي هو طريق كتابنا، وورد أيضا إثباتها وقفا أيضا من طريق ابن شنبوذ قال في النشر: وبكل من الحذف والإثبات قرأت عن قنبل وصلا ووقفا وبه أخذ في الحالين البزي ويعقوب). [إتحاف فضلاء البشر: 2/171]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {دعآء} قرأ ورش والبصري وحمزة بإثبات ياء بعد الهمزة وصلاً لا وقفًا، والبزي بإثباتها مطلقًا، والباقون بحذفها مطلقًا، وورش على أصله من المد والتوسط والقصر، وليس هذا مما تزاحم فيه مد البدل ومد التمكين فيقدم مد التمكين لقوته، بل مد البدل بعد مد التمكين).[غيث النفع: 773]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40)}
{الصَّلَاةِ}
تقدم تغليظ اللام للأزرق وورش، انظر الآية/37 من هذه السورة.
{وَمِنْ ذُرِّيَّتِي}
تقدمت قراءة المطوعي (... ذريتي) بكسر أوله مرارًا.
{وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ}
قرأ بإثبات الياء ساكنة وصلًا (دعائي...)، وحذفها في الوقف.
ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وحفص عن عاصم في رواية هبيرة عن حفص، وإسماعيل وورش وأبو جعفر وقنبل من طريق ابن شنبوذ والبرجمي عن أبي بكر وسهل، وهي رواية عن نافع من طريق الأصمعي وورش، واليزيدي والأعمش وابن محيصن بخلاف عنه.
وقرأ بإثبات الياء وقفًا ووصلًا «دعائي».
البزي عن ابن كثير ويعقوب والبرجمي عن أبي بكر.
وقرأ نافع برواية قالون وإسماعيل وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر والكسائي وابن كثير برواية ابن فليح وخلف وطلحة والأعمش، وابن محيصن في وجهه الثاني «دعاء» بحذف الياء في الحالين:
[معجم القراءات: 4/504]
قال الأصبهاني:
قرأت بالكوفة على زيد بن علي عن ابن فرح عن أبي عمر عنه -أي عن إسماعيل - بإثبات الياء.
وقرأت على غيره بحذف الياء، وهذا عندي أصح وأثبت».
وقال ابن مجاهد:
«روى أبو عمارة عن أبي حفص عن أبي عمر عن عاصم.. بغير ياء في وصل ووقف».
«وروى نصر بن علي عن الأصمعي قال: سمعت نافعًا يقرأ... بياء في الوصل، وكذلك قال ورش...، وروى غير هذين عن نافع بغير ياء في وصل ولا وقف».
وأما قنبل فعنه خلاف:
فقد روى عنه ابن مجاهد الحذف في الحالين، وروى عنه ابن شنبوذ الإثبات في الوصل والحذف في الوقف، وقد ورد عن ابن مجاهد مثل ابن شنبوذ.
وعن ابن شنبوذ الإثبات في الوقف أيضًا، ذكر هذا الهذلي وقال: هو تخليط.
وذكر صاحب النشر أنه بكل من الحذف والإثبات قرأ عن قنبل وصلًا ووقفًا، وبه يأخذ.
وقال قنبل:
قال بعض أصحابنا عن ابن كثير: إنه كان يشم الياء في الوصل ولا يثبتها.
وذكروا عن ابن كثير أنه كان يقف بالألف (دعا).
[معجم القراءات: 4/505]
{دُعَاءِ. رَبَّنَا اغْفِرْ}
قرأ يحيى بن وثاب عند وصل آخر هذه الآية بأول التالية: (وتقبل دعاي ربنا) كذا من غير همز، ذكره الفراء).[معجم القراءات: 4/506]

قوله تعالى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41)}
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ( (وَلِوَالِدِي) على التوحيد مجاهد، الباقون (وَلِوَالِدَيَّ) على التثنية، وهو الاختيار؛ لأنه أجمع). [الكامل في القراءات العشر: 581]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41)}
{رَبَّنَا}
قراءة الجماعة: {ربنا...} بالنصب على النداء، وحرف النداء محذوف، أي: يا ربنا.
وقرأ الحسين بن علي، ومحمد وزيد أخواه (ربنا...) بالرفع على الخبر، والمبتدأ محذوف، أي: أنت ربنا.
{اغْفِرْ لِي}
أدغم الراء في اللام أبو عمرو من رواية السوسي، ووافقه أبو عمرو وابن محيصن واليزيدي.
واختلف عن أبي عمرو من رواية الدوري.
والباقون على الإظهار.
{وَلِوَالِدَيَّ}
قراءة السبعة وأبي جعفر ويعقوب {ولوالدي} بألف بعد الواو وتشديد الياء، تثنية «والد».
وقرأ يحيى بن يعمر وإبراهيم النخعي والزهري والحسين بن علي أو الحسن بن علي وأبو جعفر محمد بن علي وزيد بن علي وابن مسعود وأبي بن كعب (ولودي) بغير ألف وبفتح اللام، يعني
[معجم القراءات: 4/506]
إسماعيل وإسحاق.
قال أبو حيان:
«وأنكر عاصم الجحدري هذه القراءة وقال: إن في مصحف أبي: (ولأبوي) انتهى.
يعني أن ما مصحف أُبَيّ يرد هذه القراءة، ويؤيد قراءة الجماعة في أن طلب المغفرة كان لوالديه وليس لولديه.
وقال الزجاج:
وهذه القراءة ليست بشيء؛ لأنها خلاف ما عليه أهل الأمصار من أهل القراءات».
وقرأ يحيى بن يعمر والجوني (ولولدي) بالتوحيد.
وقرأ يحيى بن يعمر وعاصم الجحدري (ولودي)بضم الواو وسكون اللام.
ويحتمل أن يكون جمع «ولد» كأَسد وأُسْد، ويحتمل أن يكون لغة في الولد.
قال ابن خالويه:
«الوُلْد والوَلَد سواء مثل: السُّقْم والسَّقَم، وقال آخرون: الوُلْد جمع وَلَد».
وقال ابن جني:
«الولد يكون واحدًا ويكون جمعًا، قال الواحد:
[معجم القراءات: 4/507]
فليت زيادًا كان في بطن أمه = وليت زيادًا كان وُلد حمار
وإذا كان جمعًا فهو جمع وَلَد كأَسد وأُسد وخَشبة وخُشب، وقد يجوز أن يكون الوُلد أيضًا جمع وُلد كالفلك في أنه جمع الفلك...» كذا !!
وقرأ سعيد بن جبير ومجاهد (ولوالدي) بإسكان الياء على الإفراد، يعني أباه وحده.
وذكر ابن خالويه هذه القراءة عن الحسن بن علي رضي الله عنه.
وقرأ أُبَي (ولأبوي)، وكذلك جاءت في مصحفه، وهي مفسرة القراءة الجماعة، وبهذه القراءة رد عاصم الجحدري قراءة الزهري ومن معه (لولدي) المتقدمة. وقد ذكرت هذا.
وجاء في بعض المصاحف (... ولذريتي).
{وَلِلْمُؤْمِنِينَ}
تقدمت القراءة بإبدال الهمزة واوًا مرارًا (وللمومنين) ).[معجم القراءات: 4/508]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس