عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 10:09 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يوسف
[ من الآية (54) إلى الآية (57) ]

{ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57) }

قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54)}

قوله تعالى: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)}

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {يتبوا منها حيث يشاء} [56].
قرأ ابن كثير {نشاء} بالنون الله تعالى يُخبر نفسه.
وقرأ الباقون بالياء {حيث يشاء} ومعناه: حيث يشاء يوسف، ويوسف لا مشيئة له؛ لأن الله تعالى قال: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله} والمشيئة له بعد مشيئة الله وقضائه. وهذا كما تقول: أضل الله الكافرين فضلوا هم، وأمات الله زيدًا فمات هو، هذا إذا جعلت المشيئة بمعنى العلم والقضاء أي: علم الله أنهم يشاءون ذلك. ومعنى {يتبوا} ينزل، والمتبوأ: المَنزل. وقد شرحت ذلك في (يونس) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/312]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ ابن كثير وحده: يتبوأ منها حيث نشاء [يوسف/ 56] بالنون.
وقرأ الباقون بالياء.
قال أبو علي: يتبوأ منها حيث يشاء من قال: حيث يشاء، فيشاء مسند إلى فعل الغائب، كما كان يتبوأ كذلك.
ويقوي ذلك: وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء [الزمر/ 74]. وكما أن قوله: حيث نشاء وفق فعل المتبوءين فكذلك قوله: حيث يشاء وفق لقوله: يتبوأ في إسناده إلى الغيبة.
وأما قراءة ابن كثير حيث نشاء فإنه على أحد وجهين:
إما يكون أسند المشيئة إليه، وهي ليوسف في المعنى، لأن مشيئته لما كانت بقوّته وإقداره عليها جاز أن ينسب إلى الله سبحانه، وإن كان في المعنى ليوسف، كما قال: وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى [الأنفال/ 17]، فأضيف الرمي إلى الله سبحانه لما كان بقوته، وإن كان الرمي للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.
والآخر: أن يكون الموضع المتبوّأ مواضع نسك وقرب، أو مواضع يقام فيها الحقّ من أمر بمعروف أو نهي عن منكر،
[الحجة للقراء السبعة: 4/428]
فالتبوّؤ في نحو هذه الأماكن والمكث فيها قرب إلى الله سبحانه، فهو يشاؤه ويريده.
ويقوي النون أن الفعل المعطوف عليه كذلك، وهو: نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين [يوسف/ 56]، فأما اللام في قوله: مكنا ليوسف [يوسف/ 21]، وفي قوله: إنا مكنا له في الأرض [الكهف/ 84] فيجوز أن يكون على حدّ التي في قوله: ردف لكم [النمل/ 72] وللرؤيا تعبرون [يوسف/ 43]، يدلّ على ذلك قوله: ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه [الأحقاف/ 26]، وقوله: مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم [الأنعام/ 6]. وتكون اللام في قوله: ما لم نمكن لكم على هذا أيضا.
وقوله: يتبوأ في موضع نصب على الحال تقديره مكّنّاه متبوّئا حيث يشاء، فأما قوله: حيث يشاء فيحتمل موضعه أمرين، أحدهما: أن يكون في موضع نصب بأنه ظرف، والآخر: أن يكون في موضع بأنه مفعول به، ويدل على جواز هذا الوجه قول الشمّاخ:
وحلّأها عن ذي الأراكة عامر... أخو الخضر يرمي حيث تكوى النّواحز). [الحجة للقراء السبعة: 4/429]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين}
قرأ ابن كثير {حيث نشاء} بالنّون الله أخبر عن نفسه وحجته ما بعده وهو {نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع}
وقرأ الباقون حيث يشاء أي يوسف كأنّه قال يتبوأ يوسف). [حجة القراءات: 360]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (20- قوله: {حيث يشاء} قرأه ابن كثير بالنون، رده على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، لقوله قبل ذلك {كذلك مكناه}، فأخبر عن نفسه بالتمكين، إذ كل شيء بمشيئته يكون، ويقوى ذلك أن بعده {نُصيب برحمتنا من نشاء ولا نضير أجر} فجرى كله على الإخبار، فحمل {نشاء} على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه أولى لتطابق الكلام. وقرأ الباقون بالياء،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/11]
ردوه على لفظ {يوسف} لأنه أقرب إليه من لفظ الإخبار، ولفظه غائب ودل على ذلك قوله {يتبوأ منها} فأتى بلفظ الغائب وهو الاختيار؛ لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/12]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18- {حَيْثُ نَشَاءُ} [آية/ 56] بالنون:
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أن المعنى حيث نشاء نحن، على إسناد الفعل إلى الله سبحانه بلفظ الجمع على ما سبق في مثله، والمراد أن يوسف عليه السلام لم يكن لينزل من الأرض إلا حيث يشاء الله تعالى أن ينزل يوسف فيه.
ويجوز أن تكون المشيئة وإن كانت مسندة إلى الله تعالى فإن مشيئة يوسف مشيئة الله تعالى، كما قال سبحانه {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الله}.
وقرأ الباقون بالياء، ولم يختلفوا في {يَتَبَوَّأُ} أنها بالياء.
والوجه في الياء من {يَشَاءُ} أن الفعل فيه مسند إلى يوسف، كما أن في {يَتَبَوَّأُ} كذلك، والمعنى: ينزل يوسف من الأرض حيث يريده وهو يؤثر أن ينزل فيه، يصف بذلك تمكنه). [الموضح: 682]

قوله تعالى: {وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس