عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 11:44 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (58) إلى الآية (59) ]

{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59) }

قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (قوله جلّ وعزّ: (نغفر لكم خطاياكم)
قرأ نافع: (يغفر لكم خطاياكم) - بالياء -.
وقرأ ابن عامر (تغفر لكم) بالتاء مضمومة -.
وقرأ الباقون (نغفر لكم خطاياكم) بالنون -.
قال أبو منصور: من قرأ (يغفر لكم خطاياكم) - بالياء - فلتقدم فعل الجماعة، ومن قرأ (تغفر) - بالتاء - فلتأنيث الخطايا، وهي جمع خطيئة وخطايا، ومن قرأ (نغفر لكم خطاياكم) فالفعل لله جلّ وعزّ، نغفر نحن، وخطاياكم على هذه القراءة في موضع النصب؛ لوقوع الفعل عليها.
ومن قرأ بالتاء والياء فخطاياكم في موضع الرفع، لأنه لم يسم فاعلها، والإعراب لا يتميز فيها؛ لأنها مقصورة.
والخطايا هي: الآثام التي تعمدها كاسبها). [معاني القراءات وعللها: 1/152]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في نغفر لكم خطاياكم [البقرة/ 58] في النون والتاء والياء.
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي: نغفر لكم بالنون. وقرأ نافع: يغفر لكم بالياء مضمومة على ما لم يسمّ فاعله. وقرأ ابن عامر تغفر لكم مضمومة التاء.
ولم يختلفوا في: خطاياكم في هذه السورة، غير أن الكسائي كان يميلها وحده، والباقون لا يميلون.
قال أبو علي: حجة من قال: نغفر لكم بالنون أنه أشكل بما قبله. ألا ترى أنّ قبله: وإذ قلنا ادخلوا هذه [البقرة/ 58] فكأنه قال: قلنا ادخلوا، نغفر.
وحجة من قال: يغفر أنه يؤول إلى هذا المعنى، فيعلم من الفحوى أن ذنوب المكلفين وخطاياهم لا يغفرها إلا الله، وكذلك القول في من قرأ: تغفر. إلا أنّ من قال: يغفر لم يثبت علامة التأنيث في الفعل لتقدّمه، كما لم يثبت لذلك في نحو قوله: وقال نسوةٌ في المدينة [يوسف/ 30].
ومن قال: تغفر فلأن علامة التأنيث قد ثبتت في هذا النحو نحو قوله: قالت الأعراب [الحجرات/ 14] وكلا
[الحجة للقراء السبعة: 2/85]
الأمرين قد جاء به التنزيل قال: وأخذ الّذين ظلموا الصّيحة [هود/ 67] وفي موضع فأخذتهم الصّيحة [الحجر/ 83] والأمران جميعا كثيران.
فأما إمالة الكسائي الألف في: خطاياكم فجوازها حسن، وحسنها: أن الألف إذا كانت رابعة فصاعدا اطّردت فيها الإمالة، والألف في خطايا خامسة، ومما يبين جواز الإمالة في ذلك، أنك لو سمّيت بخطايا ثم ثنّيته، لأبدلت الياء من الألف، كما تبدل من ألف قرقرى وجحجبى، وألف مرامى، ونحو ذلك. ويقوي ذلك أن غزا ونحوها قد جازت إمالة ألفها، وإن كانت الواو تثبت فيها وهي على هذه العدّة، فإذا جاز في باب غزا مع ما ذكرناه، فجوازها في خطايا أولى، لأنها بمنزلة ما أصله الياء، ألا ترى أن الهمزة لا تستعمل هنا في قول الجمهور والأمر الكثير الشائع.
ومما يبين ذلك أن الألف قد أبدلت من الهمزة في العدّة التي يجوز معها تحقيق الهمزة. وذلك إذا كانت ردفا في نحو:
ولم أورا بها
[الحجة للقراء السبعة: 2/86]
ونحو:
... على رال فلو لم تنزّل منزلة الألف التي لا تناسب الهمزة، لم يجز وقوعها في هذا الموضع، فإذا جاز ذلك فيها، مع أن الهمزة قد يجوز أن تخفف في نحو: أورا، إذا لم يكن ردفا، فأن تجوز الإمالة في خطايا أولى). [الحجة للقراء السبعة: 2/87]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين}
قرأ نافع يغفر لكم بالياء وفتح الفاء على ما لم يسم فاعله خطاياكم في موضع رفع لأنّه مفعول ما لم يسم فاعله وحجته في الياء أن الفعل متقدم وقد حيل بينه وبين الخطايا ب لكم فصار الحائل كالعوض من التّأنيث وحجّة أخرى وهي أن الخطايا جمع وجمع ما لا يعقل يشبه بجمع ما يعقل من النّساء كما قال وقال
[حجة القراءات: 97]
نسوة في المدينة فلمّا ذكر فعل جميع النّساء ذكر فعل الخطايا ونحوه أم هل يستوي الظّلمات
وقرأ ابن عامر تغفر بالتّاء وقد ذكرنا إعرابها وحجته في التّاء أنه فعل متقدم نحو قوله قالت الأعراب
وقرأ الباقون نغفر بالنّون وحجتهم في ذلك أن نغفر بين خبرين من أخبار الله عن نفسه قد أخرجا بالنّون وذلك قوله {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية} فخرج ذلك بالنّون ولم يقل وإذ قيل فيقال تغفر ويغفر والآخر قوله {وسنزيد المحسنين} ولم يقل وسيزاد المحسنون
واعلم أن من قرأ يغفر فهو يؤول أيضا إلى هذا المعنى فيعلم من الفحوى أن ذنب الخلائق وخطاياهم لا يغفره إلّا الله ويقوّي هذا قوله {قل للّذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} ). [حجة القراءات: 98]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (32- قوله: {يغفر لكم} قرأه نافع بالياء، وقرأه ابن عامر بالتاء، وقرأه الباقون بالنون، وأدغم أبو عمرو في رواية الرقيين عنه، الراء في اللام، وأظهرها الباقون.
33- ووجه القراءة بالنون أنه مردود على ما قبله، وهو قوله: {وإذ قلنا}، فجرى «نغفر» على الإخبار عن الله جل ذكره، كما أتى «قلنا» على الإخبار، فالتقدير: وقلنا ادخلوا الباب سجدًا نغر لكم.
34- ووجه القراءة بالتاء أنه أنث، لتأنيث لفظ «الخطايا» لأنها جمع «خطية» على التكسير.
35- ووجه القراءة بالياء أنه ذَكَّرَ لما حال بين المؤنث وفعله، والعلل المذكورة في ولا «يقبل» تحسن في هذا على قراءة من قرأ بالياء، وحسن فيه الياء والتاء، وإن كان قبله إخبار عن الله، جل ذكره، في قوله: {وإذ قلنا} لأنه قد علم أن ذنوب الخاطئين لا يغفرها إلا الله، فاستغنى عن النون، ورد الفعل إلى الخطايا المغفورة، فأما من أدغم الراء في اللام فقد ذكرنا أنه قبيح لزوال تكرير الراء، ولأن الحرف ينتقل في الإدغام إلى أضعف من حاله قبل الإدغام، وذلك مرفوض قبيح والإظهار هو الأصل، وعليه الجماعة، فهو أبقى لقوة الحذف). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/243]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (22- {نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} [آية/ 58]:-
بالياء مضمومةً، قرأها نافع وحده.
وهذا على إسناد الفعل إلى المفعول به؛ لأنه معلوم أن خطايا العباد لا يغفرها إلا الله سبحانه، وتذكير الفعل إنما هو على حد تذكيره في قوله تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ} إذ كان جمعًا وقد تقدم فعله، وزاده الفصل ههنا جوازًا وحسنًا.
وقرأ ابن عامر {تُغْفَرْ لَكُمْ} بالتاء مضمومة، فأثبت علامة التأنيث؛ لأن العلامة قد ثبتت في نحو ذلك وهو {قَالَت الأعْرَابُ} وهذا لأنه إذا جاز ترك
[الموضح: 277]
العلامة في ذلك فإثبات العلامة أجوز؛ لأن معنى التأنيث حاصل فيه بكونه جماعة.
وقرأ الباقون {نَغْفِرْ لَكُمْ} بالنون مفتوحةً.
لأنه أليق بما تقدمه، وهو قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ} كأنه قال: قلنا ادخلوا نغفر.
وأمال الكسائي {خَطَايَاكُمْ} و{خَطَايَاهُمْ} و{خَطَايَانَا} في جميع القرآن، وقد تقدمت علة هذا النحو؛ وذلك أن الألف إذا وقعت رابعةً فصاعدًا حسنت فيها الإمالة، وهذه الألف وقعت خامسة فلا نظر في حسن الإمالة فيها). [الموضح: 278]

قوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس