عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 12:31 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة سبأ
[ من الآية (1) إلى الآية (5) ]

{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (3) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ (5)}


قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1)}
قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)}
قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (3)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله عزّ وجلّ: (عالم الغيب (3)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم (عالم الغيب) خفضًا.
وقرأ نافع وابن عامر ويعقوب (عالم الغيب).
وقرأ حمزة والكسائي (علّام الغيب) خفضًا بلام مشددة بعدها ألف.
قال أبو منصور: من قرأ (عالم الغيب): أو (علّام الغيب) بالخفض جعله صفة للّه في قوله: (الحمد لله).
ومن قرأ (عالم الغيب) فهو استئناف، ويكون المعني: عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة، ويكون (لا يعزب) خبر الابتداء، وجائز الرفع على المدح للّه، المعنى: هو عالم الغيب.
ومن قرأ (علّام الغيب) بالتشديد فعلى المبالغة في صفة الله يعلم الغيب، ومن صفات الله العالم، والعليم، والعلّام). [معاني القراءات وعللها: 2/287]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (قوله تعالى: {عالم الغيب} [3].
قرأ حمزة والكسائي: {عالم الغيب} بالخفض نعت للرب تعالى في قوله: {قل بلي وربي علم الغيب} لأن «بلي» صلة للقسم، و«ربي» جر بواو القسم. و«علام» أبلغ في المدح من «عليم» و«عالم» لأن فعالا لفعل وضع للتكثير والدوام، والمبالغة في الصفة كقوله: [جزار] وحلاق، وفلان سباق بالخيرات، واحتجا بما حدثني ابن مجاهد عن محمد بن هرون عن يحيى بين زياد قال: في حرف ابن مسعود {عالم الغيب} واحتجا أيضًا بما في آخر السورة {قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب} [48].
وقال الباقون أعني من قرأ: {عالم الغيب} وهم ابن كثير وأبو عمرو وعاصم {علام الغيوب} في آخر السورة مضاف إلى الجمع فشددت للتكثر والترديد. كما تقول العرب: أغلقت الباب مخففًا فإن جمعوا قالوا غلقت الأبواب، وذبحت الشاء قالوا: والاختيار {علم الغيب} كما قال تعالى في: (قد أفلح) {عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون}.
وقرأ نافع وابن عامر: {علم الغيب} بالرفع على الابتداء والخبر: هو عالم الغيب. والعرب تقول: رجل عالم فإذا زادوا في المدح قالوا: عليم، فإذا بالغوا في الوصف قالوا: علام، وعلامة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/208]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {لا يعزب عنه مثقال ذرة} [3].
قرأ الكسائي وحده: {لا يعزب عنه} بكسر الزاي.
وقرأ الباقون بالضم. وهما لغتان: يعزب، ويعزب مثل يعكف، ويعكف، ويعرش، ويعرش، وقد ذكرت عله ذلك في سورة (يونس) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/209]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم: عالم الغيب [3] كسرا، وقرأ نافع وابن عامر: عالم الغيب رفعا. وقال ابن ذكوان: قال بعض أصحابنا عن يحيى بن الحارث عن ابن عامر عالم الغيب كسرا. وقرأ حمزة والكسائي: علّام الغيب بالكسر وبلام قبل الألف.
قال أبو علي: الجرّ في عالم على اتباعه المجرور الحمد لله [1] عالم الغيب. وأمّا الرفع، فيجوز أن يكون عالم خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو عالم الغيب ويجوز في من رفع أن يكون ابتداء وخبره لا يعزب عنه، وعلّام الغيب في اتباعه ما قبله. مثل: عالم الغيب، وعلّام أبلغ وقد قال: يقذف بالحق علام الغيوب [سبأ/ 48]، وقال إنك أنت علام الغيوب [المائدة/ 109 - 116].
[الحجة للقراء السبعة: 6/5]
وحجّة عالم الغيب قوله: عالم الغيب والشهادة [التغابن/ 18] وعالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا [الجن/ 26] ). [الحجة للقراء السبعة: 6/6]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ الكسائي وحده لا يعزب عنه [سبأ/ 3] بكسر الزاي.
وقرأ الباقون: يعزب بضم الزاي.
قال أبو علي: يعزب ويعزب لغتان، ومثله يحشر ويحشر، ويعكف ويعكف، ويفسق ويفسق. وهو كثير). [الحجة للقراء السبعة: 6/6]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (هارون عن طُلَيْق المعلِّم قال: سمعت أشياخنا يقرءون: [لَيَأْتِيَنَّكم]، بالياء.
قال أبو الفتح: جاز التذكير هنا بعد قوله تعالى: {لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ}، لأن المخوف منها إنما هو عقابها، والمأمول ثوابها؛ فغلب معنى التذكير الذي هو مَرْجو أو مخوف؛ فذكَّر على ذلك وإذا جاز تأنيث المذكر على ضرب من التأول كان تذكير المؤنث -لغلبة التذكير- أحرى وأجدر. ألا ترى إلى قول الله سبحانه: {يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ}؛ لأن بعضها سيارة أيضا؟ وعليه قولهم: ذهبَتْ بعضُ أصابعه؛ لأن بعضها إصبع في المعنى.
وحكى الأصمعي عن أبي عمرو قال: سمعت رجلا من اليمن يقول: فلان لغوبٌ، جاءته كتابي فاحتقرها. فقلت له: أتقول: جاءته كتابي؟ فقال: نعم، أليس بصحيفة. وهذا من أعرابيٍّ جافٍ هو الذي نبه أصحابنا على انتزاع العلل. وكذلك ما يجري مجراه فاعرفه، وكذلك الآية المقدم ذكرها). [المحتسب: 2/186]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة} 3
قرأ نافع وابن عامر {عالم الغيب} بالرّفع على المدح أي هو عالم فهو خبر ابتداء محذوف ويجوز أن يكون عالم ابتداء وخبره {لا يعزب عنه}
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم {عالم} بالخفض جعلوه صفة لله المعنى الحمد لله عالم الغيب ويجوز أن يكون صفة للرب في قوله {قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب} أو بدل منه {وربي} جر بواو القسم
وقرأ حمزة والكسائيّ (علام الغيب) بالخفض واللّام قبل الألف وهو أبلغ في المدح من عالم والعرب تقول رجل عالم فإذا زادوا في المدح قالوا عليم فإذا بالغوا قالوا علام وحجتهم قوله {قل إن ربّي يقذف بالحقّ علام الغيوب} و{إنّك أنت علام الغيوب}
[حجة القراءات: 581]
وحجّة {عالم} قوله {عالم الغيب والشّهادة}
قرأ الكسائي {لا يعزب} بكسر الزّاي وقرأ الباقون بالرّفع وهما لغتان تقول عزب يعزب ويعزب مثل عكف يعكف ويعكف). [حجة القراءات: 582]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {عالم الغيب} قرأه نافع وابن عامر على وزن «فاعل»، على معنى: هو عالم فرفعه على خبر ابتداء محذوف، أو على الابتداء والخبر محذوف، أو يكون الخبر {لا يعزب عنه}، و«فاعل» أكثر في الكلام من «فعال»، وقد قال تعالى: {عالم الغيب والشهادة} «الأنعام 73» فهو إجماع، وقال: {عالم الغيب فلا يُظهر} «الجن 26» فهو إجماع، وهو الاختيار؛ لأنه المستعمل في الأكثر، وقرأه حمزة والكسائي «علام الغيب» بالخفض على وزن «فعال» الذي للمبالغة في العلم بالغيب وغيره، كما قال: {يقذف بالحق علام الغيوب} «سبأ 48» فهذا إجماع بناء للمبالغة في علم الله جل وعز للغيوب، وقد قال تعالى عن عيسى إنه قال: {إنك أنت علام الغيوب} «المائدة 116» فهذا أيضًا إجماع، والخفض فيه على أنه نعت لله في قوله: {الحمد لله} «1»، وقرأ الباقون «عالم» على وزن «فاعل» لكثرة استعمالهم «فاعل» في الصفات، غير أنهم خفضوا على النعت لله جل ذكره). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/201]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (2- قوله: {لا يعزب عنه} قرأه الكسائي بكسر الزاي، وقرأ الباقون بضم الزاي، وهما لغتان مثل «يعكِف ويعكُف ويفسِق وفسُق»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/201]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {عَالِمِ الْغَيْبِ} [آية/ 3] على وزن فاعل، وبجر الميم:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ويعقوب ح-.
والوجه أن قوله {عَالِمِ الْغَيْبِ} بالجر يجوز أن يكون صفة لله، وهو الذي تقدم ذكره في قوله تعالى {الْحَمْدُ لِلَّهِ}.
ويجوز أن يكون صفة للرب في قوله تعالى {قُلْ بَلَى وَرَبِّي} وقوله {رَبِّي} مجرورٌ بواو القسم، فصفته أيضًا مجرورةٌ، وهذا أظهر لقرب الموصوف من الصفة، وقيل: إنه بدلٌ.
وقرأ نافع وابن عامر ويعقوب يس- {عَالِمُ} بالرفع.
والوجه أنه على الاستئناف، فيجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوفٍ، والتقدير: هو عالم الغيب، ويجوز أن يكون مبتدأ، وخبره قوله {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ}.
[الموضح: 1041]
وقرأ حمزة والكسائي {عَلَّامِ الْغَيْبِ} بتشديد اللام وبالألف بعدها، وبالجر.
والوجه أن علَّامًا فعَّالٌ وهو بناءٌ وُضع للمبالغة والتكثير، وعالمٌ يصلح للقلة والكثرة جميعًا؛ لأن لفظ فاعلٍ يصلح لقليل الفعل وكثيره.
وأما الجر في {عَلَّامِ} فعلى ما ذكرنا). [الموضح: 1042]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {لَا يَعْزِبُ عَنْهُ} [آية/ 3] بكسر الزاي:
قرأها الكسائي وحده.
وقرأ الباقون {يَعْزُبُ} بضم الزاي.
والوجه أنهما لغتان في مضارع عَزَبَ يعزِب ويعْزُب كيفسِق ويفسُق ويحشِر ويحشُر). [الموضح: 1042]

قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)}
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ (5)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (عذابٌ من رجزٍ أليمٌ (5)
[معاني القراءات وعللها: 2/287]
قرأ ابن كثيرٍ، وحفص عن عاصم، ويعقوب (من رجزٍ أليمٌ) بالرفع، ومثله في الجائية.
وقرأ الباقون (أليمٍ) خفضًا في السورتين.
قال أبو منصور: من قرأ (أليمٌ) بالرفع فهو صفة لقوله (عذابٌ).
ومن كسر جعله صفة (رجزٍ) ). [معاني القراءات وعللها: 2/288]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله تعالى: {لهم عذاب من رجز أليم} [5]. قرأ ابن كثير وحفص عن عاصم: {من رجز أليم} بالرفع فجعله نعتًا للعذاب أي: لهم عذاب أليم من رجز، والأليم: المؤلم الموجع، يقال: آلمت الشيء آلم. قال الله تعالى: {إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون} وقال: أليم بمعنى مؤلم، مثل سميع بمعنى مسمع. كما قال:
أمن ريحانة الداعي السميع = يؤرقني وأصحابي هجوع
أراد: المسمع
وقرأ الباقون: {من رجز أليم} جعلوه نعتًا للرجز، والرجز يختلف الناس فيه فقالوا: هو بمعنى الرجس، وقالوا: كل ما في القرآن الرجس فهو النتن، وما كان الرجز فهو العذاب إلا قوله: {الرجز فاهجر} فإن معناه: وبعدة الأوثان فاجتنبهم لأن الرجز ها هنا- الصنم بالضم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/209]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال قرأ عاصم في رواية حفص من رجز أليم [سبأ/ 5] رفعا، وفي الجاثية [11] مثله.
وكذلك قرأ ابن كثير فيهما، وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم:
رجز أليم كسرا فيهما.
قال أبو علي: الرجز: العذاب، بدلالة قوله سبحانه: لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك [الأعراف/ 134] وقال: فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء [البقرة/ 59] وإذا كان الرجز العذاب، جاز أن يوصف بأليم، كما أنّ نفس العذاب قد جاز أن يوصف به في نحو قوله: ولهم عذاب أليم [آل عمران/ 177]، ومثل هذا في أنّ الصّفة تجري على المضاف مرّة، وعلى المضاف إليه
[الحجة للقراء السبعة: 6/6]
أخرى، وقوله تعالى: بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ ومحفوظ [البروج/ 21 - 22] فالجرّ على حمله على اللّوح، والرفع على حمله على القرآن، وإذا كان القرآن في لوح، وكان اللّوح محفوظا، فالقرآن محفوظ أيضا، وكذلك ثياب سندس خضر، وخضر [الإنسان/ 21]. فالرّفع على أن يتبع الثياب، والجرّ على أن يتبع السندس، وإذا كان الثياب سندسا والسندس خضر فالثياب كذلك، ولفظ سندس وإن كان مفردا فهو في المعنى جنس وكثرة، فلذلك جاز أن يوصف بخضر. فكذلك قوله سبحانه: من رجز أليم [سبأ/ 5] والجرّ في أليم أبين، لأنّه إذا كان عذاب من عذاب أليم، كان العذاب الأوّل أليما، وإذا أجريت الأليم على العذاب كان المعنى عذاب أليم من عذاب فالأوّل أكثر فائدة). [الحجة للقراء السبعة: 6/7]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({والّذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم} 5
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (والّذين سعوا في آياتنا معجزين) بغير ألف أي مثبطين مبطئين أي يثبطون ويبطئون النّاس عن رسول الله صلى الله عليه وقيل {معجزين} معناه أنهم يعجزون من آمن بها
وقرأ الباقون {معاجزين} أي معاندين وقال الزّجاج معاجزين أي مسابقين
قرأ ابن كثير وحفص {لهم عذاب من رجز أليم} بالرّفع وفي الجاثية مثله جعلاه نعتا للعذاب أي لهم عذاب أليم من رجز
وقرأ الباقون {من رجز أليم} خفضا جعلاه نعتا للرجز والرجز العذاب بدلالة قوله {لئن كشفت عنّا الرجز} وقال {فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزا من السّماء} فإذا كان الرجز العذاب وصف ب أليم كما أن نفس العذاب قد جاز أن يوصف به في نحو قوله {ولهم عذاب أليم} ومثل هذا في أن الصّفة تجري على
[حجة القراءات: 582]
المضاف مرّة وعلى المضاف إليه أخرى قوله {بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ} و{محفوظ} فالجر على حمله على اللّوح والرّفع على حمله على القرآن وإذا كان القرآن في لوح وكان اللّوح محفوظًا فالقرآن محفوظ). [حجة القراءات: 583]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {من رجزٍ أليم} قرأ ابن كثير وحفص «أليم» بالرفع، على النعت للعذاب على تقدير: عذاب أليم من رجز، وفيه بعد، لأن الرجز هو العذاب، فيصير التقدير: عذاب أليم من عذاب، فهذا معنى غير متمكن، وقرأ
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/201]
الباقون بخفض «أليم» على النعت لـ «رجز» وهو الاختيار؛ لأنه أصح في التقدير والمعنى؛ إذ تقديره: لهم عذاب من عذاب أليم، أي: من هذا الصنف، من أصناف العذاب، لأن العذاب بعضه آلم من بعض، وأيضًا فعليه الجماعة، ومثله الاختلاف والحجة في الجاثية). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/202]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {فِي آَيَاتِنَا مُعَجِّزِينَ} [آية/ 5 و38] بغير ألفٍ، مشددة الجيم:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو.
وقرأ الباقون {مُعَاجِزِينَ} بالألف، مخففة الجيم.
وقد سبق الكلام على هذا في سورة الحج). [الموضح: 1042]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ} [آية/ 5] بالرفع:
قرأها ابن كثير و-ص- عن عاصم ويعقوب.
[الموضح: 1042]
والوجه أنه صفة للعذاب، والتقدير: عذابٌ أليمٌ من رجزٍ، أي عذابٌ أليمٌ من أشد العذاب، والرجزُ: أسوأ العذاب وأشده.
وقرأ الباقون {مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٍ} بالجر، وكذلك اختلافهم في الجاثية.
والوجه أنه صفة للرجز، والمعنى لهم عذابٌ من أشد عذابٍ أليمٍ، فهو في المعنى كالقراءة الأولى؛ لأنه إذا وُصف العذاب الثاني وهو الرجز بأنه أليمٌ، كان العذاب الأول أليمًا؛ لأن الأول نوعٌ من الثاني). [الموضح: 1043]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس