عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 12:59 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وإذا طلّقتم النّساء} الآية خطاب للرجال لا يختص بحكمه إلا الأزواج، وذلك نهي للرجل أن يطول العدة على المرأة مضارّة منه لها، بأن يرتجع قرب انقضائها ثم يطلق بعد ذلك، قاله الضحاك وغيره، ولا خلاف فيه، ومعنى {بلغن أجلهن} قاربن، لأن المعنى يضطر إلى ذلك، لأنه بعد بلوغ الأجل لا خيار له في الإمساك، ومعنى {أمسكوهن} راجعوهن، و{بمعروفٍ} قيل هو الإشهاد، {ولا تمسكوهنّ} أي لا تراجعوهن ضرارا، وباقي الآية بيّن.
قوله عز وجل: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزواً واذكروا نعمت اللّه عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتّقوا اللّه واعلموا أنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ (231) وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن باللّه واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون (232)}
المراد آياته النازلة في الأوامر والنواهي، وقال الحسن: «نزلت هذه الآية فيمن طلق لاعبا أو هازلا أو راجع كذلك»، وقالته عائشة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد:النكاح والطلاق والرجعة».
ووقع هذا الحديث في المدونة من كلام ابن المسيب، النكاح والطلاق والعتق، ثم ذكر الله عباده بإنعامه عليهم بالقرآن والسنة، والحكمة هي السنة المبينة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم مراد الله فيما لم ينص عليه في الكتاب، والوصف ب عليمٌ يقتضيه ما تقدم من الأفعال التي ظاهرها خلاف النية فيها، كالمحلل والمرتجع مضارة). [المحرر الوجيز: 1/ 568-569]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ} الآية خطاب للمؤمنين الذين منهم الأزواج ومنهم الأولياء، لأنهم المراد في تعضلوهنّ، وبلوغ الأجل في هذا الموضع تناهيه، لأن المعنى يقتضي ذلك، وقد قال بعض الناس في هذا الموضع: إن المراد ب تعضلوهنّ، الأزواج، وذلك بأن يكون الارتجاع مضارة عضلا عن نكاح الغير، فقوله أزواجهنّ على هذا يعني به الرجال، إذ منهم الأزواج، وعلى أن المراد ب تعضلوهنّ الأولياء فالأزواج هم الذين كنّ في عصمتهم، والعضل المنع من الزواج، وهو من معنى التضييق والتعسير، كما يقال أعضلت الدجاجة إذا عسر بيضها، والداء العضال العسير البرء، وقيل: نزلت هذه الآية في معقل بن يسار وأخته، وقيل: في جابر بن عبد الله، وذلك أن رجلا طلق أخته، وقيل بنته، وتركها حتى تمت عدتها، ثم أراد ارتجاعها فغار جابر، وقال: «تركتها وأنت أملك بها، لا زوجتكها أبدا»، فنزلت الآية، وهذه الآية تقتضي ثبوت حق الولي في إنكاح وليته، وأن النكاح يفتقر إلى ولي، خلاف قول أبي حنيفة إن الولي ليس من شروط النكاح، وقوله: {بالمعروف} معناه المهر والإشهاد.
وقوله تعالى: {ذلك يوعظ به من كان منكم} خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم: ثم رجوع إلى خطاب الجماعة، والإشارة في ذلكم أزكى إلى ترك العضل، وأزكى وأطهر معناه أطيب للنفس وأطهر للعرض والدين، بسبب العلاقات التي تكون بين الأزواج، وربما لم يعلمها الولي فيؤدي العضل إلى الفساد والمخالطة على ما لا ينبغي، والله- تعالى- يعلم من ذلك ما لا يعلم البشر). [المحرر الوجيز: 1/ 569-570]


رد مع اقتباس