عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10 جمادى الأولى 1434هـ/21-03-2013م, 11:42 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ (55) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {هذا وإنّ للطّاغين لشرّ مآبٍ (55) جهنّم يصلونها فبئس المهاد (56) هذا فليذوقوه حميمٌ وغسّاقٌ (57) وآخر من شكله أزواجٌ (58) هذا فوجٌ مقتحمٌ معكم لا مرحبًا بهم إنّهم صالوا النّار (59) قالوا بل أنتم لا مرحبًا بكم أنتم قدّمتموه لنا فبئس القرار}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {هذا} الّذي وصفت لهؤلاء المتّقين: ثمّ استأنف جلّ وعزّ الخبر عن الكافرين به الّذين طغوا عليه وبغوا، فقال: {وإنّ للطّاغين} وهم الّذين تمرّدوا على ربّهم، فعصوا أمره مع إحسانه إليهم {لشرّ مآبٍ} يقول: لشرّ مرجعٍ ومصيرٍ يصيرون إليه في الآخرة بعد خروجهم من الدّنيا.
- كما حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وإنّ للطّاغين لشرّ مآبٍ} قال: لشرّ منقلبٍ). [جامع البيان: 20/125-126]

تفسير قوله تعالى: (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ثمّ بيّن تعالى ذكره: ما ذلك الّذي إليه ينقلبون ويصيرون في الآخرة، فقال: {جهنّم يصلونها} فترجم عن بـ{جهنّم} بقوله: {لشرّ مآبٍ} ومعنى الكلام: إنّ للكافرين لشرّ مصيرٍ يصيرون إليه يوم القيامة، لأنّ مصيرهم إلى جهنّم، وإليها منقلبهم بعد وفاتهم {فبئس المهاد} يقول تعالى ذكره: فبئس الفراش الّذي افترشوه لأنفسهم جهنّم). [جامع البيان: 20/126]

تفسير قوله تعالى: (هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم وأبي رزين، في قوله: {هذا فليذوقوه حميمٌ وغساق} [سورة ص: 57]، قالا: ما يسيل من صديدهم). [الزهد لابن المبارك: 2/580]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني ابن لهيعة عن أبي قبيلٍ، عن أبي هبيرة الزّياديّ قال: سمعت عبد اللّه بن عمرٍو يقول: أيّ شيءٍ الغسّاق، قالوا: اللّه أعلم، فقال عبد اللّه بن عمرٍو: هو القيح الغليظ، لو أنّ قطرةً منه تهراق بالمغرب أنتنت أهل المشرق، ولو تهراق في المشرق أنتنت أهل المغرب). [الجامع في علوم القرآن: 1/115]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى حميم وغساق قال هو ما يغسق بين جلده ولحمه يخرج من بينهما). [تفسير عبد الرزاق: 2/168]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت: 220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {حميم وغساق} قال: ما يخرج من أجسادهم [الآية: 57]). [تفسير الثوري: 260]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن منصورٍ، عن أبي رزينٍ، قال: الغسّاق: ما يسيل من صديدهم). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 288]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {هذا فليذوقوه حميمٌ وغسّاقٌ} يقول تعالى ذكره: هذا حميمٌ، وهو الّذي قد أغلي حتّى انتهى حرّه، وغسّاقٌ فليذوقوه؛ فالحميم مرفوعٌ بهذا، وقوله: {فليذوقوه} معناه التّأخير، لأنّ معنى الكلام ما ذكرت، وهو: هذا حميمٌ وغسّاقٌ فليذوقوه وقد يتّجه إلى أن يكون هذا مكتفيًا بقوله فليذوقوه ثمّ يبتدأ فيقال: حميمٌ وغسّاقٌ، بمعنى: منه حميمٌ ومنه غسّاقٌ؛ كما قال الشّاعر:
حتّى إذا ما أضاء الصّبح في غلسٍ = وغودر البقل ملويٌّ ومحصود
وإذا وجّه إلى هذا المعنى جاز في {هذا} النّصب والرّفع النّصب: على أن يضمر قبلها لها ناصبٌ، كم قال الشّاعر:
زيادتنا نعمان لا تحرمنّنا = تق اللّه فينا والكتاب الّذي تتلو
والرّفع بالهاء في قوله: {فليذوقوه} كما يقال: اللّيل فبادروه، واللّيل فبادروه.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {هذا فليذوقوه حميمٌ وغسّاقٌ} قال: الحميم: الّذي قد انتهى حرّه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: الحميم دموع أعينهم، يجتمع في حياض النّار فيسقونه.
وقوله: {وغسّاقٌ} اختلفت القرّاء في قراءته، فقرأته عامّة قرّاء الحجاز والبصرة وبعض الكوفيّين والشّام بالتّخفيف: (وغساقٌ) وقالوا: هو اسمٌ موضوعٌ وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة: {وغسّاقٌ} مشدّدةً، ووجّهوه إلى أنّه صفةٌ من قولهم: غسق يغسق غسوقًا: إذا سال، وقالوا: إنّما معناه: أنّهم يسقون الحميم، وما يسيل من صديدهم.
والصّواب من القول في ذلك عندي أنّهما قراءتان قد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما علماء من القرّاء، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ، وإن كان التّشديد في السّين آثر عندنا في ذلك، لأنّ المعروف ذلك في الكلام، وإن كان الآخر غير مدفوعةٌ صحّته.
واختلف أهل التّأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: هو ما يسيل من جلودهم من الصّديد والدّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {هذا فليذوقوه حميمٌ وغسّاقٌ} قال: كنّا نحدّث أنّ الغسّاق: ما يسيل من بين جلده ولحمه.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: الغسّاق: الّذي يسيل من أعينهم من دموعهم، يسقونه مع الحميم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن إبراهيم، قال: الغسّاق: ما يسيل من سرمهم، وما ينقطع من جلودهم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: الغسّاق: الصّديد يخرج من جلودهم ممّا تصهره النّار في حياضٍ يجتمع فيها فيسقونه.
- حدّثني يحيى بن عثمان بن صالحٍ السّهميّ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا ابن لهيعة، قال: حدّثني أبو قبيلٍ أنّه سمع أبا هبيرة الزّياديّ، يقول: سمعت عبد اللّه بن عمرٍو، يقول: أيّ شيءٍ الغسّاق؟ قالوا: اللّه أعلم، فقال عبد اللّه بن عمرٍو: هو القيح الغليظ، لو أنّ قطرةً منه تهراق في المغرب لأنتنت أهل المشرق، ولو تهراق في المشرق لأنتنت أهل المغرب.
قال يحيى بن عثمان، قال أبي: حدّثنا ابن لهيعة، مرّةً أخرى، فقال: حدّثنا أبو قبيلٍ، عن عبد اللّه بن هبيرة ولم يذكر لنا أبا هبيرة.
- حدّثنا ابن عوفٍ، قال: حدّثنا أبو المغيرة، قال: حدّثنا صفوان، قال: حدّثنا أبو يحيى عطيّة الكلاعيّ، أنّ كعبًا، كان يقول: هل تدرون ما غسّاقٌ؟ قالوا: لا واللّه، قال: عينٌ في جهنّم يسيل إليها حمة كلّ ذات حمةٍ من حيّةٍ أو عقربٍ أو غيرها، فيستنقع فيؤتى بالآدميّ، فيغمس فيها غمسةً واحدةً، فيخرج وقد سقط جلده ولحمه عن العظام حتّى يتعلّق جلده في كعبيه وعقبيه، وينجر لحمه كجرّ الرّجل ثوبه.
وقال آخرون: هو البارد الّذي لا يستطاع من برده.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن يحيى بن أبي زائدة، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {وغسّاقٌ} قال: باردٌ لا يستطاع، أو قال: بردٌ لا يستطاع.
- حدّثني عليّ بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، {هذا فليذوقوه حميمٌ وغسّاقٌ} قال: يقال: الغسّاق: أبرد البرد، ويقول آخرون: لا؛ بل هو أنتن النتن.
وقال آخرون: بل هو المنتن.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن المسيّب، عن إبراهيم النّكريّ، عن صالح بن حيّان، عن أبيه، عن عبد اللّه بن بريدة، قال: الغسّاق: المنتن، وهو بالطّخاريّة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني عمرو بن الحارث، عن درّاجٍ، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لو أنّ دلوًا من غسّاقٍ يهراق في الدّنيا لأنتن أهل الدّنيا.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصّواب قول من قال: هو ما يسيل من صديدهم، لأنّ ذلك هو الأغلب من معنى الغسوق، وإن كان للآخر وجهٌ صحيحٌ). [جامع البيان: 20/126-130]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} أي من انقطاع {هذا فليذوقوه حميم وغساق} قال: كنا نحدث أن الغساق ما يسيل من بين جلده ولحمه {وآخر من شكله أزواج} قال: من نحوه أزواج من العذاب). [الدر المنثور: 12/612] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وهناد، وعبد بن حميد عن أبي رزين قال: الغساق ما يسيل من صديدهم). [الدر المنثور: 12/612]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد عن عطية في قوله {وغساق} قال: الذي يسيل من جلودهم). [الدر المنثور: 12/612]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وغساق} قال: الزمهرير {وآخر من شكله} قال: نحوه {أزواج} قال: ألوان من العذاب). [الدر المنثور: 12/612]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد بن السري في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد قال: الغساق الذي لا يستطيعون أن يذوقوه من شدة برده). [الدر المنثور: 12/612]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن بريدة قال: الغساق المنتن وهو بالطخاوية). [الدر المنثور: 12/613]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والترمذي، وابن جرير، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أن دلو من غساق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا). [الدر المنثور: 12/613]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن كعب قال {وغساق} عين في جهنم يسيل إليها حمة كل ذات حمة من حية أو عقرب أو غيرها فليستنقع). [الدر المنثور: 12/613]

تفسير قوله تعالى: (وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن السدي عن مرة عن ابن مسعود في قوله تعالى وآخر من شكله أزوج قال الزمهرير). [تفسير عبد الرزاق: 2/166-167]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن السّدّيّ عن مرّة عن عبد اللّه في قوله: {وآخر من شكله أزواج} قال: الزمهرير [الآية: 58]). [تفسير الثوري: 260-261]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت: 220هـ): (سفيان [الثوري] قال: كان عبد اللّه يقرؤها: (وآخر من شكله أزواج) [الآية: 58]). [تفسير الثوري: 261]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {وآخر من شكله أزواجٌ}
- أخبرنا عمرو بن سواد بن الأسود بن عمرٍو، عن ابن وهبٍ، قال: حدّثنا ابن أبي ذئبٍ، عن محمّد بن عمرو بن عطاءٍ، عن سعيد بن يسارٍ، عن أبي هريرة، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: " إنّ الميّت تحضره الملائكة، فإذا كان الرّجل الصّالح، قال: اخرجي أيّتها النّفس الطّيّبة، كانت في جسدٍ طيّبٍ، اخرجي حميدةً، وأبشري بروحٍ وريحانٍ وربٍّ غير غضبان، فيقولون ذلك حتّى تخرج، ثمّ يعرج بها إلى السّماء، فيستفتح لها، فيقال: من هذا؟، فيقال: فلانٌ، فيقال: مرحبًا بالنّفس الطّيّبة، كانت في الجسد الطّيب، ادخلي حميدةً، وأبشري بروحٍ وريحانٍ وربٍّ غير غضبان، فيقال لها ذلك حتّى تنتهي إلى السّماء السّابعة، وإذا كان الرّجل السّوء، قيل: اخرجي أيّتها النّفس الخبيثة، كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمةً، وأبشري بحميمٍ وغسّاقٍ، وآخر من شكله أزواجٌ، فيقال ذلك حتّى تخرج، ثمّ يعرج بها إلى السّماء، فيستفتح لها، فيقال: من هذا؟ فيقال: فلانٌ، فيقال: لا مرحبًا بالنّفس الخبيثة، كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمةً، فلن تفتح لك أبواب السّماء "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/236]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وآخر من شكله أزواجٌ} اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة والكوفة {وآخر من شكله أزواجٌ} على التّوحيد، بمعنى: هذا حميمٌ وغسّاقٌ فليذوقوه، وعذابٌ آخر من نحو الحميم ألوانٌ وأنواعٌ، كما يقال: لك عذابٌ من فلانٍ: ضروبٌ وأنواعٌ؛ وقد يحتمل أن يكون مرادًا بالأزواج الخبر عن الحميم والغسّاق، وآخر من شكله، وذلك ثلاثةٌ، فقيل أزواجٌ، يراد أن ينعت بالأزواج تلك الأشياء الثّلاثة وقرأ ذلك بعض المكّيّين وبعض البصريّين: (وأخر) على الجماع، وكأنّ من قرأ ذلك كذلك كان عنده لا يصلح أن يكون الأزواج وهي جمعٌ نعتًا لواحدٍ، فلذلك جمع أخر، لتكون الأزواج نعتًا لها؛ والعرب لا تمنع أن ينعت الاسم إذا كان فعلاً بالكثير والقليل والاثنين كما بيّنّا، فتقول: عذاب فلانٍ أنواعٌ، ونوعان مختلفان.
وأعجب القراءتين إليّ أن أقرأ بها: {وآخر} على التّوحيد، وإن كانت الأخرى صحيحةً لاستفاضة القراءة بها في قرّاء الأمصار؛ وإنّما اخترنا التّوحيد لأنّه أصحّ مخرجًا في العربيّة، وأنّه في التّفسير بمعنى التّوحيد.
وقيل: إنّه الزّمهرير.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن السّدّيّ، عن مرّة، عن عبد اللّه {وآخر من شكله أزواجٌ} قال: الزّمهرير.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا سفيان، عن السّدّيّ، عن مرّة، عن عبد اللّه، بمثله.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا معاوية، عن سفيان، عن السّدّيّ، عمّن أخبره عن عبد اللّه بمثله، إلاّ أنّه قال: عذاب الزّمهرير.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن مرّة الهمدانيّ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، قال: هو الزّمهرير.
- حدّثت عن يحيى بن أبي زائدة، عن مبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: ذكر اللّه العذاب، فذكر السّلاسل والأغلال، وما يكون في الدّنيا، ثمّ قال: {وآخر من شكله أزواجٌ} قال: وآخر لم ير في الدّنيا.
وأمّا قوله: {من شكله} فإنّ معناه: من ضربه، ونحوه يقول الرّجل للرّجل: ما أنت من شكلي، بمعنى: ما أنت من ضربي بفتح الشّين وأمّا الشّكل فإنّه من المرأة ما علّقت ممّا تتحسّن به، وهو الدّل أيضًا منها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وآخر من شكله أزواجٌ} يقول: من نحوه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وآخر من شكله أزواجٌ} من نحوه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وآخر من شكله أزواجٌ} قال: من كلّ شكل ذلك العذاب الّذي سمّى اللّه، أزواجٌ لم يسمّها اللّه، قال: والشّكل: الشّبيه.
وقوله: {أزواجٌ} يعني: ألوانٌ وأنواعٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: {وآخر من شكله أزواجٌ} قال: ألوانٌ من العذاب.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {أزواجٌ} زوجٌ زوجٌ من العذاب.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أزواجٌ} قال: أزواجٌ من العذاب في النّار). [جامع البيان: 20/130-133]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} أي من انقطاع {هذا فليذوقوه حميم وغساق} قال: كنا نحدث أن الغساق ما يسيل من بين جلده ولحمه {وآخر من شكله أزواج} قال: من نحوه أزواج من العذاب). [الدر المنثور: 12/612] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وغساق} قال: الزمهرير {وآخر من شكله} قال: نحوه {أزواج} قال: ألوان من العذاب). [الدر المنثور: 12/612] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله {وآخر من شكله أزواج} قال: الزمهرير). [الدر المنثور: 12/613]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مرة قال: ذكروا الزمهرير فقال عبد الله ! ذلك قول الله {وآخر من شكله أزواج} فقالوا لعبد الله: إن للزمهرير بردا فقرأ هذه الآية (لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا) (النبأ 24 - 25) ). [الدر المنثور: 12/613-614]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عن الحسن في قوله {وآخر من شكله أزواج} قال: ألوان من العذاب). [الدر المنثور: 12/614]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: ذكر الله العذاب فذكر السلاسل والأغلال وما يكون في الدنيا ثم قال {وآخر من شكله أزواج} قال: آخر لم ير في الدنيا). [الدر المنثور: 12/614]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد أنه قرأ وآخر من شكله برفع الألف ونصب الخاء). [الدر المنثور: 12/614]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ وآخر من شكله ممدودة منصوبة الألف). [الدر المنثور: 12/614]

تفسير قوله تعالى: (هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ (59) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {هذا فوجٌ مقتحمٌ معكم} يعني تعالى ذكره بقوله: {هذا فوجٌ} هذا فرقةٌ وجماعةٌ مقتحمةٌ معكم أيّها الطّاغون النّار، وذلك دخول أمّةٍ من الأمم الكافرة بعد أمّةٍ؛ {لا مرحبًا بهم}، وهذا خبرٌ من اللّه عن قيل الطّاغين الّذين كانوا قد دخلوا النّار قبل هذا الفوج المقتحم للفوج المقتحم فيها عليهم، لا مرحبًا بهم، ولكنّ الكلام اتّصل فصار كأنّه قولٌ واحدٌ، كما قيل: {يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون} فاتّصل قول فرعون بقول ملئه، وهذا كما قال تعالى ذكره مخبرًا عن أهل النّار: {كلّما دخلت أمّةٌ لعنت أختها}.
ويعني بقولهم: {لا مرحبًا بهم} لا اتّسعت بهم مداخلهم، كما قال أبو الأسود:
ألا مرحبٌ واديك غير مضيّق
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {هذا فوجٌ مقتحمٌ معكم} في النّار {لا مرحبًا بهم إنّهم صالوا النّار قالوا بل أنتم لا مرحبًا بكم} حتّى بلغ: {فبئس القرار} قال: هؤلاء التّبّاع يقولون للرّؤوس.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {هذا فوجٌ مقتحمٌ معكم لا مرحبًا بهم} قال: الفوج: القوم الّذين يدخلون فوجًا بعد فوجٍ وقرأ: {كلّما دخلت أمّةٌ لعنت أختها} الّتي كانت قبلها.
وقوله: {إنّهم صالوا النّار} يقول: إنّهم واردو النّار وداخلوها). [جامع البيان: 20/133-135]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله {هذا فوج مقتحم معكم} إلى قوله {فبئس القرار} قال: هؤلاء الأتباع يقولونه للرؤوس). [الدر المنثور: 12/614-615]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (60) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {قالوا بل أنتم لا مرحبًا بكم} يقول: قال الفوج الواردون جهنّم على الطّاغين الّذين وصف جلّ ثناؤه صفتهم لهم: بل أنتم أيّها القوم لا مرحبًا بكم: أي لا اتّسعت بكم أماكنكم، {أنتم قدّمتموه لنا} يعنون: أنتم قدّمتم لنا سكنى هذا المكان، وصليّ النّار بإضلالكم إيّانا، ودعائكم لنا إلى الكفر باللّه، وتكذيب رسله، حتّى ضللنا باتّباعكم، فاستوجبنا سكنى جهنّم اليوم، فذلك تقديمهم لهم ما قدّموا في الدّنيا من عذاب اللّه لهم في الآخرة {فبئس القرار} يقول: فبئس المكان يستقرّ فيه جهنّم). [جامع البيان: 20/135]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله {هذا فوج مقتحم معكم} إلى قوله {فبئس القرار} قال: هؤلاء الأتباع يقولونه للرؤوس). [الدر المنثور: 12/614-615] (م)

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (61) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالوا ربّنا من قدّم لنا هذا فزده عذابًا ضعفًا في النّار}.
وهذا أيضًا قول الفوج المقتحم على الطّاغين، وهم كانوا أتباع الطّاغين في الدّنيا، يقول جلّ ثناؤه: وقال الأتباع: {ربّنا من قدّم لنا هذا} يعنون: من قدّم لهم في الدّنيا بدعائهم إلى العمل الّذي يوجب لهم النّار الّتي وردوها، وسكنى المنزل الّذي سكنوه منها ويعنون بقولهم {هذا} العذاب الّذي وردناه {فزده عذابًا ضعفًا في النّار} يقولون: فأضعف له العذاب في النّار على العذاب الّذي هو فيه فيها، وهذا أيضًا من دعاء الأتباع للمتبوعين). [جامع البيان: 20/135]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {قالوا ربّنا من قدّم لنا هذا} [ص: 61].
- عن عبد اللّه – يعني ابن مسعودٍ - {قالوا ربّنا من قدّم لنا هذا فزده عذابًا ضعفًا في النّار} [ص: 61] قال: أفاعي وحيّاتٍ.
رواه الطّبرانيّ، ورجاله رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/99-100]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود في قوله {فزده عذابا ضعفا في النار} قال: أفاعي وحيات). [الدر المنثور: 12/615]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (62) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار يقول زاغت أبصارنا عنهم فلم نرهم حين دخلوا النار). [تفسير عبد الرزاق: 2/168]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالوا ما لنا لا نرى رجالاً كنّا نعدّهم من الأشرار (62) أتّخذناهم سخريًّا أم زاغت عنهم الأبصار (63) إنّ ذلك لحقٌّ تخاصم أهل النّار}.
يقول تعالى ذكره: قال الطّاغون الّذين وصف جلّ ثناؤه صفتهم في هذه الآيات، وهم فيما ذكر أبو جهلٍ والوليد بن المغيرة وذووهما: {ما لنا لا نرى رجالاً} يقول: ما بالنا لا نرى معنا في النّار رجالاً {كنّا نعدّهم من الأشرار} يقول: كنّا نعدّهم في الدّنيا من أشرارنا، وعنوا بذلك فيما ذكر صهيبًا وخبّابًا وبلالاً وسلمان.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {ما لنا لا نرى رجالاً كنّا نعدّهم من الأشرار} قال: ذاك أبو جهل بن هشامٍ والوليد بن المغيرة، وذكر أناسًا صهيبًا وعمّارًا وخبّابًا، كنّا نعدّهم من الأشرار في الدّنيا.
- حدّثنا أبو السّائب، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت ليثًا يذكر عن مجاهدٍ في قوله: {وقالوا ما لنا لا نرى رجالاً كنّا نعدّهم من الأشرار} قال: قالوا: أين سلمان؟ أين خبّابٌ؟ أين بلالٌ؟). [جامع البيان: 20/135-136]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 62 - 64
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن عساكر عن مجاهد في قوله {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار} قال: ذلك قول أبي جهل بن هشام في النار: ما لي لا أرى بلالا وعمارا وصهيبا وخباب وفلانا، {أتخذناهم سخريا} وليسوا كذلك {أم زاغت عنهم الأبصار} أم هم في النار ولا نراهم). [الدر المنثور: 12/615]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار} قال: عبد الله بن مسعود ومن معه). [الدر المنثور: 12/615]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن شمر بن عطية {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا} قال أبو جهل في النار: أين خباب أين صهيب أين بلال أين عمار). [الدر المنثور: 12/615]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار} قال: فقدوا أهل الجنة {أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار} قال: أم هم معنا في النار ولا نراهم {زاغت} أبصارنا عنهم فلم ترهم حين أدخلوا النار). [الدر المنثور: 12/615-616]

تفسير قوله تعالى: (أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (63) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( (اتّخذناهم سخريًّا) : «أحطنا بهم»). [صحيح البخاري: 6/124]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله اتّخذناهم سخريًّا أحطنا بهم قال الدّمياطيّ في حواشيه لعلّه أحطناهم وتلقّاه عن عياضٍ فإنّه قال أحطنا بهم كذا وقع ولعلّه اخطأناهم وحذف مع ذلك القول الّذي هذا تفسيره وهو أم زاغت عنهم الأبصار انتهى وقد أخرجه بن أبي حاتمٍ من طريق مجاهدٍ بلفظ أخطأناهم أم هم في النّار لا نعلم مكانهم وقال بن عطيّة المعنى ليسوا معنا أم هم معنا لكن أبصارنا تميل عنهم وقال أبو عبيدة من قرأها أتّخذناهم أي بهمزة قطعٍ جعلها استفهامًا وجعل أم جوابًا ومن لم يستفهم فتحها على القطع ومعنى أم معنى بل ومثله أم أنا خيرٌ من هذا الّذي هو مهينٌ انتهى والّذي قرأها بهمزة وصلٍ أبو عمرٍو وحمزة والكسائيّ). [فتح الباري: 8/546]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله
وقال مجاهد في عزة معازين الملّة الآخرة ملّة قريش الاختلاق الكذب الأسباب طرق السّماء في أبوابها جند ما هنالك مهزوم يعني قريشًا أولئك الأحزاب القرون الماضية فواق رجوع قطنا عذابنا اتخذناهم سخريا أحطنا بهم أتراب أمثال
وقال ابن عبّاس الأيد القوّة في العبادة الأبصار البصر في أثر الله حب الخير عن ذكر ربّي من ذكر طفق مسحا يمسح أعراف الخيل وعراقيبها الأصفاد الوثاق
أما أقوال مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 2 ص {بل الّذين كفروا في عزة} قال معازين
وفي قوله 7 ص {ما سمعنا بهذا في الملّة الآخرة} قال ملّة قريش {إن هذا إلّا اختلاق} 7 ص قال كذب
وفي قوله 10 ص {فليرتقوا في الأسباب} طرق السّماء أبوابها
وفي قوله 11 ص {جند ما هنالك مهزوم} قال قريش {والأحزاب} القرون الماضية
وفي قوله 15 ص {ما لها من فواق} قال رجوع
وفي قوله 16 ص ربنا عجل لنا قطنا قال عذابنا
وبه في قوله 63 ص {أتخذناهم سخريا} قال أحطنا بهم). [تغليق التعليق: 4/296] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (اتّخذناهم سخريا احطنا بهم
أشار به إلى قوله تعالى: {اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار} وفسره بقوله: (أحطنا بهم) كذا في الأصول، وبخط الدمياطي: لعلّه أحطناهم، وقد سبقه بهذا عياض فإنّه قال: قوله أحطنا بهم لعلّه أحطناهم، وحذف مع ذلك القول الّذي هذا تفسيره، وهو: {أم زاغت عنهم الأبصار} (ص: 63) وينصح بالآية الّتي قبلها وهي قوله تعالى: {وقالوا ما لنا لا نرى رجالًا كنّا نعدهم من الأشرار} (ص: 64) قوله: (وقالوا) يعني: كفار قريش وهم في النّار ما لنا لا نرى رجالًا يعنون: فقراء المسلمين كنّا نعدهم من الأشرار الأرذال الّذين لا خير فيهم، يعني: لا نراهم في النّار كأنّهم ليسوا فيها بل زاغت عنهم أبصارنا فلا نراهم وهم فيها قوله: (اتخذناهم) بوصل الألف بلفظ الإخبار على أنه صفة لرجالًا، هذا عند أهل البصرة والكوفة إلاّ عاصمًا، والباقون يفتحون الهمزة ويقطعونها على الاستفهام على أنه إنكار على أنفسهم وتأنيب لها في الاستخبار). [عمدة القاري: 19/138-139]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({اتخذناهم سخريًّا}) [ص: 63] بضم السين وهي قراءة نافع والكسائي أي (أحطنا بهم) من الإحاطة وقال الدمياطي في حواشيه لعله أخطأناهم وحذف مع ذلك القول الذي هذا تفسيره وهو أم زاغت عنهم الأبصار. اهـ.
وعند ابن أبي حاتم من طريق مجاهد أخطأناهم أم هم في النار لا يعلم مكانهم، وقال ابن عطية: المعنى ليسوا معنا أم هم معنا لكن أبصارنا تميل عنهم، وقال ابن كيسان أم كانوا خيرًا منّا ونحن لا نعلم فكأن أبصارنا تزيغ عنهم في الدنيا فلا نعدّهم شيئًا). [إرشاد الساري: 7/316]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (سخرياً): بضم السين، وكسرها قراءتان، أي: أحطنا بهم، وقال غيره، أي: كنا نسخر بهم في الدنيا، وهو الأوجه، ومن ثم قال الحافظ الدمياطي: لعله أخطأناهم). [حاشية السندي على البخاري: 3/67]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أتّخذناهم سخريًّا} اختلفت القرّاء في قراءته، فقرأته عامّة قرّاء المدينة والشّام وبعض قرّاء الكوفة: {أتّخذناهم} بفتح الألف من أتّخذناهم، وقطعها على وجه الاستفهام، وقرأته عامّة قرّاء الكوفة والبصرة وبعض قرّاء مكّة بوصل الألف (من الأشرار آتّخذناهم).
وقد بيّنّا فيما مضى قبل، أنّ كلّ استفهامٍ كان بمعنى التّعجّب والتّوبيخ فإنّ العرب تستفهم فيه أحيانًا، وتخرجه على وجه الخبر أحيانًا.
وأولى القراءتين في ذلك بالصّواب قراءة من قرأه بالوصل على غير وجه الاستفهام، لتقدّم الاستفهام قبل ذلك في قوله: {ما لنا لا نرى رجالاً كنّا} فيصير قوله: أتّخذناهم بالخبر أولى وإن كان للاستفهام وجهٌ مفهومٌ لما وصفت قبل من أنّه بمعنى التّعجّب.
وإذ كان الصّواب من القراءة في ذلك ما اخترنا لما وصفنا، فمعنى الكلام: وقال الطّاغون: ما لنا لا نرى سلمان وبلالاً وخبّابًا الّذين كنّا نعدّهم في الدّنيا أشرارنا، أتّخذناهم فيها سخريًّا نهزأ بهم فيها معنا اليوم في النّار؟ وكان بعض أهل العلم بالعربيّة من أهل البصرة يقول: من كسر السّين من السّخري، فإنّه يريد به الهزء، يريد يسخر به، ومن ضمّها فإنّه يجعله من السّخرة، يستسخرونهم: يستذلّونهم، أزاغت عنهم أبصارنا وهم معنا !
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، {أتّخذناهم سخريًّا أم زاغت عنهم الأبصار} يقول: أهم في النّار لا نعرف مكانهم؟.
- وحدّثت عن المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، {وقالوا ما لنا لا نرى رجالاً كنّا نعدّهم من الأشرار} قال: هم قومٌ كانوا يسخرون من محمّدٍ وأصحابه، فانطلق به وبأصحابه إلى الجنّة وذهب بهم إلى النّار ف {قالوا ما لنا لا نرى رجالاً كنّا نعدّهم من الأشرار أتّخذناهم سخريًّا أم زاغت عنهم الأبصار} يقولون: أزاغت أبصارنا عنهم فلا ندري أين هم؟.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {أتّخذناهم سخريًّا} قال: أخطأناهم {أم زاغت عنهم الأبصار} ولا نراهم؟.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وقالوا ما لنا لا نرى رجالاً كنّا نعدّهم من الأشرار} قال: فقدوا أهل الجنّة {أتّخذناهم سخريًّا} في الدّنيا {أم زاغت عنهم الأبصار} وهم معنا في النّار). [جامع البيان: 20/136-138]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله اتخذناهم سخريا يقول أخطأناهم أم زاغت عنهم الأبصار فلا نراهم). [تفسير مجاهد: 553]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 62 - 64
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن عساكر عن مجاهد في قوله {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار} قال: ذلك قول أبي جهل بن هشام في النار: ما لي لا أرى بلالا وعمارا وصهيبا وخباب وفلانا، {أتخذناهم سخريا} وليسوا كذلك {أم زاغت عنهم الأبصار} أم هم في النار ولا نراهم). [الدر المنثور: 12/615] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار} قال: فقدوا أهل الجنة {أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار} قال: أم هم معنا في النار ولا نراهم {زاغت} أبصارنا عنهم فلم ترهم حين أدخلوا النار). [الدر المنثور: 12/615-616] (م)

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّ ذلك لحقٌّ} يقول تعالى ذكره: إنّ هذا الّذي أخبرتكم أيّها النّاس من الخبر عن تراجع أهل النّار، ولعن بعضهم بعضًا، ودعاء بعضهم على بعضٍ في النّار لحقٌّ يقينٌ، فلا تشكّوا في ذلك، ولكن استيقنوه تخاصم أهل النّار.
وقوله: {تخاصم} ردٌّ على قوله: {لحقٌّ} ومعنى الكلام: إنّ تخاصم أهل النّار الّذي أخبرتكم به لحقٌّ.
وكان بعض أهل العربيّة من أهل البصرة يوجّه معنى قوله: {أم زاغت عنهم الأبصار} إلى: بل زاغت عنهم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّ ذلك لحقٌّ تخاصم أهل النّار} فقرأ: {تاللّه إن كنّا لفي ضلالٍ مبينٍ إذ نسوّيكم بربّ العالمين} وقرأ: {يوم نحشرهم جميعًا} حتّى بلغ: {إن كنّا عن عبادتكم لغافلين} قال: إن كنتم تعبدوننا كما تقولون إن كنّا عن عبادتكم لغافلين، ما كنّا نسمع ولا نبصر، قال: وهذه الأصنام، قال: هذه خصومة أهل النّار وقرأ: {وضلّ عنهم ما كانوا يفترون} قال: وضلّ عنهم يوم القيامة ما كانوا يفترون في الدّنيا). [جامع البيان: 20/138-139]


رد مع اقتباس