عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 03:31 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النمل

[ من الآية (6) إلى الآية (14) ]
{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6) إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا سَآَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آَتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7) فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (11) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آَيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (13) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)}


قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6)}
قوله تعالى: {إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا سَآَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آَتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله جلّ وعزّ: (بشهابٍ قبسٍ)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر (بشهاب قبسٍ) مضافا.
وقرأ الكوفيون (بشهابٍ قبسٍ) منونًا.
قال أبو منصور: من قرأ (بشهابٍ قبسٍ) جعل قبسًا نعتًا للشهاب، أو بدلاً منه.
ومن قرأ (بشهاب قبسٍ) أضاف الشهاب إلى القبس والشهاب والقبس قريبان من السواء.
وكل عود أشعل في طرفه نار فهو شهاب وقبس وجذوة.
وقال الأخفش: (قبس) بدل من (شهاب).
وقال الفراء: (قبس) نعت للشهاب. إذا قرئت (بشهاب).
قال ولا يضاف الشيء إلى نعته إلا في قليل من الكلام، وقد جاء: (ولدار الآخرة خيرٌ)
قال الفراء: لما اختلف اللفظان توهم الأول غير الثاني، وكذلك (حبّة الخضراء) و(ليلة القمراء) و(يوم الجمعة) وما أشبهها). [معاني القراءات وعللها: 2/233]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّي آنست (7)
حرك الياء ابن كثير ونافع وأبو عمرو). [معاني القراءات وعللها: 2/245]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- قوله تعالى: {بشهاب قبس} [7].
قرأ أهل الكوفة منونا.
وقرأ الباقون: غير منون.
فمن نون جعل قبسًا نعتًا للشهاب، وشهاب قبس: شعلة قبس قال الشاعر:
في كفه صعدة مثقفة = فيها سنان كشعلة القبس
وكل أبيض يورى فهو شهاب، وجمعه شهب، والأِهب من الألوان: بياض يخلطه سواد. ويقال: سنة شهباء وكحلاء وحمراء إذا كانت جدبة.
وقرأ الباقون: {بشهاب قبس} مضافًا فيكون على ضريين: بشهاب من قبس، أو يكون قد أضاف الشيء إلى نفسه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/143]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الإضافة والتنوين من قوله [جلّ وعزّ]: بشهاب قبس [النمل/ 7].
فقرأ عاصم وحمزة والكسائي (بشهاب قبس) منونا غير مضاف.
وقرأ الباقون: (بشهاب قبس) مضاف غير منون..
أبو عبيدة: (بشهاب قبس): الشهاب: النار، والقبس ما اقتبست، وأنشد لأبي زبيد:
في كفّه صعدة مثقّفة... فيها سنان كشعلة القبس
[الحجة للقراء السبعة: 5/372]
غيره: كل أبيض ذي نور فهو شهاب، ولا أدري أقاله رواية أم استدلالا ويجوز أن يكون القبس صفة، ويجوز أن يكون اسما غير صفة، فأمّا جواز كونه وصفا فلأنّهم يقولون: قبسته أقبسه قبسا، والقبس: الشيء المقبوس، وقالوا: حلب يحلب حلبا، فيجوز في قولهم: حلبا، أن يكون مصدرا كقولهم: بدا له يبدو بدأ، ويجوز أن يكون الحلب المحلوب، وفي التنزيل: شهاب ثاقب [الصافات/ 10]، فيجوز أن يكون الشهاب النار، لأنّ النار قد وصفت بالثقوب قال:
أذاع به في النّاس حتى كأنّه... بعلياء نار أوقدت بثقوب
فتقدير قوله: أوقدت بثقوب، أوقدت مثقبة، والجارّ والمجرور في موضع حال.
فأمّا قول الشاعر يروى للأفوه:
كشهاب القذف يرميكم به... فارس في كفّه للحرب نار
فإنّه يجوز أن يكون جعل المزراق الذي يرميه الفارس لتلألئه،
[الحجة للقراء السبعة: 5/373]
وضيائه وبريقه نارا قال أوس:
فانقضّ كالدّريء يتبعه... لهب يثور تخاله طنبا
فاللهب هنا كالشهاب في البيت الآخر، فإذا كان قوله: قبس صفة، فالأحسن أن يجري على الشّهاب كما جرى على الموصوف في قوله:
كأنّه ضرم بالكفّ مقبوس فكان مقبوس صفة للضّرم، فكذلك يكون القبس في قوله: (بشهاب قبس)، [وإن كان مصدرا غير صفة حسنت فيه الإضافة بشهاب قبس] ولا
يحسن ذلك في الصفة، ألا ترى أن الموصوف لا يضاف إلى صفته قال الشاعر:
في حيث خالطت الخزامى عرفجا... يأتيك قابس أهله لم يقبس
[الحجة للقراء السبعة: 5/374]
وقريب من هذا المعنى قول الطرمّاح:
كظهر اللّأى لو تبتغي رية بها... لعيّت نهارا في بطون الشّواجن
وقال:
خلقت شكسا للأعادي مشكسا... من شاء من شرّ الجحيم استقبسا
وقال أبو عثمان عن أبي زيد يقال: أقبسته العلم وقبسته النار، وقول الشاعر:
يأتيك قابس أهله يدلّ على ما حكاه أبو زيد من قبسته النار، واسم الفاعل للحال، [ولكنه نوى به] الانفصال، وأحد المفعولين محذوف كأنّه أهل هذا المكان النار فأمّا قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 5/375]
وعيد أبي قابوس في غير كنهه وقوله:
فملك أبي قابوس أضحى وقد نجز فليس قابوس فاعولا من القبس، كما أن جالوت وطالوت ليسا بفعلوت من الطّول والجول، ولو كان كذلك لانصرف، ألا ترى أنّ حاطوما وجاروفا، ونحو ذلك ينصرف في المعرفة في امتناع ما ذكرنا من الصرف ما يعلم به أنّه أعجمي، فلمّا انضمّت العجمة إلى التعريف، لم ينصرف، وكذلك إبليس، ليس من أبلس، وإنّما هذه الأشياء اتفاق ألفاظ بين اللغتين. وأما قوله:
فإن يقدر عليك أبو قبيس فإنّما انصرف من حيث [حقّر تحقير الترخيم] ولم ينصرف في
[الحجة للقراء السبعة: 5/376]
الشعر للضرورة من حيث انصرف نوح ولوط مكبّرين ومصغّرين، يعني أنّه تحقير قبس، وقبس شيء ينصرف. وقال أبو الحسن: (بشهاب قبس) الإضافة أكثر وأجوز في القراءة، كما تقول: دار آجرّ، وسوار ذهب، قال: ولو قلت: سوار ذهب، ودار آجر، كان عربيّا قال: إلّا أنّ الأكثر في كلام العرب الإضافة. قال أبو علي: فأبو الحسن جعل القبس فيه غير وصف، ألا ترى أنّه جعله بمنزلة الآجرّ والذهب، وليس واحد منهما صفة). [الحجة للقراء السبعة: 5/377]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أو آتيكم بشهاب قبس لعلّكم تصطلون} 7
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {بشهاب قبس} منونا جعلوا القبس صفة للشّهاب وتأويله بشهاب مقتبس قال الأخفش
[حجة القراءات: 522]
وإن شئت كان بدلا منه وهو هو فمن أجل ذلك امتنع من إضافة الشهاب إلى القبس لأن العرب لا تكاد تضيف الأسماء إلى صفاتها إلّا في شذوذ والأول قول الفراء
وقرأ الباقون {بشهاب قبس} مضافا فيكون على ضربين أحدهما ذكره اليزيدي فقال {بشهاب قبس} أي شعلة نار كما تقول أتيتك بشعلة نار والضّرب الآخر ذكره الفراء قال الشهاب هو القبس فيضاف إلى نفسه لما اختلف لفظاه كقوله {لحق اليقين} {ولدار الآخرة} ). [حجة القراءات: 523]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {بشهابٍ قبس} قرأ الكوفيون «بشهابٍ» بالتنوين، وقرأ الباقون بغير تنوين على الإضافة.
وحجة من نون أنهم جعلوا «القبس» صفة لـ «شهاب» أو بدلًا منه، قال أبو عبيدة: الشهاب النار، والقبس ما اقتبست منه، فعلى هذا يصح البدل، وهو مذهب الأخفش، كما تقول: هذه دار أجر، وسوار ذهب، فأما إذا جعلت القبس صفة لشهاب، فهو اسم وضع في موضع مصدر وصف به، لأن «القبس» بإسكان الباء، هو مصدر و«القبس» بالفتح اسم المقتبس، فوضع الاسم في موضع المصدر ووصف به، ودليل الصفة قوله: {فأتبعه شهاب ثاقب} «الصافات 10»، فهذا وصف للشهاب، فيكون التقدير: بشهابٍ مقبوس، كما قالوا: درهم ضرب الأمير، أي: مضروبه.
2- وحجة من أضاف أنه جعل القبس غير صفة للشهاب، فأضاف إليه، قال أبو زيد: يقال أقبسته العلم وقبسته النار، واختار الأخفش الإضافة، كما تقول: هذه دارُ أجر، وسوارُ ذهب، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/154]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {بِشِهَابِ قَبَسٍ} [آية/ 7] بالإضافة من غير تنوين:
قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر.
والوجه أنه على إضافة الشهاب إلى القبس،
والقبس يجوز أن يكون صفة بمعنى المقبوس كأنه قال: بشهاب مقبوس، وإضافته إلى القبس كقولهم سِوار ذهبٍ. ويجوز أن يكون مصدرًا كالحلب يقال حلبْتُه حلبًا، والعرب تقول قبسته نارًا وأقبسته إياها، وقال بعضهم: قبسته نارًا وأقبسته علمًا، والقبس على هذا يجوز أن يكون على أصله مصدرًا، ويجوز أن يكون صفة وإن كان مصدرًا في الأصل، فيكون كالأول في المعنى.
والشهاب والقبس على هذا متقاربان من جهة المعنى، إلا ان الشهاب ههنا كأنه نوع من القبس، فلهذا أضيف إليه.
وقرأ الكوفيون ويعقوب {بِشِهَابٍ} بالتنوين.
والوجه أنه صفة للشهاب، كأنه قال: بشهاب مقبوس، أو بشهاب ذي
[الموضح: 950]
قبس ويجوز أن يكون بدلًا). [الموضح: 951]

قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (قراءة أُبَيّ: [تَبَارَكت الأرضُ].
قال أبو الفتح: هو تَفاعَلَ من البركة، وهو توكيد لمعنى البركة، كقولك: تعالى الله، فهو أبلغ من علا، وكقول العجاج:
تَقاعَسَ العِزُّ بِنا فَاقْعَنْسَسَا
فهو أبلغ معنى من قَعِسَ، كما أن احدودب أقوى معنى من حَدِبَ، واعشوشب أقوى من أَعْشَبَ؛ وذلك لكثرة الحروف.
وأصل هذا كله من فَعَّلَ في الفعل، كقطّعت وكسّرت، ألا تراها أقوى معنى من قطَعت وكسَرت؟ وعليه جاء قوله: {أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ}، فهو أبلغ من قادر. ولهذا جاء قوله: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}، فعبر عن لفظ الحسنة بكسب، وذلك لاحتقار الحسنة إلى ثوابها؛ لقوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} وجاء "اكتسبت" في السيئة، تنفيرا عنها، وتهويلا وتشنيعا بارتكابها. ألا ترى إلى قوله تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا، أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا}؟ فافهم هذا، وابنِ عليه.
[المحتسب: 2/134]
قال أمية:
تَبَارَكَ أمْ صِدِّيقُ حَقًّا ... كانَ مِن كُل عَتِيقَا
خالِقُ الخَلْقِ جَمِيعًا ... ويعُودُ الخَلْقُ صِيقَا
أي ترابا: والتاء في "تبارك" زائدة على بناء البيت. ومعتدة خزما كالواو في قوله:
وكأنَّ ثَبِيرًا في عَرَانِينِ وَبْلِهِ ... كَبِيرُ أُنَاسٍ في بِجَاد مُزَمَّلِ
فالواو خَزْم، وهذا يكاد يسقط حكم ما يُبنَى من الزوائد في الكلم حتى يحسنَ له تحقير الترخيم، نحو قولهم: في حارث حُرَيْث، وفي أزهر زُهَيْر. ألا تراه كيف خزم بتاء "تبارك" وإن كانت مصوغة في نفس المثال كما تُخْزَم حروف المعاني المنفصلة من المُثُل، كواو العطف، وفائه، وبل، وهل، ويا، ونحو ذلك؟ ولهذا قالوا أيضا في تكسير فَعَلَان: فِعْلَان، ككَرَوَان وكِرْوَان، وشَقَذَان وشِقْذان، فأجروه مجرى فَعَل وفِعْلان، نحو خَرَب وخِرْبان، وشَبَثٍ وشِبْثان، وبَرَق وبِرْقَان. فاعرف ذلك إلى ما يليه من نحوه بمشيئة الله). [المحتسب: 2/135]

قوله تعالى: {يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)}
قوله تعالى: {وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10)}

قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- قوله تعالى: {رءاها تهتز} [10].
قرأ أبو عمرو بفتح التاء وكسر الهمزة. وإنما أمال الهمزة من أجل الياء.
وقرأ أهل الكوفة إلا حفصًا: {رءاها} بكسر الراء والهمزة أمالوا الهمزة من أجل الياء، وأمالوا الراء لمجاورة الهمزة. وهذا يمسى إمالة الإمالة كما يقال في رمى رمى). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/144]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن وعمرو بن عبيد: [كَأَنَّهَا جَأنٌ].
قال أبو الفتح: قد تقدم القول على نظير هذا فيما مضى من الكتاب، وذكرناه أيضا في الخصائص، وفي سر الصناعة، وفي المنصف، وفي التمام، وغيره من مصنفاتنا وإنما كررناه لإعراب القول في معناه). [المحتسب: 2/135]

قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (11)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة زيد بن أسلم وأبي بن جعفر القارئ: [أَلَا مَنْ ظَلَم]، بفتح الهمزة، خفيفة اللام.
قال أبو الفتح: [مَنْ] ههنا مرفوعة بالابتداء، وخبره "ظلم" كقول: من يَقُم أضربْ زيدا، فيقم خبر عن "من" حيث كان شرطا. وكأن من عَدَلَ إلى هذا جفا عليه انقطاع الاستثناء في القراءة الفاشية. و"من" هناك منصوبة على الاستثناء، وهو منقطع بمعنى لكن، فقوله تعالى: {إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ، إِلَّا مَنْ ظَلَمَ} معناه: لكن من ظلم كان كذا. ولعمري إن الاستثناء المنقطع فاش في القرآن وغيره، إلا أنه -مع ذلك- مُحوِج إلى التأول وإعمال القياس والتمحّل). [المحتسب: 2/136]

قوله تعالى: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آَيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12)}
قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (13)}

قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة قتادة وعلي بن الحسين: [مَبْصَرَةً].
قال أبو الفتح: هو كقولك: هُدًى، ونورا. وقد كثرت المَفْعَلَة بمعنى الشِّياع والكثرة في الجواهر والأحداث جميعا، وذلك كقولهم: أرض مَضَبَّةٌ: كثيرة الضِّبَاب، ومثْعلَة: كثيرة الثعالي، ومَحْيَاة ومَحْوَاة ومَفْعَاة: كثير الحيات والأفاعي، فهذا في الجواهر. وأما الأحداث فكقولك: البِطْنَة مَوْسَنَة، وأكل الرطَب مَوْرَدَة ومَحَمَّة. ومنه المَسْعَاة، والمَعْلَاة، والحقُّ مَجْدَرَة بك، ومَخْلَقَة ومَعْسَاة، ومَقْمَنَة، ومَحْجَاة. وفي كله معنى الكثرة من موضعين:
أحدهما المصدرية التي فيه، والمصدر إلى الشياع والعموم والسعة.
[المحتسب: 2/136]
والآخر التاء، وهي لمثل ذلك، كرجل راوية، وعَلّامَة، ونَسّابَة، وهُذَرَة. ولذلك كثرت المَفْعَلَة فيما ذكرناه لإرادة المبالغة). [المحتسب: 2/137]

قوله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس