عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 12:16 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك} الآية تسلية للنبي -صلى الله عليه وسلم- عن النازلة التي ألقى الشيطان فيها في أمنية النبي -صلى الله عليه وسلم.
[المحرر الوجيز: 6/261]
و"تمنى" معناه المشهور: أراد وأحب، وقالت فرقة: هو معناها في الآية، والمراد أن الشيطان ألقى ألفاظه بسبب ما تمناه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مقاربة قومه وكونهم متبعين له، قالوا: فلما تمنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ذلك ما لم يقضه الله -تبارك وتعالى- وجد الشيطان السبيل، فحين قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "النجم" في مسجد مكة وقد حضر المسلمون والمشركون بلغ إلى قوله: {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} ألقى الشيطان "تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهم لترتجى"، فقال الكفار: هذا محمد يذكر آلهتنا بما نريد، وفرحوا بذلك، فلما انتهى إلى السجدة سجد الناس أجمعون إلا أمية بن خلف، فإنه أخذ قبضة من تراب فرفعها إلى جبهته وقال: يكفيني هذا. قال البخاري: هو أمية بن خلف، وقال بعض الناس: هو الوليد بن المغيرة، وقال بعض الناس: هو أبو أحيحة سعيد بن العاصي، ثم اتصل بمهاجرة الحبشة أن أهل مكة اتبعوا محمدا -صلى الله عليه وسلم- ففرحوا لذلك، وأقبل بعضهم فوجدوا ألقية الشيطان قد نسخت وأهل مكة قد افتتنوا.
وقالت فرقة: "تمنى" معناه: تلا، والأمنية: التلاوة، ومنه قول الشاعر:
[المحرر الوجيز: 6/262]
تمنى كتاب الله أول ليلة وآخرها لاقى حمام المقادر
ومنه قول الآخر:
... ... ... ... ... .... تمنى داود الزبور على رسل
وتأولوا قوله تعالى: "إلا أماني"، أي: إلا تلاوة. وقالت هذه الفرقة في معنى سبب إلقاء الشيطان في تلاوة النبي -صلى الله عليه وسلم- ما تقدم آنفا من ذكر الآلهة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا الحديث الذي فيه: "هن الغرانقة" وقع في كتب التفسير ونحوها، ولم يدخله البخاري ولا مسلم، ولا ذكره -في علمي- مصنف مشهور، بل يقتضي مذهب أهل الحديث أن الشيطان ألقى، ولا يعينون هذا السبب ولا غيره، ولا خلاف أن إلقاء الشيطان إنما هو لألفاظ مسموعة بها وقعت الفتنة، ثم اختلف الناس في صورة هذا الإلقاء -فالذي في التفاسير- وهو مشهور القول أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تكلم بتلك الألفاظ، وأن الشيطان أوهمه ووسوس في قلبه حتى خرجت تلك الألفاظ على لسانه، وروي أنه نزل إليه جبريل -عليه السلام- بعد ذلك فدارسه سورة النجم، فلما قالها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له جبريل: لم آتك بهذا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أفتريت على الله وقلت ما لم يقل لي؟". وجعل يتفجع ويغتم، فنزلت هذه الآية: {وما أرسلنا من قبلك من رسول} الآية.
قال القاضي أبو محمد -رحمه الله-:
وحدثني أبي -رحمه الله- أنه لقي بالمشرق من شيوخ العلماء والمتكلمين من قال:
[المحرر الوجيز: 6/263]
هذا لا يجوز على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو المعصوم في التبليغ، وإنما الأمر أن الشيطان نطق بلفظ أسمعه الكفار عند قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى. وقرب صوته من صوت النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى التبس الأمر على المشركين وقالوا: محمد قرأها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
و"تمنى" -على هذا التأويل- بمعنى: "تلا" ولا بد، وقد ورد هذا التأويل عن الإمام أبي المعالي -رحمه الله- وغيره.
قال القاضي أبو محمد -رحمه الله-:
والرسول أخص من النبي، وكثير من الأنبياء لم يرسلوا، وكل رسول نبي،
[المحرر الوجيز: 6/264]
و"النسخ" في هذه الآية: الإذهاب، كما تقول: نسخت الشمس الظل، وليس برفع ما استقر من الحكم.
قال القاضي أبو محمد -رحمه الله-:
وطوف الطبري وأشبع الإسناد في أن إلقاء الشيطان كان على لسان النبي -صلى الله عليه وسلم- واختلفت الروايات في الألفاظ ففي بعضها: "تلك الغرانقة"، وفي بعضها: "تلك الغرانيق"، وفي بعضها: "وإن شفاعتهم"، وفي بعضها: وإن شفاعتهن"، وفي بعضها: "منها الشفاعة ترتجى".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والغرانيق: السادة العظام الأقدار، ومنه قول الشاعر:
أهلا بصائدة الغرانق). [المحرر الوجيز: 6/265]

تفسير قوله تعالى: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ليجعل ما يلقي الشيطان} الآية. اللام في قوله تعالى: "ليجعل" متعلقة بقوله: {فينسخ الله}، و"الفتنة": الامتحان والاختبار، و"الذين في قلوبهم مرض" هم عامة الكفار، و"القاسية قلوبهم" خواص منهم عتاة كأبي جهل، والنضر، وعقبة. و"الشقاق": البعد عن الخير، والضلال، والكون في شق غير شق الصلاح، و"بعيد" معناه أنه انتهى بهم وتعمق؛ فرجعتهم منه غير مرجوة). [المحرر الوجيز: 6/265]

تفسير قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و{الذين أوتوا العلم} هم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- والضمير في "أنه" عائد على القرآن، و"فتخبت" معناه: تتطامن وتخضع، وهو مأخوذ من الخبت، وهو المطمئن من الأرض. وقرأت فرقة: "لهاد" بغير ياء بعد الدال، وقرأت فرقة: "لهادي" بياء، وقرأت فرقة: "لهاد" بالتنوين وترك الإضافة، وهذه الآية معادلة لقوله تعالى قبل: {وإن الظالمين لفي شقاق بعيد}). [المحرر الوجيز: 6/265]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير}
"المرية": الشك، والضمير في قوله تعالى: "منه" قالت فرقة: هو عائد على القرآن، وقالت فرقة: على محمد -صلى الله عليه وسلم- وقالت فرقة: على ما ألقى الشيطان، وقال سعيد بن جبير أيضا: على سجود النبي -صلى الله عليه وسلم- في سورة النجم، و"الساعة" قالت فرقة: أراد يوم القيامة، "واليوم العقيم" يوم بدر، وقالت فرقة: "الساعة" ساعة موتهم أو قتلهم في الدنيا كيوم بدر ونحوه، و"اليوم العقيم" يوم القيامة.
قال القاضي أبو محمد -رحمه الله-:
وهذان القولان جيدان لأنهما أحرزا التقسيم بـ "أو"، ومن جعل "الساعة" و"اليوم العقيم" يوم القيامة فقد أفسد رتبة أو، وسمي يوم القيامة أو يوم الاستئصال عقيما لأنه لا ليلة بعده ولا يوم، والأيام كأنها نتائج؛ لمجيء واحد إثر واحد، فكأن آخر يوم قد عقم، وهذه استعارة، وجملة هذه الآية توعد). [المحرر الوجيز: 6/266]

تفسير قوله تعالى: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (56)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {الملك يومئذ لله} السابق منه أنه في يوم القيامة من حيث لا ملك فيه لأحد، ويجوز أن يريد به يوم بدر ونحوه من حيث ينفذ قضاء الله وحده ويبطل ما سواه، ويمضي حكمه فيمن أراد تعذيبه، فأما من تأوله في يوم القيامة فاتسق له قوله: {فالذين آمنوا} إلى قوله: {عذاب مهين}، ومن تأوله في يوم بدر ونحوه جعل قوله تعالى: {فالذين آمنوا} ابتداء؛ خبر عن حالهم المتركبة على حالهم في ذلك اليوم العقيم من الإيمان والكفر). [المحرر الوجيز: 6/266]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (57)}

رد مع اقتباس