عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 08:00 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وما يستوي البحران هذا عذبٌ فراتٌ سائغٌ شرابه وهذا ملحٌ أجاجٌ ومن كلٍّ تأكلون لحمًا طريًّا وتستخرجون حليةً تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلّكم تشكرون (12) }
يقول تعالى منبّهًا على قدرته العظيمة في خلقه الأشياء المختلفة: وخلق البحرين العذب الزّلال، وهو هذه الأنهار السّارحة بين النّاس، من كبارٍ وصغارٍ، بحسب الحاجة إليها في الأقاليم والأمصار، والعمران والبراري والقفار، وهي عذبةٌ سائغٌ شرابها لمن أراد ذلك، {وهذا ملحٌ أجاجٌ}، وهو البحر السّاكن الّذي تسير فيه السّفن الكبار، وإنّما تكون مالحةً زعاقًا مرّة، ولهذا قال: {وهذا ملحٌ أجاجٌ}، أي: مرّ.
ثمّ قال: {ومن كلٍّ تأكلون لحمًا طريًّا} يعني: السّمك، {وتستخرجون حليةً تلبسونها}، كما قال تعالى: {يخرج منهما اللّؤلؤ والمرجان. فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان} [الرّحمن: 22، 23].
وقوله: {وترى الفلك فيه مواخر} أي: تمخره وتشقّه بحيزومها، وهو مقدّمها المسنّم الّذي يشبه جؤجؤ الطّير -وهو: صدره.
وقال مجاهدٌ: تمخر الرّيح السّفن، ولا يمخر الرّيح من السّفن إلّا العظام.
وقوله: {لتبتغوا من فضله} أي: بأسفاركم بالتّجارة، من قطرٍ إلى قطرٍ، وإقليمٍ إلى إقليمٍ، {ولعلّكم تشكرون} أي تشكرون ربّكم على تسخيره لكم هذا الخلق العظيم، وهو البحر، تتصرّفون فيه كيف شئتم، وتذهبون أين أردتم، ولا يمتنع عليكم شيءٌ منه، بل بقدرته قد سخّر لكم ما في السموات وما في الأرض، الجميع من فضله ومن رحمته). [تفسير ابن كثير: 6/ 539-540]

تفسير قوله تعالى: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري لأجلٍ مسمًّى ذلكم اللّه ربّكم له الملك والّذين تدعون من دونه ما يملكون من قطميرٍ (13) إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبّئك مثل خبيرٍ (14) }
وهذا أيضًا من قدرته التّامّة وسلطانه العظيم، في تسخيره اللّيل بظلامه والنّهار بضيائه، ويأخذ من طول هذا فيزيده في قصر هذا فيعتدلان. ثمّ يأخذ من هذا في هذا، فيطول هذا ويقصر هذا، ثمّ يتقارضان صيفًا وشتاءً، {وسخّر الشّمس والقمر} أي: والنّجوم السّيّارات، والثّوابت الثّاقبات بأضوائهن أجرام السموات، الجميع يسيرون بمقدارٍ معيّنٍ، وعلى منهاجٍ مقنّنٍ محرّرٍ، تقديرًا من عزيزٍ عليمٍ.
{كلٌّ يجري لأجلٍ مسمًّى} أي: إلى يوم القيامة.
{ذلكم اللّه ربّكم} أي: الّذي فعل هذا هو الرّبّ العظيم، الّذي لا إله غيره، {والّذين تدعون من دونه} أي: من الأنداد والأصنام الّتي هي على صورة من تزعمون من الملائكة المقربين، {ما يملكون من قطميرٍ}.
قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وعكرمة، وعطاءٌ وعطيّة العوفي، والحسن، وقتادة وغيرهم: القطمير: هو اللّفافة الّتي تكون على نواة التّمرة، أي: لا يملكون من السموات والأرض شيئًا، ولا بمقدار هذا القطمير). [تفسير ابن كثير: 6/ 540-541]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم} يعني: الآلهة الّتي تدعونها من دون اللّه لا يسمعون دعاءكم ؛ لأنّها جمادٌ لا أرواح فيها {ولو سمعوا ما استجابوا لكم} أي: لا يقدرون على ما تطلبون منها، {ويوم القيامة يكفرون بشرككم}، أي: يتبرؤون منكم، كما قال تعالى: {ومن أضلّ ممّن يدعو من دون اللّه من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر النّاس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين} [الأحقاف: 5، 6]، وقال: {واتّخذوا من دون اللّه آلهةً ليكونوا لهم عزًّا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدًّا} [مريم: 81، 82].
وقوله: {ولا ينبّئك مثل خبيرٍ} أي: ولا يخبرك بعواقب الأمور ومآلها وما تصير إليه، مثل خبيرٍ بها.
قال قتادة: يعني نفسه تبارك وتعالى، فإنّه أخبر بالواقع لا محالة). [تفسير ابن كثير: 6/ 541]

رد مع اقتباس