عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 17 ذو القعدة 1439هـ/29-07-2018م, 05:35 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ولما فرغا من المقالة التي أمر بها عن قوله: "وتولى" خاطبهما فرعون، وفي سرد هذه الآية حذف يدل عليه ظاهر الكلام، تقديره: فأتياه فلما قالا جميع ما أمرا به قال لهما فرعون: فمن ربكما؟ وقوله: "يا موسى" بعد جمعه مع "هارون" في الضمير نداء بمعنى التخصيص والتوقيف؛ إذ كان صاحب عظم الرسالة ولزيم الآيات). [المحرر الوجيز: 6/99]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى قال فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى}
استبد موسى عليه السلام بجوابه من حيث خصه في السؤال، ثم أعلمه من صفات الله بالتي لا تشريك لفرعون فيه ولا بوجه مجاز. واختلف المفسرون في قوله: {الذي أعطى كل شيء خلقه} فقالت فرقة: أعطى الله الذكر من كل الحيوان - نوعه وخلقته - أنثى، ثم هدى للإتيان، وقالت فرقة: أعطى الله كل موجود من مخلوقاته خلقته وصورته، أي أكمل ذلك له وأتقنه، ثم هدى أي: يسر كل شيء لمنافعه ومرافقه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا القول أشرف معنى وأعم في الموجودات.
وقرأت فرقة: "خلقه" بفتح اللام، ويكون المفعول الثاني بـ "أعطى" مقدرا، تقديره: كماله أو مصلحته). [المحرر الوجيز: 6/99]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقول فرعون: فما بال القرون الأولى يحتمل أن يريد محاجته بحسب ما تقدم من القول ومناقضته فيه، فليس يتجه على هذا أن يريد إلا: ما بال القرون الأولى لم تبعث ولم يوجد أمرك عندها؟ فرد موسى عليه السلام علم ذلك إلى الله تعالى. ويحتمل أن يريد فرعون قطع الكلام الأول والرجوع إلى سؤال موسى عمن سلف من الناس روغانا في الحجة وحيدة، وقيل: "البال": الحال، فكأنه سأله عن حالهم، كما جاء في الحديث: يهديكم الله ويصلح بالكم. وقال النقاش: إنما قال فرعون: {فما بال القرون الأولى} لما سمع مؤمن آله يقول: {يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب
[المحرر الوجيز: 6/99]
مثل دأب قوم نوح وعاد} الآية). [المحرر الوجيز: 6/100]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ورد موسى العلم إلى الله لأنه لم تأته التوراة بعد. وقوله: {في كتاب} يريد اللوح المحفوظ، أو فيما كتبه الملائكة من أحوال البشر.
وقرأت فرقة: "لا يضل" بفتح الياء وكسر الضاد، واختلف في معنى هذه القراءة فقالت فرقة: هو ابتداء كلام، تنزيه لله تبارك وتعالى عن هاتين الصفتين، وقد كان الكلام تم في قوله: "في كتاب"، و"يضل" معناه: يتلف، وقالت فرقة: بل قوله: {لا يضل ربي ولا ينسى} من صفة الكتاب، أي أن الكتاب لا يغيب عن الله تعالى، تقول العرب: "ضلني الشيء" إذا لم أجده، و"أضللته أنا"، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم حكاية عن الإسرائيلي الذي طلب أن يحرق بعد موته: لعلي أضل الله الحديث، ولا ينسى أظهر ما فيه أن يعود ضميره إلى الله تعالى، ويحتمل أن يعود إلى الكتاب في بعض
[المحرر الوجيز: 6/100]
التأويلات، يصفه بأنه لا ينسى، أي: لا يدع شيئا، فالنسيان هنا استعارة، كما قال في موضع آخر: إلا أحصاها، فوصفه بالإحصاء من حيث حصرت فيه الحوادث). [المحرر الوجيز: 6/101]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى}
انظر هذه الأشياء التي ذكرها موسى عليه السلام، هي مما تقضي بداية العقول أن فرعون وكل بشر بعيد منها؛ لأنه لو قال: هو الرازق القادر المريد العالم ونحوه من العبارات لأمكن فرعون أن يغالط ويقول: أنا أفعل هذا كله، فإنما أتاه موسى عليه السلام بصفات لا يمكن فرعون أن يقول: إن ذلك له.
وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عباس: "مهادا" بكسر الميم وبألف، و"المهاد" هو جمع مهد، وقيل: هو اسم مفرد كفرش وفراش، وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: "مهدا" بفتح الميم وسكون الهاء، وقوله: "سلك" بمعنى: نهج ولحب، و"السبل": الطرق. وقوله: {فأخرجنا به} يحتمل أن يكون كلام موسى عليه السلام، على تقدير: يقول الله عز وجل: "فأخرجنا"، ويحتمل أن يكون كلام موسى تم عند قوله: {وأنزل من السماء ماء} ثم وصل الله تعالى كلام موسى بإخباره لمحمد صلى الله عليه وسلم، والمراد الخلق أجمع بهذه الآيات المنبه عليها. و"الأزواج" بمعنى: الأنواع، وقوله: "شتى" نعت للأزواج، أي: مختلفات). [المحرر الوجيز: 6/101]

تفسير قوله تعالى: {كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (54)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {كلوا وارعوا أنعامكم} بمعنى هي صالحة أن يؤكل منها وترعى الغنم فيها، فأخرج العبارة في صيغة الأمر؛ لأنه أوحى الأفعال وأهدأها للنفوس، و"النهى" جمع نهية، والنهية: العقل الناهي عن القبائح). [المحرر الوجيز: 6/101]

تفسير قوله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {منها خلقناكم}، أي: من الأرض، وهذا من حيث خلق آدم عليه السلام من تراب، وقوله: {وفيها نعيدكم} يريد: بالموت والدفن أو الفناء كيف كان، وقوله: {ومنها نخرجكم} يريد: بالبعث يوم القيامة). [المحرر الوجيز: 6/101]

رد مع اقتباس