عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 09:56 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (9) فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (10)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {والمؤتفكات} وهم المكذّبون بالرّسل. {بالخاطئة} أي بالفعلة الخاطئة، وهي التّكذيب بما أنزل اللّه.
قال الرّبيع: {بالخاطئة} أي: بالمعصية وقال مجاهدٌ: بالخطايا.
ولهذا قال تعالى: {فعصوا رسول ربّهم} وهذا جنسٌ، أي: كلّ كذّب رسول اللّه إليهم. كما قال: {كلٌّ كذّب الرّسل فحقّ وعيد} [ق: 14]. ومن كذّب رسول اللّه فقد كذّب بالجميع، كما قال: {كذّبت قوم نوحٍ المرسلين} [الشّعراء: 105]، {كذّبت عادٌ المرسلين} [الشّعراء: 123]. {كذّبت ثمود المرسلين} [الشّعراء: 141] وإنّما جاء إلى كلّ أمّةٍ رسول واحد؛ ولهذا قال هاهنا: {فعصوا رسول ربّهم فأخذهم أخذةً رابيةً} أي: عظيمةً شديدةً أليمةً.
قال مجاهدٌ: {رابيةً} شديدةً. وقال السّدّيّ: مهلكةً). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 209-210]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال اللّه تعالى: {إنّا لمّا طغى الماء} أي: زاد على الحدّ بإذن اللّه وارتفع على الوجود. وقال ابن عبّاسٍ وغيره: {طغى الماء} كثر -وذلك بسبب دعوة نوحٍ، عليه السّلام، على قومه حين كذّبوه وخالفوه، فعبدوا غير اللّه فاستجاب اللّه له وعمّ أهل الأرض بالطّوفان إلّا من كان مع نوحٍ في السّفينة، فالنّاس كلّهم من سلالة نوحٍ وذرّيّته.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا مهران، عن أبي سنانٍ سعيد بن سنانٍ، عن غير واحدٍ، عن عليّ بن أبي طالبٍ قال: لم تنزل قطرةٌ من ماءٍ إلّا بكيلٍ على يدي ملكٍ، فلمّا كان يوم نوحٍ أذن للماء دون الخزّان، فطغى الماء على الخزّان فخرج، فذلك قول اللّه: {إنّا لمّا طغى الماء حملناكم في الجارية} ولم ينزل شيءٌ من الرّيح إلّا بكيلٍ على يدي ملكٍ، إلّا يوم عادٍ، فإنّه أذن لها دون الخزّان فخرجت، فذلك قوله: {بريحٍ صرصرٍ عاتيةٍ} عتت على الخزّان.
ولهذا قال تعالى ممتنًّا على النّاس: {إنّا لمّا طغى الماء حملناكم في الجارية} وهي السّفينة الجارية على وجه الماء). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 210]

تفسير قوله تعالى: {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لنجعلها لكم تذكرةً} عاد الضّمير على الجنس لدلالة المعنى عليه، أي: وأبقينا لكم من جنسها ما تركبون على تيّار الماء في البحار، كما قال: {وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون * لتستووا على ظهوره ثمّ تذكروا نعمة ربّكم إذا استويتم عليه} [الزّخرف: 12، 13]، وقال تعالى: {وآيةٌ لهم أنّا حملنا ذرّيّتهم في الفلك المشحون وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} [يس: 41، 42].
وقال قتادة: أبقى اللّه السّفينة حتّى أدركها أوائل هذه الأمّة. والأوّل أظهر؛ ولهذا قال: {وتعيها أذنٌ واعيةٌ} أي: وتفهم هذه النّعمة، وتذكرها أذنٌ واعيةٌ.
قال ابن عبّاسٍ: حافظةٌ سامعةٌ وقال قتادة: {أذنٌ واعيةٌ} عقلت عن اللّه فانتفعت بما سمعت من كتاب اللّه، وقال الضّحّاك: {وتعيها أذنٌ واعيةٌ} سمعتها أذنٌ ووعت. أي: من له سمعٌ صحيحٌ وعقلٌ رجيحٌ. وهذا عام فيمن فهم، ووعى.
وقد قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة الدّمشقيّ، حدّثنا العبّاس بن الوليد بن صبحٍ الدّمشقيّ، حدّثنا زيد بن يحيى، حدّثنا عليّ بن حوشبٍ، سمعت مكحولًا يقول: لمّا نزل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {وتعيها أذنٌ واعيةٌ} قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم "سألت ربّي أن يجعلها أذن عليّ". [قال مكحولٌ] فكان عليّ يقول: ما سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم شيئًا قطّ فنسيته.
وهكذا رواه ابن جريرٍ، عن عليّ بن سهلٍ، عن الوليد بن مسلمٍ، عن عليّ بن حوشبٍ، عن مكحولٍ به. وهو حديثٌ مرسلٌ.
وقد قال ابن أبي حاتمٍ أيضًا: حدّثنا جعفر بن محمّد بن عامرٍ، حدّثنا بشر بن آدم، حدّثنا عبد اللّه بن الزّبير أبو محمّدٍ -يعني والد أبي أحمد الزّبيريّ-حدّثني صالح بن الهيثم، سمعت بريدة الأسلميّ يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لعليٍّ: "إنّي أمرت أن أدنيك ولا أقصيك، وأن أعلمك وأن تعي، وحقّ لك أن تعي". قال: فنزلت هذه الآية {وتعيها أذنٌ واعيةٌ}
ورواه ابن جريرٍ عن محمّد بن خلفٍ، عن بشر بن آدم، به ثمّ رواه ابن جريرٍ من طريقٍ آخر عن داود الأعمى، عن بريدة، به. ولا يصحّ أيضًا). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 210-211]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فإذا نفخ في الصّور نفخةٌ واحدةٌ (13) وحملت الأرض والجبال فدكّتا دكّةً واحدةً (14) فيومئذٍ وقعت الواقعة (15) وانشقّت السّماء فهي يومئذٍ واهيةٌ (16) والملك على أرجائها ويحمل عرش ربّك فوقهم يومئذٍ ثمانيةٌ (17) يومئذٍ تعرضون لا تخفى منكم خافيةٌ (18)}
يقول تعالى مخبرًا عن أهوال يوم القيامة، وأوّل ذلك نفخة الفزع، ثمّ يعقبها نفخة الصّعق حين يصعق من في السّموات ومن في الأرض إلّا من شاء اللّه، ثمّ بعدها نفخة القيام لربّ العالمين والبعث والنّشور، وهي هذه النّفخة. وقد أكّدها هاهنا بأنّها واحدةٌ لأنّ أمر اللّه لا يخالف ولا يمانع، ولا يحتاج إلى تكرارٍ وتأكيدٍ.
وقال الرّبيع: هي النّفخة الأخيرة. والظّاهر ما قلناه؛ ولهذا قال هاهنا: {وحملت الأرض والجبال فدكّتا دكّةً واحدةً} أي: فمدّت مدّ الأديم العكاظي، وتبدّلت الأرض غير الأرض). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 211]

تفسير قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فيومئذٍ وقعت الواقعة} أي: قامت القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 211]

تفسير قوله تعالى: {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وانشقّت السّماء فهي يومئذٍ واهيةٌ} قال سماك، عن شيخٍ من بني أسدٍ، عن عليٍّ قال: تنشقّ السّماء من المجرّة. رواه ابن أبي حاتمٍ.
وقال ابن جريجٍ: هي كقوله: {وفتحت السّماء فكانت أبوابًا} [النبأ: 19].
وقال ابن عبّاسٍ: منخرقةٌ، والعرش بحذائها). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 211-212]

تفسير قوله تعالى: {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والملك على أرجائها} الملك: اسم جنسٍ، أي: الملائكة على أرجاء السّماء.
قال ابن عبّاسٍ: على ما لم يه منها، أي: حافّتها. وكذا قال سعيد بن جبيرٍ، والأوزاعيّ. وقال الضّحّاك: أطرافها. وقال الحسن البصريّ: أبوابها. وقال الرّبيع بن أنسٍ في قوله: {والملك على أرجائها} يقول: على ما استدقّ من السّماء، ينظرون إلى أهل الأرض.
وقوله: {ويحمل عرش ربّك فوقهم يومئذٍ ثمانيةٌ} أي: يوم القيامة يحمل العرش ثمانيةٌ من الملائكة. ويحتمل أن يكون المراد بهذا العرش العرش العظيم، أو: العرش الّذي يوضع في الأرض يوم القيامة لفصل القضاء، واللّه أعلم بالصّواب. وفي حديث عبد اللّه بن عميرة، عن الأحنف بن قيسٍ، عن العبّاس بن عبد المطّلب، في ذكر حملة العرش أنّهم ثمانية أوعالٍ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ يحيى بن سعيدٍ حدّثنا زيد بن الحباب، حدّثني أبو السّمح البصريّ، حدّثنا أبو قبيل حيي بن هانئٍ: أنّه سمع عبد اللّه بن عمرٍو يقول: حملة العرش ثمانيةٌ، ما بين موق أحدهم إلى مؤخّر عينه مسيرة مائة عامٍ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي قال: كتب إليّ أحمد بن حفص بن عبد اللّه النّيسابوريّ: حدّثني أبي، حدّثنا إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن محمّد بن المنكدر، عن جابرٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أذن لي أن أحدّثكم عن ملكٍ من حملة العرش: بعد ما بين شحمة أذنه وعنقه بخفق الطّير سبعمائة عامٍ".
وهذا إسنادٌ جيّدٌ، رجاله ثقاتٌ. وقد رواه أبو داود في كتاب "السّنّة" من سننه: حدّثنا أحمد بن حفص بن عبد اللّه، حدّثنا أبي، حدّثنا إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن محمّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللّه؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "أذن لي أن أحدّث عن ملكٍ من ملائكة اللّه من حملة العرش: أنّ ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عامٍ". هذا لفظ أبي داود.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا يحيى بن المغيرة، حدّثنا جريرٌ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {ويحمل عرش ربّك فوقهم يومئذٍ ثمانيةٌ} قال: ثمانية صفوفٍ من الملائكة. قال: وروي عن الشّعبيّ [وعكرمة] والضّحّاك. وابن جريج، مثل ذلك. وكذا روى السّدّي عن أبي مالكٍ، عن ابن عبّاسٍ: ثمانية صفوفٍ. وكذا روى العوفيّ، عنه.
وقال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: الكروبيّون ثمانية أجزاءٍ، كلّ جنسٍ منهم بقدر الإنس والجنّ والشّياطين والملائكة). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 212]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: أي تعرضون على عالم السر والنجوى الذيلا يخفى عليه شيءٌ من أموركم، بل هو عالمٌ بالظّواهر والسّرائر والضّمائر؛ ولهذا قال: {لا تخفى منكم خافيةٌ}
وقد قال ابن أبي الدّنيا: أخبرنا إسحاق بن إسماعيل، أخبرنا سفيان بن عيينة، عن جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجّاج قال: قال عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، فإنّه أخفّ عليكم في الحساب غدًا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزيّنوا للعرض الأكبر: {يومئذٍ تعرضون لا تخفى منكم خافيةٌ}.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا وكيع، حدّثنا عليّ بن عليّ بن رفاعة، عن الحسن، عن أبي موسى قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يعرض النّاس يوم القيامة ثلاث عرضاتٍ، فأمّا عرضتان فجدالٌ ومعاذير، وأمّا الثّالثة فعند ذلك تطير الصّحف في الأيدي، فآخذٌ بيمينه وآخذٌ بشماله".
ورواه ابن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع، به وقد رواه التّرمذيّ عن أبي كريب عن وكيعٍ عن عليّ بن عليٍّ، عن الحسن، عن أبي هريرة، به.
وقد روى ابن جريرٍ عن مجاهد بن موسى، عن يزيد، بن سليم بن حيّان، عن مروان الأصغر، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه قال: يعرض النّاس يوم القيامة ثلاث عرضاتٍ: عرضتان، معاذير وخصوماتٌ، والعرضة الثّالثة تطير الصّحف في الأيدي. ورواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة مرسلًا مثله). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 212-213]


رد مع اقتباس