عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 05:37 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: قل من يرزقكم من السّماء والأرض أمّن يملك السّمع والأبصار ومن يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ ومن يدبّر الأمر فسيقولون اللّه فقل أفلا تتّقون (31) فذلكم اللّه ربّكم الحقّ فماذا بعد الحقّ إلاّ الضّلال فأنّى تصرفون (32) كذلك حقّت كلمة ربّك على الّذين فسقوا أنّهم لا يؤمنون (33)
هذا توقيف وتوبيخ واحتجاج لا محيد عن التزامه، ومن السّماء يريد بالمطهر ومن الأرض يريد بالإنبات ونحو ذلك، ويملك السّمع والأبصار، لفظ يعم جملة الإنسان ومعظمه حتى أن ما عداهما من الحواس تبع، ويخرج الحيّ من الميّت الجنين من النطفة، والطائر من البيضة، والنبات من الأرض إذ له نمو شبيه بالحياة، ويخرج الميّت من الحيّ، مثل البيضة من الطائر ونحو ذلك، وقد تقدم فيما سلف إيعاب القول في هذه المعاني، و «تدبير الأمر» عام لهذا وغيره من جميع الأشياء، وذلك استقامة الأمور كلها عن إرادته عز وجل، وليس تدبيره بفكر ولا روية وتغيرات تعالى عن ذلك بل علمه محيط كامل دائم، فسيقولون اللّه لا مندوحة لهم عن ذلك، ولا تمكنهم المباهتة بسواه، فإذا أقروا بذلك فقل أفلا تتّقون. في افترائكم وجعلكم الأصنام آلهة). [المحرر الوجيز: 4/ 477]

تفسير قوله تعالى: {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى فذلكم اللّه ربّكم الآية، يقول: فهذا الذي هذه صفاته ربّكم الحقّ أي المستوجب للعبادة والألوهية، وإذا كان ذلك فتشريك غيره ضلال وغير حق، وعبارة القرآن في سوق هذه المعاني تفوت كل تفسير براعة وإيجازا وإيضاحا، وحكمت هذه الآية بأنه ليس بين الحق والضلال منزلة ثالثة في هذه المسألة التي هي توحيد الله وكذلك هو الأمر في نظائرها، وهي مسائل الأصول التي الحق فيها في طرف واحد، لأن الكلام فيها إنما هو في تقرير وجود ذات كيف وهي، وذلك بخلاف مسائل الفروع التي قال الله تعالى فيها لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجاً [المائدة: 48] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور متشابهات»، والحقّ في هذه في الطرفين لأن المتعبدين إنما طلبوا بالاجتهاد لا بعين في كل نازلة ويدلك على أن «الحق» في الطرفين اختلاف الشرائع بتحليل وتحريم في شيء واحد، والكلام في مسائل الفروع إنما هو في أحكام طارئة على وجود ذات متقررة لا يختلف فيها وإنما يختلف في الأحكام المتعلقة بالمتشرع، وقوله: فأنّى تصرفون تقرير كما قال فأين تذهبون [التكوير: 26]). [المحرر الوجيز: 4/ 477-478]

تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (33)}

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم قال: كذلك حقّت أي كما كانت صفات الله كما وصف وعبادته واجبة كما تقرر وانصراف هؤلاء كما قدر عليهم وتكسبوا كذلك حقّت، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم، وحمزة والكسائي هنا وفي آخر السورة «كلمة» على الإفراد الذي يراد به الجمع كما يقال للقصيدة كلمة، فعبر عن وعيد الله تعالى بكلمته، وقرأ نافع وابن عامر في الموضعين المذكورين «كلمات»، وهي قراءة أبي جعفر وشيبة بن نصاح،
وهذه الآية إخبار أن في الكفار من حتم بكفره وقضى بتخليده، وقرأ ابن أبي عبلة، «إنهم» بكسر الألف). [المحرر الوجيز: 4/ 478-479]


رد مع اقتباس