عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 10:25 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله: {الذي ينهى عبدا إذا صلى}؛ قال: قال أبو جهل: لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن على عنقه، قال: وكان يقال: لكل أمة فرعون وفرعون هذه الأمة أبو جهل). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 384]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ذُكِرَ أنَّ هذهِ الآيةَ وَما بَعْدَهَا نَزَلَتْ في أَبِي جَهْلِ بنِ هِشَامٍ، وَذلكَ أَنَّهُ قَالَ فيما بَلَغَنَا: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّداً يُصَلِّي لَأَطَأَنَّ رَقَبَتَهُ؛ وَكانَ فِيمَا ذُكِرَ قدْ نَهَى رَسُولَ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] أنْ يُصَلِّيَ.
فَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرَأَيْتَ يَا مُحَمَّدُ أَبَا جَهْلٍ الذي يَنْهَاكَ أنْ تُصَلِّيَ عندَ المقامِ، وَهوَ مُعْرِضٌ عَنِ الحقِّ، مُكَذِّبٌ بهِ، يُعَجِّبُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَبِيَّهُ وَالمُؤْمِنِينَ مِنْ جهلِ أبي جَهْلٍ، وَجَرَاءَتِهِ على رَبِّهِ، في نَهْيِهِ مُحَمَّداً عَنِ الصلاةِ لِرَبِّهِ، وَهو معَ أَيَادِيهِ عِنْدَهُ مُكَذِّبٌ بهِ.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قَالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ عمرٍو، قَالَ: ثنا أبو عاصمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الحارثُ، قَالَ: ثنا الحسنُ قَالَ: ثنا وَرقاءُ، جَمِيعاً عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ. عَنْ مجاهدٍ. في قولِ اللَّهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قَالَ: أبو جَهْلٍ، يَنْهَى مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا صَلَّى.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ. قَالَ: ثنا يَزِيدُ. قَالَ: ثنا سَعِيدٌ. عَنْ قتادةَ {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}: نَزَلَتْ في عَدُوِّ اللَّهِ أبي جَهْلٍ، وَذلكَ لأنَّهُ قَالَ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّداً يُصَلِّي لَأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ ما تَسْمَعُونَ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قتادةَ، في قولِ اللَّهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قَالَ: قَالَ أبو جهلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّداً يُصَلِّي لَأَطَأَنَّ على عُنُقِهِ. قَالَ: وَكانَ يُقَالُ: " لِكُلِّ أُمَّةٍ فِرْعَوْنُ، وَفِرْعَوْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو جَهْلٍ ".
- حَدَّثَنَا إِسحاقُ بنُ شَاهِينٍ الوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثنا خالدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ داودَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، فَجَاءَهُ أبو جهلٍ، فَنَهَاهُ أنْ يُصَلِّيَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}... إِلى قولِهِ: {كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} ). [جامع البيان: 24 / 533-534]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى}؛ قال: يعني أبا جهل ابن هشام كان ينهى النبي [صلى الله عليه وسلم] عن الصلاة). [تفسير مجاهد: 2/ 772]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قالَ أبو جهلِ بنُ هِشامٍ: حِينَ رَمَى رسولَ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ] بالسَّلاَ على ظهرِه وهو ساجدٌ للَّهِ عزَّ وجلَّ). [الدر المنثور: 15 / 530]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قالَ: نَزَلَتْ في عدوِّ اللَّهِ أَبِي جهلٍ؛ وذلك أنَّه قالَ: لَئِنْ رَأَيْتُ محمداً يُصَلِّي لأَطَأَنَّ على عُنُقِه، فأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى}؛ قالَ: محمدٌ، {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}؛ يعني بذلك أبا جَهْلٍ، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}؛ قالَ: قوْمَه، حَيَّه، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ قالَ: الزبانيةُ في كلامِ العربِ الشُّرَطُ). [الدر المنثور: 15 / 530]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن مُجَاهِدٍ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قالَ: أبو جهلٍ يَنْهَى محمداً صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ إذَا صَلَّى، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}؛ قالَ: عَشِيرَتَه، مَجْلِسَه، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}. قالَ: الملائكةَ). [الدر المنثور: 15 / 530-531]

تفسير قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يَقُولُ تعالى ذِكْرُهُ: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ} مُحَمَّدٌ {عَلَى الْهُدَى}، يعني: على اسْتِقَامَةٍ وَسَدَادٍ في صلاتِهِ لِرَبِّهِ). [جامع البيان: 24 / 534]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قالَ: نَزَلَتْ في عدوِّ اللَّهِ أَبِي جهلٍ؛ وذلك أنَّه قالَ: لَئِنْ رَأَيْتُ محمداً يُصَلِّي لأَطَأَنَّ على عُنُقِه، فأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى}، قالَ: محمدٌ، {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}، يعني بذلك أبا جَهْلٍ، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}، قالَ: قوْمَه، حَيَّه، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}، قالَ: الزبانيةُ في كلامِ العربِ الشُّرَطُ). [الدر المنثور: 15 / 530] (م)

تفسير قوله تعالى: {أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى}: أَوْ أَمَرَ مُحَمَّدٌ هذا الذي يَنْهَى عَنِ الصلاةِ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ وَخَوْفِ عقابِهِ.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قَالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا بشرٌ، قَالَ: ثنا يزيدُ، قَالَ: ثنا سعيدٌ، عَنْ قتادةَ، قولُهُ: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى}، قَالَ مُحَمَّدٌ: كانَ على الهُدَى، وَأَمَرَ بِالتَّقْوَى). [جامع البيان: 24 / 534-535]

تفسير قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ}؛ أبو جَهْلٍ بالحقِّ الذي بُعِثَ بهِ محمدٌ، {وَتَوَلَّى}؛ يَقُولُ: وَأَدْبَرَ عنهُ، فَلَمْ يُصَدِّقْ بهِ.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قَالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا بشرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سعيدٌ، عَنْ قتادةَ {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}، يَعْنِي: أَبَا جَهْلٍ). [جامع البيان: 24 / 535]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}، قالَ: نَزَلَتْ في عدوِّ اللَّهِ أَبِي جهلٍ؛ وذلك أنَّه قالَ: لَئِنْ رَأَيْتُ محمداً يُصَلِّي لأَطَأَنَّ على عُنُقِه، فأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى}، قالَ: محمدٌ، {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}؛ يعني بذلك أبا جَهْلٍ، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}؛ قالَ: قوْمَه، حَيَّه، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ قالَ: الزبانيةُ في كلامِ العربِ الشُّرَطُ). [الدر المنثور: 15 / 530] (م)

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَلَمْ يَعْلَمْ أَبُو جَهْلٍ إِذْ يَنْهَى محمداً عَنْ عبادةِ رَبِّهِ وَالصلاةِ لهُ، بأنَّ اللَّهَ يَرَاهُ فَيَخَافُ سَطْوَتَهُ وَعِقَابَهُ. وَقيلَ: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْداً إِذا صَلَّى، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى، فَكُرِّرَتْ أَرَأَيْتَ مَرَّاتٍ ثَلاثاً على البَدَلِ. وَالمعنى: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْداً إِذَا صَلَّى، وَهو مُكَذِّبٌ مُتَوَلٍّ عَنْ رَبِّهِ، أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَاهُ). [جامع البيان: 24 / 535-536]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)}
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({لنسفعن} : قال: لنأخذن ولنسفعن بالنّون وهي الخفيفة، سفعت بيده: أخذت). [صحيح البخاري: 6 / 173]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ}: لَنَأْخُذَنْ، وَلَنَسْفَعَنْ بالنونِ وهي الخفيفةُ سَفَعْتُ بِيَدِهِ أَخَذْتُ، هُو كلامُ أَبِي عُبَيْدَةَ أيضًا، ولَفْظُهُ: وَلَنَسْفَعَنْ إِنَّمَا يُكْتَبُ بالنونِ؛ لأنَّهَا نُونٌ خَفِيفَةٌ. انْتَهَى.
وقد رُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو بتَشْدِيدِ النُّونِ، والمَوْجُودُ في مَرْسُومِ المُصْحَفِ بالأَلِفِ، والسَّفْعُ القَبْضُ على الشَّيْءِ بشِدَّةٍ، وقِيلَ: أَصْلُهُ الأَخْذُ بسُفْعَةِ الفَرَسِ أي سَوَادِ نَاصِيَتِهِ. ومنه قَوْلُهُمْ: بِهِ سُفْعَةٌ مِنْ غَضَبٍ لِمَا يَعْلُو لَوْنَ الغَضْبَانِ مِنَ التَّغَيُّرِ ومِنْهُ: امْرَأَةٌ سَفْعَاءُ). [فتح الباري: 8 / 714]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما قول معمر فهو أبو عبيدة معمر بن المثنى، ولفظه في كتاب المجاز له الرجعى المرجع، والرّجوع {لنسفعن بالناصية}؛ أي لنأخذن بالناصية ويقال: سفعت بيده أخذت بيده ولنسفعن إنّما يكتب بالنّون لأنّها نون خفيفة). [تغليق التعليق: 4 / 374]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({لَنَسْفَعَنْ} قَالَ: لَنَأْخُذَنْ، وَلَنَسْفَعَنْ بِالنُّونِ وَهِيَ الْخَفِيفَةُ، سَفَعْتُ بِيَدِهِ: أَخَذْتُ أَيْ قَالَ مَعْمَرٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ} لَنَأْخُذَنْ.
قَوْلُهُ: {بِالنَّاصِيَةِ} هِيَ مُقَدَّمُ الرَّأْسِ، وَاكْتَفَى بِذِكْرِ النَّاصِيَةِ عَنِ الْوَجْهِ كُلِّهِ؛ لأَنَّهَا فِي مُقَدَّمِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فَيَأْخُذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ.
قَوْلُهُ: (بِالنُّونِ الْخَفِيفَةِ) وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ نُونَ التَّأْكِيدِ خَفِيفَةٌ وَثَقِيلَةٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو بِالنُّونِ الثَّقِيلَةِ.
قَوْلُهُ: (سَفَعْتُ بِيَدِهِ)، أَشَارَ بِهِ إِلَى مَعْنَى السَّفْعِ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ وَهُوَ الأَخْذُ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَبْضُ بِشِدَّةٍ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: دَخَلَ النَّبِيُّ الْكَعْبَةَ فَوَجَدَ أَبَا جَهْلٍ قَدْ قَلَّدَ هُبَلَ طَوْقًا مِنْ ذَهَبٍ وَطَيَّبَهُ وَهُوَ يَقُولُ: يَا هُبَلُ لِكُلِّ شَيْءٍ شُكْرٌ وَعِزَّتِكَ لأَشْكُرَنَّكَ مِنْ قَابِلٍ. قَالَ: وَكَانَ قَدْ وُلِدَ لَهُ ذَلِكَ الْعَامَ أَلْفُ نَاقَةٍ وَكَسِبَ فِي تِجَارَتِهِ أَلْفَ مِثْقَالِ ذَهَبٍ، فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ: وَاللَّهِ إِنْ وَجَدْتُكَ هُنَا تَعْبُدُ غَيْرَ إِلَهِنَا لأَسْفَعَنَّكَ عَلَى نَاصِيَتِكَ. يَقُولُ: لأَجُرَّنَّكَ عَلَى وَجْهِكَ، فَنَزَلَتْ: {كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ} أَيْ: فِي النَّارِ). [عمدة القاري: 19 / 303]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( {لَنَسْفَعَنْ} أي: لَنَأْخُذَنْ بنَاصِيَتِهِ فَلَنَجُرَّنَّهُ إلى النَّارِ. ولغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ: قَالَ: لَنَأْخُذَنْ. (وَلَنَسْفَعَنْ بالنُّونِ وهي الخفِيفَةُ) وفي رسْمِ الْمُصْحَفِ بالأَلِفِ، (سَفَعْتُ بِيَدِهِ) بفَتْحِ السِّينِ والفاءِ وسُكونِ العَيْنِ أي: (أَخَذْتُ) قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ أَيْضًا). [إرشاد الساري: 7 / 425]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {كلّا لئن لم ينته لنسفعن بالنّاصية (15) ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئةٍ}
- حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزَّاقِ، عن مَعْمَرٍ، عن عَبْدِ الكَرِيمِ الجَزَرِيِّ، عن عِكْرِمَةَ: قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّي عِندَ الكَعْبَةِ لأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ. فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ فقالَ: «لَوْ فَعَلَهُ لأَخَذَتْهُ المَلائِكَةُ
».
تابَعَهُ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، عن عُبَيدِ اللهِ، عن عَبْدِ الكَرِيمِ). [صحيح البخاري: 6 / 174-175]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: بَابٌ كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَهِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ، سقطَ لِغَيرِ أَبِي ذَرٍّ بَابٌ، ومِنْ نَاصِيَةٍ إِلَى آخِرِهِ.
قولُهُ: عن عَبْدِ الكَرِيمِ الجَزَرِيِّ هُو ابنُ مَالِكٍ، وهُو ثِقَةٌ، وفي طَبَقَتِهِ عَبْدُ الكَرِيمِ بنُ أَبِي المُخَارِقِ وهُو ضعيفٌ.
قولُهُ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ هَذَا مما أَرْسَلَهُ ابنُ عَبَّاسٍ؛ لأنَّه لم يُدْرِكْ زَمَنَ قَوْلِ أَبِي جهلٍ ذلكَ؛ لأن مَوْلِدَهُ قَبْلَ الهجرةِ بنَحْوِ ثلاثِ سنينَ، وقد أَخْرَجَ ابنُ مَرْدَوَيهِ بإسنادٍ ضعيفٍ، عن عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، عن أَبِيهِ، عن العباسِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ، قَالَ:
«كُنْتُ يَوْمًا في المَسْجِدِ فأَقْبَلَ أَبُو جَهْلٍ فقالَ: إنَّ للهِ عَلَيَّ إِنْ رَأَيتُ مُحَمَّدًا ساجدًا»، فذَكَرَ الحديثَ.
قولُهُ: (لَوْ فَعَلَهُ لأَخَذَتْهُ المَلائِكَةُ) وَقَعَ عِندَ البَلاَذُرِيِّ: نَزَلَ اثْنَا عَشَرَ مَلَكًا مِنَ الزَّبَانِيَةِ، رُؤُوسُهُمْ فِي السَّمَاءِ، وأَرْجُلُهُمْ فِي الأَرْضِ. وَزَادَ الإِسْمَاعِيلِيُّ في آخِرِهِ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ الجَزَرِيِّ قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: لَوْ تَمَنَّى اليَهُودُ المَوْتَ لَمَاتُوا، ولو خَرَجَ الذينَ يُبَاهِلُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ لَرَجَعُوا لا يَجِدُونَ أَهْلاً ولا مَالاً. وأَخرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ عن أَبِي هُرَيرَةَ نَحْوَ حَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ، وَزَادَ في آخرِهِ: فلم يَفْجَأْهُمْ مِنْهُ إلا وهو- أي أَبُو جهلٍ- يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ ويَتَّقِي بِيَدِهِ فقِيلَ لَهُ، فقالَ: إِنَّ بَيْنِي وبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وهَوْلاً وأَجْنِحَةً. فقال النَّبِيُّ [صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ]: «لَوْ دَنَا لاَخْتَطَفَتْهُ المَلائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا
» وإنما شَدَّدَ الأمرَ في حَقِّ أَبِي جهلٍ، ولم يَقَعْ مِثْلُ ذَلِكَ لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ حيثُ طَرَحَ سَلَى الجَزُورِ على ظَهْرِهِ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ وهُو يُصَلِّي كما تَقَدَّمَ شَرْحُهُ في الطهارةِ؛ لأنهما وإِنِ اشْتَرَكَا في مُطْلَقِ الأَذِيَّةِ حَالَةَ صَلاتِهِ لكنْ زَادَ أَبُو جهلٍ بالتهديدِ وبدَعْوَى أهْلِ طَاعَتِهِ وبإرادةِ وَطْءِ العُنُقِ الشَّرِيفِ، وفي ذلك مِنَ المبالغةِ مَا اقْتَضَى تَعْجِيلَ العُقُوبَةِ لَوْ فَعَلَ ذلك، ولأنَّ سَلَى الجَزُورِ لم يَتَحَقَّقْ نَجَاسَتُهَا، وقد عُوقِبَ عُقْبَةُ بدُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ عليه وعلى مَنْ شَارَكَهُ في فِعْلِهِ فقُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ.
قولُهُ: (تَابَعَهُ عَمْرُو بنُ خَالِدٍ عَنْ عُبَيدِ اللهِ عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ) أمَّا عَمْرُو بنُ خَالِدٍ فهو مِنْ شُيُوخِ البُخارِيِّ، وهُو الحَرَّانِيُّ، ثِقَةٌ مَشْهُورٌ، وأَمَّا عُبَيدُ اللهِ فهو ابنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، وعَبْدُ الكَرِيمِ هُو الجَزَرِيُّ المَذْكُورُ، وهذه المتابعةُ وَصَلَهَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ البَغَوِيُّ في مُنْتَخَبِ المُسْنَدِ له عَنْ عَمْرِو بنِ خَالِدٍ بهذا، وقد أَخْرَجَهُ ابنُ مَرْدَوَيهِ من طَرِيقِ زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو بالسَّنَدِ المَذْكُورِ، ولَفْظُهُ بَعْدُ.
قولُهُ: (لو فَعَلَ لأَخَذَتْهُ المَلائِكَةُ عِيَانًا، ولَوْ أَنَّ اليَهُودَ) إلى آخِرِ الزيادةِ التي ذَكَرْتُهَا مِنْ عِندِ الإسماعيليِّ، وَزَادَ بَعْدَ قولِهِ: لَمَاتُوا: ورَأَوْا مَقَاعِدَهُمْ مِنَ النَّارِ). [فتح الباري: 8 / 724]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
عقب حديث معمر، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال:
قال أبو جهل لئن رأيت محمّدًا يصلّي عند الكعبة لأطأن على عنقه فبلغ ذلك النّبي [صلّى اللّه عليه وسلّم] فقال: «لو فعله لأخذته الملائكة».
تابعه عمرو بن خالد، عن عبيدالله، عن عبد الكريم، قال: علّي بن عبد العزيز البغويّ في منتخب المسند له ثنا عمرو بن خالد به وسيأتي إسنادي إليه في أوائل كتاب الأشربة إن شاء الله). [تغليق التعليق: 4 / 375]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (بَابٌ {كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}
أَيْ: هَذَا بَابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَلاَّ.. إِلَى آخِرِهِ وَسَقَطَ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ لَفْظُ بَابٍ وَمِنْ نَاصِيَةٍ إِلَى آخِرِهِ.
قَوْلُهُ: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ} أَيْ: أَبُو جَهْلٍ، عَنْ إِنْذَارِ رَسُولِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ، عَنِ الصَّلاَةِ.
قَوْلُهُ: {لَنَسْفَعَنْ} أَيْ: لَنَأْخُذَنْ بِالنَّاصِيَةِ، وَقَدْ مَرَّ تَفْسِيرُهُ عَنْ قَرِيبٍ، وَكُتِبَ بِالأَلِفِ فِي الْمُصْحَفِ عَلَى حُكْمِ الْوَقْفِ.
قَوْلُهُ: {نَاصِيَةٍ} بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: بِالنَّاصِيَةِ، وَوَصَفَ النَّاصِيَةَ بِالْكَذِبِ وَالْخَطَأِ عَلَى الإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ، وَالْكَذِبُ وَالْخَطَأُ فِي الْحَقِيقَةِ لِصَاحِبِهَا أَيْ: صَاحِبِ النَّاصِيَةِ كَاذِبٌ خَاطِئٌ.
- حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ عِكْرَمَةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ لأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ. فَبَلَغَ النَّبِيَّ [صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ] فَقَالَ: «لَوْ فَعَلَ لأَخَذَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ
».
مُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ، وَيَحْيَى إِمَّا ابْنُ مُوسَى وَإِمَّا ابْنُ جَعْفَرٍ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ ابْنُ مَالِكٍ الْجَزَرِيُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالزَّايِ. وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي التَّفْسِيرِ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
قَوْلُهُ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ، وَهَذَا مِنْ مُرْسَلاَتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ؛ لأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ زَمَنَ قَوْلِ أَبِي جَهْلٍ ذَلِكَ؛ لأَنَّ مَوْلِدَهُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ نَحْوَ ثَلاَثِ سِنِينَ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ أَوْ مِنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ.
قَوْلُهُ: (عَلَى عُنُقِهِ) بِالنُّونِ وَالْقَافِ، وَيُرْوَى بِالْقَافِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.
قَوْلُهُ: (لَوْ فَعَلَ) أَيْ: أَبُو جَهْلٍ.
قَوْلُهُ: (لأَخَذَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ) أَيْ: مَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ، وَوَقَعَ عِنْدَ الْبَلاَذُرِيِّ: نَزَلَ اثْنَا عَشَرَ مَلَكًا مِنَ الزَّبَانِيَةِ، رُؤُوسُهُمْ فِي السَّمَاءِ، وَأَرْجُلُهُمْ فِي الأَرْضِ. وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَزَادَ فِي آخِرِهِ: فَلَمْ يَفْجَأْهُمْ مِنْهُ إِلاَّ وَهُوَ؛ أَيْ: أَبُو جَهْلٍ نَكَصَ عَلَى عَقِبِهِ وَيَتَّقِي بِيَدِهِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ ؟ قَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وَهَوْلاً وَأَجْنِحَةً فَقَالَ النَّبِيُّ:
«لَوْ دَنَا لاَخْتَطَفَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا».
(تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ).
أَيْ: تَابَعَ عَبْدَ الرَّزَّاقِ أَوْ يَحْيَى فِي رِوَايَتِهِ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ بِالرَّاءِ وَالْقَافِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ الْمَذْكُورِ، وَهَذِهِ الْمُتَابَعَةُ وَصَلَهَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْبَغْوَيُّ فِي مُنْتَخَبِ الْمُسْنَدِ لَهُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ فَذَكَرَهُ). [عمدة القاري: 19 / 308]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (بَابٌ قَوْلُهُ تَعَالَى: {كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ}؛ عَمَّا هو عليه مِنَ الْكُفْرِ، {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ}؛ لَنَجُرَّنَّ بِنَاصِيَتِهِ إلى النَّارِ، {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}؛ بَدَلٌ من النَّاصِيَةِ وَوَصْفُهَا بذلك مَجَازٌ، وإنَّمَا المرادُ صاحِبُهَا، وَسَقَطَ نَاصِيَةٍ إلخ لأَبِي ذَرٍّ وثَبَتَ له لَفْظُ: بَابٌ. وبه قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: هو إِمَّا ابْنُ مُوسَى وَإِمَّا ابْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّازِقِ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ مَعْمَرٍ هو ابْنُ رَاشِدٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ -بِالْجِيمِ الْمَفْتُوحَةِ وَالزَّايِ- عَنْ عِكْرِمَةَ أنَّهُ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما-: قَالَ أَبُو جَهْلٍ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ وَلَمْ يُدْرِكِ ابْنُ الْعَبَّاسِ الْقِصَّةَ، فَيُحْمَلُ عَلَى سَمَاعِهِ ذلك منه [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: (لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ لأََطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ فَبَلَغَ) ذلك النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ:
«لَوْ فَعَلَهُ لأََخَذَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ»، وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه نَحْوَ حديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَزَادَ في آخِرِهِ: فلم يَفْجَأْهُمْ منه إِلاَّ وهو أي: أَبُو جَهْلٍ يَنْكُصُ على عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بِيَدِهِ فَقِيلَ له: مَا لَكَ؟ قَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وَهَوْلاً وَأَجْنِحَةً. فَقَالَ النَّبِيُّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: «لَوْ دَنَا لاخْتَطَفَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا» تَابَعَهُ أي تَابَعَ عَبْدَ الرَّازِقِ فيما وَصَلَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ في مُنْتَخَبِ الْمُسْنَدِ له عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ بفتحِ العَينِ الْحَرَّانِيُّ من شيوخِ الْمُؤَلِّفِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ -بِضَمِّ الْعَيْنِ ابْنِ عَمْرٍو بِفَتْحِ الْعَيْنِ الرَّقِّيِّ- عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ). [إرشاد الساري: 7 / 429]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {كَلاَّ }؛ يَقُولُ: ليسَ كما يَقُولُ: إِنَّهُ يَطَأُ عُنُقَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: لا يَقْدِرُ على ذلكَ، وَلا يَصِلُ إِليهِ.
وقولُهُ: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ}؛ يَقُولُ: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ أبو جهلٍ عَنْ محمدٍ {لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ}؛ يَقُولُ: لَنَأْخُذَنَّ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، فَلَنَضُمَّنَّهُ وَلَنُذِلَّنَّهُ؛ يقالُ منهُ: سَفَعْتُ بِيَدِهِ: إِذا أَخَذْتُ بِيَدِهِ. وَقيلَ: إِنَّمَا قِيلَ: {لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ} وَالمعنى: لَنُسَوِّدَنَّ وَجْهَهُ، فَاكْتَفَى بذكرِ الناصيةِ مِنَ الوجهِ كُلِّهِ، إِذْ كانت الناصيةُ في مُقَدَّمِ الوجهِ. وَقيلَ: معنَى ذلكَ: لَنَأْخُذَنَّ بِنَاصِيَتِهِ إِلى النارِ، كما قَالَ: {فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} ). [جامع البيان: 24 / 536]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( وَقولُهُ: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}؛ فَخَفَضَ {نَاصِيَةٍ} رَدًّا على الناصيةِ الأُولَى بالتكريرِ، وَوَصَفَ الناصيةَ بالكذبِ وَالخطيئةِ، وَالمَعْنَى لِصَاحِبِهَا). [جامع البيان: 24 / 536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {لَنَسْفَعًا}؛ قالَ: لنَأْخُذَنْ.
- وأَخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ عن عِكْرِمَةَ، مِثْلَه). [الدر المنثور: 15 / 531]

تفسير قوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {فليدع ناديه}؛ قال: قومه حية). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 384]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (" وقال مجاهدٌ: {ناديه}: «عشيرته»). [صحيح البخاري: 6 / 173]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: وقَالَ مُجَاهِدٌ: {نَادِيَهُ}: عَشِيرَتَهُ، وصَلَهُ الفِرْيَابِيُّ مِن طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، وهُو تَفْسِيرُ مَعْنًى؛ لأنَّ المَدْعُوَّ أَهْلُ النَّادِي، والنَّادِي المَجْلِسُ المُتَّخَذُ للحَدِيثِ). [فتح الباري: 8 / 714]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد: {ناديه}؛ عشيرته الزّبانية الملائكة، وقال معمر: الرجعى المرجع {لنسفعن}؛ قال: لنأخذن ولنسفعن بالنّون وهي الخفيفة سفعت بيده أخذت.
وأما قول مجاهد: فقال الفريابيّ: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله:{فليدع ناديه}؛ قال: عشيرته). [تغليق التعليق: 4/ 374]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {نَادِيَهُ} عَشِيرَتَهُ).
أَيْ: قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} أَيْ: عَشِيرَتَهُ أَيْ: أَهْلَ نَادِيهِ؛ لأَنَّ النَّادِيَ هُوَ الْمَجْلِسُ الْمُتَّخَذُ لِلْحَدِيثِ، وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الْحَارِثِ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ). [عمدة القاري: 19 / 303]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( وَقَالَ مُجَاهِدٌ فيما وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ: {نَادِيَهُ} أي: عَشِيرَتَهُ فَلْيَسْتَنْصِرْ بهم. وأصْلُ النَّادِي الْمَجْلِسُ الَّذِي يَجْمَعُ النَّاسَ، ولا يُسَّمَى نَادِيًا ما لم يَكُنْ فيه أَهْلُهُ). [إرشاد الساري: 7 / 425]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}؛ يَقُولُ تعالى ذِكْرُهُ: فَلْيَدْعُ أبو جهلٍ أهلَ مَجْلِسِهِ وَأَنْصَارَهُ، مِنْ عَشِيرَتِهِ وَقَوْمِهِ، وَالنادِي: هوَ المَجْلِسُ.
وإِنَّمَا قِيلَ ذلكَ فيما بَلَغَنَا، لأنَّ أبا جَهْلٍ لَمَّا نَهَى النبيَّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] عَنِ الصلاةِ عندَ المقامِ، انْتَهَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]، وَأَغْلَظَ لهُ، فَقَالَ أبو جهلٍ: عَلامَ يَتَوَعَّدُنِي مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَكْثَرُ أَهْلِ الوادي نَادِياً؟ فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ} مِنه فَلْيَدْعُ حِينَئِذٍ نَادِيَهُ، فإِنَّهُ إِنْ دَعَا نَادِيَهُ، دَعَوْنَا الزَّبَانِيَةَ.
وَبِنَحْوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ جاءَت الأخبارُ، وَقالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ الآثارِ المَرْوِيَّةِ في ذلكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ وَكيعٍ، قَالَ: ثنا أبو خالدٍ الأَحْمَرُ؛ وَحَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا الحكمُ بنُ جميعٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بنُ مسهرٍ، جَمِيعاً عَنْ داودَ بنِ أبي هندٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] يُصَلِّي عِنْدَ المقامِ، فَمَرَّ بهِ أبو جهلِ بنُ هِشَامٍ، فَقَالَ: يا مُحَمَّدُ، أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ هذا؟ وَتَوَعَّدَهُ، فَأَغْلَظَ لهُ رَسُولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] وَانْتَهَرَهُ، فَقَالَ: يا مُحَمَّدُ بِأَيِّ شَيْءٍ تُهَدِّدُنِي؟ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأكثرُ هذا الوادي نَادِياً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ دَعَا نَادِيَهُ، أَخَذَتْهُ زَبَانِيَةُ العَذَابِ مِنْ سَاعَتِهِ.
- حَدَّثَنِي إِسحاقُ بنُ شاهِينٍ، قَالَ: ثنا خالدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ داودَ، عَنْ عكرمةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] يُصَلِّي، فَجَاءَهُ أَبُو جَهْلٍ، فَنَهَاهُ أنْ يُصَلِّيَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْداً إِذَا صَلَّى}... إِلى قولِهِ: {كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}.
فَقَالَ: لَقَدْ عَلِمَ أَنِّي أكثرُ هذا الوادِي نَادِياً، فَغَضِبَ النبيُّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]، فَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ، قَالَ داودُ: وَلمْ أَحْفَظْهُ، فأَنْزَلَ اللَّهُ: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فواللَّهِ لَوْ فَعَلَ لَأَخَذَتْهُ الملائكةُ مِنْ مَكَانِهِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلى، قَالَ: ثنا المُعتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ثنا نُعَيْمُ بنُ أبي هندٍ، عَنْ أبي حازمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ أبو جهلٍ: هلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجهَهُ بينَ أظهرِكُمْ؟ قَالَ: فَقِيلَ نَعَمْ، قَالَ: فَقَالَ: وَاللاتِ وَالعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يُصَلِّي كَذَلِكَ، لَأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ، وَلَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ في الترابِ، قَالَ: فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] وَهوَ يُصَلِّي لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ، قَالَ: فَمَا فَجَأَهُم منهُ إِلاَّ وَهوَ يَنْكُصُ على عَقِبَيْهِ، وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ؛ قَالَ: فقيلَ لهُ: مَا لَكَ؟ قَالَ: فَقَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ خَنْدَقاً مِنْ نارٍ وَهَوْلاً وَأَجْنِحَةً.
قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]:
«لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْواً عُضْواً».
قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ - لا أَدْرِي في حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أمْ لا -: {كَلاَّ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْداً إِذَا صَلَّى أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}.
يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ، {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}.
الملائكةَ، {كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بنُ وَاضحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الوليدِ بنِ العيزَارِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ أبو جهلٍ: لَئِنْ عَادَ مُحَمَّدٌ يُصَلِّي عندَ المقامِ لَأَقْتُلَنَّهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} حتَّى بلغَ هذهِ الآيةَ: {لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}.
فَجَاءَ النَّبِيَّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] وَهوَ يُصَلِّي، فقيلَ لهُ: ما يَمْنَعُكَ؟ قَالَ: قَدِ اسْوَدَّ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ مِنَ الْكَتَائِبِ... قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
«وَاللَّهِ لَوْ تَحَرَّكَ لَأَخَذَتْهُ المَلائِكَةُ وَالناسُ يَنْظُرُونَ إِليه».
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا زَكَرِيَّا بنُ عَدِيٍّ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ عمرٍو، عَنْ عبدِ الكريمِ، عَنْ عكرمةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ أبو جهلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يُصَلِّي عندَ الكعبةِ، لَآتِيَنَّهُ حتَّى أَطَأَ عَلَى عُنُقِهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]:
«لَوْ فَعَلَ لَأَخَذَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عِيَاناً».
وبالذي قُلْنَا في معنَى النادي قَالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ سعدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}.
يَقُولُ: فَلْيَدْعُ نَاصِرَهُ.
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ عمرٍو، قَالَ: ثنا أبو عاصمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الحارثُ، قَالَ: ثنا الحسنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ قَالَ: المَلائكةَ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حميدٍ، قَالَ: ثنا مَهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أبي سِنَانٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أبي الهُذَيْلِ: {الزَّبَانِيَةُ}؛ أَرْجُلُهُم في الأرضِ، وَرُءُوسُهُمْ في السماءِ). [جامع البيان: 24 / 536-540]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {فليدع ناديه}؛ يعني عشيرته يعني أبا جهل). [تفسير مجاهد: 2/ 772]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلّي، فجاء أبو جهلٍ، فقال: ألم أنهك عن هذا؟ ألم أنهك عن هذا؟ فانصرف النبيّ [صلى الله عليه وسلم]، فزبره، فقال أبو جهلٍ: إنك لتعلم ما بها ناد أكثر منّي، فأنزل الله تبارك وتعالى: {فليدع ناديه (17) سندع الزّبانية} [اقرأ: 17، 18] قال ابن عباس: والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله. أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
(ناد) النادي: مجتمع القوم). [جامع الأصول: 2 / 431-432]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (ولابنِ عبَّاسٍ عندَ أحمدَ قالَ: مَرَّ أبو جَهْلٍ فقالَ: أَلَمْ أَنْهَكَ؟ فانْتَهَرَه النبيُّ [صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ]، فقالَ: لِمَ تَنْتَهِرُنِي يَا مُحمدُ، فواللهِ لقدْ عَلِمْتَ ما بِها رَجُلٌ أكْثَرُ نادِياً مِنِّي؟ قالَ: فقالَ له جِبريلُ عليه السلامُ: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}.
قالَ ابنُ عباسٍ: فواللهِ لو دعا نادِيَه لأَخَذَتْه الزَّبَانِيَةُ بالعذابِ.
قلتُ: في الصحيحِ بعضُه. ورِجالُ أحمدَ رِجالُ الصحيحِ). [مجمع الزوائد: 7 / 139]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أحمدُ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ مَرْدُويَهْ، وأبو نُعَيْمٍ، والبَيْهَقِيُّ، عن أبي هريرةَ، قالَ:
قالَ أبو جَهْلٍ: هل يُعَفِّرُ محمدٌ وَجْهَه إلا بينَ أَظْهُرِكم؟
قالَوا: نعمْ.
فقالَ: واللاَّتِ والعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُه يُصَلِّي كذلك لأَطَأَنَّ على رقبتِه، ولأعَفِّرَنَّ وجهَه في الترابِ.
فأَتَى رسولَ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] وهو يُصَلِّي لِيَطَأَ على رقبتِه.
قالَ: فما فجِئَهُم مِنه إلاَّ وهو يَنْكُصُ على عَقِبَيْهِ يَتَّقِي بِيَدَيْهِ، فقِيلَ له: مَا لَكَ؟
فقالَ: إن بينِي وبينَه خَنْدَقاً مِن نارٍ وهؤلاءِ وأجنحةً، فقالَ رسولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]:
«لَوْ دَنَا مِنِّي لاخْتَطَفَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ عُضْواً عُضْواً» قالَ: وأَنْزَلَ اللَّهُ: {كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}، إلى آخرِ السورةِ، يعني: أبا جَهْلٍ، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}، يعني: قَوْمَه،
{سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}، يعني: الملائكةَ). [الدر المنثور: 15 / 529] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قالَ: نَزَلَتْ في عدوِّ اللَّهِ أَبِي جهلٍ؛ وذلك أنَّه قالَ: لَئِنْ رَأَيْتُ محمداً يُصَلِّي لأَطَأَنَّ على عُنُقِه، فأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى}؛ قالَ: محمدٌ، {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}؛ يعني بذلك أبا جَهْلٍ، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}؛ قالَ: قوْمَه، حَيَّه، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ قالَ: الزبانيةُ في كلامِ العربِ الشُّرَطُ). [الدر المنثور: 15 / 530] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن مُجَاهِدٍ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قالَ: أبو جهلٍ يَنْهَى محمداً صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ إذَا صَلَّى، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}؛ قالَ: عَشِيرَتَه، مَجْلِسَه، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ قالَ: الملائكةَ). [الدر المنثور: 15 / 530-531] (م)

تفسير قوله تعالى: {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله تعالى: {سندع الزبانية}؛ قال: قال أبو جهل: لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن على عنقه، قال: فقال النبي: لو فعل ذلك لأخذته الملائكة عيانا). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 384]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله: {الزبانية}؛ قال: الزبانية في كلام العرب الشرط). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 384]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({الزّبانية}: «الملائكة»). [صحيح البخاري: 6 / 173]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {الزَّبَانِيَةَ}: المَلائِكَةَ، وصَلَهُ الفِرْيَابِيُّ مِن طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، وأَخرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِن طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مِثْلَهُ). [فتح الباري: 8 / 714]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال عبد أخبرني شبابة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {سندع الزّبانية}؛ قال: الملائكة). [تغليق التعليق: 4 / 374]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( {الزَّبَانِيَةُ}: الْمَلاَئِكَةُ.
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ وَالْمُرَادُ بِالزَّبَانِيَةِ: الْمَلاَئِكَةُ، وَالزَّبَانِيَةُ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ: الشُّرَطُ، الْوَاحِدُ زِبْنِيَةٌ كَعِفْرِيَةٍ مِنْ الزَّبْنِ وَهُوَ الدَّفْعُ، وَقِيلَ: زَابِنٌ، وَقِيلَ: زَبَانِيُّ، وَقِيلَ: زَبْنِيٌّ كَأَنَّهُ نُسِبَ إِلَى الزَّبْنِ، وَالْمُرَادُ مَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ الْغِلاَظُ الشِّدَادُ). [عمدة القاري: 19 / 303]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( {الزَّبَانِيَةَ} أي: الملائكةَ، وسُمُّوا بذلك؛ لأنَّهم يَدْفَعُونَ أَهْلَ النَّارِ إليها بشِدَّةٍ؛ مَأْخُوذٌ من الزَّبْنِ وهو الدَّفْعُ). [إرشاد الساري: 7 / 425]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن عبد الكريم الجزريّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {سندع الزّبانية}؛ قال: قال أبو جهلٍ: لئن رأيت محمّدًا يصلّي لأطأنّ على عنقه، فقال النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم-:
«لو فعل لأخذته الملائكة عيانًا».
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ). [سنن الترمذي: 5 / 300]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، قال: حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن داود بن أبي هندٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: كان النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- يصلّي فجاء أبو جهلٍ فقال: ألم أنهك عن هذا؟ ألم أنهك عن هذا؟ ألم أنهك عن هذا؟ فانصرف النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فزبره، فقال أبو جهلٍ: إنّك لتعلم ما بها نادٍ أكثر منّي، فأنزل اللّه: {فليدع ناديه (17) سندع الزّبانية} فقال ابن عبّاسٍ: واللّه لو دعا ناديه لأخذته زبانية اللّه.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.
وفيه عن أبي هريرة). [سنن الترمذي: 5 / 301]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا محمّد بن عبد الأعلى، حدّثنا المعتمر، عن أبيه، حدّثنا نعيم بن أبي هندٍ، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة، قال: قال أبو جهلٍ: هل يعفّر محمّدٌ وجهه بين المشركين؟، فقيل: نعم، فقال: واللّات والعزّى لئن رأيته كذلك لأطأنّ على رقبته، أو لأعفّرنّ وجهه في التّراب، فأتى رسول الله [صلّى الله عليه وسلّم] وهو يصلّي، زعم ليطأ على رقبته، قال: فما فجأهم إلّا وهو ينكص على عقبيه ويتّقي بيده، فقيل: ما لك؟، قال: إنّ بيني وبينه لخندقًا من نارٍ، وهولًا وأجنحةً، فقال رسول الله [صلّى الله عليه وسلّم]: «لو دنا منّي لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 339]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا عبد الله بن سعيدٍ، عن أبي خالدٍ وهو سليمان بن حيّان، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: صلّى النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فجاء أبو جهلٍ فقال: ألم أنهك عن هذا؟، والله إنّك لتعلم ما بها نادٍ أكثر منّي، فأنزل الله [عزّ وجلّ]: {فليدع ناديه (17) سندع الزّبانية}؛ قال ابن عبّاسٍ: والله لو دعا ناديه لأخذته الزّبانية
- أخبرنا محمّد بن رافعٍ، حدّثنا عبد الرّزّاق، أخبرنا معمرٌ، عن عبد الكريم الجزريّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله عزّ وجلّ: {سندع الزّبانية}؛ قال: قال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: «لو فعل أبو جهلٍ لأخذته الملائكة عيانًا»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 340]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابنُ ثورٍ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قتادةَ، فِي قَوْلِهِ: {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}.
قَالَ النبيُّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]:
«لَوْ فَعَلَ أَبُو جَهْلٍ لَأَخَذَتْهُ الزَّبَانِيَةُ الْمَلَائِكَةُ عِيَاناً».
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}.
قَالَ: الملائكةَ.
- حُدِّثْتُ عَنِ الحسينِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبا مُعَاذٍ يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {الزَّبَانِيَةُ}، قَالَ: الملائكةُ). [جامع البيان: 24 / 540]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {سندع الزبانية}؛ قال: الزبانية الملائكة). [تفسير مجاهد: 2/ 772]

قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا الحسن بن يعقوب العدل، ثنا يحيى بن أبي طالبٍ، أنبأ عبد الوهّاب بن عطاءٍ، عن داود بن أبي هندٍ، وحدّثني عليّ بن عيسى، واللّفظ له، ثنا الحسين بن محمّدٍ القبّانيّ، ثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ، ثنا عبد الرّحمن بن محمّدٍ المحاربيّ، عن داود بن أبي هندٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: مرّ أبو جهلٍ بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو يصلّي فقال: ألم أنهك على أن تصلّي يا محمّد لقد علمت ما بها أحدٌ أكثر ناديًا منّي، «فانتهره النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم» فقال جبريل: عليه السّلام {فليدع ناديه (17) سندع الزّبانية} [العلق: 18] واللّه لو دعا ناديه لأخذته زبانية العذاب «صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/530] (م)
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (وعن ابنِ عبَّاسٍ قالَ: قالَ أبو جَهْلٍ: لَئِنْ عَادَ محمدٌ يُصَلِّي إلى القِبْلَةِ لأَقْتُلَنَّهُ. فعادَ؛ فَأَنْزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} إلى قوْلِه: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} فَلَمَّا قِيلَ لأبي جَهْلٍ: إنه عَادَ، قال: لقدْ حِيلَ ما بينِي وبينَه. قالَ ابنُ عبَّاسٍ: واللهِ لو تَحَرَّكَ لأخَذَتْهُ الملائكةُ والناسُ يَنْظُرونَ.
رَوَاه الطبرانيُّ في الأوسطِ، وفيه موسى بنُ سَهْلٍ الوَشَّاءُ، وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7 / 139]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، والبخاريُّ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ مَرْدُويَهْ، وأبو نُعَيْمٍ، والبَيْهَقِيُّ معاً في "الدلائلِ"، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: قالَ أبو جَهْلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ محمداً يُصَلِّي عندَ الكعبةِ لأَطَأَنَّ عُنُقَه. فبَلَغَ النبيَّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]، فقالَ:
«لَوْ فَعَلَ لأَخَذَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ عِيَاناً» ). [الدر المنثور: 15 / 527]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبةَ وأحمدُ، والترمذيُّ وصحَّحَه، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، والطبرانيُّ، وابنُ مَرْدُويَهْ، وأبو نُعَيْمٍ، والبَيْهَقِيُّ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: كانَ النبيُّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] يُصَلِّي، فجاءَ أبو جهلٍ، فقالَ: ألم أَنْهَكَ عن هذا؟ ألم أنْهكَ عن هذا؟ فانْصَرَفَ النبيُّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فَزَبَرَهُ، فقالَ أبو جهلٍ: إنك لتَعْلَمُ ما بها رجلٌ أكثرُ نَادِياً مِنِّي. فأَنْزَلَ اللَّهُ: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ قالَ ابنُ عبَّاسٍ: وَاللَّهِ لو دعا نادِيَه لأَخَذَتْه الزَّبَانِيَةُ). [الدر المنثور: 15 / 527-528]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، والطبرانيُّ في "الأوسَطِ "، وأبو نُعَيْمٍ في "الدلائلِ"، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: قالَ أبو جهلٍ: لَئِنْ عَادَ محمدٌ يُصَلِّي عندَ المَقامِ لأقْتُلَنَّه، فأَنْزَلَ اللَّهُ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}؛ حتى بَلَغَ هذه الآيةَ: {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ فجاءَ النبيُّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] يُصَلِّي فقِيلَ: ما يَمْنَعُكَ؟ فقالَ: قَدِ اسْوَدَّ مَا بَيْنِي وَبَيْنَه. قالَ ابنُ عبَّاسٍ: واللَّهِ لو تَحَرَّكَ لأَخَذَتْهُ الملائكةُ، والناسُ يَنْظُرُونَ إليه). [الدر المنثور: 15 / 528]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أحمدُ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ مَرْدُويَهْ، وأبو نُعَيْمٍ، والبَيْهَقِيُّ، عن أبي هريرةَ، قالَ: قالَ أبو جَهْلٍ: هل يُعَفِّرُ محمدٌ وَجْهَه إلا بينَ أَظْهُرِكم؟
قالَوا: نعمْ.
فقالَ: واللاَّتِ والعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُه يُصَلِّي كذلك لأَطَأَنَّ على رقبتِه، ولأعَفِّرَنَّ وجهَه في الترابِ.
فأَتَى رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يُصَلِّي لِيَطَأَ على رقبتِه.
قالَ: فما فجِئَهُم مِنه إلاَّ وهو يَنْكُصُ على عَقِبَيْهِ يَتَّقِي بِيَدَيْهِ، فقِيلَ له: مَا لَكَ؟
فقالَ: إن بينِي وبينَه خَنْدَقاً مِن نارٍ وهؤلاءِ وأجنحةً، فقالَ رسولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]:
«لَوْ دَنَا مِنِّي لاخْتَطَفَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ عُضْواً عُضْواً»قالَ: وأَنْزَلَ اللَّهُ: {كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}، إلى آخرِ السورةِ، يعني: أبا جَهْلٍ، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}؛ يعني: قَوْمَه،
{سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ يعني: الملائكةَ). [الدر المنثور: 15 / 529] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قالَ: نَزَلَتْ في عدوِّ اللَّهِ أَبِي جهلٍ؛ وذلك أنَّه قالَ: لَئِنْ رَأَيْتُ محمداً يُصَلِّي لأَطَأَنَّ على عُنُقِه، فأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى}؛ قالَ: محمدٌ، {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}؛ يعني بذلك أبا جَهْلٍ، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}؛ قالَ: قوْمَه، حَيَّه، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ قالَ: الزبانيةُ في كلامِ العربِ الشُّرَطُ). [الدر المنثور: 15 / 530] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن مُجَاهِدٍ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قالَ: أبو جهلٍ يَنْهَى محمداً [صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ] إذَا صَلَّى، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}؛ قالَ: عَشِيرَتَه، مَجْلِسَه، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ قالَ: الملائكةَ). [الدر المنثور: 15 / 530-531] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ الحَارثِ، قالَ: الزبانيةُ أرْجُلُهم في الأرضِ ورؤوسُهم في السماءِ). [الدر المنثور: 15 / 531]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني] يحيى بن أيوب، عن محمد بن عجلان قال: إنما أنزلت: {أقرأ باسم ربك الذي خلق}، أن أبا جهل كان يقول: لئن رأيته، يريد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يصلي لأطير على رقبته، فأنزل الله عز وجل: {أقرأ باسم ربك الذي خلق}، وفي آخرها: {واسجد} للنبي عليه السلام، {واقترب}، [ .. .. ] جهل. فقيل لأبي جهل: هذا الذي كنت تقول: هذا هو يسجد، اقترب منه، لأبي جهل، فقال: ما [ .. .. ] عته أن بيني وبينه كالفحل، لو اقتربت منه لأهلكني). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 6] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ألا تسمعونه يقول: افعل وافعل يقول واسجد واقترب). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 385]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الله بن ربيعة، قال: قال عتبة بن فرقدٍ لعبد الله بن ربيعة: يا عبد الله، ألا تعينني على ابن أخيك، قال: وما ذاك، قال: يعينني على ما أنا فيه من عملٍ، فقال له عبد الله: يا عمرو، أطع أباك، قال: فنظر إلى معضدٍ وهو جالسٌ، فقال: لا تطعهم {واسجد واقترب} قال: فقال عمرٌو: يا أبت، إني إنّما أنا عبدٌ أعمل في فكاك رقبتي، قال: فبكى عتبة، وقال: يا بنيّ إنّي لأحبّك حبّين: حبًّا للّه وحبّ الوالد ولده،

قال: فقال: عمرٌو: يا أبت، إنّك كنت أتيتني بمالٍ بلغ سبعين ألفًا، فإن كنت سائلي عنه فهو ذا فخذه، وإلاّ فدعني فأمضيه، قال له عتبة: فأمضه، قال: فأمضاه حتّى ما بقي منه درهمٌ). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 290-291]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {كَلاَّ}؛ يَقُولُ تعالى ذِكْرُهُ: ليسَ الأمرُ كما يَقُولُ أبو جهلٍ، إِذْ يَنْهَى مُحَمَّداً [صلَّى اللهُ عليه وسلَّم] عَنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَالصلاةِ لهُ، {لا تُطِعْهُ}.

يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: لا تُطِعْ أَبَا جَهْلٍ فِيمَا أَمَرَكَ بهِ مِنْ تَرْكِ الصلاةِ لِرَبِّكَ، وَاسْجُدْ لِرَبِّكَ وَاقْتَرِبْ منهُ، بالتَّحَبُّبِ إِليهِ بِطَاعَتِهِ، فإِنَّ أَبَا جَهْلٍ لَنْ يَقْدِرَ عَلَى ضَرِّكَ، وَنَحْنُ نَمْنَعُكَ منهُ.
- حَدَّثَنَا بشرٌ، قَالَ: ثنا يزيدُ، قَالَ: ثنا سعيدٌ، عَنْ قتادةَ {كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}: ذُكِرَ لنا أنَّها نَزَلَتْ في أبي جهلٍ، قَالَ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّداً يُصَلِّي لَأَطَأَنَّ عُنُقَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}.
قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حينَ بَلَغَهُ الذي قَالَ أبو جهلٍ:
«لَوْ فَعَلَ لَاخْتَطَفَتْهُ الزَّبَانِيَةُ» ). [جامع البيان: 24 / 540-541]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ، عن زيدِ بنِ أسْلَم، قالَ: {وَاسْجُدْ}؛ أنتَ يا محمدُ، {وَاقْتَرِبْ}؛ أنتَ يا أبا جهلٍ، يَتَوَعَّدُه). [الدر المنثور: 15 / 531]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وسعيدُ بنُ منصورٍ، وابنُ المُنْذِرِ، عن مُجَاهِدٍ، قالَ: أقْرَبُ ما يكونُ العبدُ مِن ربِّه وهو ساجدٌ، ألا تَسْمَعُونه يقولُ: {اسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} ). [الدر المنثور: 15 / 531]


رد مع اقتباس