عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:20 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وكأيّن من قريةٍ عتت عن أمر ربّها ورسله فحاسبناها حساباً شديداً وعذّبناها عذاباً نكراً (8) فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسراً (9) أعدّ اللّه لهم عذاباً شديداً فاتّقوا اللّه يا أولي الألباب الّذين آمنوا قد أنزل اللّه إليكم ذكراً (10) رسولاً يتلوا عليكم آيات اللّه مبيّناتٍ ليخرج الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات من الظّلمات إلى النّور ومن يؤمن باللّه ويعمل صالحاً يدخله جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً قد أحسن اللّه له رزقاً (11)
كأيّن: هي كاف الجر دخلت على أي، وهذه قراءة الجمهور، وقرأ ابن كثير وعبيد عن أبي عمرو: «وكائن» ممدود مهموز، كما قال الشاعر:
وكائن بالأباطح من صديق = ... ... ... ...
وقرأ بعض القراء: وكأيّن بتسهيل الهمزة، وفي هذين الوجهين قلب لأن الياء قبل الألفات، وقوله تعالى: فحاسبناها قال بعض المتأولين: الآية في الآخرة، أي ثم هو الحساب والتعذيب والذوق وخسار العاقبة. وقال آخرون: ذلك في الدنيا، ومعنى: فحاسبناها حساباً شديداً أي لم نغتفر لها زلة بل أخذت بالدقائق من الذنوب، وقرأ نافع وابن كثير وابن ذكران: «نكرا» بضم الكاف، وقرأ الباقون: «نكرا» بسكون الكاف وهي قراءة عيسى). [المحرر الوجيز: 8/ 334-335]

تفسير قوله تعالى: {فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (9)}

تفسير قوله تعالى: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آَمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: أعدّ اللّه لهم عذاباً شديداً يظهر منه أنه بيان لوجه خسران عاقبتهم، فيتأبد بذلك أن تكون المحاسبة والتعذيب والذوق في الدنيا، ثم ندب تعالى أولي الألباب إلى التقوى تحذيرا، وقوله تعالى: الّذين آمنوا صفة ل أولي الألباب، وقرأ نافع وابن عامر: «صالحا ندخله» بالنون، وكذلك روى المفضل عن عاصم، وقرأ الباقون: «يدخله» بالياء، وقوله تعالى: قد أنزل اللّه إليكم ذكراً رسولًا اختلف الناس في تقدير ذلك، فقال قوم من المتأولين: المراد بالاسمين القرآن، ف «رسول» يعني رسالة، وذلك موجود في كلام العرب، وقال آخرون: رسولًا نعت أو كالنعت لذكر، فالمعنى ذكر ذا رسول، وقيل الرسول: ترجمة عن الذكر كأنه بدل منه، وقال آخرون: المراد بهما جميعا محمد وأصحابه، المعنى: ذا ذكر رسولا، وقال بعض حذاق المتأولين الذكر: اسم من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم: واحتج بهذا القاضي ابن الباقلاني في تأويل قوله تعالى: ما يأتيهم من ذكرٍ من ربّهم محدثٍ [الأنبياء: 2]، وقال بعض النحاة معنى الآية ذكراً بعث رسولًا فهو منصوب بإضمار فعل، وقال أبو علي الفارسي: يجوز أن يكون رسولًا معمولا للمصدر الذي هو الذكر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وأبين الأقوال عندي معنى أن يكون الذكر للقرآن والرسول محمد، والمعنى بعث رسولا، لكن الإيجاز اقتضى اختصار الفعل الناصب للرسول ونحا هذا المنحى السدي، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر: «مبيّنات» بفتح الياء، وقرأها بكسر الياء ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي والحسن والأعمش وعيسى، وسائر الآية بين، والرزق المشار إليه رزق الجنة لدوامه ودروره). [المحرر الوجيز: 8/ 335-336]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: اللّه الّذي خلق سبع سماواتٍ ومن الأرض مثلهنّ يتنزّل الأمر بينهنّ لتعلموا أنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ وأنّ اللّه قد أحاط بكلّ شيءٍ علماً (12)
لا خلاف بين العلماء أن السموات سبع، لأن الله تعالى قال: سبعا طباقاً [الملك: 3، نوح: 15] وقد فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهن في حديث الإسراء، وقال لسعد: «حكمت بحكم الملك من فوق سبع أرقعة»، ونطقت بذلك الشريعة في غير ما موضع، وأما «الأرض» فالجمهور على أنها سبع أرضين، وهو ظاهر هذه الآية، وأن المماثلة إنما هي في العدد، ويستدل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من غصب شبرا من أرض طوقه من سبع أرضين»، إلى غير هذا مما وردت به روايات، وروي عن قوم من العلماء أنهم قالوا: الأرض واحدة، وهي مماثلة لكل سماء بانفرادها في ارتفاع جرمها، وقر أن فيها عالما يعبد كما في كل سماء عالم يعبد، وقرأ الجمهور: «مثلهن» بالنصب، وقرأ عاصم: «مثلهن» برفع اللام، والأمر هنا الوحي وجميع ما يأمر به تعالى من يعقل ومن لا يعقل، فإن الرياح والسحاب وغير ذلك مأمور كلها، وباقي السورة وعظ، وحض على توحيد الله عز وجل، وقوله تعالى: على كلّ شيءٍ قديرٌ عموم معناه الخصوص في المقدورات، وقوله بكلّ شيءٍ عموم على إطلاقه). [المحرر الوجيز: 8/ 336-337]


رد مع اقتباس