عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 23 ذو الحجة 1439هـ/3-09-2018م, 08:00 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (67) قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ (68) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ (69)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وجاء أهل المدينة يستبشرون (67) قال إنّ هؤلاء ضيفي فلا تفضحون (68) واتّقوا اللّه ولا تخزون (69) قالوا أولم ننهك عن العالمين (70) قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين (71) لعمرك إنّهم لفي سكرتهم يعمهون (72)}
يخبر تعالى عن مجيء قوم لوطٍ لمّا علموا بأضيافه وصباحة وجوههم، وأنّهم جاءوا مستبشرين بهم فرحين، {قال إنّ هؤلاء ضيفي فلا تفضحون واتّقوا الله ولا تخزون}
وهذا إنّما قاله لهم قبل أن يعلم بأنّهم رسل اللّه كما قال في سياق سورة هودٍ، وأمّا هاهنا فتقدّم ذكر أنّهم رسل اللّه، وعطف بذكر مجيء قومه ومحاجّته لهم. ولكنّ الواو لا تقتضي التّرتيب، ولا سيّما إذا دلّ دليلٌ على خلافه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 542]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ (70) قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (71) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (فقالوا له مجيبين: {أولم ننهك عن العالمين} أي: أو ما نهيناك أن تضيف أحدًا؟ فأرشدهم إلى نسائهم، وما خلق لهم ربّهم منهنّ من الفروج المباحة. وقد تقدّم أيضًا القول في ذلك، بما أغنى عن إعادته.
هذا كلّه وهم غافلون عمّا يراد بهم، وما قد أحاط بهم من البلاء، وماذا يصبحهم من العذاب المستقرّ؛ ولهذا قال تعالى لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {لعمرك إنّهم لفي سكرتهم يعمهون} أقسم تعالى بحياة نبيّه، صلوات اللّه وسلامه عليه، وفي هذا تشريفٌ عظيمٌ، ومقامٌ رفيعٌ وجاهٌ عريضٌ.
قال عمرو بن مالكٍ النّكري عن أبي الجوزاء، عن ابن عبّاسٍ، أنّه قال: ما خلق اللّه وما ذرأ وما برأ نفسًا أكرم عليه من محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وما سمعت اللّه أقسم بحياة أحدٍ غيره، قال اللّه تعالى: {لعمرك إنّهم لفي سكرتهم يعمهون} [يقول: وحياتك وعمرك وبقائك في الدّنيا " إنّهم لفي سكرتهم يعمهون] رواه ابن جريرٍ.
وقال قتادة: {في سكرتهم} أي: في ضلالتهم، {يعمهون} أي: يلعبون.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {لعمرك} لعيشك، {إنّهم لفي سكرتهم يعمهون} قال: يتحيّرون). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 542]

تفسير قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فأخذتهم الصّيحة مشرقين (73) فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارةً من سجّيلٍ (74) إنّ في ذلك لآياتٍ للمتوسّمين (75) وإنّها لبسبيلٍ مقيمٍ (76) إنّ في ذلك لآيةً للمؤمنين (77)}
يقول: تعالى: {فأخذتهم الصّيحة} وهي ما جاءهم من الصّوت القاصف عند شروق الشّمس، وهو طلوعها، وذلك مع رفع بلادهم إلى عنان السّماء ثمّ قلبها، وجعل عاليها سافلها، وإرسال حجارة السّجّيل عليهم. وقد تقدّم الكلام على السّجّيل في [سورة] هودٍ بما فيه كفايةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 542-543]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّ في ذلك لآياتٍ للمتوسّمين} أي: إنّ آثار هذه النّقم ظاهرةٌ على تلك البلاد لمن تأمّل ذلك وتوسّمه بعين بصره وبصيرته، كما قال مجاهدٌ في قوله: {للمتوسّمين} قال: المتفرّسين.
وعن ابن عبّاسٍ، والضّحّاك: للنّاظرين. وقال قتادة: للمعتبرين. وقال مالكٌ عن بعض أهل المدينة: {للمتوسّمين} للمتأمّلين.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا الحسن بن عرفة، حدّثنا محمّد بن كثيرٍ العبدي، عن عمرو بن قيسٍ، عن عطيّة، عن أبي سعيدٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم "اتّقوا فراسة المؤمن، فإنّه ينظر بنور اللّه". ثمّ قرأ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {إنّ في ذلك لآياتٍ للمتوسّمين}
رواه التّرمذيّ، وابن جريرٍ، من حديث عمرو بن قيسٍ الملائيّ وقال التّرمذيّ: لا نعرفه إلّا من هذا الوجه.
وقال ابن جريرٍ أيضًا: حدّثني أحمد بن محمّدٍ الطّوسيّ، حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، حدّثنا الفرات بن السّائب، حدّثنا ميمون بن مهران، عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "اتّقوا فراسة المؤمن؛ فإنّ المؤمن ينظر بنور اللّه"
وقال ابن جريرٍ: حدّثني أبو شرحبيل الحمصيّ، حدّثنا سليمان بن سلمة، حدّثنا المؤمّل بن سعيد بن يوسف الرّحبيّ، حدّثنا أبو المعلّى أسد بن وداعة الطّائيّ، حدّثنا وهب بن منبّه، عن طاوس بن كيسان، عن ثوبان قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "احذروا فراسة المؤمن؛ فإنّه ينظر بنور اللّه وينطق بتوفيق اللّه"
وقال أيضًا: حدّثنا عبد الأعلى بن واصلٍ، حدّثنا سعيد بن محمّدٍ الجرميّ، حدّثنا عبد الواحد بن واصلٍ، حدّثنا أبو بشرٍ المزلّق، عن ثابتٍ، عن أنس بن مالكٍ قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ لله عبادًا يعرفون النّاس بالتّوسّم"
ورواه الحافظ أبو بكرٍ البزّار: حدّثنا سهل بن بحرٍ، حدّثنا سعيد بن محمّدٍ الجرميّ، حدّثنا أبو بشرٍ -يقال له: ابن المزلّق، قال: وكان ثقةً -عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ للّه عبادًا يعرفون النّاس بالتّوسّم"). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 543-544]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (76)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وإنّها لبسبيلٍ مقيمٍ} أي: وإنّ قرية سدوم الّتي أصابها ما أصابها من القلب الصّوريّ والمعنويّ، والقذف بالحجارة، حتّى صارت بحيرةً منتنةً خبيثةً لبطريقٍ مهيع مسالكه مستمرّةً إلى اليوم، كما قال تعالى: {وإنّكم لتمرّون عليهم مّصبحين وبالّليل أفلا تعقلون} [الصّافّات: 137، 138]
وقال مجاهدٌ، والضّحّاك: {وإنّها لبسبيلٍ مقيمٍ} قال: معلّم. وقال قتادة: بطريقٍ واضحٍ. وقال قتادة أيضًا: بصقعٍ من الأرض واحدٍ.
وقال السّدّيّ: بكتابٍ مبينٍ، يعني كقوله: {وكلّ شيءٍ أحصيناه في إمامٍ مبينٍ} [يس: 12] ولكن ليس المعنى على ما قال هاهنا، واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 544]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (77)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّ في ذلك لآيةً للمؤمنين} أي: إنّ الّذي صنعنا بقوم لوطٍ من الهلاك والدّمار وإنجائنا لوطًا وأهله، لدلالةٌ واضحةٌ جليّةٌ للمؤمنين باللّه ورسله). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 544]

رد مع اقتباس