عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 23 ذو الحجة 1439هـ/3-09-2018م, 07:33 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذ قال ربّك للملائكة إنّي خالقٌ بشرًا من صلصالٍ من حمإٍ مسنونٍ (28) فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين (29) فسجد الملائكة كلّهم أجمعون (30) إلا إبليس أبى أن يكون مع السّاجدين (31) قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع السّاجدين (32) قال لم أكن لأسجد لبشرٍ خلقته من صلصالٍ من حمإٍ مسنونٍ (33)}
يذكر تعالى تنويهه بذكر آدم في ملائكته قبل خلقه له، وتشريفه إيّاه بأمره الملائكة بالسّجود له. ويذكر تخلّف إبليس عدوّه عن السّجود له من بين سائر الملائكة، حسدًا وكفرًا، وعنادًا واستكبارًا، وافتخارًا بالباطل، ولهذا قال: {لم أكن لأسجد لبشرٍ خلقته من صلصالٍ مّن حمأٍ مسنونٍ} كما قال في الآية الأخرى: {أنا خيرٌ منه خلقتني من نارٍ وخلقته من طينٍ} [الأعراف: 12] وقوله: {أرأيتك هذا الّذي كرّمت عليّ لئن أخّرتني إلى يوم القيامة لأحتنكنّ ذرّيّته إلا قليلا} [الإسراء: 62]
وقد روى ابن جريرٍ هاهنا أثرًا غريبًا عجيبًا، من حديث شبيب بن بشرٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا خلق اللّه الملائكة قال: إنّي خالقٌ بشرًا من طينٍ، فإذا سوّيته فاسجدوا له. قالوا: لا نفعل. فأرسل عليهم نارًا فأحرقتهم، ثمّ خلق ملائكةً فقال لهم مثل ذلك، [فقالوا: لا نفعل. فأرسل عليهم نارًا فأحرقتهم. ثمّ خلق ملائكةً أخرى فقال: إنّي خالقٌ بشرًا من طينٍ، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له فأبوا، فأرسل عليهم نارًا فأحرقتهم. ثمّ خلق ملائكةً فقال: إنّي خالقٌ بشرًا من طينٍ، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له] قالوا سمعنا وأطعنا، إلّا إبليس كان من الكافرين الأوّلين
وفي ثبوت هذا عنه بعدٌ، والظّاهر أنّه إسرائيليٌّ، واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 534]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (37) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال فاخرج منها فإنّك رجيمٌ (34) وإنّ عليك اللّعنة إلى يوم الدّين (35) قال ربّ فأنظرني إلى يوم يبعثون (36) قال فإنّك من المنظرين (37) إلى يوم الوقت المعلوم (38)}
يقول آمرًا لإبليس أمرًا كونيًّا لا يخالف ولا يمانع، بالخروج من المنزلة الّتي كان فيها من الملأ الأعلى، وإنّه {رجيمٌ} أي: مرجومٌ. وإنّه قد أتبعه لعنةً لا تزال متّصلةً به، لاحقةً له، متواترةً عليه إلى يوم القيامة.
وعن سعيد بن جبيرٍ أنّه قال: لمّا لعن اللّه إبليس، تغيّرت صورته عن صورة الملائكة، ورن رنةً، فكلّ رنّةٍ في الدّنيا إلى يوم القيامة منها. رواه ابن أبي حاتمٍ.
وإنّه لـمّا تحقّق الغضب الّذي لا مردّ له، سأل من تمام حسده لآدم وذرّيّته النّظرة إلى يوم القيامة، وهو يوم البعث وأنّه أجيب إلى ذلك استدراجًا له وإمهالًا فلمّا تحقّق النّظرة قبّحه اللّه: {قال ربّ بما أغويتني لأزيّننّ لهم في الأرض ولأغوينّهم أجمعين (39)}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 534-535]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال ربّ بما أغويتني لأزيّننّ لهم في الأرض ولأغوينّهم أجمعين (39) إلا عبادك منهم المخلصين (40) قال هذا صراطٌ عليّ مستقيمٌ (41) إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ إلا من اتّبعك من الغاوين (42) وإنّ جهنّم لموعدهم أجمعين (43) لها سبعة أبوابٍ لكلّ بابٍ منهم جزءٌ مقسومٌ (44)}
يقول تعالى مخبرًا عن إبليس وتمرّده وعتوّه أنّه قال للرّبّ: {بما أغويتني} قال بعضهم: أقسم بإغواء اللّه له.
قلت: ويحتمل أنّه بسبب ما أغويتني وأضللتني {لأزيّننّ لهم} أي: لذرّيّة آدم، عليه السّلام {في الأرض} أي: أحبّب إليهم المعاصي وأرغّبهم فيها، وأؤزّهم إليها، وأزعجهم إزعاجًا، {ولأغوينّهم} أي: كما أغويتني وندّرت على ذلك، {أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين} كما قال {أرأيتك هذا الّذي كرّمت عليّ لئن أخّرتني إلى يوم القيامة لأحتنكنّ ذرّيّته إلا قليلا} [الإسراء: 62]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 535]

رد مع اقتباس