عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 03:40 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {قال هذا صراط علي مستقيم}، القائل هو الله تبارك وتعالى، ويحتمل أن يكون ذلك بواسطة، وقرأ الضحاك، وحميد، والنخعي، وأبو رجاء، وابن سيرين، وقتادة، وقيس بن عباد، ومجاهد، وغيرهم: "علي مستقيم" من العلو والرفعة، والإشارة بـ "هذا" -على هذه القراءة- إلى الإخلاص، لما استثني إبليس من أخلص قال الله له: هذا الإخلاص طريق رفيع مستقيم لا تنال أنت بإغوائك أهله. وقرأ جمهور الناس: "علي" بياء مشددة مفتوحة، والإشارة بـ "هذا" -على هذه القراءة- إلى انقسام الناس إلى غاو ومخلص، لما قسم إبليس الناس هذين القسمين قال الله له: هذا طريق إلي، أي: هذا أمر مصيره إلي، والعرب تقول: "طريقك في هذا الأمر على فلان"، أي: إليه يصير النظر في أمرك. وهذا نحو قوله تعالى: {إن ربك لبالمرصاد}، والآية -على هذه القراءة- خبر تتضمن وعيدا). [المحرر الوجيز: 5/293]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ابتدأ الإخبار عن سلامة عباده المتقين من إبليس، وخاطبه بأنه لا حجة له عليهم ولا ملكة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والظاهر من قوله: "عبادي" الخصوص في أهل الإيمان والتقوى لا عموم الخلق، وبحسب هذا يكون إلا من اتبعك مستثنى من غير الأول، والتقدير: لكن من اتبعك من الغاوين لك عليهم سلطان، وإن أخذنا العباد عاما في عباد الناس، إذ لم يقدر الله لإبليس سلطانا على أحد، فإنا نقدر الاستثناء في الأقل في القدر من حيث لا قدر للكفار، والنظر الأول أصوب، وإنما الغرض ألا نقع في استثناء الأكثر من الأقل وإن
[المحرر الوجيز: 5/293]
كان الفقهاء قد جوزوه، وقال أبو المعالي: ليس معروفا في استعمال العرب، وهذه الآية أمثل ما احتج به مجوزوه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولا حجة لهم في الآية على ما بينته). [المحرر الوجيز: 5/294]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وإن جهنم لموعدهم} أي موضع اجتماعهم، والموعد يتعلق بزمان ومكان، وقد يذكر المكان ولا يحدد زمان الموعد. و"أجمعين" تأكيد، وفيه معنى الحال). [المحرر الوجيز: 5/294]

تفسير قوله تعالى: {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {لها سبعة أبواب} قيل: إن النار بجملتها سبعة أطباق، أعلاها جهنم، ثم لظى، ثم الحطمة، ثم السعير، ثم سقر، ثم الجحيم وفيه أبو جهل، ثم الهاوية، وإن في كل طبق منها بابا، فالأبواب -على هذا- بعضها فوق بعض، وعبر في هذه الآية عن النار جملة بجهنم، إذ هي أشهر منازلها وأولها، وهي موضع عصاة المؤمنين الذين لا يخلدون، ولهذا روي أن جهنم تخرب وتبلى. وقيل: إن النار أطباق كما ذكرنا، لكن الأبواب السبعة كلها في جهنم على خط استواء، ثم ينزل من كل باب إلى طبقة الذي يفضي إليه. واختصرت ما ذكر المفسرون في المسافات التي بين الأبواب، وفي هواء النار، وفي كيفية الحال، إذ هي أقوال كثيرة أكثرها لا يستند، وهي في حيز الجائز، والقدرة أعظم منها، عافانا الله من ناره، وتغمدنا برحمته بمنه.
وقوله: "جزء"، قرأ الجمهور بالهمز، وقرأ ابن شهاب بضم الزاي، وقرأت فرقة "جز" بشد الزاي دون همز، وهي قراءة ابن القعقاع). [المحرر الوجيز: 5/294]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إن المتقين في جنات وعيون ادخلوها بسلام آمنين ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين نبئ عبادي أني أنا
[المحرر الوجيز: 5/294]
الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم}
ذكر الله تعالى ما أعد لأهل الجنة عقب ذكره ما أعد لأهل النار ليظهر التباين، وقرأ الجمهور: "وعيون" بضم العين، وقرأ نبيح، والجراح، وأبو واقد، ويعقوب -في رواية رويس- بكسر العين، مثل بيوت وشيوخ). [المحرر الوجيز: 5/295]

تفسير قوله تعالى: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ (46)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور: "ادخلوها" على الأمر بمعنى يقال لهم: ادخلوها، وقرأ رويس عن يعقوب: "أدخلوها" على بناء الفعل للمفعول بضم الهمزة وكسر الخاء وضم التنوين في "عيون" ألقى عليه حركة الهمزة. و"السلام" هاهنا يحتمل أن يكون السلامة، ويحتمل أن يكون التحية). [المحرر الوجيز: 5/295]

تفسير قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الغل": الحقد، وذكر الله تعالى في هذه الآية أنه ينزع الغل من قلوب أهل الجنة، ولم يذكر لذلك موطنا، وجاء في بعض الحديث أن ذلك على الصراط، وجاء في بعضها أن ذلك على أبواب الجنة، وفي لفظ بعضها أن الغل ليبقى على أبواب الجنة كمعاطن الإبل.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا على أن الله تعالى يجعل ذلك تمثيلا بلون يخلقه هناك ونحوه، وهذا كحديث ذبح الموت، وقد يمكن أيضا أن يسل من الصدور، ولذلك جواهر سود فيكون
[المحرر الوجيز: 5/295]
كمبارك الإبل، وجاء في بعض الأحاديث أن نزع الغل إنما يكون بعد استقرارهم في الجنة، والذي يقال في هذا أن الله ينزعه في موطن من قوم، وفي موطن من آخرين، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله فيهم: ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين، وذكر أن ابنا لطلحة كان عنده، فاستأذن الأشتر فحبسه مدة، ثم أذن له فدخل، فقال: ألهذا حبستني؟ وكذلك لو كان ابن عثمان حبستني له؟ فقال علي: نعم، إني أنا وعثمان وطلحة والزبير ممن قال الله فيهم: ونزعنا ما في صدورهم من غل الآية. وقد روي أن المستأذن غير الأشتر.
و"إخوانا" نصب على الحال، وهذه أخوة الدين والود. والأخ من ذلك يجمع على إخوان وإخوة، والأخ من النسب يجمع إخوة وآخاء، ومنه قول الشاعر:
وأي بني الآخاء تصفو مذاهبه؟
و"السرر": جمع سرير، و"متقابلين" الظاهر أن معناه: في الوجوه، إذ الأسرة متقابلة، فهي أحسن في الزينة، قال مجاهد: لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه، وقيل: متقابلين في المودة، وقيل غير هذا مما لا يعطيه اللفظ). [المحرر الوجيز: 5/296]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "النصب": التعب، يقع على القليل والكثير، ومن الكثير قول موسى عليه
[المحرر الوجيز: 5/296]
السلام: لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ومنه قول الشاعر:
كليني لهم يا أميمة ناصب). [المحرر الوجيز: 5/297]

تفسير قوله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "نبئ" معناه: أعلم، و"عبادي" مفعول بـ "نبئ"، وهي تتعدى إلى ثلاثة مفاعيل، فـ "عبادي" مفعول، و"أن" تسد مسد المفعولين الباقيين، واتفق ذلك وهي وما عملت فيه بمنزلة اسم واحد، ألا ترى أنك إذا قلت: "أعجبني أن زيدا منطلق" إنما المعنى: أعجبني انطلاق زيد، لأن دخولها إنما هو على جملة ابتداء وخبر، فسدت تلك مسد المفعولين، وقد يتعدى "نبأ" إلى مفعولين فقط، ومنه قوله تعالى: {من أنبأك هذا}، وتكون في هذا الموضع بمعنى: أخبر وعرف، وفي هذا كله نظر.
وهذه آية ترجية وتخويف، وروي في هذا المعنى عن النبي أنه قال: "لو يعلم العبد قدر عفو الله لما تورع من حرام، ولو يعلم قدر عذابه لبخع نفسه"، وروي في هذه الآية أن سببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى جماعة من أصحابه عند باب بني شيبة في الحرم فوجدهم يضحكون، فزجرهم ووعظهم، ثم ولى، فجاءه جبريل عن الله فقال: يا محمد، أتقنط عبادي؟ وتلا عليه الآية، فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم وأعلمهم. ولو لم يكن هذا السبب لكان ما قبلها يقتضيها، إذ قد تقدم ذكر ما في النار وما في الجنة فأكد تعالى تنبيه الناس بهذه الآية). [المحرر الوجيز: 5/297]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)}

رد مع اقتباس