الموضوع: شرح اسم "الله"
عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 22 شعبان 1438هـ/18-05-2017م, 09:21 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

شرح أبي سليمان الخطابي (ت:388هـ)

قال أبو سليمان حَمْدُ بن محمد بن إبراهيم الخطابي (ت: 388هـ): (
تفسير هذه الأسماء:
1- الله: قد قلنا فيما تقدم: إنه أشهر أسماء الرب تعالى، وأعلاها محلا في الذكر، والدعاء؛ وكذلك جعل أمام سائر الأسماء، وخصت به كلمة الإخلاص، ووقعت به الشهادة؛
فصار شعار الإيمان وهو اسم ممنوع، لم يتسم به أحد، قد قبض الله عنه الألسن؛ فلم يدع به شيء سواه، وقد كاد يتعاطاه المشركون اسما لبعض أصنامهم التي كانوا يعبدونها، فصرفه الله تعالى إلى «اللات» صيانة لهذا الاسم، وذبًا عنه.
واختلف الناس. هل هو اسم علم موضوع؟ أو مشتق؟ فروي فيه الخليل روايتان:
أحدهما: أنه اسم علم ليس بمشتق، ولا يجوز حذف الألف واللام منه، كما يجوز من الرحمن، والرحيم. وروى عنه سيبويه أنه اسم مشتق. وكان في الأصل إله، مثال فعال. فأدخلت الألف واللام بدلاً من الهمزة. وقال غيره: أصله في الكلام «إله» وهو [مشتق من «أله الرجل إلى الرجل يأله إليه»: إذا فزع إليه من أمر نزل به فألهه إلهة. أي: أجاره، وآمنه، فسمي إلاها، كما يسمى الرجل إمامًا] إذا أم الناس فائتموا به، وكما يسمى الثوب رداءً، ولحافًا؛ إذا ارتدى به، والتحف به. ثم إنه لما كان اسما لعظيم {ليس كمثله شيء} [الشورى: 11] أرادوا تفخيمه بالتعريف الذي هو الألف واللام؛ لأنهم أفردوه لهذا الاسم دون غيره. فقالوا: الإلاه. واستثقلوا الهمزة في كلمة يكثر استعمالهم إياها، وللهمزة في وسط الكلام ضغطة شديدة، فحذفوها فصار الاسم كما نزل به القرآن.
وقال بعضهم: [أصله: ولاه، فانبدلت الواو همزة، فقيل: إلاه، كما قالوا: وساد، وإساد. ووشاح، وإشاح. واشتق من الوله؛ لأن قلوب العباد توله نحوه. كقوله سبحانه : {ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون} [النحل: 53].
وكان القياس أن يقال: مألوه، كما قيل: معبود، إلا أنهم خالفوا به البناء؛ ليكون اسمًا، علمًا فقالوا: إلاه. كما قيل: للمكتوب كتاب، وللمحسوب حساب. وقال بعضهم: أصله: من أله الرجل، يأله؛ إذا: تحير، وذلك؛ لأن القلوب تأله عند التفكر في عظمة الله سبحانه] أي: يتحير، ويعجز عن بلوغ كنه جلاله.
وحكى بعض أهل اللغة: [أله، يأله، إلاهة. بمعنى: عبد، يعبد، عبادة.وروي عن ابن عباس: أنه كان يقرأ: {ويذرك وإلاهتك} [الأعراف: 127] أي: عبادتك. قال: والتأله: التعبد. وأنشد لرؤبة.
لله در الغانيات المده.......سبحن واسترجعن من تألهي
قال فمعنى الإله: المعبود].
[وقول الموحدين: «لا إله إلا الله» معناه: لا معبود غير الله. و«إلا» في هذه الكلمة بمعنى: غير، لا بمعنى الاستثناء، لأن الاستثناء ينقسم إلى قسمين:
إلى جنس المستثنى منه، وإلى غير جنسه. ومن توهم في صفة الله سبحانه وتعالى واحدًا من الأمرين فقد أبطل.
وزعم بعضهم: أن الأصل فيه الهاء التي هي للكناية عن الغائب، وذلك؛ لأنهم أثبتوه موجودًا في فطر عقولهم، وأشاروا إليه بحرف الكناية، ثم زيدت فيه لام الملك. إذ قد علموا: أنه خالق الأشياء، ومالكها، فصار «له» ثم زيدت فيه الألف واللام تعظيمًا، وفخموه توكيدًا لهذا المعنى، ومنهم من أجراه على الأصل بلا تفخيم، كقول الشاعر:
قد جاء سيل كان من أمر الله.......يحرد حرد الجنة المغله

فهذه مقالات أصحاب العربية والنحو في هذا الاسم، وأعجب هذه الأقاويل إلى قول من ذهب إلى أنه اسم علم وليس بمشتق كسائر الأسماء المشتقة.
[والدليل على أن الألف واللام من بنية هذا الاسم، ولم تدخلا للتعريف، دخول حرف النداء عليه: كقولك: يا ألله. وحرف النداء لا يجتمع مع الألف واللام للتعريف. ألا ترى أنك لا تقول: يا الرحمن! ولا يا الرحيم! كما تقول: يا الله! فدل على أنهما من بنية الاسم. والله أعلم] ). [شأن الدعاء: 30-34]


رد مع اقتباس