عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 02:45 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (44) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ومن يضلل اللّه فما له من وليٍّ من بعده وترى الظّالمين لـمّا رأوا العذاب يقولون هل إلى مردٍّ من سبيلٍ (44) وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذّلّ ينظرون من طرفٍ خفيٍّ وقال الّذين آمنوا إنّ الخاسرين الّذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إنّ الظّالمين في عذابٍ مقيمٍ (45) وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون اللّه ومن يضلل اللّه فما له من سبيلٍ (46)}
يقول تعالى مخبرًا عن نفسه الكريمة: أنّه ما شاء كان ولا رادّ له، وما لم يشأ لم يكن فلا موجد له وأنّه من هداه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، كما قال: {ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا} [الكهف: 17]
ثمّ قال مخبرًا عن الظّالمين، وهم المشركون باللّه {لـمّا رأوا العذاب} أي: يوم القيامة يتمنون الرّجعة إلى الدّنيا، {يقولون هل إلى مردٍّ من سبيلٍ}، كما قال [تعالى] {ولو ترى إذ وقفوا على النّار فقالوا يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون} [الأنعام:27، 28]). [تفسير ابن كثير: 7/ 214-215]

تفسير قوله تعالى: {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {وتراهم يعرضون عليها} أي: على النّار {خاشعين من الذّلّ} أي: الّذي قد اعتراهم بما أسلفوا من عصيان اللّه، {ينظرون من طرفٍ خفيٍّ} قال مجاهد: يعني ذليل، أي ينظرون إليها مسارقة خوفًا منها، والّذي يحذرون منه واقعٌ بهم لا محالة، وما هو أعظم ممّا في نفوسهم، أجارنا اللّه من ذلك.
{وقال الّذين آمنوا} أي: يقولون يوم القيامة: {إنّ الخاسرين} أي: الخسار الأكبر {الّذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة} أي: ذهب بهم إلى النّار فعدموا لذّتهم في دار الأبد، وخسروا أنفسهم، وفرّق بينهم وبين أصحابهم وأحبابهم وأهاليهم وقراباتهم، فخسروهم، {ألا إنّ الظّالمين في عذابٍ مقيمٍ} أي: دائمٍ سرمديٍّ أبديٍّ، لا خروج لهم منها ولا محيد لهم عنها). [تفسير ابن كثير: 7/ 215]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (46) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون اللّه} أي: ينقذونهم ممّا هم فيه من العذاب والنّكال، {ومن يضلل اللّه فما له من سبيلٍ} أي: ليس له خلاصٌ). [تفسير ابن كثير: 7/ 215]

تفسير قوله تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (47) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({استجيبوا لربّكم من قبل أن يأتي يومٌ لا مردّ له من اللّه ما لكم من ملجإٍ يومئذٍ وما لكم من نكيرٍ (47) فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظًا إن عليك إلا البلاغ وإنّا إذا أذقنا الإنسان منّا رحمةً فرح بها وإن تصبهم سيّئةٌ بما قدّمت أيديهم فإنّ الإنسان كفورٌ (48)}
لـمّا ذكر تعالى ما يكون في يوم القيامة من الأهوال والأمور العظام الهائلة حذّر منه وأمر بالاستعداد له، فقال: {استجيبوا لربّكم من قبل أن يأتي يومٌ لا مردّ له من اللّه} أي: إذا أمر بكونه فإنّه كلمح البصر يكون، وليس له دافعٌ ولا مانعٌ.
وقوله: {ما لكم من ملجإٍ يومئذٍ وما لكم من نكيرٍ} أي: ليس لكم حصنٌ تتحصّنون فيه، ولا مكانٌ يستركم وتتنكّرون فيه، فتغيبون عن بصره، تبارك وتعالى، بل هو محيطٌ بكم بعلمه وبصره وقدرته، فلا ملجأ منه إلّا إليه، {يقول الإنسان يومئذٍ أين المفرّ. كلا لا وزر إلى ربّك يومئذٍ المستقرّ} [القيامة:10-12]). [تفسير ابن كثير: 7/ 215]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ (48) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {فإن أعرضوا} يعني: المشركين {فما أرسلناك عليهم حفيظًا} أي: لست عليهم بمصيطرٍ. وقال تعالى: {ليس عليك هداهم ولكنّ اللّه يهدي من يشاء} [البقرة:272]، وقال تعالى: {فإنّما عليك البلاغ وعلينا الحساب} [الرّعد:40] وقال هاهنا: {إن عليك إلا البلاغ} أي: إنّما كلّفناك أن تبلغهم رسالة الله إليهم.
ثمّ قال تعالى: {وإنّا إذا أذقنا الإنسان منّا رحمةً فرح بها} أي: إذا أصابه رخاءٌ ونعمةٌ فرح بذلك، {وإن تصبهم} يعني النّاس {سيّئةٌ} أي: جدبٌ ونقمةٌ وبلاءٌ وشدّةٌ، {فإنّ الإنسان كفورٌ} أي: يجحد ما تقدّم من النّعمة ولا يعرف إلّا السّاعة الرّاهنة، فإن أصابته نعمةٌ أشر وبطر، وإن أصابته محنةٌ يئس وقنط، كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [للنّساء] يا معشر النّساء، تصدّقن فإنّي رأيتكنّ أكثر أهل النّار" فقالت امرأةٌ: ولم يا رسول اللّه؟ قال: "لأنّكنّ تكثرن الشّكاية، وتكفرن العشير، لو أحسنت إلى إحداهنّ الدّهر ثمّ تركت يومًا قالت: ما رأيت منك خيرًا قطّ" وهذا حال أكثر النّاس إلّا من هداه اللّه وألهمه رشده، وكان من الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات، فالمؤمن كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم "إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرًا له، وليس ذلك لأحدٍ إلّا للمؤمن"). [تفسير ابن كثير: 7/ 215-216]

رد مع اقتباس