عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 01:26 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (44) وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(وقوله تعالى: {ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده} تحقير لأمر الكفرة فلا يبالي بهم أحد من المؤمنين، فقد أصارهم كفرهم وإضلال الله تعالى إياهم إلى ما لا فلاح لهم معه، ثم وصف تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم حالهم في القيامة عند رؤيتهم العذاب، فاجتزأ من صفتهم وصفة حالتهم بأنهم يقولون: {هل إلى مرد من سبيل}، وهذه المقالة تدل على سوء ما اطلعوا عليه، و"المرد": موضوع الرد إلى الدنيا، والمعنى الذي قصدوه أن يكون رد فيكون منهم استدراك للعمل والإيمان.
والرؤية في هذه الآية رؤية عين.
والضمير في قوله تعالى: "عليها" عائد على النار، وعاد الضمير مع أنها لم يتقدم لها ذكر من حيث دل عليها قوله تعالى: {رأوا العذاب}، وقوله تعالى: {من الذل} يحتمل أن يتعلق بـ "خاشعين"، ويحتمل أن يتعلق بما بعده من قوله تعالى: "ينظرون"، وقرأ طلحة بن مصرف: "من الذل" بكسر الذال، و"الخشوع": الاستكانة، وقد يكون محمودا، وما يخرجه إلى حالة الذم قوله تعالى: "من الذل"، فيقوى -على هذا- تعلق "من" بـ "خاشعين".
وقوله تعالى: {من طرف خفي} يحتمل ثلاثة معان، قال ابن عباس ومجاهد: "خفي": ذليل.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
لما كان نظرهم ضعيفا ولحظهم بمهانة وصف بالخفاء، ومن هذا المعنى قول الشاعر:
فغض الطرف إنك من نمير ... ... ... ...
وقال قوم -فيما حكى الطبري -: لما كانوا يحشرون عميا وكان نظرهم بعيون قلوبهم جعله طرفا خفيا، أي: لا يبدو نظرهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وفي هذا التأويل تكلف.
وقال قتادة والسدي: المعنى: يسارقون النظر لما كانوا من الهم وسوء الحال لا يستطيعون النظر بجميع العين، وإنما ينظرون من بعضها، قال: من طرف خفي أي: قليل، فـ"الطرف" هنا -على هذا التأويل- يحتمل أن يكون مصدرا، أي: يطرف طرفا خفيا.
و "قول الذين آمنوا" هو في يوم القيامة عندما عاينوا حال الكفار وسوء منقلبهم، و"خسران الأهلين": يحتمل أن يراد به أهلوهم الذين كانوا في الدنيا، ويحتمل أن يراد به أهلوهم الذين يكونوا يكونون لهم في الجنة إن دخلوها، وقوله تعالى: {ألا إن الظالمين في عذاب مقيم} يحتمل أن يكون من قول المؤمنين يومئذ، حكاه الله تعالى، ويحتمل أن يكون استئنافا من قول الله تعالى وإخباره لمحمد صلى الله عليه وسلم). [المحرر الوجيز: 7/ 526-527]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (46) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما له من سبيل * استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجإ يومئذ وما لكم من نكير * فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور}
قوله تعالى: {وما كان لهم من أولياء} إنحاء على الأصنام والأوثان التي أظهر الكفار ولايتها، واعتقدوا ذلك دينا، المعنى: فما بالهم يوالون هذه التي لا تضر ولا تنفع، ولكن من يضلل الله فما له من سبيل هدى ونجاة). [المحرر الوجيز: 7/ 527]

تفسير قوله تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (47) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأمرهم بالاستجابة لدعوة الله وشريعته، وحذرهم إتيان يوم القيامة الذي لا يرد أحد بعده إلى عمل، والذي لا ملجأ ولا منجى لأحد فيه، إلا إلى العلم بالله تعالى والعمل الصالح في الدنيا، فأخبرهم أنه لا ملجأ لهم ولا نكير، و"النكير" مصدر بمعنى الإنكار، وهو بمنزلة "عذير الحي" ونحوه من المصادر، ويحتمل أن يكون من أبنية اسم الفاعل من "نكر"، وإن كان المعنى يبعد به، لأن "نكر" إنما معناه: لم يميز وظن الأمر غير ما عهد). [المحرر الوجيز: 7/ 527-528]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ (48) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا} تأنيس لمحمد صلى الله عليه وسلم، وإزالة لهمه بهم، وأعلمه أنه ليس عليه إلا البلاغ إليهم وتوصيل الحجة، ثم جاءت عبارة في باقي الآية هي بمنزلة ما تقول: والقوم قوم عتو وتناقض أخلاق واضطراب، إذا أذيقوا رحمة فرحوا بها وبطروا، وإن تصيبهم سيئة أي: مصيبة- تسوؤهم في أجسادهم أو في نفوسهم -وذلك بذنوبهم وقبيح فعلهم- فإنهم كفر عند ذلك غير صبر، وعبر بالإنسان الذي هو اسم عام ليدخل في الآية المتقدمة جميع الكفرة من المجاورين يومئذ ومن غيرهم، وجمع الضمير في قوله تعالى: "تصبهم" وهو عائد على لفظ "الإنسان" من حيث هو اسم جنس يعم كثيرا). [المحرر الوجيز: 7/ 528]

رد مع اقتباس