عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:43 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (38) إلى الآية (40) ]
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38) يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39) وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38)}

قوله تعالى: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويثبت وعنده أمّ الكتاب (39)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ويعقوب (ويثبت) خفيفًا، وقرأ الباقون (ويثبّت) مشددًا.
قال أبو منصور: (ثبّت) و(أثبت) بمعنى واحد، وجاء في التفسير أن المعنى: يمحو اللّه ما يشاء مما يكتبه الحفظة على (ويثبّت) العباد، ويثبت ما يشاء إبقاءه في الكتاب.
وقيل: (يمحو الله ما يشاء ويثبت)، أي: من قدر له رزقًا وأجلاً محا ما شاء منه، وأثبت ما شاء). [معاني القراءات وعللها: 2/58]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {ويثبت وعنده} [39].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم مخففًا، من أثبت يثبت إثباتًا فهو مثبت: إذا كتب.
وقرأ الباقون {يثبت} [مشددًا] أي: يتركه فلا يمحوه كما قال الله تعالى: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا} ورأيت النحويين يختارون التخفيف، قالوا: لأن التفسير موافقة اللغة، وذلك أن الله عز وجل قد وكل بالعبد ملكين يكتبان حسناته وسيئاته، فإذا عرضاه على الله تعالى يثبت ما يشاء فيه من الثواب والعقاب، ومحا ما شاء من ذلك مما لا ثواب فيه ولا عقاب كاللغو الذي لا يؤاخذ الله العبد به، وإنما يأخذ بالإصرار على الذنب
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/330]
فأما التوبة والندم وترك الإصرار فيمحو ما سلف من الذنب حتى لا يُكتب البتة، فإن كتب محي، لأن الله تعالى قال: {إن الحسنات يذهبن السيئات} فأما قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «فرغ ربكم مما هو كائن».
إن قال قائل: كيف ينسخ ما قد فرغ منه؟
فالجواب في ذلك: إن معناه: إن الله تعالى فرغَ منه علمًا، وعلمُ الله لا يوجب ثوابًا ولا عقابًا، وإنما يجب ذلك بالعمل، فإذا كتب الملك ثم تاب العبد فمحاه الله قبل ظهور عمل العبد، لأن علمه به قبل ظهوره كعلمه بعد ظهوره.
وقيل في قوله تعالى: {يمحوا الله ما يشاء ويثبت} يعني به الناسخ والمنسوخ قال أبو عبيد. يقال محا يمحو ومحى يمحي بمنى، فأما مح الثوب وأمح فمعناه: بلى.
وأخبرنا ابن دريد عن أبي حاتم عن الأصمعي قال: سمعت أعرابيًا يقول: إياك ومسألة الناس فإن المسألة تمح الوجه أي: تحلق الشعر، قال الشاعر:
ربع دار محه الإقواء = وعفته الأرواح والأنواء
كر فيه البلى فأخلق برد = يه صباح يعتاده ومساء
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/331]
وقيل: من سأل الناس جاء يوم القيامة لا مزعة على وجهه، أي: قطعة لحم. وقال علي رضي الله عنه: «إياك أن تقطر ماء وجهك بالمسألة إلا عند أهله» وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سأل الناس وهو غني جاءت مسألته يوم القيامة خوشًا في وجهه وكدوحا»). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/332]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد الباء وتخفيفها من قوله جلّ وعزّ: ويثبت [39].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم: ويثبت ساكنة الثاء.
خفيفة الباء.
[الحجة للقراء السبعة: 5/19]
وقرأ ابن عامر ونافع وحمزة والكسائيّ: (ويثبت) مشدّدة الباء مفتوحة الثاء.
المعنى: يمحو الله ما يشاء ويثبته، فاستغني بتعدية الأوّل من الفعلين عن تعدية الثاني، والمعنى يثبته، ومثل ذلك قوله: والحافظين فروجهم والحافظات، والذاكرين الله كثيرا والذاكرات [الأحزاب/ 35].
وزعم سيبويه أن من العرب من يعمل الأوّل من الفعلين، ولا يعمل الثاني في شيء كقولهم: متى رأيت، أو قلت: زيدا منطلقا. وقال الشاعر:
بأيّ كتاب أم بأيّة سنّة... ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب
ولم يعمل الثاني.
[الحجة للقراء السبعة: 5/20]
وهذا والله أعلم فيما يحتمل النّسخ والتبديل من الشرائع الموقوفة على المصالح على حسب الأوقات. فأمّا ما كان من غير ذلك فلا يمحى ولا يبدّل، وأمّ الكتاب: هو الذكر المذكور في قوله: ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر [الأنبياء/ 105].
وحجة من قال: (يثبت) قوله: وأشد تثبيتا [النساء/ 66] وقوله: (فتثبتوا) [النساء/ 94] لأن تثبّت مطاوع ثبّت.
وحجّة من قال يثبت ما روي عن عائشة: «كان إذا صلّى صلاة أثبتها»
وقولهم: ثابت، من قوله: بالقول الثابت [إبراهيم/ 27] لأنّ ثبت مطاوع أثبت، كما أن تثبّت مطاوع ثبّت). [الحجة للقراء السبعة: 5/21]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يمحو الله ما يشاء ويثبت}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم و{يثبت} بالتّخفيف من أثبت يثبت إثباتًا فهو مثبت إذا كتب وحجتهم قولهم فلان ثابت
وقرأ الباقون {يثبت} بالتّشديد أي يقر الله ما قد كتبه فيتركه على حاله وحجتهم قوله {وأشد تثبيتا} وقال قوم هما لغتان مثل وفيت وأوفيت وعظمته وأعظمته). [حجة القراءات: 374]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (13- قوله: {ويثبت وعنده} قرأه ابن كثير وأبو عمرو وعاصم بالتخفيف، جعلوه مستقبل «أثبت» والمفعول محذوف «هاء» من الصلة، أي: ويثبته، وقوله: {بالقول الثابت} «إبراهيم 27» يدل على التخفيف؛ لأنه اسم فاعل من «ثبت»، والتقدير: يمحو الله ما يشاؤه ويثبت ما يشاؤه، وقرأ الباقون بالتشديد، جعلوه مستقبل «ثبت» دليله قوله: {وأشد تثبيتًا} «النساء 66» فـ «تثبيت» مصدر «ثبت» مشددًا، فالقراءتان لغتان، كما أن «ثبت وأثبت» لغتان بمعنى، لكن في التشديد معنى التأكيد والتكرير، وهو الاختيار؛ لأن أكثر القراء عليه، واختار أبو عبيد {ويثبت} بالتشديد، على معنى: يقر ما كتبه، فلا يمحوه، وتعقب عليه ابن قتيبة، فاختار التخفيف؛ لأن المعروف مع المحو الإثبات، فالمعنى: يمحو الله ما يشاء ويكتب ما يشاء، أو على معنى: يمحو الله ما يشاء ويقر ما يشاء، فلا يمحوه، والتخفيف يحتمل المعنيين اللذين ذكر أهل التأويل في الآية). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/23]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {وَيُثْبِتُ} [آية/ 39] بالتخفيف:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصمٌ ويعقوب.
والوجه أنه منقول من ثبت، ويقال ثبت الشيء وأثبته أنه، وروي عن عائشة أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه (وسلم) إذا صلى صلاة أثبتها، أي داوم عليها.
وقرأ نافعٌ وابن عامر وحمزة والكسائي {وَيُثَبِّتُ} بالتشديد.
والوجه أنه منقولٌ من ثبت أيضًا، والنقل بالألف والتضعيف كلاهما واحد في المعنى كأفرحته وفرّحته، إلا أن بعضهم ذكر أن فعل بالتشديد لا يخلو من معنى المبالغة والتكثير أينما وقع، وقيل إن ثبت بالتشديد مطاوعة تثبت). [الموضح: 704]

قوله تعالى: {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس