عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 02:38 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (89) إلى الآية (91) ]


{وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91)}

قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89)}

قوله تعالى: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أن ينزّل اللّه من فضله)
قرأ ابن كثير:، ينزل، و(منزلها) و، منزلٌ من ربّك) و(منزلين) و(نزل به) ونحو هذا من الفعل الذي أوله ياء أو نون
[معاني القراءات وعللها: 1/165]
أو ميم كالتخفيف في كل القرآن، إلا في ثلاثة مواضع فإنه يشددهن، قوله في الحجر: (وما ننزّله إلّا بقدرٍ معلومٍ)، وقوله في بني إسرائيل: (وننزل من القرآن) وقوله: (حتّى ينزل علينا كتابًا نقرأه).
وقرأ أبو عمرو بالتخفيف أيضًا إلا حرفين قوله في الأنعام: (قادرٌ على أن ينزّل آيةً) وفي الحجر: (وما ننزّله إلّا بقدرٍ معلومٍ).
وقرأ نافع وعاصم بتشديد كل ما في أوله ياء وتاء أو نون، إلا قوله: (نزل به الروح الأمين) و(وما نزل من الحقّ) فإن نافعا وحفصا خففاهما، وقد شددهما أبو بكر.
وخفف نافع ما أوله ميم، إلا قول: (إنّي منزّلها عليكم) فإنهما شددا.
وزاد حفصٌ على أبي بكر: (أنّه منزّلٌ من ربّك بالحقّ)، في الأنعام فشدد.
وقرأ ابن عامر بتشديد ذلك كله.
[معاني القراءات وعللها: 1/166]
وقرأ حمزة والكسائي بتشديد ما أوله تاء أو نون أو ياء في جميع القرآن إلا في حرفين:
أحدهما في لقمان: (وينزل الغيث)، والآخر في: عسق: (وهو الّذي ينزل الغيث) خففا هذين الحرفين، وخففا ما في أوله ميم حيث وقع في القرآن.
قال أبو منصور: العرب تقول: نزّلت القوم منازلهم، وأنزلتهم منازلهم بمعنى واحد.
ومنهم من يستعمل التشديد فيما يتكرر ويكثر العمل فيه، ويخفف فيما لا يكثر ولا يتكرر). [معاني القراءات وعللها: 1/167]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد الزاي من ينزّل [البقرة/ 90] وتخفيفها.
فقرأ نافع ينزّل مشدّدة الزاي إذا كان فعلا في أوله ياء أو تاء أو نون. فإذا كان في أول الفعل ميم لم يستمرّ فيه على وجه واحد، فكان يشدّد حرفا واحدا في «المائدة»: إنّي منزّلها عليكم [الآية/ 115] ويخفّف ما سواه، فإذا كان ماضيا ليس في أوّله ألف، وكان فعل ذكر خفّف الزاي مثل قوله: نزل به الرّوح الأمين [الشعراء/ 193] ومثل قوله: وما نزل من الحقّ [الحديد/ 16] ويشدّد سائر القرآن.
وكان ابن كثير يخفّف الفعل الذي في أوله ياء أو تاء أو نون في كلّ القرآن، إلا في ثلاثة مواضع: في الحجر: وما ننزّله إلّا بقدرٍ معلومٍ [الآية/ 21] وفي بني إسرائيل: وننزّل من القرآن ما هو شفاءٌ [الآية/ 82] وفيها أيضا: حتّى تنزّل علينا كتاباً نقرؤه [الآية/ 93] ولا يخفف: وما نزل من الحقّ [الحديد/ 16] ويخفّف منزّلها [المائدة/ 115] وينزّل [البقرة/ 90] ومنزلون [العنكبوت/ 34] ومنزلين [آل عمران/ 124]. ويخفّف: نزل به الرّوح الأمين [الشعراء/ 193].
[الحجة للقراء السبعة: 2/156]
وقرأ أبو عمرو: ينزّل [البقرة/ 90] وما أشبهه بالتخفيف في جميع القرآن إلا حرفين: أحدهما في سورة الأنعام: قل إنّ اللّه قادرٌ على أن ينزّل آيةً [الآية/ 37] وفي الحجر: وما ننزّله إلّا بقدرٍ معلومٍ [الآية/ 21]. ويخفف منزّلٌ، ومنزّلها، ومنزلون، ويشدّد: نزّل، في كل القرآن إلّا في قوله: نزل به الرّوح الأمين، فإنه يخفّفه.
وكان عاصم في رواية أبي بكر يشدّد: ينزّل وننزّل ومنزّلها في المائدة. ونزل من الحقّ [الحديد/ 16] ونزل به الرّوح الأمين [الشعراء/ 193] في كلّ القرآن.
وقال حفص عن عاصم: نزل به الرّوح الأمين خفيفة، وكذلك: وما نزل من الحقّ أيضا خفيفة.
وقال أبو بكر بن عياش: هما مشدّدان. وروى حفص عن عاصم أنه يشدّد أنّه منزّلٌ من ربّك بالحقّ في سورة الأنعام [الآية/ 114] ولا يشدّد منزّلها.
وقرأ ابن عامر بتشديد ذلك كلّه في جميع القرآن من منزّل وينزّل وينزّلون ومنزّلين. وفي الأنعام: أنّه منزّلٌ من ربّك بالحقّ. وفي سورة الشّعراء: نزل به الرّوح الأمين
[الحجة للقراء السبعة: 2/157]
[الآية/ 193] وما نزل من الحقّ في سورة الحديد [الآية/ 16] يشدّد ذلك كلّه.
وقرأ حمزة والكسائيّ: وننزّل وينزّل، ونزل به الرّوح الأمين وما نزل من الحقّ مشدّدا في كل القرآن، إلا حرفين في سورة لقمان: وينزّل الغيث [لقمان/ 34] وفي سورة (عسق): وهو الّذي ينزّل الغيث [الشورى/ 28] ويخفّفان منزّلٌ ومنزلون ومنزلين حيث وقع.
قال أبو علي: نزل فعل غير متعدّ إلى مفعول به. فإذا أردت تعديته إليه عدّيته بالأضرب الثلاثة التي يتعدّى بها الفعل وهي النّقل بالهمزة، وبحرف الجرّ، وبتضعيف
العين. يدلّك على أنّه غير متعدّ قولهم في مصدره: النزول. فالنّزول كالصّعود والخروج والقفول، ونحو ذلك من المصادر التي لا تتعدى أفعالها في أكثر الأمر. فممّا نقل بالهمزة قوله: وأنزل الّذين ظاهروهم من أهل الكتاب. [الأحزاب/ 26] وممّا عدّي بالجارّ قولهم: نزلت به، ويكون منه: نزل به الرّوح الأمين [الشعراء/ 193] فيمن رفع الروح. وقال: الحمد للّه الّذي أنزل على عبده الكتاب [الكهف/ 1] وقال وأنزلنا إليك الذّكر لتبيّن للنّاس ما نزّل إليهم [النحل/ 44] وقال: نزّل عليك الكتاب بالحقّ مصدّقاً.... وأنزل التّوراة.... وأنزل الفرقان وقرآناً فرقناه لتقرأه على النّاس على مكثٍ ونزّلناه تنزيلًا [الإسراء/ 106]
[الحجة للقراء السبعة: 2/158]
فقد رأيت مرّة يجيء التنزيل على أنزل ومرّة على نزّل.
ومما يبيّن ذلك أنه قد جاء في بعض القراءة: وأنزل الملائكة تنزيلا [الفرقان/ 25] كأنّه لما كان نزّل وأنزل بمعنى، حمل مصدر أحدهما على الآخر، وقد كثر مجيء التنزيل في القرآن، فهذا يقوي (نزّل) ولم نعلم فيه الإنزال.
وقد جاء فيه أنزل كثيرا.
فأمّا قوله: نزّل عليك الكتاب بالحقّ مصدّقاً [آل عمران/ 3] فالكتاب مفعول به.
وقوله: بالحقّ في موضع نصب بالحال وهو متعلّق بمحذوف، ومصدّقاً حال من الضمير الذي في قولك:
بالحقّ والعامل فيه المعنى، ولا يجوز أن تجعله بدلا لأنّ الاسم إنّما يبدل من الاسم. وقال: وبالحقّ أنزلناه وبالحقّ نزل [الإسراء/ 105] فقوله: بالحقّ أنزلناه حال من الضمير. فأمّا قوله: وبالحقّ نزل. فيحتمل الجارّ فيه ضربين: أحدهما: أن يكون التقدير نزل بالحقّ، كما تقول:
نزلت بزيد، ويجوز أن يكون حالا من الضمير الذي في نزل، يدلّك على جواز ذلك قوله: وبالحقّ نزل، وقوله:
[الحجة للقراء السبعة: 2/159]
أنزل عليك الكتاب بالحق [آل عمران/ 3] وهذا اتفاق في مذهب الفريقين، ومثل ذلك في احتماله الوجهين قوله: نزل به الرّوح الأمين [الشعراء/ 193] في من رفع الرّوح. يكون الجارّ مثل الذي في مررت بزيد، ويكون حالا، كما تقول: نزل زيد بعدّته، وخرج بسلاحه وفي التنزيل: وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به [المائدة/ 61].
ومما لا يكون إلا حالا قوله: والّذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنّه منزّلٌ من ربّك [الأنعام/ 114] ألا ترى: أنّ أنزلت يتعدّى إلى مفعول واحد؟ فإذا بنيته للمفعول لم يبق له متعدّى إلى مفعول به، وقوله: من ربّك على حدّ ولمّا جاءهم كتابٌ من عند اللّه وبالحقّ حال من الذّكر الذي في منزّلٌ، والعامل فيه منزل.
ومما جاء الجارّ فيه حالا، كما جاء في الآي الأخر:
أنزله بعلمه [النساء/ 166] المعنى: أنزله وفيه علمه، كما أنّ: خرج بعدّته، تقديره: خرج وعليه عدّته. والعلم:
المعلوم، أي: أنزله وفيه معلومه. ومثل ذلك الصيد يراد به:
المصطاد. يدلّك على إرادتهم به المصطاد قوله: ليبلونّكم اللّه بشيءٍ من الصّيد تناله أيديكم ورماحكم [المائدة/ 94] فالأيدي والرّماح إنما تلحق الأعيان ولا تلحق الأحداث.
وأما قوله: وما نزل من الحقّ [الحديد/ 16] فمن
[الحجة للقراء السبعة: 2/160]
خفّف نزل كان (ما) بمنزلة الذي، وفيه ذكر مرفوع يعود إلى ما، ولا يجوز فيمن خفّف أن يجعل (ما) بمنزلة المصدر مع الفعل كأن، لأنّ الفعل يبقى بلا فاعل ولا يجوز فيمن جوّز زيادة (من) في الإيجاب أن يكون: الحقّ مع الجارّ في موضع الفاعل.
وقد جعلت (ما) بمنزلة الذي، لأنه لا يعود إلى الموصول شيء. ومن شدّد كان الضمير الذي في نزل لاسم الله، والعائد محذوف من الصّلة.
فأمّا دخول الجارّ فلأن (ما) لما كان على لفظ الجزاء حسن دخول (من) معه، كما دخلت في نحو فما يك من خير أتوه...
فإذا كان كلّ واحد من نزل وأنزل يستعمل كما يستعمل الآخر، ويعنى به ما يعنى بالآخر، لم ينكر أن يوقع كل واحد منهما موضع الآخر، وكذلك ما تصرّف من ذلك. كأسماء الفاعلين، فتقرأ: (منزلون ومنزلون) لأن كل واحد منهما بمنزلة الآخر، كما أنّ الفعل الذي جريا عليه كذلك. وهذا مما يعلم منه أنّ (فعّل) بمنزلة (أفعل)، وأن تضعيف العين للتعدّي وليس يراد به الكثرة كما أريد في نحو: وغلّقت الأبواب
[الحجة للقراء السبعة: 2/161]
[يوسف/ 23] ولكن فعّل بمنزلة أفعل.
وقد قال سيبويه: قد يجيء فعّلت، وأفعلت بمعنى واحد مشتركين وذلك نحو: وعزت إليه، وأوعزت، وخبّرت وأخبرت، وسمّيت وأسميت.
فأمّا تخفيف حمزة والكسائي في لقمان: وينزّل الغيث [الآية/ 34] وفي (عسق) وهو الّذي ينزّل الغيث [الشورى/ 28] فلو شدّدا ذلك كما شدّدا غيره كان حسنا، ولو خفّفا بعض ما شدّدا كان كذلك. ويشبه أن يكونا اعتبرا في تخفيف ذلك كثرة ما جاء في التنزيل في ذكر الغيث فحملا اسم الفاعل على ذلك. فمن ذلك قوله: وأنزلنا من السّماء ماءً بقدرٍ فأسكنّاه في الأرض [المؤمنون/ 18]، ألم تر أنّ اللّه أنزل من السّماء ماءً فتصبح الأرض مخضرّةً [الحج/ 63] أنزل من السّماء ماءً فسلكه ينابيع في الأرض [الزمر/ 21] يشبه أن يكونا لمّا رأياه بهذه الكثرة، حملا اسم الفاعل عليه.
فأمّا قوله: وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواجٍ [الزمر/ 6] وقوله: وأنزلنا الحديد فيه بأسٌ شديدٌ [الحديد/ 25] فكأنّ المعنى فيه: خلق، ألا ترى أنه قد جاء في الأخرى ثمانية أزواج وذلك محمول على أنشأ، كأنه: وأنشأ ثمانية أزواج). [الحجة للقراء السبعة: 2/162]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو {أن ينزل الله} بالتّخفيف في جميع القرآن وحجتهما في الآية {أن يكفروا بما أنزل الله} ولم يقل نزل الله وأبو عمرو قرأ في الأنعام بالتّشديد {قل إن الله قادر على أن ينزل آية} بالتّشديد لأن قبلها {لولا نزل عليه} وما ننزله إلّا بقدر معلوم لأنّه شيء بعد شيء فكأنّه لما تردد وطال نزوله شدده لتردده وابن كثير خالف مذهبه في سورة سبحان فقرأ بالتّشديد كأنّه أراد أن يجمع بين اللغتين
وقرأ الباقون جميع ذلك بالتّشديد وحجتهم أن نزل وأنزل لغتان مثل نبأته وأنبأته وأعظمت وعظمت وفي التّنزيل {ويقول الّذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة} فجاء باللغتين وقرأ حمزة والكسائيّ في لقمان وعسق بالتّخفيف وحجتهما قوله {وأنزلنا من السّماء ماء}). [حجة القراءات: 106]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (55- قوله: {ينزل}، {وتنزل} قرأه ابن كثير وأبو عمرو بالتخفيف حيث وقع، إذا كان رباعيًا جعلاه مستقبلًا من «أنزل»، وذلك في القرآن كثير بإجماع نحو: {وأنزل الفرقان} «آل عمران 4» و{أنزل التوراة} «آل عمران 3»، و{الحمد لله الذي أنزل} «الكهف 1»، و{بالحق أنزلناه} «الإسراء 105» وخالف ابن كثير في موضعين في سبحان فشددهما، وجعلهما من «نزل» وهما قوله تعالى: {وننزل من القرآن} «الإسراء 82»، {حتى
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/253]
تنزل علينا} «الإسراء 93» وكذلك المشدد المشدد في الحجر في قوله: {وما ننزله إلا بقدر} «21» وإنما خص هذين الموضعين، ليبين بالتشديد معنى التكرير في النزول؛ لأن التشديد يدل على التكرير، فلما كان القرآن ينزل شيئًا بعد شيء شدد، ليدل على هذا المعنى، إذ لو خفف لجاز أن ينزل مرة واحدة على النبي عليه السلام، ولم يكن كذلك، وشدد {وما ننزله إلا بقدر} ليدل على نزول المطر شيئًا بعد شيء، إذ لو خفف لجاز أن ينزل المطر مرة واحدة، وليس الأمر كذلك، والتشديد للتكرير في الفعل، فهو يدل على هذه المعاني، وخالف أيضًا أبو عمرو في موضعين، فشدد قوله في الأنعام: {قادر على أن ينزل} «37» فشدده حملًا على صدر الكلام لأن قبله: {وقالوا لولا نزل عليه}، ومستقبل «نزّل» «ينزّل» فحمله على ما قبله، وأجراه عليه، وعلى لفظه، والموضع الثاني في الحجر: {وما ننزله إلا بقدر} «21» وقد مضت علته، وقرأ الباقون بالتشديد في ذلك كله، حملوه على «نزّل» والتشديد أبلغ؛ لأنه يدل على تكرير الفعل غير أن حمزة والكسائي خففا موضعين في لقمان: {وينزل الغيث} «24» وفي الشورى: {يُنزِّل الغيث} «28» جعلاه من «أنزل»، وحمله على قوله تعالى: {أنزل من السماء ماء فسالت} «الرعد 17» وكله في نزول القطر). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/254]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (34- {أَنْ يُنَزِّلَ الله مِنْ فَضْلِهِ} [آية/ 90]:-
بالتشديد، قرأها نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي، وقرأ الباقون {يُنْزِلاَ} بالتخفيف، وهما لغتان في متعدي نزل، أعني نزلته وأنزلته، وبعضهم يجعل المشدد لما يتكرر إنزاله، والمخفف فيما لا يتكرر، وقد ضعفه المحققون). [الموضح: 290]

قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس