عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 04:50 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النمل

[ من الآية (15) إلى الآية (19) ]
{وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)}


قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15)}
قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16)}
قوله تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17)}
قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لا يحطمنّكم (18)
قرأ الحضرمي: (لا يحطمنكم) بسكون النون، وكذلك روى عبيد عن أبي عمرو - وقرأ الباقون (لا يحطمنّكم) بفتح النون مشددة.
قال أبو منصور: هذه النون تدخل مؤكدة وتخفف، وإذا شددت صارت أوكد.
وقوله (لا يحطمنّكم) لفظه لفظ النهي وفيه جواب الجزاء، المعنى: إن لم تدخلوا مساكنكم حطّمتم). [معاني القراءات وعللها: 2/234]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (واد النّمل... (18)
روى عباس عن أبي عمرو (واد النّمل) بكسر الواو.
وفتحها الباقون.
قال أبو منصور: إمالة الواو من (واد) لغة، والتفخيم أفصح وأشيع). [معاني القراءات وعللها: 2/234]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {لا يحطمنكم سليمان} [18].
روى عبد عن أبي عمرو: {لا يحطمنكم} بتخفيف النون وإسكانها جعلها نون التأكيد خفيفة مثل اضربن واذهبن.
والباقون يشددون، وهو أبلغ في التأكيد. والعرب تقول: اضرب يا فتي فإذا كثر قالوا: اضربن فإذا زادوا على التأكيد تأكيدًا قالوا: إضربن بالتشديد. ومثله {[و] لا يغرنكم بالله الغرور} و{[و] لا يغرنكم} وأصل الحطم:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/146]
الكسر يقال: حطم يحطم وحطم يحطم، وفلان حطمته السن). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/147]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (عباس عن أبي عمرو على واد النمل [النمل/ 18] يميل الواو، والباقون: واد النمل مفخما.
قال أبو علي: الإمالة في (واد) حسنة من أجل الكسرة، والألف اللّازمة بعدها فهما يجلبان الإمالة، إذا كان كلّ واحد منهما منفردا، فإذا اجتمعا كان أجدر لهما. ومن لم يمل، فلأنّ ترك الإمالة شائع، ولغة كثير من العرب. والوادي من ودى، إذا سال، واللام منه ياء، ولا يجوز أن يكون واوا، إلّا أنّه اسم كالكاهل والغارب، وليس بوصف، وقالوا: أمنى يمني، وفي التنزيل: أفرأيتم ما تمنون [الواقعة/ 58]، وأمذى، وقالوا: كلّ فحل يمذي. وقالوا: ودى الرجل، من الودي، ولم أعلم أودى في هذا المعنى، وأنشدنا محمد بن
[الحجة للقراء السبعة: 5/378]
السري:
كأنّ عرق أيره إذا ودى... حبل عجوز ضفرت خمس قوى
وقالوا: في جمع واد أودية، وفي التنزيل: فسألت أودية بقدرها [الرعد/ 17] أي بقدر مياهها، فحذف المضاف، وقالوا: سال الوادي، وجرى النهر، إذا سال مياههما، ولم أعلم فاعلا جمع على أفعلة كهذا الحرف، ويشبه أن يكون لاشتراك فعيل وفاعل في كثير من المواضع، نحو عليم وعالم، وولي ووال، فكما جمع فعيل على أفعلة، شبه هذا الحرف بفاعل.
وممّا يقرّب ذلك قولهم: شريف وأشراف، ويتيم وأيتام، وأبيل وآبال، كما قالوا: صاحب وأصحاب، وطائر وأطيار، فكأنّه لما اتفقا في البناء، ووقع كلّ واحد منهما موقع الآخر، اتفقا في الجمع، كما اتّفق فاعل وفعل الذي هو المصدر في الجمع. قال:
فنوّاره ميل إلى الشمس زاهره
[الحجة للقراء السبعة: 5/379]
فالنّوار: جمع نور، وليس كحسّان وصرّاء، ألا ترى أنّه وصفه بالجمع في قوله: فنوّاره ميل، لمّا اتّفق فاعل وفعل في الصّفة نحو قوله تعالى: أصبح ماؤكم غورا [الملك/ 30]، اتفقا في التكسير فجمع على فعّال، كما جمع فاعل عليه). [الحجة للقراء السبعة: 5/380]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال عبيد عن أبي عمرو: (لا يحطمنكم) [النمل/ 18] ساكنة النون وهو غلط. قال: وروى اليزيدي وغيره عن أبي عمرو لا يحطمنكم مشدّدة النون، وكذلك قرأ الباقون: لا يحطمنكم.
[قال أبو علي: قوله: وهو غلط]، يريد أنه غلط من طريق
[الحجة للقراء السبعة: 5/380]
الرواية، إلّا أنّه لا يتّجه في العربية، [ووجه النون الخفيفة والشّديدة هاهنا حسنان]، ووجه الشديدة في لا يحطمنكم أن الفاعلين كثرة، فثقّلت العين للدّلالة على الكثرة). [الحجة للقراء السبعة: 5/381]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة سليمان التيمي: [قَالَتْ نَمُلَةٌ يَأَيُّهَا النَّمُلُ].
وروي عنه أيضا: [نُمُلَة]، و"النُّمُل"، بضمهما.
قال أبو الفتح: أما النَّمُلة، بفتح النون، وضم الميم؛ فتقبلها النَّمْلَة، بفتح النون، وسكون الميم، لأن فَعُلا يخفف إلى فَعْل، كسَبُع إلى سَبْع، ورَجُل إلى رَجْل. قال:
رَجْلانِ مِنْ ضَبَّة أخْبَرَانَا ... إنَّا رَأَيْنَا رَجُلا عُرْيَانَا
فقائل هذا الشعر إما أن يكون له لغتان: رَجُل ورَجْل، وإما أن تكون لغته رَجُل بضم الجيم، فاضطر للشعر؛ فأسكن الجيم.
ألا تراه كيف جمع بين "رَجْلان" و"رَجُل"؟ ونظير "نَمُلة" "ونَمُل": سَمُرة وسَمُر، وثَمُرة وثَمُر. وكذلك القول في "نُمُلة"، لأن فُعُلا لا يخفف إلى فَعْل، إنما يخفف إلى فُعْل، كطُنُب إلى طُنْب، وعُنُق إلى عُنْق. ومنه عندي: أُخِذ رجل نَمَّال: أي: نمَّام، كأنه يدب بالنميمة دبيب النملة. ونظير "نُمُلة" و"نُمُل": بُسُرة وبُسُر، بضم السين). [المحتسب: 2/137]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: "لا يَحَطِّمَنَّكُم"، بفتح الياء والحاء، وتشديد الطاء والنون.
وروي عنه أيضا: [يَحِطِّمَنَّكُم]، بفتح الياء، وكسر الحاء، والتشديد.
قال أبو الفتح: أما الأصل فيهما فَيَحتَطِمَنَّكُم، يفتعل من الحطم، وهو الكسر، أي: يقتلنكم. وآثر إدغام التاء في الطاء لقرب مخرجيهما؛ فأسكنها، وأبدلها طاء، وأدغمها في الطاء بعدها، ونقل الفتحة من التاء إلى الحاء، فقال: [يَحَطِّمَنَّكُم].
ومن كسر الحاء فإنه لما أسكن التاء للإدغام كسر الحاء، لسكونها وسكون التاء بعدها
[المحتسب: 2/137]
ثم أدغم فصار [يَحِطِّمَنَّكُم]. ويجوز في العربية كسر الياء إتباعا لكسرة الحاء؛ فقال يحطمنكم. ومثله قول العجلي:
تَدَافُعُ الشَّيبِ ولم تِقِتِّلِ
يريد: تَقتتل، ثم غير ذلك على ما تقدم.
يقال: حَطَمَه يَحْطِمه حَطْما: إذا كسره، وحطَّمه يُحَطِّمه، واحْتَطَمَه يَحْتَطِمُه احتطاما ويغيَّر الماضي واسم الفاعل والمصدر على الصنعة التي تقدمت في [يَحَطِّمَنَّكُم].
فمن قال: يَحَطِّم قال: حَطَّم، ومن قال: يَحِطِّمُ قال: حِطِّمَ.
ومن أتبع الأول يِحِطِّم أتبع الآخر هنا، فقال: حِطِّمَ. وعليه أنشد قطرب فيما روينا عنه أو غيره.
لا حِطِّبَ القَوْمَ ولا القَومَ سَقَى
يريد: احتطب.
ويقول في اسم الفاعل على يَحَطِّم: مُحَطِّم، وعلى يَحِطِّم: مُحِطِّم.
ومن كسر الأول إتباعا، فقال: يحِطِّمُ لم يكسر الميم؛ لأن اسم المفعول والفاعل من هذا ونحوه لا يكون إلا مضموم الأول، وعليه قال: [وَجَاءَ الْمُعَذِّرُون]، و[الْمُعِذِّرُون]. وتتبع العينُ الميم، فيقال: [الْمُعُذِّرُون]. وعليه أيضا يقال: مُخُطِّفٌ، والأصل في جميعه المعتذرون. ويقول في المصدر على يَحَطِّم ويَحِطِّم جميعا: حِطَّامًا.
ومن كسر هناك لالتقاء الساكنين كسر هنا أيضا، فقال: حِطَّاما؛ لئلا تنكسر الطاء، فتبدل الألف بعدها ياء، فتقول: حِطِّيمًا، فيزول حديث المصدر بانقلاب ألفه. وليس في حِطِّم ألف؛ فتنقلب لكسرة الطاء إلى غيرها.
ومن قال: [وَجَاءَ الْمُعُذِّرُون]، فضم العين لم يقل حُطاما؛ لأنه ليس معه في حُطَّاما ضمة مثل الميم فتتبَعها الحاء مضمومةً، وكذلك [مُرَدِّفِين] و[مُرِدِّفِين] ومُرُدِّفين، الحكم واحد). [المحتسب: 2/138]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({حتّى إذا أتوا على وادي النّمل} 17
وقف الكسائي على {وادي} بالياء قال الكسائي لا يتم إلّا بالياء وإنّما حذفوا في الوصل من أجل السّاكن وهو اللّام من النّمل فإذا وقفت وقفت على الياء لأن العلّة زالت
ووقف الباقون بغير ياء لأنّها كتبت بغير ياء على الوصل وسقطت الياء من أجل السّاكن). [حجة القراءات: 523]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {لَا يَحْطِمَنْكُمْ} [آية/ 18] بسكون النون:
قرأها يعقوب يس- و-ان-.
والوجه أن النون يه نون التأكيد الخفيفة وهي مؤكدة، إلا أن الثقيلة أشد تأكيدًا.
وقرأ الباقون و-ح- عن يعقوب {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ} بتشديد النون.
والوجه أن النون الثقيلة هي أبلغ في باب التأكيد من الخفيفة على ما سبق، وقوله {لَا يَحْطِمَنّكُمْ} لفظه لفظ النهي، لكنه يتضمن معنى الجزاء، والمعنى إن لم تدخلوا مساكنكم حُطمتم). [الموضح: 951]

قوله تعالى: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله: (أوزعني أن (19)
فتح الياء ابن كثير، وكذلك روى أحمد بن صالح عن ورش، وقالون عن نافع). [معاني القراءات وعللها: 2/245]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة محمد بن السميفع: [فَتَبَسَّمَ ضَحِكًا مِنْ قَوْلِهَا]، بفتح الضاد بغير ألف.
قال أبو الفتح: [ضَحِكًا] منصوب على المصدر بفعل محذوف يدل على عليه تبسم، كأنه قال: ضَحِكَ ضَحِكًا. وهذا مذهب صاحب الكتاب، وقياس قول أبي عثمان في قولهم: تَبَسَّمْتُ وميضَ البرقِ، أنه منصوب بنفس "تبسمتُ"؛ لأنه في معنى أومضت، ويكون [ضحِكًا] منصوبًا بنفس تبسم؛ لأنه في معنى ضحك.
ويدل على مذهب صاحب الكتاب أنه قد ثبت أن الماضي والمضارع واسم الفاعل والمصدر يجري كل واحد منها مجرى صاحبه، حتى كأنه هو. ويجب أن تكون كلها من لفظ واحد، كضرب يضرب ضربا وهو ضارب، فكما لا يجوز أن يقول: قعد يجلس وإن كانا في معنى واحد دون أن يكون من لفظ واحد وهو قعد يقعد، ولا يجوز تبسَّم يُومِض؛ لاختلاف لفظيهما وإن كان معنياهما واحد - فكذلك لا يجوز تبسمت وميض البرق؛ لاختلاف لفظيهما، كما لا يجوز تبسمتُ أُومِض، لكن دل تبسمت على أومضت، فكأنه قال: أومضت وميض البرق، فاعرف ذلك وقسه بإذن الله). [المحتسب: 2/139]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس