عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 26 رجب 1440هـ/1-04-2019م, 05:52 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

الفصل الخامس: في انقسام الحروف إلى أنواعها المختلفة
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (الفصل الخامس: في انقسام الحروف إلى أنواعها المختلفة

اعلم أن الحروف قد تنقسم في اختلاف أنواعها أقسامًا مختلفة:
(1)- فمنها أن تنقسم إلى الهمس والجهر:
فالحروف المهموسة هي حروفٌ ضعف الاعتماد في مواضعها حتى جرى معها النفس، وإنما سميت مهموسةً؛ لأنها اخفض صوتًا من المجهورة، والهمس: الصوت الخفي، وهي عشرة أحرف:
الهاء والحاء والخاء والكاف والشين والصاد والتاء والسين والثاء والفاء، وهي مجموعة في قولك: ستشحثك خصفه.
وتعرف المهموسة بأنه يمكنك تكرير الحروف مع جري النفس به، ولا يمكنك ذلك في المجهورة.
وبيان ذلك أنك إذا قلت في المجهور: إد، فلا تجد معه نفسًا، وإذا قلت في المهموس: إس، فتجد نفسًا جرى معه.
وأما المجهورة فهي ما عدا المهموسة من الحروف، وهي تسعة عشر حرفًا، وأنها حروفٌ أشبع الاعتماد في مواضعها، ومنع النفس أن يجري معها
[الموضح: 171]
حتى ينقضي الاعتماد ويجري الصوت، غير أن الميم والنون منها قد يعتمد لهما في الفم والخياشيم فيصير فيهما غنة، ولهذا لو أمسكت بأنفك ورمت التكلم بهذين الحرفين لخرجا ناقصين.
وقد تتفاوت الحروف في الجهر والهمس، فبعض المجهورة أجر من بعض، وبعض المهموسة أهمس من بعض، والذوق يعرفك ذلك.
(2)- ومنها أن تنقسم إلى الشدة والرخاوة:
فالحروف الشديدة ثمانية أحرف: وهي الهمزة والقاف والكاف والجيم والطاء والدال والتاء والباء، وهي مجموعة في قولك: أجدت طبقك.
وسميت شديدة لصلابتها ومنعها الصوت من أن يجري فيها، ألا ترى أن قولك: الحق والشط لو أردت مدًّا في القاف والطاء لامتنع ذلك.
وأما الرخوة فهي ثلاثة عشر حرفًا، أربعة منها حلقية وهي الهاء والحاء والغين والخاء، وثلاثة أسلية وهي الصاد والسين والزاي، وثلاثة لثوية وهي الظاء والثاء والذال، وثلاثة شجرية وهي الضاد والشين (والفاء).
وسميت هذه الحروف الثلاثة عشر رخوة لرخاوة الصوت بها، ولأن الصوت
[الموضح: 172]
يجري فيها كلها فلا يمتنع من ذلك، ألا ترى أنك تقول: ألمس والرش والشح ونحو ذلك فتجد الصوت يجري ممتدًا مع السين والشين والحاء.
وتبقى بعد الشديدة والرخوة حروف هي بين الرخاوة والشدة وهي ثمانية أحرف:- الألف والعين والياء واللام والراء والميم والواو والنون، وهي مجموعة في قولك: لم يرو عنا.
وإنما صارت بين الشدة والرخاوة؛ لأن الصوت وإن كان يجري فيها فلم يجر جريانه في الحروف الرخوة.
(3)- ومنها أن تنقسم إلى الإطباق والانفتاح:
فالحروف المطبقة أربعة: وهي الصاد والضاد والطاء والظاء، وإنما سميت مطبقة؛ لأنك ترفع ظهر لسانك إلى الحنك الأعلى مطبقًا له فيصير الصوت بذلك محصورًا فيما بين اللسان والحنك إلى موضع الحرف، ولولا الإطباق لصارت الطاء دالًا والظاء ذالًا والصاد سينًا ولخرجت الضاد من الكلام؛ لأنه ليس من موضعها شيء غيرها، وموضعها موضع الإطباق، فإذا عدم الإطباق عدمت الضاد، ولأجل أنها غير مشاركة في المخرج لم توجد أعني الضاد في شيء من كلام الأمم إلا في العربية.
وأما الحروف المنفتحة فهي ما عدا المطبقة.
[الموضح: 173]
(4)- ومنها أن تنقسم إلى الاستعلاء والانخفاض:
ومعنى الاستعلاء أن يتصعد الصوت في الحنك الأعلى.
والحروف المستعلية سبعة: الخاء والغين والقاف والصاد والطاء والضاد والظاء، فأربعة منها ينضم الإطباق فيها إلى الاستعلاء، وقد ذكرنا حروف الإطباق، وثلاثة ليس فيها مع الاستعلاء إطباق وهي الخاء والغين والقاف.
وأهل المدينة ألحقوا العين والحاء بالحروف المستعلية، فصارت الحروف المستعلية عندهم تسعة.
وأما حروف الانخفاض فما عدا الحروف المستعلية.
(5)- ومنها أن تنقسم إلى الزوائد والأصول:
فالحروف الزوائد عشرة: وهي الهمزة والألف والياء والواو والميم والنون والسين والتاء واللام والهاء، وهي مجموعة في قولك: اليوم تنساه، وفي قولك: سألتمونيها، وقولك: هويت السمان.
[الموضح: 174]
وأما الأصول فما عدا الزوائد.
(6)- ومنها أن تنقسم إلى الصحة والاعتلال:-
فأما حروف الاعتلال فهي ثلاثة: الألف والواو والياء، وتسمى حروف المدّ واللين أيضًا إذا كان الواو والياء كل واحد منهما ساكنًا وحركة ما قبله من جنسه، فأما الألف فلا تكون إلا ساكنة، وحركة ما قبلها لا تكون إلا من جنسها، وهي الفتحة. وتسمى هذه الحروف أيضًا الذوائب، وإنما سميت ذوائب؛ لأنها تذوب وتلين وتمتد، وتسمى هذه الحروف أيضًا الهوائية؛ لأنها تخرج في هواء الفم، وقد يقال لها أيضًا الهاوية؛ لأنها تهوى في الفم وليس لها أحيازٌ من الفم تعتمد في خروجها عليها، وبعض النحويين يجعل الألف وحده هو الهاوي، ولا شك في أن الألف أشد هويًا في الفم؛ لأنه أشد امتدادًا واستطالة فهو يتمحض في كونه للمد.
[الموضح: 175]
وأما الواو والياء فإذا كانت حركة ما قبلهما من جنسهما فهما ممتدان مستطيلان، وإذا لم يكونا كذلك فليس فيهما مد، غير أن الحذاق منهم ذهبوا إلى أنهما وإن لم يكن حركة ما قبلهما من جنسهما، فلا يخلوان من مد، والدليل على ذلك أنه لا يجوز وقوع أحدهما قبل حرف الروي مع حروف الصحة في القافية السليمة نحو قول مع أكل، بل يكون القول مردفًا والأكل سليمًا فيسمى السناد وهو عيب في القافية، فلولا ما في الواو من المد لجاز مجيئه في القوافي السليمة وكذلك الياء.
وما عدا حروف الاعتلال فإنها حروف الصحة.
(أ)- ومن الحروف أيضًا ما يسمى حروف القلقلة ويقال اللقلقة أيضًا، وهي حروف مشربة في مخارجها، إلا أنها تضغط ضغطًا شديدًا، فإن لها أصواتًا كالحركات تتقلقل عند خروجها أي تضطرب، ولهاذ مسيت حروف القلقلة، وهي خمسة: القاف والجيم والطاء والدال والباء، وهي مجموعة من قولك: قد طبج، وزعم بعضهم أن الضاد والزاي والذال والظاء منها لنتوها وضغطها في مواضعها، إلا أنها وإن كانت
[الموضح: 176]
مشربة في المخارج فإنها غير مضغوطة كضغط الحروف الخمسة التي ذكرناها، لكن يخرج معها عند الوقوف عليها شبه النفخ.
وامتحان حروف القلقة أن تقف عليها، فإذا وقفت خرج منها صويت مثل النفخ؛ لنتوها في اللها واللسان.
(ب)- ومنها حروف الصفير: وهي الصاد والسين والزاي، وهي الحروف الأسلية التي تخرج من أسلة اللسان.
ومنهم من ألحق بها الشين، وإنما يقال لها حروف الصفير لأنك تصفر عند اعتماد على مواضعها.
(ج)- ومنها حروف التفشي: وهي أربعة مجموعة في قولك: مشفرٌ، وهي حروف فيها غنة وتفش وتأفف وتكرار، وإنما قيل لها حروف التفشي وإن كان التفشي في الشين خاصة؛ لأن الباقية مقاربة له؛ لأن الشين بما فيها من التفشي ينتشر الصوت منه ويتفشى حتى يصل إلى مخارج الباقية.
(د)- ومنها حروف الغنة وهي النون والميم، سميتا بذلك؛ لأن فيهما غنة تخرج من الخياشيم، وهي الصوت المحصور فيها كأصوات الحمائم والقماري.
[الموضح: 177]
(هـ)- ومنها حروف الذلاقة وهي ستة: اللام والراء والنون والفاء والباء والميم، وهي مجموعة من قولك: رب منفل، ويقال لها: الحروف المذلقة، وإنما سميت بذلك؛ لأنه يعتمد عليها بذلق اللسان وهو طرفه.
ولا توجد كلمة من أبنية كلام العرب مما زاد على الثلاثة معراة من أحد هذه الستة إذا كانت حروفها أصلية، اللهم إلا أن تكون الكلمة دخيلًا في كلام العرب.
وما عدا المذلقة تسمى المصمتة، وإنما دعيت مصمتة؛ لأنها
[الموضح: 178]
أصمتت أن تأتي كلمة رباعية أو خماسية أًلية ركبت منها من غير أن يكون فيها من حروف الذلاقة حرف أو حرفان أو ثلاثة، ونأتي في بيان ذلك بمثال، فقولك في الرباعية: جعفرٌ، فيه من المذلقة الفاء والراء، وسلهب، فيه الباء، وفي الخماسية: سفرجل، فيه الفاء والراء، وفرزدق، فيه الفاء والراء أيضًا، فما كان عاريًا من بعض هذه الحروف الستة من رباعي أو خماسي فإنه دخيل في كلام العرب وليس منه.
(و)- ومن الحروف حرفٌ واحد منحرف وهو اللام، وإنما قلنا إنه منحرفٌ؛ لأن اللسان ينحرف فيه مع الصوت ويتجافى في ناحيتي مستدق اللسان عن اعتراضه على الصوت فيخرج الصوت عن الناحيتين وما فوقهما.
(ز)- ومنها حرف واحد مكرر وهو الراء، وذلك لأن الواقف إذا وقف على الراء وجد طرف اللسان يتعثر بما فيه من التكرير، وذلك يعد في
[الموضح: 179]
الإمالة بحرفين، والحركة فيه تنزل منزلة حركتين.
(ح)- ومنها حرف واحد يدعى المتوت، وهو التاء، سمي بذلك لضعفه وخفائه؛ لأنه يقال: هت البكر في صوته إذا ضعفه). [الموضح: 180]


رد مع اقتباس