عرض مشاركة واحدة
  #44  
قديم 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م, 03:58 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

باب تفسير أقسام التقاء الساكنين
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (باب تفسير أقسام التقاء الساكنين
97- اعلم أن التقاء الساكنين يجري في الكلام على تسعة أقسام، وما علمت أن أحدًا جمع هذه الأقسام، ولا فسرها.
98- الأول: أن تحرك الساكن الأول بالكسر لا غير، في كلمة أو في كلمتين، نحو: «قم الليل، وكم المال، ونحو: اضرب، واصنع» في الابتداء، ألف الوصل، كسرت لسكونها وسكون ما بعدها عن بعض النحويين، فإن كان الثاني مما بعدها مضمومًا ضممتها، كراهة للخروج من كسر إلى ضم في كلمة، وكذلك إذا كان الثاني، مما بعد الساكن الثاني من كلمتين مضمومًا، جاز الضم في الأول، وهو ما ذكرنا نحو: {ولقد استهزئ} «الأنعام 10» ومما كسر الأول فيه لالتقاء الساكنين قولهم: «يومئذٍ، وحينئذٍ» وقد مضى تفسيره لأن الذال انكسرت لسكونها وسكون التنوين، الذي دخل بعدها، عوضًا من
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/276]
القصة المحذوفة، على ما فسرنا، وقد تقدم القول في العلة، في اختيار الكسر في الأسماء لالتقاء الساكنين وفي الأفعال.
99- الثاني: أن تحرك الساكن الثاني لالتقاء الساكنين بكسر أو ضم أو فتح فالكسر هو الأصل، نحو: «هؤلاء، وجير» والفتح لاستثقال الكسر بعد ياء، نحو: «أين، وكيف» والضم نحو: «حيثُ، وقبلُ، وبعدُ» وإنما وجب ذلك؛ لأن هذه غايات الكلام؛ لأن الحرف وقع بعدها، فصار غاية الكلام، فلما احتيج إلى حركتها؛ لالتقاء الساكنين حركت بغاية الحركات، وهي الضم، وقيل: حركت بالضم، ليدل ذلك على أنها حركت بحركة ليست بأصل فيها؛ لأنها تفتح وتكسر للإعراب، تقول: حيث قبلك ومن حيث قبلك، فحركت بالضم، ليُعلم أنه ليس بإعراب فيها، وقيل حركت «حيث» بالضم، لأن الياء أصلها واو، وأصلها «حوث» فحركت بالضم، لتدل الضمة على الواو المنقلبة إلى الياء، وقيل: حركت بالضم لقوتها؛ لأنها تدل على مكانين، تقول: زيد حيث عمرو قائم، فدلت على مكان لـ «زيد» ومكان لـ «عمرو» فلما تضمنت مكانين كل واحد منهما رفع اسمًا، قويت فأعطيت أقوى الحركات وهي الضم، ولو ظهر ما حذف بعدها لم تكن إلا منصوبة.
100- الثالث: أن تحذف الساكن الأول من كلمين، إذا كان حرف مد ولين، فتحذفه لالتقاء الساكنين، ويبقى ما قبله من الحركة يدل عليه، وذلك قولك: بقي الرجل وقوا الرجل، وذا المال، وإنما وجب الحذف لأن
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/277]
حرف المد واللين، إذا كان منفصلًا لا يحرك، ولو حرك لانقلب همزة، فتتغير الكلمة فلما لم يكن سبيل إلى الحركة رجع إلى الحذف، وسهل الحذف؛ لأن الحركة التي كانت قبل المحذوف تدل عليه؛ لأن الفتحة تدل على الألف، والضمة تدل على الواو، والكسرة تدل على الياء، ولو انفتح ما قبل الواو والياء لم يحذف الأول لالتقاء الساكنين، وكنت تحركه بالكسر لالتقاء الساكنين، نحو: {طرفي النها} «هود 114»، و{بين يدي الله} «الحجرات 1» و{ألو استقاموا} «الجن 16» وإنما امتنع الحذف لأنك لو حذفت لم يبق ما يدل على المحذوف؛ لأن الذي يبقى هو فتحة، والفتحة لا تدل على الياء، ولا على الواو، فلم يكن بد من الحركة.
101- الرابع: أن تحذف الساكن الأول من كلمة، نحو تثنية «ذواتا» تدخل ألف التثنية فتجتمع ألفان: الألف الأصلية وألف التثنية، فتحذف الأولى لالتقاء الساكنين، وكانت أولى بالحذف من الثانية؛ لأن الثانية تدل على التثنية والإعراب، فلو حذفت لم يبق دليل على «ذينك»، ولم تجز الحركة في الأول ولا في الثاني؛ لأنه يلزم قلب الألف همزة، فتتغير الكلمة، ومثله الحذف في تثنية «ذواتا» المنصوصين والمخفوضين.
102- الخامس: أن تحذف الساكن الثاني من كلمة، على مذهب سيبويه، وذلك في: مقول، ومخوف، أصله: مقوول، ومخووف، فنقلت حركة الواو الأولى على الخاء والقاف، فاجتمع واوان ساكنتان، فحذفت الثانية لالتقاء الساكنين؛ لأنها زائدة، والأولى أصلية، ومذهب الأخفش في هذا أن المحذوفة هي الأولى، فهو على مذهب الأخفش من القسم الرابع، وعلى هذا اختلفا في المحذوف من «مخيط، ومكيل» أصله: مخيوط، ومكيول، ثم ألقيت حركة الياء على
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/278]
ما قبلها، فسيبويه يقول: المحذوف هو الواو الزائدة، وكسرت الخاء والكاف، لتصح الياء، والأخفش يقول: إنما حذفت الياء والواو الأصليتان، وانقلبت الواو ياء؛ لانكسار ما قبلها؛ لأنه انكسر، قبل حذف الياء، لتصح الياء.
103- السادس: أن يمد الساكن الأول، لتقوم المدة مقام الحركة، فتحول بين الساكنين، ويتوصل بالمد إلى النطق بالساكن الثاني، وقد «» قدم ذكر هذا في أبواب المد، وذلك نحو: «دابة، وصاخة» ونحوه، فإن كان الساكن الثاني غير مشدد ففي جوازه الاختلاف، على ما تقدم ذكره، والقراءة قد ثبتت بذلك في «محياي، واللائي» وجوازه هو مذهب أبي عمرو ويونس والكوفيين.
104- السابع: أن تبدل من الساكن الأول همزة، وهو قليل وذلك إذا كان الأول حرف مد ولين، والثاني مشددًا نحو: «دأبة، وصأخة» وقد قرئ: {ولا الضالين} بالهمز، وهي لغة قليلة.
105- الثامن: أن يثبت الساكنان جميعًا، ولا يغير واحد منهما، كان في ذلك حرف مد ولين أو لم يكن، وذلك في الوقف خاصة نحو: «والفجر، والعصر، وعمرو، وبكر» وذلك في كل كلمة قبل آخرها ساكن، إذا وقفت بالإسكان أو بالإشمام.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/279]
106- التاسع: أن تُلقى حركة الحرف على ساكن قبله، فيجتمع ساكنان في المعنى، وذلك أن الوقف خاصة نحو الوقف على: «بكرُ، وعمر» المرفوعين أو المخفوضين، تُلقى حركة الآخر على ما قبله، ثم يُسكن الآخر، والذي قبله ساكن في الأصل، وحركته عارضة، فتصير إلى الجمع بين ساكنين في المعنى لا في اللفظ، فإن كان الساكن الذي قبل الآخر ياء أو واوًا لم يجز أن تُلقى عليهما الحركة نحو: «عود، وقيل» ونحوه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/280]


رد مع اقتباس