عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 04:31 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنّه أوّابٌ (30) إذ عرض عليه بالعشيّ الصّافنات الجياد (31) فقال إنّي أحببت حبّ الخير عن ذكر ربّي حتّى توارت بالحجاب (32) ردّوها عليّ فطفق مسحًا بالسّوق والأعناق (33)}
يقول تعالى مخبرًا أنّه وهب لداود سليمان، أي: نبيًّا كما قال: {وورث سليمان داود} أي: في النّبوّة وإلّا فقد كان له بنون غيره، فإنّه قد كان عنده مائة امرأةٍ حرائر.
وقوله: {نعم العبد إنّه أوّابٌ} ثناءٌ على سليمان، عليه السّلام، بأنّه كثير الطّاعة والعبادة والإنابة إلى اللّه عزّ وجلّ.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي حدّثنا محمود بن خالدٍ حدّثنا الوليد حدّثنا مكحولٌ قال: لـمّا وهب اللّه لداود سليمان عليه السّلام قال له: يا بنيّ ما أحسن؟ قال: سكينة اللّه وإيمانٌ. قال: فما أقبح؟ قال: كفرٌ بعد إيمانٍ. قال: فما أحلى؟ قال: روح اللّه بين عباده. قال: فما أبرد؟ قال: عفو اللّه عن النّاس وعفو النّاس بعضهم عن بعضٍ. قال داود عليه السّلام: فأنت نبيٌّ). [تفسير ابن كثير: 7/ 64]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إذ عرض عليه بالعشيّ الصّافنات الجياد} أي: إذ عرض على سليمان في حال مملكته وسلطانه الخيل الصّافنات.
قال مجاهدٌ: وهي الّتي تقف على ثلاثٍ وطرف حافر الرّابعة، والجياد: السّراع. وكذا قال غير واحدٍ من السّلف.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا محمّد بن بشّارٍ حدّثنا مؤمّل حدّثنا سفيان عن أبيه سعيد بن مسروقٍ عن إبراهيم التّيميّ في قوله: {إذ عرض عليه بالعشيّ الصّافنات الجياد} قال: كانت عشرين فرسًا ذات أجنحةٍ. كذا رواه ابن جريرٍ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة حدّثنا إبراهيم بن موسى حدّثنا ابن أبي زائدة أخبرني إسرائيل عن سعيد بن مسروقٍ عن إبراهيم التّيميّ قال: كانت الخيل الّتي شغلت سليمان، عليه الصّلاة والسّلام عشرين ألف فرسٍ، فعقرها وهذا أشبه واللّه أعلم.
وقال أبو داود: حدّثنا محمّد بن عوفٍ، حدّثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيّوب حدّثني عمارة بن غزيّة: أنّ محمّد بن إبراهيم حدّثه عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من غزوة تبوك -أو خيبر-وفي سهوتها سترٌ فهبّت الرّيح فكشفت ناحية السّتر عن بناتٍ لعائشة -لعب- فقال: "ما هذا يا عائشة؟ " قالت: بناتي. ورأى بينهنّ فرسًا له جناحان من رقاعٍ فقال: "ما هذا الّذي أرى وسطهنّ؟ " قالت: فرسٌ. قال: "وما هذا الّذي عليه؟ " قالت: جناحان قال: "فرسٌ له جناحان؟! " قالت: أما سمعت أنّ لسليمان خيلٌ لها أجنحةٌ؟ قالت: فضحك حتّى رأيت نواجذه صلّى اللّه عليه وسلّم). [تفسير ابن كثير: 7/ 64-65]

تفسير قوله تعالى: {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فقال إنّي أحببت حبّ الخير عن ذكر ربّي حتّى توارت بالحجاب} ذكر غير واحدٍ من السّلف والمفسّرين أنّه اشتغل بعرضها حتّى فات وقت صلاة العصر والّذي يقطع به أنّه لم يتركها عمدًا بل نسيانًا كما شغل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يوم الخندق عن صلاة العصر حتّى صلّاها بعد الغروب وذلك ثابتٌ في الصّحيحين من غير وجهٍ، من ذلك عن جابرٍ قال: جاء عمر، رضي اللّه عنه يوم الخندق بعد ما غربت الشّمس فجعل يسبّ كفّار قريشٍ، ويقول: يا رسول اللّه، واللّه ما كدت أصلّي العصر حتّى كادت الشّمس تغرب. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "واللّه ما صلّيتها" فقال: فقمنا إلى بطحان فتوضّأ للصّلاة وتوضّأنا لها فصلّى العصر بعد ما غربت الشّمس ثمّ صلّى بعدها المغرب
ويحتمل أنّه كان سائغًا في ملّتهم تأخير الصّلاة لعذر الغزو والقتال. والخيل تراد للقتال. وقد ادّعى طائفةٌ من العلماء أنّ هذا كان مشروعًا فنسخ ذلك بصلاة الخوف ومنهم من ذهب إلى ذلك في حال المسايفة والمضايقة، حيث لا يمكن صلاةٌ ولا ركوعٌ ولا سجودٌ كما فعل الصّحابة رضي اللّه عنهم في فتح تستر، وهو منقولٌ عن مكحولٍ والأوزاعيّ وغيرهما والأوّل أقرب؛ لأنّه قال بعدها: {ردّوها عليّ فطفق مسحًا بالسّوق والأعناق}
قال الحسن البصريّ. قال: لا واللّه لا تشغليني عن عبادة ربّي آخر ما عليك. ثمّ أمر بها فعقرت. وكذا قال قتادة.
وقال السّدّيّ: ضرب أعناقها وعراقيبها بالسّيوف.
وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: جعل يمسح أعراف الخيل، وعراقيبها حبالها. وهذا القول اختاره ابن جريرٍ قال: لأنّه لم يكن ليعذّب حيوانًا بالعرقبة ويهلك مالًا من ماله بلا سببٍ سوى أنّه اشتغل عن صلاته بالنّظر إليها ولا ذنب لها. وهذا الّذي رجّح به ابن جريرٍ فيه نظرٌ؛ لأنّه قد يكون في شرعهم جواز مثل هذا ولا سيّما إذا كان غضبًا لله عز وجل بسبب أنه اشتغل بها حتّى خرج وقت الصّلاة؛ ولهذا لمّا خرج عنها للّه تعالى عوّضه اللّه تعالى ما هو خيرٌ منها وهي الرّيح الّتي تجري بأمره رخاءً حيث أصاب غدوّها شهرٌ ورواحها شهرٌ فهذا أسرع وخيرٌ من الخيل
وقال الإمام أحمد: حدّثنا إسماعيل حدّثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلالٍ عن أبي قتادة وأبي الدّهماء -وكانا يكثران السّفر نحو البيت- قالا أتينا على رجلٍ من أهل البادية، فقال البدويّ: أخذ بيدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فجعل يعلّمني ممّا علّمه اللّه تعالى وقال: "إنّك لا تدع شيئًا اتّقاء اللّه -عزّ وجلّ- إلّا أعطاك اللّه خيرًا منه"). [تفسير ابن كثير: 7/ 65-66]

رد مع اقتباس