عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 27 شعبان 1434هـ/5-07-2013م, 10:14 AM
لطيفة المنصوري لطيفة المنصوري غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 2,167
افتراضي

مواضع اختلاف الفواصل
مواضع اختلاف الفواصل
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيدٍ الدَّانِيُّ (ت: 444هـ): (...اختلافها آيتان بسم الله الرحمن الرحيم عدها المكي والكوفي ولم يعدها الباقون أنعمت عليهم لم يعدها المكي والكوفي وعدّها الباقون، وفيها مما يشبه الفواصل وليس بمعدود بإجماع موضع واحد وهو قوله تعالى {إياك نعبد}.). [البيان: 139]
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (... منهم من عدّ {أنعمت عليهم} دون التسمية، ومنهم من مذهبه على العكس). [الكشاف: 1/99]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): (...وقد ذكرنا في تفسير {بسم الله الرحمن الرحيم} ما ورد من خلاف ضعيف في ذلك). [المحرر الوجيز:1/95]
قَالَ القَاسِمُ بنُ فِيرُّه بنِ خَلَفٍ الشَّاطِبِيُّ (ت: 590هـ): (وأم القران الكل سبعا يعدها ...... ولكن عليهم أولا يسقط المثر
ويعتاض بسم الله والمستقيم قل ...... لكل وما عدوا الذين على ذكر).[ناظمة الزهر: 65]م
- قَالَ عَبْدُ الفَتَّاحِ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ القَاضِي (ت: 1403هـ): («سورة أم القرآن»
ص: وأم القرآن الكل سبعا يعدها ...... ولكن عليهم أولا يسقط المثر
ويعتاض بسم الله – والمستقيم قل ...... لكل وما عدوا الذين على ذكر

اللغة: يعتاض: يجعلها عوضًا يقال عوضه الله كذا إذا أعطاه العوض فاعتاض أي أخذ العوض. والذكر بكسر الذال حفظ الشيء.
الإعراب: وأم القرآن مبتدأ أول، والكل مبتدأ ثان. وجملة يعدها خبر الثاني والجملة خبر الأول. وسبعا مفعول ثان ليعدها، والأول الضمير المنصوب العائد على أم القرآن.
ولكن حرف استدراك. عليهم مفعول مقدم ليسقط وأولاً حال من عليهم أي حال كونه مقدما وسابقًا، ويسقط المثري جملة فعلية مضارعية، وكذا ويعتاض وفاعل يعتاض ضمير يعود على مرمور المثر وبسم الله مفعول به ليعتاض والمستقيم مبتدأ مقصود لفظه. وخبره لكل وقل أمرية. ومفعولها جملة المبتدأ والخبر. وما عدوا الذين جملة منفية ماضية والموصول مفعولها. وضمير عدوا يعود على كل وهم أئمة العدد «على ذكر» متعلق بمحذوف حال من فاعل عدوا. أي حال كونهم حافظين لما عدوا وما تركوا.
المعنى: بعد أن تكلم المصنف على الضوابط والقواعد المهمة لمعرفة الفواصل والاصطلاحات التي ذكرها شرع يتكلم في المقصود وهو فواصل السور حسب ترتيب القرآن الكريم.
والسورة قرآن ذو فاتحة وخاتمة يشتمل على آي. وأم القرآن من أسماء الفاتحة سميت بهذا لاشتمالها على مقاصد القرآن إجمالاً. وتسميتها كتسمية غيرها من السور توقيفية وهي مكية على الصحيح، ثم أخذ المصنف في بيان عددها فبين أن عددها عند جميع أئمة العدد سبع آيات لورود النص بذلك في الكتاب والسنة قال تعالى:
{ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم} وجاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه عدها سبع آيات عن أم سلمة وغيرها، ولهذا أجمعوا على أنها سبع آيات. وهذا معنى قوله «وأم القرآن الخ».
وقوله «ولكن عليهم الخ» استدراك على ما سبق من اتفاق الكل على عدها سبع آيات فقد يوهم هذا الاتفاق أنهم اتفقوا على التفصيل كما اتفقوا على الإجمال فرفع بهذا الاستدراك هذا التوهم فبين أن بينهم خلافًا في التفصيل، فكلمة عليهم الواقعة في الموضع الأول وهي {أنعمت عليهم} يسقطها المرموز لها بكلمة المثر وهما المكي والكوفي ويعدان موضعها البسملة فتعين لغيرها وهم المدنيان والبصري والشامي، عد أنعمت عليهم وإسقاط البسملة، والكل يسقط عليهم الثانية من العدد. ولهذا احترز المصنف عنه بقوله أولاً: وقوله «والمستقيم قل لكل» معناه أن قوله {أهدنا الصراط المستقيم} معدود آية للجميع.
وقوله وما عدوا الذين الخ معناه أن قوله تعالى {صراط الذين} متروك للجميع وقوله على ذكر ثناء على أهل العدد وتنبيه على أن عدهم ما عدوا وتركهم ما تركوا مبني على ما حفظوه وتلقوه عن سلفهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم وجه من عد البسملة آية من الفاتحة مشاكلتها لفواصل سورتها مع الإجماع على أنها سبع. وعلى أن لفظ الرحيم لم يذكر في القرآن إلا رأس آية. ولو ورد النص عن أم سلمة رضي الله عنها فيما روت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عدها رأس آية ووجه من لم يعدها الإجماع على عدم عدها في أول السور غير الفاتحة ولأن أبا بكر وعمر وعثمان افتتحوا صلاتهم بالحمد لله رب العالمين، ولما روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال عبدي الحمد لله قلت حمدني عبدي الحديث ولم يذكر فيه البسملة، ووجه من يسقط عليهم عدم مشاكلتها لفواصل السورة لأن فواصل هذه السورة مبنية على حرف المد الواقع قبل الحرف الأخير. وانعقاد الإجماع على عدم عد نظيره في القرآن كله، ووجه من عده الأدلة السابقة على عدم عد البسملة آية مع الإجماع على أن الفاتحة سبع وذلك لا يتأتى إلا بعد أنعمت عليهم.
وإنما نبه المصنف على عمد المستقيم للجميع دفعا لما يتوهم من عدم كونه فاصلة وأن الفاصلة هي «الذين» نظرًا إلى أن معظم فواصل السورة مختتمة بالنون ونبه على ترك صراط الذين للجميع دفعا لتوهم كونها فاصلة لمشاكلتها لفواصل السورة، وإنما اتفقوا على تركها لشدة تعلقها بما بعدها لأنه صلتها ولا يتم الموصول بدون صلته). [معالم اليسر:65-67]
قالَ أبو الفَرَجِ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَلِيٍّ ابنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ) : (...واختلف في آيتين منها:
فعد الكوفيون والمكيون وجماعة من الصحابة والتابعين {بسم الله الرحمن الرحيم} آية،
وتركوا {أنعمت عليهم}.
وعد الشاميون والبصريون {أنعمت عليهم} آية ) [فنون الأفنان: 278-327]م
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (فاتحة الكتاب: هي سبع باتفاق، إلا أنهم اختلفوا في الآية السابعة:
* فعد الكوفي والمكي {بسم الله الرحمن الرحيم} آية من الفاتحة ، ولم يعدوا {أنعمت عليهم}.
وبالعكس المدنيان والبصري والشامي .
* وعد {بسم الله الرحمن الرحيم} آية من الفاتحة: الشافعي رحمه الله ، وأبو ثور ، وأحمد ، وإسحق ، وأبو عبيد ، وأهل الكوفة ، وأكثر أهل العراق ، وابن شهاب الزهري ، وعمرو بن دينار ، وابن جريح ، ومسلم بن خالد ، وسائر أهل مكة ، وهو مذهب ابن عمر ، والصحيح عن ابن عباس ، وبه تقول جماعة ، وأصحاب ابن عباس: سعيد بن جبير، وعطاء، ومجاهد، وطاووس.
* وقد روى الجهر بها في الصلاة عن أبي هريرة، وعمار، وابن الزبير.
واختلف في ذلك عن عمر وعلي، وكان أحمد، وإسحق، وأبو عبيد، وسفيان، وابن أبي ليلى، والحسن بن حيي، وابن شبرمة يخفونها في صلاة الجهر، وكذلك يقول إبراهيم النخعي، والحكم بن عيينة، وحماد، وهو مذهب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وإلى ذلك ذهب أبو حنيفة رضي الله عنه.
- وقال الكرخي وغيره من أصحابه: لم يحفظ عنه أنها من فاتحة الكتاب أو ليست منها، ومذهبه يقتضي أنها ليست بآية منها، قالوا لأنه يسر بها في صلاة الجهر. والإسرار بها لا يدل على ما قولوه به، لأن جماعة من فقهاء الكوفة قد عدوها منها؛ وهم يسرون بها اتباعا للسنة في صلاة الجهر، واقتداء بالآثار الواردة في ذلك.
- وقال داود: هي آية مفردة في كل موضع كتبت فيه في المصحف، وليست بآية في شيء مما افتتح به، وإنما هي آية في قوله عز وجل: {وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} لا غير.
- قال الرازي: ومذهب أبي حنيفة يقتضي عندي ما قال داود، وكذلك قال مالك رضي الله عنه، إلا أنه قال: إن الله عز وجل لم ينزلها في شيء من كتابه إلا في وسط سورة النمل، ولا تقرأ في الفاتحة في الفريضة سرا ولا جهرا، وقال بجميع ذلك من قوله الأوزاعي وابن جرير الطبري، وعدوا كلهم {أنعمت عليهم} آية.
وحجة من عدها آية:
- ما روى الليث بن سعد رحمه الله قال: حدثني خالد بن يزيد، عن سعد بن أبي هلال عن نعيم المجمر قال: "صليت وراء أبي هريرة، فقرأ: {بسم الله الرحمن الرحيم}، ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ {ولا الضالين}، فقال آمين وقال الناس آمين. وكان يقول كلما ركع وسجد الله أكبر وإذا قام من الجلوس قال الله أكبر ويقول إذا سلم: والذي نفسي بيده أني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم".
والليث بن سعد إمام قدوة، وخالد بن يزيد الإسكندري، وسعيد بن أبي هلال من الثقات عند أهل الحديث.
- وروى العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة جهر بها ببسم الله الرحمن الرحيم".
- قالوا ومما يدل على أنها آية من أول فاتحة الكتاب: أن أم سلمة وصفت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته آية: {بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين..}. فهذا دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأها كذلك ويجهر بها.
- وعن عبد الله بن عمر وابن عباس رضي الله عنهما، أنهما كانا إذا افتتحا الصلاة يقرآن: بسم الله الرحمن الرحيم. وكذلك روي عن عبد الله بن الزبير. وروى سفيان الثوري رحمه الله عن عاصم قال: سمعت سعيد بن جبير يقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) في كل ركعة.
- وروي عن ابن جريج قال: أخبرني أبي أن سعيد بن جبير أخبره عن ابن عباس، قال في قول الله عز وجل: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} قال: هي أم القرآن.
- قال عبد الرزاق: "قرأها علي ابن جريج: {بسم الله الرحمن الرحيم * الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم. ملك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم * ولا الضالين} آية آية ، وقال: قرأها علي أبي كما قرأتها عليك وقال: قرأها علي ابن عباس كما قرأتها عليك. وقال ابن عباس: قد أخرجها الله لكم – يعني فاتحة الكتاب – وما أخرجها لأحد قبلكم".
- وعن سعيد بن جبير: سألت ابن عباس رضي الله عنه عن قول الله عز وجل: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم} قال: هي أم القرآن استثناها الله عز وجل لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأخرها حتى أخرجها لهم، ولم يعطها أحدا قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم. قال سعيد: ثم قرأها ابن عباس، فقرأ فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم).
قال ابن جريج: قلت لأبي: أخبرك سعيد بن جبير أن ابن عباس قال له: {بسم الله الرحمن الرحيم} آية من فاتحة الكتاب؟ قال: نعم.
- وعن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يجهر بـ {بسم الله الرحمن الرحيم} ويقول: هو شيء اختلسه الشيطان من عامة الناس.
وهذا هو الأكثر والأشهر عن ابن عباس، أنه كان يجهر بها، وأنها أول آية في فاتحة الكتاب، وعلى ذلك جميع أصحابه، ولا خلاف في ذلك.
- عن ابن عمر وابن الزبير وشداد بن أوس وعطاء ومجاهد وطاووس وسعيد بن جبير وعكرمة ومكحول وعمر بن عبد العزيز وابن شهاب الزهري.
- وقال محمد بن كعب القرظي: فاتحة الكتاب سبع آيات بـ {بسم الله الرحمن الرحيم}.
- وكان ابن شهاب يقول: من ترك {بسم الله الرحمن الرحيم}، فقد ترك آية من فاتحة الكتاب.
- وعن أبي المقدام: صليت خلف عمر بن عبد العزيز، فسمعته يقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم}.
- وقال أبو عبيد: أخبرنا ابن أبي مريم عن عبد الجبار بن عمر أنه سمع كتاب عمر بن عبد العزيز يقرأ: (استفتحوا) بـ {بسم الله الرحمن الرحيم} وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقتدي بعمل أهل المدينة، ويحمل عليه الناس.
- وقال الشافعي رضي الله عنه: حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز قال: أنا ابن جريج قال، أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم أن أبا بكر بن حفص بن عمر بن سعيد أخبره أن أنس بن مالك أخبره قال: "صلى معاوية بالمدينة صلاة يجهر فيها بالقراءة، فلم يقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} ولم يكبر في الخفض والرفع.. فلما فرغ ناداه المهاجرون والأنصار: يا معاوية نقصت الصلاة، أين بسم الله الرحمن الرحيم، وأين التكبير إذا خفضت ورفعت.. فكان إذا صلى بهم بعد ذلك، قرأ بسم الله الرحمن الرحيم وكبر".
وهذا يدل على أن الجهر بها في أول الفاتحة في الصلاة من عمل أهل المدينة، وأنها آية منها لقولهم: (نقصت الصلاة).
- وروى عكرمة عن ابن عباس أنه كان يفتتح بـ {بسم الله الرحمن الرحيم} يجهر بها، وكان يقول: إنما ذلك شيء سرقه الشيطان من الناس.
وأما من لم يعدها آية من الفاتحة وأسقطها منها؛ فإنه احتج:
- بما رواه قيس بن عباية قال: حدثني ابن عبد الله بن مغفل عن أبيه قال: "سمعني وأنا أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم فقال: يا بني إياك والحدث، فإني صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر وعثمان، فلم أسمع أحدا منهم يقرأها، فإذا قرأت فقل {الحمد لله رب العالمين}.
وقيس بن عباية الحنفي أبو نعامة، ثقة عند أهل الحديث، إلا أنه لم يرو هذا الحديث عن ابن عبد الله بن مغفل سواه، فابن عبد الله بن مغفل مجهول، لأن المجهول عندهم من لم يرو عنه إلا رجل واحد، والمجهول لا تقوم به حجة. وقد ذهب إلى هذا الحديث من أسقطها، وذهب إليه أيضا من أسر بها، لأنه قال لم أسمع، أو ما سمعت أحدا منهم.
- واحتجوا أيضا بما رواه أبو الجوزاء، واسمه أوس بن عبد الله، من ربيعة الأزد عن عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين، ويختمها بالتسليم".
قال أهل الحديث: هذا الحديث مرسل، لأن أبا الجوزاء لا يعرف له سماع من عائشة رضي الله عنها، وأيضا فإنه لا حجة فيه لمن أسقط {بسم الله الرحمن الرحيم} لأن قولها: يفتتح الصلاة بالحمد لله رب العالمين، لم ترد به نفي {بسم الله الرحمن الرحيم}، وإنما أردت: كان صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بهذه السورة ويختمها بالتسليم . وهذا واضح.
- واحتجوا أيضا بما روى مالك رحمه الله عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة أنه سمعه يقول: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج))، هي خداج: غير تمام.
قال: قلت يا أبا هريرة، إني أحيانا أكون وراء الإمام، قال فغمز ذراعي ثم قال: اقرأ بها في نفسك يا فارسي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:((قال الله تعالى: [قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين: فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل])) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأوا. يقول العبد {الحمد لله رب العالمين} يقول الله: [حمدني عبدي] يقول العبد {الرحمن الرحيم} يقول الله: [أثنى علي عبدي] يقول العبد {ملك يوم الدين} يقول الله تعالى: [مجدني عبدي] يقول العبد {إياك نعبد وإياك نستعين}[فهذه الآية بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل] ويقول العبد {اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [فهؤلاء لعبدي، ولعبدي ما سأل])).
وليس لهم حديث في سقوط {بسم الله الرحمن الرحيم}من أول الفاتحة أقوى من هذا الحديث، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأوا، يقول العبد: {الحمد لله رب العالمين})) قالوا: ولم يقل بسم الله الرحمن الرحيم. ثم قال بعد أن عد {الحمد لله رب العالمين} آية. ((يقول العبد: {الرحمن الرحيم} )) فعدها آية. قالوا: ثم قال: ((يقول العبد: {ملك يوم الدين})) فعدها آية، ثم قال: ((يقول العبد: {إياك نعبد وإياك نستعين})) فعدها آية، فتمت أربعا. ثم قرأ إلى آخر السورة فقال: ((هؤلاء)) ولم يقل (هاتان) فدل ذلك على ثلاث آيات لتتم سبع آيات، إذ أجمع المسلمون على أنها سبع آيات.
قالوا: فدل هذا الحديث على أن {أنعمت عليهم} آية، وأن {بسم الله الرحمن الرحيم} ليست آية. وهذا حديث لا خلاف في صحته وثقة رواته.
والكلام على هذا الحديث من وجهين:
قول الأئمة.
والمعنى.
* أما قول الأئمة:
- قال يحيى بن معين: العلاء بن عبد الرحمن ليس حديثه بحجة، وهو وسهيل قريب من السواء. وقال أحمد بن حنبل رحمه الله: هو عندي أقوى من سهيل بن أبي صالح ومحمد بن عمرو.
- وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: العلاء بن عبد الرحمن ليس بذاك، لم يزل الناس ينفون حديثه. وقال أبو حاتم الرازي: روى عن العلاء الثقات، وأنا أنكر من حديثه أشياء.
- وقال أبو عمر بن عبد البر: العلاء ليس بالمتين عندهم، وقد انفرد بهذا الحديث، وليس يوجد إلا له، ولا تروى ألفاظه عن أحد سواه: والله أعلم.
* وأما من جهة المعنى؛ فأقول مستعينا بالله: إنه ليس بحجة في إسقاط {بسم الله الرحمن الرحيم} من الفاتحة، لأنه إنما لم يذكر {بسم الله الرحمن الرحيم} لأن المراد منها موجود في قوله في الآية الثالثة {الرحمن الرحيم}. فلو قال: "اقرأوا، يقول العبد {بسم الله الرحمن الرحيم} يقول الله عز وجل: [أثنى علي عبدي] ثم قال بعد ذلك: يقول العبد {الرحمن الرحيم} لقال: يقول الله عز وجل: [أثنى علي عبدي] فاستغنى بإحدى الآيتين عن الأخرى.
وأما قوله: ((يقول الله عز وجل: [هؤلاء لعبدي])) فإنما أراد هؤلاء الكلمات.. ويعضد هذا الذي قلناه حديث نعيم المجمر: صليت وراء أبي هريرة.. والجمع بين الحديثين أولى من تعارضهما، والله أعلم. وابن أبي هلال الذي يرويه عن نعيم المجمر عن أبي هريرة؛ ليس بدون العلاء بن عبد الرحمن عند أهل الحديث، ومما يشهد لصحة ما رواه أبو سعيد المقبري وصالح مولى التوءمة عن أبي هريرة، " أنه كان يفتتح ببسم الله الرحمن الرحيم".
وأما إثباتها آية في أول كل سورة؛ فلم يذهب إليه أحد من أهل العدد.
- وقال ابن عباس رحمه الله: من تركها فقد ترك مائة وأربع عشرة آية.
- قال الشافعي رحمه الله: وأخبرنا عبد المجيد، عن ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر أنه: كان لا يدع بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن والسورة التي بعدها. وكذلك كان عطاء وأكثر أصحاب ابن عباس يقرأونها في فاتحة الكتاب وفي السورة التي يقرأون بعدها.
- وروى ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر أنه كان يقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} في أول فاتحة الكتاب، ويقرأها كذلك في السورة التي يقرأ بعدها. وكذلك روى نافع عنه، وروي عن ابن الزبير مثل ذلك.
- وعن سعيد بن جبير، أن المؤمنين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا لا يعلمون انقضاء السورة، حتى تنزل {بسم الله الرحمن الرحيم} فإذا نزلت {بسم الله الرحمن الرحيم} علموا أن السورة قد انقضت، ونزلت الأخرى، وكذلك روى سعيد بن جبير عن ابن عباس.
- وروى المختار بن فلفل عن أنس قال: "بينما النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا، إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسما، قلنا ما يضحك يا رسول الله؟ قال: ((نزلت علي آنفا سورة، فقرأ: {بسم الله الرحمن الرحيم * إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر * إن شانئك هو الأبتر} )). ثم قال: ((هل تدرون ما الكوثر؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ((نهر وعدنيه ربي في الجنة، آنيته أكثر من عدد الكواكب، ترد علي أمتي فيختلج العبد منهم فأقول: يا رب إنه من أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدث بعدك)).
فمذهب ابن عباس ومن ذكرناه أنها آية في أول كل سورة من تلك السور، وهو مذهب ابن عمر وابن الزبير وعطاء ومكحول وطاووس وابن المبارك والشافعي، وقد اختلف عنه، وتحصيل مذهبه ما ذكرته) [جمال القراء : 1/190 إلى 199]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ جُزَيءٍ الكَلْبِيُّ (ت: 741هـ): (ولا خلاف أن الفاتحة سبع آيات، إلّا أنّ الشافعي يعدّ البسملة آية منها، والمالكيّ يسقطها، ويعدّ {أنعمت عليهم} آية). [التسهيل: 1/63]م
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): ( ...وإنّما اختلفوا في البسملة:
هل هي آيةٌ مستقلّةٌ من أوّلها كما هو عند جمهور قرّاء الكوفة وقول الجماعة من الصّحابة والتّابعين وخلقٌ من الخلف، أو بعض آيةٍ أو لا تعدّ من أوّلها بالكلّيّة، كما هو قول أهل المدينة من القرّاء والفقهاء؟ على ثلاثة أقوالٍ، سيأتي تقريره في موضعه إن شاء اللّه تعالى، وبه الثقة). [تفسير القرآن العظيم: 1/101]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وخلافها اثنان:
بسم الله الرحمن الرحيم: عدها مكي وكوفي ولم يعد "أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ" [الآية: 7] وعكسه مدني وبصري وشامي، وفيها شبه الفاصلة إياك نعبد.
وسبب الاختلاف في الآي أن النبي كان يقف على رءوس الآي للتوقيف فإذا علم محلها وصل للإضافة والتمام فيحسب السامع
[إتحاف فضلاء البشر: 1/357]
أنها ليست فاصلة وأيضا البسملة نزلت مع السور في بعض الأحرف السبعة، فمن قرأ بحرف نزلت فيه عدها ومن قرأ بغير ذلك لم يعدها). [إتحاف فضلاء البشر: 1/358] (م)
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): ( ...وإنّما اختلفوا في البسملة كما سيأتي إن شاء اللّه). [فتح القدير: 1/75]م
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (اختلافهم في موضعين:
الأول: البسملة عدها المكي والكوفي لانعقاد الإجماع على أن الفاتحة سبع آيات ولمشاكلة آخرها لأواخر آيات الفاتحة لوقوف حرف المد قبل آخر حرف منها ولأن لفظ الرحيم لم يرد في القرآن إلا رأس آية وللأحاديث المتقدمة عن أم سلمة ولابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم وغيرهما كانوا يفتتحون بها القراءة ويعدونها آية فاصلة والسابعة عندهما {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} إلى آخره وإنما لم يَعُدَّا {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} لكونه غير مشاكل لأواخر الآيات ولم يرد آخر آية في سورة من سور القرآن.
الثاني: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} عده المدنيان والشامي والبصري دون البسملة لأن الإجماع لم ينعقد على أن البسملة آية أول الفاتحة لما رُوي أن أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم [أنهم] كانوا يفتتحون القراءة في الصلاة بأول الحمد دون البسملة بل انعقد الإجماع على عدم كونها آية في جميع السور وإن كانت مرسومة في أوائلهن حيث بم تعد مع جملة الآي فوجب حمل الاختلاف في عدهم لها أول الفاتحة على الاتفاق في عدم عدهم في غيرها من السور لأن حمل المختلف فيه على المجمع عليه أولى من عكسه وأما ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام وهو أنه افتتح القراءة بالحمد لله دون البسملة وهو آخر المحفوظ(2) من فعله عليه الصلاة والسلام انتهى من الشارح) .[القول الوجيز: 161-162]
- قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَلِيّ مُوسَى (ت: 1429هـ): (2) قوله: (آخر المحفوظ الخ) لعله أراد بهذه الجملة أنها ليست آية من الفاتحة وهذه الجملة أيضًا تحتاج إلى معرفة التاريخ.
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (...فعند أهل المدينة لا تعدّ البسملة آيةً وتعدّ: {أنعمت عليهم} آيةً، وعند أهل مكّة وأهل الكوفة تعدّ البسملة آيةً وتعدّ أنعمت عليهم جزء آيةٍ، والحسن البصريّ عدّ البسملة آيةً وعدّ {أنعمت عليهم} آيةً). [التحرير والتنوير: 1/136]
قَالَ عَبْدُ الفَتَّاحِ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ القَاضِي (ت: 1403هـ): قلت:
والكوف مع مك يعد البسمله ...... سواهما أولى عليهم عد له
وأقول: بينت في هذا البيت أن الخلاف وقع في موضعين من هذه السورة: البسملة وكلمة عليهم الأولى، وأن الكوفي والمكي -وحدهما- يعدان البسملة، فتكون متروكة لغيرهما من باقي علماء العدد. وهم المدنيان والبصري والشامي، وأن سواهما أي سوى الكوفي والمكي يعد كلمة عليهم الأولى من قوله تعالى: {أنعمت عليهم} فتكون متروكة لهما. وقيدت كلمة عليهم بالأولى احترازا من الثانية وهي {غير المغضوب} فإنها متروكة لجميع علماء العدد. والخلاصة أن من يعد البسملة -وهما الكوفي والمكي- لا يعدان "عليهم"، ومن يعد "عليهم" وهم باقي علماء العدد لا يعدون البسملة. والله أعلم). [نفائس البيان: 27


رد مع اقتباس