عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 03:44 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الصافات
[ من الآية (99) إلى الآية (113) ]

{وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ (113)}


قوله تعالى: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99)}
قوله تعالى: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100)}
قوله تعالى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101)}
قوله تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فانظر ماذا ترى (102)
قرأ حمزة والكسائي (ماذا ترى) بضم التاء، وكسر الراء.
وقرأ الباقون (ماذا ترى) بفتح التاء.
وأمال أبو عمرو الراء من (ترى). وفتحها الباقون.
قال أبو منصور: من قرأ (ماذا ترى) فهو من الرأي، المعنى: ماذا ترى فيما أمر الله به؟
[معاني القراءات وعللها: 2/320]
ومن قرأ (ماذا ترى) فله وجهان:
أحدهما: ماذا تشير؟
وقال الفراء معناه: ماذا ترى من صبرك؟
والقراءة الأولى أجود القراءتين). [معاني القراءات وعللها: 2/321]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّي أرى في المنام أنّي أذبحك (102)
فتح الياء فيهما ابن كثير ونافع وأبو عمرو.
وأسكنها فيهما سائر القراء.
وكل ذلك جائز). [معاني القراءات وعللها: 2/321]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {فانظر ماذا ترى} [102].
قرأ حمزة والكسائي: {ترى} بضم التاء، وكسر الراء من أريت تري، أي: إذا ما تشير والأصل: ترأي فنقلوا كسرة الهمزة إلى الراء، وحذفوا الهمزة لسكونها، وسكون الياء.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/247]
وقرأ الباقون: {ماذا تري} بالفتح. غير أن أبا عمرو كان يميل الراء من أجل الياء.
والباقون يفتحون جعلوه من الرأي والرؤية، لا من المشورة. وكان إبراهيم صلى الله عليه وسلم رأى في المنام فأمر بذبح ابنه. ورؤيا الأنبياء وحي، فلذلك قال ابنه: {يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} [102] قال ذلك وهو ابن ثلاث عشرة سنة.
{فتله للجبين} [103] أي: صرعه وألقاه على وجهه لئلا يرى وجهه فيرحمه. فلما عرف الله طاعة إبراهيم صلى الله عليه وسلم إياه، وطاعة ابنه إياه شكر الله تعالى لهما بذلك، ففداه بذبح عظيم بكبش قد رعي في الجنة أربعين خريفًا.
واختلف الناس في الذبيح؟ فقال قوم: إسحق، وقال آخرون:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/248]
إسماعيل عليهما السلام. واحتجوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا ابن الذبيحين»، وبقوله تعالى: {وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين} [112]، قال: فكيف تكون البشارة مع الذبح؟!
واحتج الآخرون فقالوا: {وفديناه} [107] أي: وفدينا إسحاق، وبشرنا إبراهيم بنبوة إسحاق بعد أن فداه صلى الله عليه وسلم. فمن قال: إسحاق، فعلي وابن مسعود وكعب الأحبار. ومن قال إنه إسماعيل، فإنه عمر ومحمد بن كعب القرظي وسعيد بن المسيب. ومن قال: إنه إسحاق قال كان في إسحق بشارتان. فبشرناه بغلام حليم، وبشرناه بإسحاق نبيًا من الصالحين. ومعنى {تله}: صرعه كما أخبرتك. وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن جبريل عليه السلام أتاه بمفاتيح خزائن الأرض فتلها في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم» فمعناه: صبها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/249]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ التاء وفتحها من قوله عزّ وجلّ: ماذا ترى [الصافّات/ 102].
فقرأ حمزة والكسائي: ماذا تري بضمّ التاء وكسر الراء.
وقرأ الباقون ماذا ترى بفتح التاء.
قال أبو علي: من فتح التاء فقال: ماذا ترى كان مفعول ترى أحد شيئين:
أحدهما أن يكون ما* مع ذا* بمنزلة اسم واحد فيكونان في موضع نصب بأنّه مفعول ترى.
والآخر: ذا* بمنزلة الذي* فيكون مفعول ترى، والهاء محذوفة من الصلة، وتكون ترى على هذا التي معناها: الرّأي، وليس إدراك الحاجة كما تقول: فلان يرى رأي أبي حنيفة، ومن هذا قوله عزّ وجلّ: لتحكم بين الناس بما أراك الله [النساء/ 106] فلا يخلوا أراك من أن يكون نقلها بالهمزة من التي هي رأيت، تريد رؤية البصر، أو رأيت التي تتعدّى إلى مفعولين، أو رأيت التي بمعنى: الرأي الذي هو
[الحجة للقراء السبعة: 6/57]
الاعتقاد والمذهب. فلا يجوز أن يكون من الرؤية التي معناه: أبصرت يعني لأنّ الحكم في الحوادث بين الناس ليس مما يدور بالبصر، فلا يجوز أن يكون هذا القسم، ولا يجوز أن يكون من رأيت التي تتعدّى إلى مفعولين، لأنّه كان يلزم بالنقل بالهمزة أن يتعدّى إلى ثلاثة مفعولين، وفي تعدية إلى مفعولين، أحدهما الكاف التي للخطاب، والآخر المفعول المقدّر حذفه من الصلة تقديره: بما أراكه الله، ولا مفعول ثالثا في الكلام، دلالة على أنّه من رأيت الّتي معناها الاعتقاد والرأي، وهي تتعدّى إلى مفعول واحد، فإذا نقل بالهمزة تعدّى إلى مفعولين كما جاء في قوله: بما أراك الله [النساء/ 106] فإذا جعلت قوله: ذا* من قوله ماذا ترى بمنزلة الذي، صار تقديره: ما الذي تراه، فيصير ما* في موضع ابتداء، ابتداء، والذي* في موضع خبره، ويكون المعنى: ما الذي تذهب إليه فيما ألقيت إليك؟ هل تستسلم له وتتلقاه بالقبول، أو تأتي غير ذلك؟ فهذا وجه قول من قال: ماذا ترى بفتح التاء، وقوله يا أبت افعل ما تؤمر [الصافّات/ 102] دلالة على الاستسلام والانقياد لأمر الله عزّ وجلّ.
فأمّا قول حمزة والكسائي: ماذا ترى، فإنّه يجوز أن يكون ما* مع ذا* بمنزلة اسم واحد، فيكونان في موضع نصب، والمعنى:
أجلدا تري على ما تحمل عليه أم خورا؟ ويجوز أن تجعل ما* مبتدأ وذا* بمنزلة الذي ويعود إليه الذكر المحذوف من الصلة، والفعل منقول من رأى زيد الشيء وأريته الشيء إلّا أنّه من باب أعطيت فيجوز أن يقتصر على أحد المفعولين دون الآخر، كما أن أعطيت كذلك، ولو ذكرت المفعول كان أريت زيدا جلدا، ولو قرأ قارئ: ماذا ترى
لم يجز لأن ترى* يتعدّى إلى مفعولين، وليس هنا إلّا مفعول واحد،
[الحجة للقراء السبعة: 6/58]
والمفعول الواحد إمّا أن يكون ماذا بمجموعه، وإمّا أن يكون الهاء التي تقدرها محذوفة من الصلة إذا قدرت ذا* بمنزلة الذي*، فإذا قدرتها محذوفة كانت العائدة إلى الموصول، فإذا عاد إلى الموصول اقتضى المفعول الثاني فيكون ذلك كقوله: أين شركائي الذين كنتم تزعمون [القصص/ 62] ألا ترى أن التقدير: أين شركائي الذين كنتم تزعمونهم إيّاهم، أي: تزعمونهم شركائي، فحذف المفعول الثاني لاقتضاء المفعول الأوّل الذي في تقدير الإثبات في الصلة إيّاه فهو قول، ويكون مثل هذه الآية، وكذلك إن قدّرت ما* وذا* بمنزلة اسم واحد صار ماذا في موضع نصب بكونه مفعولا لترى، ويكون المفعول الثاني محذوفا، كأنّه: ماذا تري كائنا منك، أو واقعا منك، ونحو ذلك، وأري بمنزلة زعمت وظننت ونحوه، ألا ترى أنّه ذكره في هذا الباب؟ وذلك أنّه منقول من أريت زيدا عمرا خير الناس، فإذا بنيته للمفعول أقمت المفعول الأوّل مقام الفاعل، فبقي المفعولان اللّذان كانا مفعولي ظننت، وخلت ونحوهما). [الحجة للقراء السبعة: 6/59]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعمش والضحاك: [فَانْظُرْ مَاذَا تُرَى]، بضم التاء.
قال أبو الفتح: رُوِّينا عن قطرب: [مَاذَا تُرَى]، و[تُرِي] بفتح الراء وكسرها.
فَتُرَى، أي: يُلْقَى إليك، ويُوقَعُ في خاطرك.
وأما [تُرِي] فتشير به، وتدعو إلى العمل بحسبه.
و{تَرَى} هذه ليست من معنى الرؤية بالبصر؛ لأن الرأي ليس مما تدركه حاسة البصر، ولا هي من معنى العلم أيضا؛ لأنه ليس يكلفه هنا أن يقطع له بصريح الحق وجَليّة اليقين، وإنما يسأله عما يُحضره إياه رأيُه، فهي إذًا من قولك: ما رأيك في هذا؟ وما الذي يَحْضُرُك في كذا؟
ومنه قول الله تعالى : {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}، أي: بما يُحْضِرُك إياه الرأي والخاطر. وفيه شاهد لجواز اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم. ومنه قولهم: فلان يرى رأي الخوارج، ويرى رأي أبي حنيفة، أي: يذهب مذهبه ويعتقد اعتقاده، ليس أنه يُبصر بصرَه، ولا يعلم يقينا علمَه، وإنما هو أن يعتقد رأيَه، صوابًا كان، أو خطأ). [المحتسب: 2/222]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ( {فانظر ماذا ترى}
قرأ حمزة والكسائيّ {فانظر ماذا ترى} بضم التّاء وكسر الرّاء أي ما تشير كذا قال الزّجاج
قال الفراء معناه ما تريني من صبرك والأصل ترئي فنقلنا كسرة الهمزة إلى الرّاء فصار تري
وقرأ الباقون {ماذا ترى} أي ما الّذي عندك من الرّأي فيما أخبرتك به). [حجة القراءات: 609]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (14- قوله: {ماذا ترى} قرأه حمزة والكسائي بضم التاء، وكسر الراء، وقرأ الباقون بفتحهما جميعًا.
وحجة من فتح التاء أنه جعل الفعل من «الرأي» الذي هو الاعتقاد في القلب، فعداه إلى مفعول واحد، وهو ما في قوله: {ماذا ترى} فجعلهما اسمًا واحدًا في موضع نصب بـ «ترى» لأن «ما» استفهام، ولا يعمل فيها «انظر» لأن الاستفهام له صدر الكلام، فلا يعمل فيه ما قبله، إنما يعمل فيه ما بعده، وهو «ترى» في هذا الموضع، وليس «ترى» من رؤية العين، لأنه لم يأمره أن يبصر شيئًا ببصره، إنما أمره أن يدبر أمرًا عرضه عليه، يقول فيه برأيه
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/225]
وهو الذبح، وليس ذلك من إبراهيم على معنى الاستشارة له في أمر الله، إنما هو على الامتحان للذبيح، واستخراج صبره على الذبح، ولا يحسن أن يكون «ترى» من العلم لأنه يلزم أن يتعدى إلى مفعولين، وليس في الكلام غير مفعول واحد، وهو «ماذا» وإن شئت جعلت «ما» ابتداء استفهامًا و«ذا» بمعنى الذي خبر الابتداء، و«ترى» في صلة الذي واقعًا على هاء محذوفة من الصلة، تقديره: أي شيء الذي تراه، ولا يحسن إضمار الهاء مع نصب «ماذا» بـ «ترى» لأن الهاء لا تحذف من غير الصلة والصفة إلا في شعر، فلما امتنع أن يكون «ترى» في قراءة من فتح التاء والراء من النظر ومن العلم، لم يبق إلا أن يكون من الرأي على ما ذكرنا، ومثله قوله تعالى: {لتحكم بين الناس بما أراك الله} «النساء 105» أي: بما أظهر لك من الرأي الذي تعتقد مما أمرك الله به، وأوحى إليك فيه، ولو كانت «أراك» من البصر لتعدت إلى مفعولين؛ لأنها منقولة بالهمزة من «رأى»، ولا يحسن ذلك في المعنى؛ لأن الأحكام بين الناس لا تدرك بالبصر إنما تدرك بالنظر والرأي، فيما عدم فيه النص، فلما امتنع أن يكون من البصر ومن العلم لم يبق إلا أن يكون من الرأي على ما ذكرنا، ولو كانت من العلم لتعدت إلى ثلاثة مفعولين، لأنها أيضًا منقولة بالهمز من «رأى» من العلم الذي يتعدى إلى مفعولين، فالهمزة تزيد في التعدي أبدًا مفعولًا، وهو الاختيار؛ لأن الأكثر عليه، ولصحة معناه.
15- وحجة من ضم التاء وكسر الراء أنه جعله أيضًا من الرأي، إلا أنه نقله إلى الرباعي، فهو مستقبل، أريته الشيء، إذا جعلته يعتقده، فالمعنى:
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/226]
فانظر ماذا تحملني عليه من الرأي فيما قلت لك، هل تصبر أم تجزع. وقيل: جواب الذبيح في قوله: {ستجدني إن شاء الله من الصابرين} فهو يتعدى إلى مفعولين، يجوز الاقتصار على أحدهما، كـ «أعطى» فالمفعول الهاء المحذوفة إذا جعلت «ما» ابتداء و«ذا» بمعنى الذي خبر «ما» وإن شئت كان المفعول «ماذا» تجعلهما اسمًا واحدًا في موضع نصب بـ «ترى» والمفعول الثاني محذوف، أي: ماذا تريناه من الرأي، وقيل: معنى فتح التاء: ماذا تأمر به، ومعنى ضمها: ماذا تشير به، وهذا الحرف أماله أبو عمرو وحده، وقرأه ورش بين اللفظين، وفتحه عاصم وابن كثير وابن عامر وقالون). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/227]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {مَاذَا تُرِي} [آية/ 102] بضم التاء وكسر الراء مشبعةً:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه مضارع أريته، يقال: رأى زيدٌ الشيء، وأريته إياه، وهي من رؤية البصر، ويجوز أن يقتصر في هذا على أحد المفعولين نحو أعطيته، والمفعول الأول ههنا محذوفٌ، والمفعول الثاني هو ما تقدم من قوله {ماذا}.
و{ماذا} يجوز أن يكون اسمًا واحدًا منزلة أيٍ، والمعنى أي شيءٍ تُرينا من تجلُّدك.
ويجوز أن يكون {ما} اسمًا مبتدأً، و{ذا} خبره، وهو اسم موصول بمنزلة الذي، و{تُرِي} صلته، والتقدير ما الذي تُرينا إياه، فيكون المفعولان محذوفين.
وقرأ الباقون {مَاذَا تَرَى} بفتح التاء.
والوجه أنه مضارع رأيت الرأي، وليس هو من الرؤية، بل من قولهم فلانٌ يرى رأي أبي حنيفة، والمعنى ما الذي تتخذه مذهبًا فيما ذكرت لك، هل تنقاد له وتقابله بالقبول، أم لا؟ وليس لهذا الفعل إلا مفعول واحد، فإن جعلت {ما} مع {ذا} اسمًا واحدًا فهو مفعول {تَرَى} تقدم عليه، وتقديره: أي شيءٍ ترى، وإن جعلت {ما} اسمًا مبتدأً، و{ذا} بمعنى الذي وهو خبره، و{تَرى} صلة ذا، فالمفعول به محذوف، والتقدير: ما الذي تراه، فحُذف ضمير المفعول به). [الموضح: 1090]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {يَا أَبَتَ افْعَلْ} [آية/ 102] بفتح التاء:
قرأها ابن عامر وحده.
وقرأ الباقون {يَا أَبَتِ} بكسر التاء.
وقد مضى وجه القراءتين في سورة يوسف). [الموضح: 1092]

قوله تعالى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ({فتله للجبين} [103] أي: صرعه وألقاه على وجهه لئلا يرى وجهه فيرحمه. فلما عرف الله طاعة إبراهيم صلى الله عليه وسلم إياه، وطاعة ابنه إياه شكر الله تعالى لهما بذلك، ففداه بذبح عظيم بكبش قد رعي في الجنة أربعين خريفًا.
واختلف الناس في الذبيح؟ فقال قوم: إسحق، وقال آخرون:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/248]
إسماعيل عليهما السلام. واحتجوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا ابن الذبيحين»، وبقوله تعالى: {وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين} [112]، قال: فكيف تكون البشارة مع الذبح؟!
واحتج الآخرون فقالوا: {وفديناه} [107] أي: وفدينا إسحاق، وبشرنا إبراهيم بنبوة إسحاق بعد أن فداه صلى الله عليه وسلم. فمن قال: إسحاق، فعلي وابن مسعود وكعب الأحبار. ومن قال إنه إسماعيل، فإنه عمر ومحمد بن كعب القرظي وسعيد بن المسيب. ومن قال: إنه إسحاق قال كان في إسحق بشارتان. فبشرناه بغلام حليم، وبشرناه بإسحاق نبيًا من الصالحين. ومعنى {تله}: صرعه كما أخبرتك. وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن جبريل عليه السلام أتاه بمفاتيح خزائن الأرض فتلها في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم» فمعناه: صبها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/249] (م)
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب وابن عباس وابن مسعود ومجاهد والضحاك والأعمش والثوري وجعفر بن محمد: [فَلَمَّا سَلَّمَا]، بغير ألف ولام مشددة.
قال أبو الفتح: أما {أَسْلَمَا} ففوضا وأطاعا، وأما [سَلَّمَا] فمن التسليم، أي: سلما أنفسهما وآراءهما كالتسليم باليد لما أُمِرَا به، ولم يخالفا ما أُرِيدَ منهما من إجماع إبراهيم عليه السلام الذبح، وإسحاقَ الصبر). [المحتسب: 2/222]

قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104)}
قوله تعالى: {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105)}
قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ (106)}
قوله تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)}
قوله تعالى: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108)}
قوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109)}
قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110)}
قوله تعالى: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111)}
قوله تعالى: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (112)}
قوله تعالى: {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ (113)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس