عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 02:48 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة يس
[ من الآية (37) إلى الآية (44) ]

{وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ (37) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ (43) إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44)}


قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ (37)}
قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38)}

قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن مسعود وابن عباس وعكرمة وعطاء بن أبي رياح وأبي جعفر محمد بن علي وأبي عبد الله جعفر بن محمد وعلي بن حسين: [وَالشَّمْسُ تَجْرِي لَا مُسْتَقَرَّ لَهَا]، بنصب الراء.
قال أبو الفتح: ظاهر هذا الموضع ظاهر العموم، ومعناه معنى الخصوص؛ وذلك أن "لا" هذه النافية الناصبة للنكرة لا تدخل إلا نفيا عاما؛ وذلك أنها جواب سؤال عام، فقولك: لا رجل عندك. جواب هل من رجل عندك؟ فكما أن قولك: هل من رجل عندك، سؤال عام، أي: هل عندك قليل أو كثير من الجنس الذي يقال لواحده رجل؟ فكذلك ظاهر قوله: [لِا مُسْتَقَرَّ لَهَا] نفي أن تستقر أبدا، ونحن نعلم أن السموات إذا زُلْنَ بطل سير الشمس أصلا، فاستقرت مما كانت عليه من السير. ونعوذ بالله أن نقول: إن حركتها دائمة كما يذهب مُحَبَّنُو الملحدة، فهذا إذًا -في لفظ العموم بمعنى الخصوص- بمنزلة قوله:
أَبْكِي لفَقْدِكَ ما ناحَتْ مُطوَّقةً ... وما سما فَنَنٌ يومًا عَلَى ساقِ
ونحن نعلم أن أقصى الأعمار الآن إنما هو مائة سنة ونحوُها، أي: لو عشت أبدا بكيتك. فكذلك [لِا مُسْتَقَرَّ لَهَا] ما دامت السموات على ما هي عليه. وقد تقدم ذكرنا باب المجاز في كتابنا الخصائص، وأنه أضعاف الحقيقة قولا واحدا). [المحتسب: 2/212]

قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (والقمر قدّرناه منازل (39)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو (والقمر قدّرناه) بالرفع.
وقرأ الباقون (والقمر). نصبًا.
قال أبو منصور: من نصب فالمعنى: وقدّرناه القمر منازل.
ومن رفع فعلى معنى: وآية لهم القمر قدّرناه.
ويجوز أن يكون مرفوعًا على الابتداء، و(قدّرناه) خبرًا). [معاني القراءات وعللها: 2/307]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {والقمر قدرناه منازل} [39].
قرأ أهل الكوفة وابن عامر: {والقمر} نصبًا بإضمار فعل يفسره ما بعده أي: قدرنا القمر قدرناه.
والباقون يرفعون: {والقمر} فمن رفع جعله ابتداء و{قدرناه} خبره، والهاء مفعول. قال الشاعر:
والذئب أخشاه إن مررت به = وحدي وأخشي الرياح والمطرا
ومثل «القمر» حين يهل ثم يعظم ويستدير ثم ينقص ويدق بالعرجون وهو اليابس من الشماريخ.
وقال الفراء: العرجون: ما بين الشماريخ إلى النابت في النخلة
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/232]
والقديم ها هنا الذي قد أتي عليه سنة، وأما قول الشاعر:
لو يدب الحولي من ولد الذ = ر عليها لاندبتها الكوم
فإن ثعلبًا قال: الحولي ها هنا: ما أتي عليه يوم واحد؛ لأن الذر لا يعيش سنة، والعرب تشبه انتقاص المرء بعد كبره بزيادة القمر ونقصانه. وكذلك إذا ولد؛ لن القمر يهل صغيرًا ثم يعظم ثم ينقص، كذلك يكون الرجل طفلاً، ثم شرخًا، ثم يستوي شبابه، ثم يشيخ، ثم ينقص، قال الشاعر:
مهما يكن ريب المنون فإنني = أري قمر الدنيا المعذب كالفتي
يهل صغيرًا ثم يعظم ضوؤه = وصورته حتى إذا ما هو انتهي
يقارب يخبو ضوؤه وشعاعه = ويمصح حتى يستسر فلا يرى
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/233]
كذلك زيد المرء ثم انتقاصة = وتكراره في أمره بعد ما انقضي
قال الله تعالى وهو أصدق قيلاً: {الله الذي خلقكم م ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفًا وشيبة} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/234]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في نصب الرّاء ورفعها من قوله سبحانه: والقمر قدرناه [يس/ 39] فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: والقمر* رفعا.
وقرأ الباقون: والقمر نصبا.
قال أبو علي: الرّفع على قوله وآية لهم القمر قدّرناه منازل، مثل قوله: وآية لهم الليل نسلخ منه النهار [يس/ 37] وكأن التقدير:
وآية لهم اللّيل نسلخ منه النهار، وآية لهم القمر قدّرناه منازل، فهو
[الحجة للقراء السبعة: 6/39]
على هذا أشبه بالجمل التي قبلها. والقول في آية* أنّها ترتفع بالابتداء، ولهم صفة للنكرة، والخبر مضمر تقديره: وآية لهم في المشاهد أو في الوجود، وقوله: الليل نسلخ منه النهار، والقمر قدرناه منازل: تفسير للآية، كما أنّ قوله: لهم مغفرة [المائدة/ 9] تفسير للوعد وللذكر مثل حظ الانثيين [النساء/ 11] تفسير للوصية، ومن نصب فقد حمله سيبويه على: زيدا ضربته، قال: وهو عربي، ويجوز في نصبه وجه آخر، وهو أن تحمله على نسلخ الذي هو خبر المبتدأ على ما أجازه سيبويه من قولهم: زيد ضربته وعمرو أكرمته [وعمرا أكرمته] على أن تحمله مرة على الابتداء، ومرة على الخبر الذي هو جملة من فعل وفاعل، وهي تجري من قوله سبحانه: والشمس تجري لمستقر لها [يس/ 38] والقمر قدرناه [يس/ 39] ). [الحجة للقراء السبعة: 6/40]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({والقمر قدرناه منازل}
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو و(القمر قدرناه) بالرّفع وقرأ الباقون بالنّصب والنّصب على وقدرنا القمر قدرناه قال سيبويهٍ كما تقول زيدا ضربته تضمر ضربت وإنّما جاز ذلك لأنّك قد أظهرت الضّرب بعد زيد فجاز لك أن تضمره قبل زيد والرّفع على قوله وآية لهم القمر قدرناه مثل قوله و{وآية لهم اللّيل نسلخ منه النّهار} ويجوز أن يكون على الابتداء و{قدرناه} الخبر). [حجة القراءات: 599]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (9- قوله: {والقمر قدرناه} قرأه الكوفيون وابن عامر بالنصب، وقرأ الباقون بالرفع.
وحجة من نصب أنه نصبه على إضمار فعل تفسيره {قدرناه}، تقديره: وقدرنا القمر قدرناه منازل، أي ذا منازل، وقيل: معناه قدرناه منازل، ويجوز أن يكون جاز النصب فيه ليحمل على ما قبله مما عمل فيه الفعل، وهو قوله: {نسلخ منه النهار} «37» فعطف على ما عمل فيه الفعل، فأضمر فعلا يعمل في {القمر} ليعطف فيه الفعل على ما عمل فيه الفعل.
10- وحجة من رفع، وهو الاختيار؛ لأن عليه أهل الحرمين وأبا عمرو أنه قطعه مما قبله، وجعله مستأنفًا، فرفعه بالابتداء، و{قدرناه} الخبر، ويجوز أن يكون رفعه على العطف على قوله: {وآية لهم} «41»، فعطف جملة على جملة، والآية في قوله: {وآية لهم} رفعٌ بالابتداء، و{لهم} صفة لـ «الآية»، والخبر محذوف، تقديره: وآية لهم في المشاهدة، أو في الوجود، وقوله: {الأرض الميتة} «33» و{الليل نسلخ منه النهار} «37» و{القمر قدرناه} كله تفسير للآية، جارٍ على ما يجب له من الإعراب، فهو مثل قوله: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات} «المائدة 9» ثم قال مفسرًا للوعد ما هو، فقال: {لهم مغفرة وأجرٌ عظيم}، ومثله: {للذكر مثل حظ الأنثيين} «النساء 11» وهو تفسير للوصية في قوله: {يوصيكم
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/216]
الله في أولادكم}، ثم فسر ما الوصية فقال: {للذكر مثل حظ الأنثيين} وما بعده). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/217]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {وَالْقَمَرُ قَدَّرْنَاهُ} [آية/ 39] بالرفع:
قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب ح- و-ان-.
والوجه أن قوله {وَالْقَمَرُ} رفعٌ بالابتداء، وقوله {قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} خبره، والجملة في تفسير الآية في قوله {وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ}؛ فكأنه قال: وآيةٌ لهم الشمس تجري وآيةٌ لهم القمر قدرناه، كما أن قوله تعالى {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} تفسير الوعد، وقد سبق مثله.
وقرأ ابن عامر والكوفيون ويعقوب يس- {وَالْقَمَرَ} بالنصب.
[الموضح: 1073]
والوجه أن انتصابه إنما هو بفعل مضمر يفسره الذي بعده، والتقدير: وقدرنا القمر، ثم فسر الفعل المضمر فقال {قَدَّرْنَاهُ} ). [الموضح: 1074]

قوله تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)}
قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أنّا حملنا ذرّيّتهم (41)
قرأ ابن عامر ونافع (أنّا حملنا ذرّيّاتهم) جماعة.
وقرأ الباقون (ذرّيّتهم) واحدة.
قال أبو إسحاق: خوطب بهذا أهل مكة.
وقيل: (حملنا ذرّيّتهم) لأن من حمل مع نوح في الفلك فهم آباؤهم، وهم ذرياتهم.
[معاني القراءات وعللها: 2/307]
والذرية في كلام العرب تقع على الآباء والأبناء والنساء.
وقول عمر: حجوا بالذرية، أراد بها: النساء - ها هنا -.
ورأى النبي - صلى الله عليه - امرأة مقتولة في بعض مفازاته، فنهى عن قتل الذرية.
وقول الله - عزّ وجلّ - (ألحقنا بهم ذرّيّتهم)، أي: أولادهم.
وقيل الذرّية مأخوذ من قولك: ذرأ اللّه الخلق يذرؤهم، أي: خلقهم.
قال اللّه: (ولقد ذرأنا لجهنّم كثيرًا)، وهذا على قول من جعل
أصل الذريّة مهموزا فيترك فيه الهمز.
وفهم من جعلنا أصله من ذررت، من باب المضاعف.
وقد مرّ تفسيره فيما تقدم). [معاني القراءات وعللها: 2/308]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {أنا حملنا ذريتهم} [41].
قرأ نافع وابن عامر: {ذرياتهم} على الجماع إذ كان في المصحف مكتوبًا بالألف.
وقرأ الباقون بالتوحيد: {ذريتهم} وكذلك في مصاحفهم، وإنما كسرت التاء في جمع؛ لأنها غير أصيلة، وذريته تكفي من الذريات كما قال: {ذرية بعضها من بعض} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/239]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الجمع والتوحيد من قوله: أنا حملنا ذريتهم في الفلك [يس/ 41] فقرأ نافع وابن عامر: ذرياتهم* جماعا، وقرأ الباقون: ذريتهم واحدة.
الذّرّيّة: تكون جمعا وتكون واحدا، فالواحد قوله: هب لي من لدنك ذرية [آل عمران/ 38] فهذا بمنزلة هب لي من لدنك وليا يرثني [مريم/ 5 - 6]. والجماعة يدلّ عليها قوله: ذرية ضعافا [النساء/ 9] فمن جمع فكما جمع أسماء الجمع، ومن لم يجمع ما كان جمعا في المعنى فكما تفرد أسماء الجمع ولا تجمع). [الحجة للقراء السبعة: 6/46]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وآية لهم أنا حملنا ذرّيتهم في الفلك المشحون}
[حجة القراءات: 599]
قرأ نافع وابن عامر (وآية لهم أنا حملنا ذرياتهم) على الجمع وحجتهم أنّها مكتوبة في مصاحفهم بالألف
وقرأ الباقون {ذرّيتهم} على التّوحيد وحجتهم أن الذّرّيّة تكون جمعا وتكون واحدًا فالواحد قوله {هب لي من لدنك ذرّيّة} والجمع قوله {ذرّيّة ضعافا} ). [حجة القراءات: 600]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (11- قوله: {حملنا ذريتهم} قرأ نافع وابن عامر بالجمع، لكثرة ذرية من حمل في الفلك، وقرأ الباقون بالتوحيد، لأنه يدل على الجمع، كما قال: {ذرية من حملنا مع نوح} «الإسراء 3» وقد تقدمت علة هذا، والجمع أحب إلي لأنه أدل على المعنى). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/217]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {ذُرِّيَّاتِهِمْ} [آية/ 41] بالجمع:
قرأها نافع وابن عامر ويعقوب.
وقرأ الباقون {ذُرِّيَّتَهُمْ} على الوحدة.
والوجه فيهما قد تقدم في سورتي الفرقان والأعراف). [الموضح: 1074]

قوله تعالى: {وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42)}
قوله تعالى: {وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ (43) }
قوله تعالى: {إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس