عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 05:27 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة طه

[ من الآية (65) إلى الآية (70) ]
{ قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70)}

قوله تعالى: {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65)}

قوله تعالى: {قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يخيّل إليه من سحرهم أنّها تسعى (66)
قرأ عبد اللّه بن عامر (تخيّل إليه) بالتاء وفتح الخاء، وقرأ الباقون (يخيّل إليه) بالياء مضمومة وفتح الخاء.
قال أبو منصور: من قرأ (تخيّل) بالتاء فالمعنى تخيل الحبال والعصيّ إلى موسى أنها تسعي، ومن قرأ (يخيّل إليه) فلا إضمار فيه؛ لأن اسم ما لم يسم فاعله (أنّ) من قوله (أنّها تسعى)، وهي بمنزلة المصدر، وموضعها رفع، ولا علامة للرفع فيها؛ لأنها إذا حولت إلى الأسماء فمعنى (يخيّل إليه من سحرهم أنّها تسعى) يخيّل إليه من سحرهم سعيها.
[معاني القراءات وعللها: 2/153]
قال أبو منصور: ومعناه أنه يراها تسعى، ولا تسعى، ولكنه تخييل من السحرة وكيدهم). [معاني القراءات وعللها: 2/154]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (13- قوله تعالى: {يخيل إليه} [66].
قرأ ابن عامرٍ -برواية ابن ذكوان وحده بالتاء. رده على الحبال والعصى، لأنها جمع، وجمع كل ما لا يعقل بالتأنيث.
وقرأ الباقون بالياء ردوه على السحر). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/43]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن والثقفي: [تُخَيَّلُ]، بالتاء.
قال أبو الفتح: هذا يدل على أن قوله تعالى : {أَنَّهَا تَسْعَى} بدل من الضمير في [تُخَيَّلُ] وهو عائد على الحبال والعصي، كقولك: إخوتك يعجبونني أحوالهم. فأحوالهم بدل من الضمير العائد عليهم بدل الاشتمال.
ومنه قوله تعالى : {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} فيمن جعل "الأبواب" بدلا من الضمير في "مفتحة"، وهذا أمثل من أن يعتقد خلو [تُخَيَّلُ] من ضمير يكون ما بعده بدلا منه، لكن يؤنث الفعل لتضمن ما بعد أن لفظ التأنيث، كقراءة من قرأ: [لا تَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا] لأنه أسهل وأسرح من إتعاب الإعراب والتعسف به من باب إلى باب). [المحتسب: 2/55]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنّها تسعى}
قرأ ابن عامر (تخيل إليه) بالتّاء رده على الحبال والعصي وقرأ الباقون {يخيل إليه} بالياء المعنى يخيل إليه سعيها ويجوز أن ترده على السحر). [حجة القراءات: 457]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (18- قوله: {يخيل إليه} قرأه ابن ذكوان بالتاء، لتأنيث الحبال والعصي، والتأنيث قوي؛ لأنه أتى بعد المؤنث، وقرأ الباقون بالياء؛ لأنه فرّق بين المؤنث وفعله، ولأن التأنيث فيه غير حقيقي، و«إن» في قوله: {إنها} في قراءة من قرأ بالتاء في موضع رفع على البدل من المضمر المرفوع في {يخيل} وهو بدل الاشتمال، وهو في موضع رفع في قراءة من قرأ بالياء على المفعول الذ لم يسم فاعله، وقد ذكرنا ذلك في تفسير مشكل الإعراب بأشبع من هذا، وقد تقدم ذكر «أن أسر، ووعدنا، وابن أم» وشبهه فأغنى عن الإعادة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/101]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {تُخَيَّلُ إلَيْهِ}[آية/ 66] بالتاء:
قرأها ابن عامر ويعقوب- ح-.
والوجه أن في {تُخَيَّلُ}ضمير الحبال والعصي، والتقدير: فإذا حبالهم وعصيهم تخيل هي إليه، ثم أبدل قوله {أَنَّهَا تَسْعَى}من ضمير الحبال، فموضعه رفع.
[الموضح: 841]
وقرأ الباقون ويعقوب- يس- {يُخَيَّلُ}بالياء.
والوجه أن قوله {يُخَيَّلُ}مسند إلى المفعول به، {أَنَّهَا تَسْعَى}في موضع رفعٍ بإسناد الفعل إليه، والتقدير: يخيل سعيها إليه). [الموضح: 842]

قوله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67)}

قوله تعالى: {قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68)}

قوله تعالى: {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (تلقّف ما صنعوا (69)
قرأ ابن عامر (تلقّف ما) برفع الفاء، وقرأ الباقون (تلقّف) بسكون الفاء.
وخفف القاف حفص وحده، وسكن اللام (تلقف)
قال أبو منصور: من قرأ (تلقّف) بضم الفاء جعلها حالاً، المعنى جعلها متلقفة على حال متوقعة، ومثله قوله: (ولا تمنن تستكثر) أي: لا تمنن مستكثرًا.
ومن قرأ (تلقّف) جزما، أو (تلقف) فعلى جواب الأمر.
واللقف والتلقف: الأخذ في الهواء.
يقال: لقفته وتلقّفته وتزقّفته، إذا أخذته في الهواء بحذق وخفة يدٍ). [معاني القراءات وعللها: 2/154]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّما صنعوا كيد سحرٍ (69)
قرأ حمزة والكسائي بغير ألف، وقرأ الباقون (ساحرٍ)) على (فاعل).
قال أبو منصور: أكثر القراء على رفع (كيد سحرٍ)، وله وجهان:
أحدهما: أن يجعل (إنّما) حرفين، المعنى: إنّ الذي صنعوا كيد سحرٍ، والسحر: مصدر أضيف إليه (كيد).
والثاني: أن يكون (ما) بتأويل المصدر،
[معاني القراءات وعللها: 2/154]
المعنى: إن صنيعهم كيد سحرٍ.
ومن قرأ (كيد ساحرٍ) فهو على (فاعل)، وكل ذلك جائز، أراد: كيد ساحرٍ من السحرة). [معاني القراءات وعللها: 2/155]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (14- وقوله تعالى: {وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا} [69].
فيه أربع قراءات، قرأ ابن كثيرٍ في رواية البزي {تلقف ما صنعوا} بتشديد التاء، أراد تتلقف. فأدغم وجزم الفاء؛ لأنه جواب الأمر، والأمر مع جوابه كالشرط، والجزاء.
وروى حفص عن عاصم {تلقف} خفيفًا، جعله من لقف يلقف، والأول من تلقف يتلقف.
وقرأ ابن عامر، {تلقف} برفع الفاء، جعله فعلاً مستقبلاً فأضمر فاءً جوابًا للأمر. كأن التقدير: ألق عصاك فإنها تتلقف. ويجوز أن يكون جعل {تلقف} حالاً أي: ألق عصاك متلقفة. كما قال تعالى {ولا تمنن تستكثر} أي مستكثرًا.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/43]
وقرأ الباقون بإسكان الفاء، وتشديد القاف، وتخفيف التاء، أرادوا: تتلقف كقراءة ابن كثيرٍ، غير أنهم أسقطوا تاء. وابن كثيرٍ أدغم. ومعنى {ما يأفكون} أي: ما يختلقونه كذبًا؛ لأن سحرهم كان تمويهًا، واختلاقًا. فلما ألقي موسى عصاه، صارت ثعبانًا عظيمًا كالجان في تثنيها، وخفتها، فلقفت ما افتعلوه حتى زكنوا أنهم على ضلال. وأن الذي أتي به موسى حق، فقالوا {آمنا برب العالمين، رب موسى وهارون} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/44]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {إنما صنعوا كيد سحرٍ} [69].
قرأ أهل الكوفة {سحرٍ} بغير ألف.
وقأ الباقون، وعاصم {سحر}. فالساحر، الرجل، اسم الفاعل، مثل: قاتلٍ. والسحر، اسم الفعل. وإنما يكون حرفًا، وحرفين فإذا جعلت «ما» نصبًا بأن جعلت الكيد خبر «إن». {وصنعوا} صلة «ما» والتقدير: إن الذي صنعوه كيد سحر وهو كيد ساحر. وإن جعلت «ما» صلة، ونصبت «كيد» بـ «صنعوا»، كان صوابًا كما قال الله تعالى {إنما تعبدون من دون الله أوثنا} فلو رفعت الأوثان هناك، ونصبت الكيد ها هنا لكان صوابًا إلا أن القراءة سنة، ولا تحمل على ما تحمل عليه العربية). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/44]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى: {ولا يفلح الساحر حيث أتى} [69].
قال المفسرون، يقتل حيث وجد.
قال أبو عبد الله: السحر على ثلاثة أضربٍ:
إذا كان الساحر يمرض المسحور، ولا يقتل عزر. وإن كان يقتل بسحره
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/44]
قتل. وإن كان سحره بكلامٍ فيه كفر استتيب منه، فإن تاب منه وإلا ضربت عنقه.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم لما سحره بنات لبيد بن الأعصم حتى مرض مرضًا شديدًا. فلما برأ صلى الله عليه وسلم عفا عنه. وكان يلقاه فلا يتغير له كرمًا منه عليه السلام.
وأما السحر الحلال، هو، أن يكون الرجل ظريف اللسان، حسن البيان. فسحر الإنسان كلامه. فذلك سحر حلال. من ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من البيان لسحرًا وإن من الشعر لحكمًا».
ويقال: فلان ساحر العينين. وإن هروت ليطلع من جفنه إذا خلب الناس لحسن عينيه. فالسحر هناك حلال، والسرقة بالعين حلال.
أنشدني ابن مجاه:
يا حسن ما سرقت عيني وما انتهبت = والعين تسرق أحيانًا وتنتهب
إذا يد سرقت فالقطع يلزمها = والقطع في سرق بالعين لا يجب
وأما قوله: {إنما أنت من المسحرين}، قيل من المخدوعين. وقيل: قوله: {سحر} أي: رئة يأكل ويشرب. قال الشاعر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/45]
فإن تسألينا فيم نحن فإننا = عصافير من هذا النام المسحر). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/46]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد القاف وتخفيفها من قوله: (تلقف) [طه/ 69].
فقرأ ابن عامر وحده: (ما في يمينك تلقّف ما) برفع الفاء وتشديد القاف.
وروى حفص عن عاصم: تلقف خفيفة.
وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم: (تلقّف ما) مجزومة الفاء.
وروى النّبال عن ابن كثير: ما في يمينك تلقف خفيفة التاء كذلك قرأت على قنبل. وكان [ابن كثير] يشدّد التاء [والقاف] في رواية البزي وابن فليح: (ما في يمينك تلقّف).
وجه قول ابن عامر: (تلقّف) يرتفع على أنه في موضع حال، والحال يجوز أن يكون من الفاعل الملقي ومن المفعول الملقى، فإن جعلته من الفاعل الملقي جعلته المتلقف، وإن كان التّلقّف فى الحقيقة للعصا، ووجه جعل المتلقف للفاعل على أن التلقف بإلقائه كان، فجاز أن ينسب إليه، كما قال: وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى [الأنفال/ 17] فأضاف الرمي إلى الله سبحانه، وإن كان للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لما كان بقوّة الله وإقداره، ويجوز أن تكون الحال من المفعول، وقال فيه: (تلقّف) على حدّ قولك: هند تذهب، لأنه حمل الكلام على المعنى، والذي في يمينه عصا فأنثه، كما قال: (ومن تقنت منكن لله ورسوله) [الأحزاب/ 31] وكما قال: (فله عشر أمثالها) [الأنعام/ 160] فأنث الأمثال لما كانت في المعنى حسنات، ومثل هذا
[الحجة للقراء السبعة: 5/235]
في أنّ لفظ يفعل يكون فيه مرّة للمخاطب ومرّة للمؤنث الغائب قوله: يومئذ تحدث أخبارها [الزلزلة/ 4] فهذا على أن تكون: تحدث أنت أيها الإنسان، وعلى أن الأرض تحدث، فأما قوله:
... فإن تكن...... هواك الذي تهوى يصبك اجتنابها
فإن تهوى للغائبة لا غير، وجعلت (تلقف) حالا، وإن لم تتلقف بعد، كما جاء في التنزيل: هديا بالغ الكعبة [المائدة/ 95] وكما أجاز النحويون: مررت برجل معه صقر صائدا به غدا، وهذا النحو من الحال كثير في التنزيل وغيره.
وأما (تلقف) فعلى أن يكون جوابا كأنه: إن تلقه تلقف، وكذلك تلقف، ويجوز في (تلقّف) وتلقف أن يكون لك أيها المخاطب، ويجوز أن يكون للغيبة وعلى الحمل على المعنى، ومن خفّف التاء من تلقف ومن شدّد فقال: ما في يمينك تلقف، فإنما أراد: تتلقّف وهذا يكون على تتلقف أنت أيها المخاطب، وعلى تتلقّف في الآية أنه أدغم التاء في التاء، والإدغام في هذا ينبغي أن لا يجوز، لأن المدغم يسكن وإذا سكن لزم أن تجلب له همزة الوصل كما جلبت في أمثلة الماضي، نحو: ادّرأ وازّينت واطّيّروا، وهمزة الوصل لا تدخل على المضارع، ألا ترى أن من قال في تتّرس: اتّرس، لا يقول في المضارع: اتّرسون، ولا: اتّفكّرون، يريد: تتفكرون. وهذا يلزم أن يقوله من قال:
[الحجة للقراء السبعة: 5/236]
ما في يمينك تلقف وإنما لم تدخل همزة الوصل على المضارع، كما لم تدخل على اسم الفاعل، لأن كلّ واحد منهما مثل الآخر، وليس حكم الوصل أن يدخل على الأسماء المعربة إلا أن تكون المصادر الجارية على أفعالها، وإنما دخلت على هذه الأسماء القليلة التي دخلت عليها لما كانت محذوفة الأواخر، لأنه بذلك أشبه الأفعال المحذوفة منها، فأشبهت الأفعال التي للأمر عند النحويين.
وسألت أحمد بن موسى: كيف يبتدئ من أدغم؟ فقال كلاما معناه أنه يصير بالابتداء إلى قول من خفف ويدع الإدغام). [الحجة للقراء السبعة: 5/237]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح السين وكسرها، وإخراج الألف وإدخالها، وتسكين الحاء وكسرها من: كيد ساحر [طه/ 69]. فقرأ حمزة والكسائي: (كيد سحر) بغير ألف.
وقرأ الباقون: كيد ساحر بألف.
حجة: كيد ساحر أن الكيد للساحر في الحقيقة، وليس للسحر إلا أن تريد: كيد ذي سحر، فيكون في المعنى حينئذ مثل: كيد ساحر، ويقوّي ذلك: (تلقّف ما صنعوا إنّما صنعوا كيد ساحر)، والسحر لا يمتنع أن يضاف إليه الكيد على التوسع، وزعموا أنه قراءة الأعمش). [الحجة للقراء السبعة: 5/237]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنّما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح السّاحر حيث أتى} 69
قرأ ابن عامر {تلقف} برفع الفاء جعله فعلا مستقبلا فأضمر فاء يكون جواب الأمر كأنّه التّقدير ألق عصاك فإنّها تلقف قال الزّجاج ويجوز الرّفع على معنى الحال كأنّه قال ألقها ملقفة على حال متوقعة كما قال {ولا تمنن تستكثر} أي مستكثرا
وقرأ حفص {تلقف} ساكنة اللّام جعله من لقف يلقف وجزم الفاء لأنّه جواب الأمر والأمر مع جوابه كالشرط والجزاء
وقرأ الباقون {تلقف} بالتّشديد من تلقف يتلقف والأصل
[حجة القراءات: 457]
تتلقف فحذفوا إحدى التّاءين وابن كثير أدغم التّاء في التّاء في رواية البزي
قرأ حمزة والكسائيّ (كيد سحر) بغير ألف وقرأ الباقون {كيد ساحر} وحجتهم ذكرها اليزيدي فقال السحر ليس له كيد إنّما الكيد للساحر يقوي هذا قوله {ولا يفلح السّاحر حيث أتى}
وحجّة من قرأ بغير ألف هي أن الكيد إذا كان بالسحر جاز أن يضاف إليه لأنّه به ومنه ومن سببه قال الله جلّ وعز و{والنّهار مبصرا} لأنّه يبصر فيه ومثله كثير). [حجة القراءات: 458]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (19- قوله: {تلقف} قرأه ابن ذكوان بالرفع، وجزمه الباقون، وخففه حفص، وشدده الباقون.
وحجة من رفعه أنه جعله حالًا من الملقي، كأنه المتلقف وإن كانت «العصا» هي المتلقفة فجعل التلقف له، لما كان بإلقائه، كما قال: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} «الأنفال 17» فأضاف الرمي إلى نفسه، لا إله إلا هو، وإن كان الرمي في الظاهر من النبي صلى الله عليه وسلم، وحسن ذلك،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/101]
لأنه بقدرة الله عز وجل وقوته ومشيئته كان الرمي، ويجوز رفع {تلقف} على أن تكون حالًا من المفعول، وهو {ما} وهو {العصي} وهو أبين.
20- وحجة من جزم أنه جعله جوابًا للأمر في قوله: {وألق}، وجواب الأمر كجواب الشرط، وقد ذكرنا علة التخفيف فيما تقدم). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/102]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (21- قوله: {كيد ساحر} قرأه حمزة والكسائي «سحر» بغير ألف، وقرأ الباقون {ساحر} بألف.
وحجة من قرأ بألف أنه لما أضيف إليه «الكيد» أتى بـ {ساحر} دون «سحر» أن «الكيد» إنما يضاف إلى «الساحر» ولا يضاف إلى «السحر».
22- وحجة من قرأ «سحر» بغير ألف أنه على إضمار تقديره: كيد ذي سحر، فهي كالقراءة الأولى، أضيف «الكيد» إلى فاعل السحر فيهما، وقد ذكرنا الاختلاف في {يأته مؤمنًا} «75» وعلته، وقد روي عن قالون أنه يصل الهاء بياء كورش، وروي عنه أنه يكسرها من غير ياء، وهو الأشهر). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/102]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {تَلْقَفْ}[آية/ 69] بتشديد القاف ورفع الفاء:
قرأها ابن عامر وحده.
والوجه أن أصله: تتلقف، فحذف إحدى التائين، وقد مضى مثله، والتلقف: أخذ الشيء بسرعة، والمعنى تبتلع.
ووجه الرفع فيه: أنه حال، والمعنى: ألق ما في يمينك متلقفة ما صنعوا، أي: مبتلعة، والتاء في تلقف تاء التأنيث، وإنما أنث ما في يمينه حملاً على المعنى؛ لأنه كان عصًا، والعصا مؤنثة، كأنه قال: وألق عصاك تلقف، ولفظ ما يأتي للتذكير والتأنيث والتثنية والجمع.
ويجوز أن يكون التاء للمخاطبة على أن يكون الفعل للملقي، كأنه هو المتلقف، كأنه قال تلقف أنت ما صنعوا، أي تأخذه فتفنيه؛ لأن الفعل قد ينسب إلى فاعل السبب، فكذلك يجوز أن ينسب التلقف ههنا إلى ملقي العصا، وإن كان المتلقف هو العصا، كذا ذكره أبو علي.
وروى- ص- عن عاصم {تَلْقَفْ}بسكون اللام وتخفيف القاف وجزم الفاء.
[الموضح: 842]
والوجه أن الفعل من لقفت الشيء على فعلت بكسر العين، بمعنى تلقفته، والجزم في {تَلْقَفْ}من أجل أنه جواب للأمر، وهو قوله تعالى {وأَلْقِ}، وما كان جوابًا للأمر كان مجزومًا؛ لأنه على تقدير جواب الشرط، كأنه قال: وألق ما في يمينك فإنك إن تلقه تلقف.
ووجه التاء قد تقدم.
وقرأ الباقون {تَلْقَفْ}مشددة القاف مجزومة الفاء.
وقد سبق وجه صيغة الكلمة، وأنها من التفعل على حذف إحدى التائين، ووجه التأنيث فيها، ووجه الجزم.
وشدد التاء ابن كثير، وخففها الباقون.
والوجه أن الأصل تتلقف فأدغم التاء في التاء، وهذا ضعيفٌ؛ لأن الإدغام لا يجوز في مثل ذلك، فإن المدغم من الحرفين يسكن، فيلزم اجتلاب ألف الوصل له، وألف الوصل لا تدخل على المضارع، وهذا الإدغام إنما يكون في حال الوصل والإدراج، فأما إذا ابتدأ بالكلمة فإنه يصير إلى مذهب من يخفف). [الموضح: 843]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {كَيْدُ سِحِرٍ}[آية/ 69] بغير ألف:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أن إضافة الكيد إلى السحر إضافة بمعنى من، كأنه قال: كيد من
[الموضح: 843]
سحر.
ويجوز أن تكون إضافته إليه على سبيل التوسع وجعل السحر كائداً مجازاً.
ويجوز أن يكون على حذف المضاف، والمراد: كيد ذي سحرٍ، أي: كيد ساحرٍ، والإضافة على هذا بمعنى اللام.
وقرأ الباقون {كَيْدُ سَاحِرٍ}.
والوجه أنه على إضافة المصدر إلى فاعله، وهذا هو الظاهر؛ لأن الكيد في الحقيقة للساحر لا للسحر، إلا أن يحمل على ما ذكرناه). [الموضح: 844]

قوله تعالى: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس