عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 07:15 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يوسف
[ من الآية (1) إلى الآية (6) ]

{الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6)}

قوله تعالى: {الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1)}
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قد تقدم ذكر الإمالة وعلتها في «الر والمر» ونحوه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/3]

قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)}

قوله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)}

قوله تعالى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- [قوله تعالى: {يا أبت إني ...} [4].
قرأ ابن عامر وحده: {يا أبت} بفتح التاء، أراد: يا أبتاه فرخم.
وقرأ الباقون {يا أبت} بكسر التاء، أرادوا: يا أبتي فحذفوا الياء للنداء كما تقول: رب اغفر لي.
ووقف ابن كثير وابن عامر إن شاء الله {يا أبه} والباقون يقفون بالتاء.
وقال البصريون: يا أبه ويا أبي سواء، ويا عمه ويا عمي، فيجوز أن تكون قراءة ابن عامر يا أبه ثم رخم الهاء ثم ردها وتركها على فتحها، كما تقول العرب: يا طلحة أقبل، يريدون يا طلح، فلما رخموا الهاء ردوها بعد أن حذفوها وتركوها مفتوحة لفتحة الهاء، قال النابغة:
كليني لهم يا أميمة ناصب = وليل أقاسيه بطيء الكواكب
أراد: يا أميم، ثم رد الهاء وترك الهاء مفتوحة فهذا قول البصريين وقال غيرهم: أراد: يا أميمتاه، قال الراجز.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/298]
فيا أبى ويا أبه
حسنت إلا الرقبه
فحسننها يا أبه
كيما تجيء الخطبه
بإبل محنجيه
للفحل فيها قبقبه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/299]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كسر التاء وفتحها من قوله: يا أبت [يوسف/ 4].
فقرأ ابن عامر وحده: يا أبت* بفتح التاء في جميع القرآن.
وقرأ الباقون: بكسر التاء.
وابن كثير يقف على الهاء ب يا أبه وكذلك ابن عامر فيما أرى. والباقون يقفون بالتاء وهم يكسرون.
قال أبو علي: من فتح يا أبت* فله وجهان: أحدهما:
أن يكون مثل: يا طلحة أقبل. ووجه قول من قال: يا طلحة، أن هذا النحو من الأسماء التي فيها تاء التأنيث أكثر ما يدعى مرخّما، فلمّا كان كذلك ردّ التاء المحذوفة في الترخيم إليه، وترك الآخر يجري على ما كان عليه في الترخيم من الفتح، فلم يعتدّ بالهاء، وأقحمها، كما أن أكثر ما تقول: اجتمعت اليمامة، وهو يريد أهل اليمامة، فردّ الأهل ولم يعتدّ به، فقال:
[الحجة للقراء السبعة: 4/390]
اجتمعت أهل اليمامة، فجعله على ما كان يكون عليه من الكثرة.
والوجه الآخر: أن يكون أراد: يا أبتا فحذف الألف كما يحذف التاء، فتبقى الفتحة دالّة على الألف، كما أن الكسرة تبقى دالة على الياء، والدليل على قوة هذا الوجه كثرة ما جاء من هذه الكلمة على هذا الوجه كقول الشاعر:
وقد زعموا أني جزعت عليهما* وهل جزع أن قلت وا بأباهما وكقول رؤبة:
وهي ترثي يا أبا وابنيما وقال الأعشى:
ويا أبتا لا تزل عندنا* فإنّا نخاف بأن تخترم وقال رؤبة: يا أبتا علّك أو عساكا وقال آخر:
[الحجة للقراء السبعة: 4/391]
يا أبتا ويا أبه* حسنت إلا الرّقبه فلما كثرت هذه الكلمة في كلامهم هذه الكثرة ألزموها القلب والحذف على أن أبا عثمان قد رأى أن ذلك مطّردا في جميع هذا الباب.
وأما وقف ابن كثير على الهاء وقوله: يا أبه، فإنما وقف بالهاء لأن التاء التي للتأنيث يبدل منها الهاء في الوقف، فيتغيّر الحرف في الوقف ولذلك كما غيّر التنوين فانفتح ما قبله بأن أبدل منه الألف، وكما غيّرت الألف بأن أبدل منها قوم الهمزة في الوقف، وتغييرات الوقف كثيرة، فإن قلت: هلّا أبدلت التاء ياء في الوقف، ولم تبدل منها الهاء، لأنه مّمن يكسر، فيقرأ:
يا أبت* وإذا كان كذلك، فالإضافة في الاسم مرادة، كما أنه لو أضاف صحّح التاء ولم يبدل منها الهاء، كذلك إذا وقف، وهو يريدها؛ قيل له: لا يلزم اعتبار الإضافة، لأنه إذا وقف عليها سكنت للوقف، وإذا سكنت كانت بمنزلة ما لا يراد فيه الإضافة، فتبدل منها الهاء، كما أنه إذا قال: يا طلحة أقبل، ففتح التاء ووقف عليها، أبدل التاء، فقد ساوى ما يراد به الإضافة ما لا يراد به الإضافة في الوقف، ويدلّ على صحة هذا أن سيبويه قال: لو رخّمت اسم رجل يسمى خمسة عشر، فحذفت الاسم الآخر للترخيم لقلت: يا خمسه، فأبدلت من التاء الهاء، ولم تصحّح التاء، وإن كان الاسم الآخر
[الحجة للقراء السبعة: 4/392]
المضموم إلى الصدر مرادا فيه، بدلالة ترك الآخر من الاسم الأوّل على الحركة التي كانت تكون عليها قبل أن تحذف الاسم الآخر للترخيم، فكذلك تبدل من التاء في يا أبت الهاء في الوقف، كما تبدل من سائر تاءات التأنيث الهاء في أكثر الاستعمال.
وأما ابن عامر، فإنه إن أراد بقوله: يا أبت* غير الإضافة وقف بالهاء، كما أنه لو نادى مثل طلحة وحمزة فوقف، وقف بالهاء، وإن أراد به الإضافة قال: يا أبت* فحذف الألف، كما حذف الباقون الياء في: يا عباد فاتقون [الزمر/ 16]، فوقف بالهاء كان كوقف ابن كثير بالهاء، وإن كان يريد الإضافة لكسر التاء في يا أبت.
قال أحمد: والباقون يقفون بالتاء، وهم يكسرون، ووقف الباقون بالتاء في: يا أبت وفصلوا بين هذا وبين رجل يسمّى: خمسة عشر، ثم يرخّم، وبين: يا طلحة زيد، لأن المضاف إليه على حرف واحد، فهو لذلك بمنزلة الحركة، من حيث كان حرفا واحدا، والحرف قد يكون بمنزلة الحركة، من حيث كان حرفا واحدا، والحرف قد يكون بمنزلة الحركة، والدالّ على الاسم المضمر هنا حركة، والحركة لا تكون في تقدير الانفصال من الكلمة، كما أن الحرف الواحد كذلك، كما يكون الاسم الثاني في نحو: خمسة عشر، والمضاف إلى المظهر نحو: طلحة زيد، لأن المضاف إليه هنا في الأصل على حرف واحد قد حذف، وتركت الحركة تدل عليه، والحركة لا تكون في تقدير الانفصال من الكلمة، كما يكون الاسم الثاني في نحو خمسة عشر، وطلحة زيد في تقدير
[الحجة للقراء السبعة: 4/393]
الانفصال، ألا ترى أن المضاف إلى الظاهر يفصل بينهما في نحو:
لله درّ اليوم من لامها ولا يجوز ذلك في الضمير إذا كان على حرف واحد، ولا في الحركة. فجعلوا الياء المحذوفة في تقدير الثبات كما جعلوا الحركة كذلك، ويدل على أن الحركة في تقدير الثبات تحريكهم الساكن الذي قبل الحرف الموقوف عليه بالحركة التي تجب للحرف الموقوف عليه في الإدراج نحو:
إذ جدّ النّقر فكذلك تكون الحركة فيمن قرأ: يا أبت، إذا وقف، وقف بالتاء، كما أن الحركة إذا كانت ثابتة كالحرف، وقد جرت الحركة المحذوفة في غير هذا الموضع مجرى المثبتة، ألا ترى أنهم قالوا: لقضو الرجل، فكانت الحركة المحذوفة بمنزلة المثبتة وكذلك الحركة، في قولهم:
رضي وغزي وشقي، وقد حكي أن قوما يقفون على التاء في الوقف ولا يبدلون منها الهاء. وأنشد أبو الحسن:
[الحجة للقراء السبعة: 4/394]
ما بال عين عن كراها قد جفت مسبلة تستنّ لما عرفت بل جوز تيهاء كظهر الحجفت أما ما أنشده أبو زيد وأبو الحسن من قول الشاعر:
تقول ابنتي لمّا رأتني شاحبا... كأنّك فينا يا أبات غريب
فالقول فيه: أنه ردّ المحذوف من الأب، وزاد عليها التاء كما تزاد إذا كان اللام ساقطا، كما ردّ اللام الأخرى في إنشاد من أنشد:
... تحيّزت... ثباتا عليها ذلّها واكتئابها
[الحجة للقراء السبعة: 4/395]
لا يكون إلا كذلك، لأن أحدا لا يقول: رأيت مسلماتا، قال سيبويه: من حذف التنوين من نحو:
تخيّرها أخو عانات شهرا.
لم يقل: حللت عانات فيفتح إنما يكسر التاء، وقد ردّوا هذا المحذوف مع التاء، كما ردّوه مع غير التاء في قولهم: غد وغدو، وقالوا سما، في قولهم اسم، فردّ اللام. حكاه أحمد بن يحيى). [الحجة للقراء السبعة: 4/396]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (قراءة الناس: {أَحَدَ عَشَرَ} بفتح العين، وأسكنها أبو جعفر ونافع بخلاف وطلحة بن سليمان.
قال أبو الفتح: سبب ذلك عندي أن الاسمين لما جُعلا كالاسم الواحد، وبُني الأول منهما لأنه كصدر الاسم، والثاني منهما لتضمنه معنى حرف العطف؛ لم يجز الوقف على الأول لأنه كصدر الاسم من عجزه، فجُعل تسكين أول الثاني دليلًا على أنهما قد صارا كالاسم الواحد، وكذلك بقية العدد إلى تسعة عشر، إلا اثنا عشر واثني عشر، فإنه لا يسكن العين لسكون الألف والياء قبلهما.
ومما يدلك على أن الاسمين إذا جريا مجرى الاسم الواحد بالتركيب عوملا في مواضع معاملته، ما حكاه أبو عمر الشيباني من قولهم في حضرموت: حَضْرَمُوت بضم الميم؛ ليكون كحَذْرفُوت وتَرْنَمُوت وعنكبوت، وهذا واضح). [المحتسب: 1/332]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إنّي رأيت}
قرأ ابن عامر {يا أبت} بفتح التّاء في جميع القرآن
وقرأ الباقون بكسر التّاء على الإضافة إلى نفسه الأصل يا أبي فحذفت الياء لأن ياء الإضافة تحذف في النداء كما يحذف التّنوين
[حجة القراءات: 353]
وتبقى الكسرة تدل على الياء كما تقول رب اغفر لي وفي التّنزيل {رب قد آتيتني من الملك} و{يا قوم} والأصل يا قومي فحذفت الياء وإنّما تحذف في النداء لأن باب النداء باب التّغيير والحذف وأما إدخال تاء التّأنيث في الأب فقال قوم إنّما دخلت للمبالغة كما تقول علامة ونسابة فاجتمع ياء المتكلّم والتّاء الّتي للمبالغة فحذفوا الياء لأن الكسرة تدل عليها
وقال الزّجاج إن التّاء كثرت ولزمت في الأب عوضا عن ياء الإضافة فلهذا كسرت التّاء لأن الكسرة أخت الياء ومن فتح فله وجهان أحدهما أن يكون أراد يا أبتا فأبدل من ياء الإضافة ألفا ثمّ حذف الألف كما تحذف الياء وتبقى الفتحة دالّة على الألف كما أن الكسرة تدل على الياء والوجه الآخر أنه إنّما فتح التّاء لأن هذه التّاء بدل من ياء المتكلّم واصل ياء المتكلّم الفتح فتقول يا غلامي وإنّما قلنا ذلك لأن الياء هو اسم والاسم إذا كان على حرف واحد فأصله الحركة فتكون الحركة تقوية للاسم فلمّا كان أصل هذه الياء الفتحة كان الواجب أن تفتح لأنّها بدل من الحرف الّذي هو أصله ليدل على المبدل
وقف ابن كثير وابن عامر (يا أبه) على الهاء وحجتهما أن التغييرات تكون في حال الوقف دون الإدراج فتقول رأيت زيدا فتقف عليه بالألف ووقف الباقون بالتّاء وحجتهم أن هذه التّاء بدل من الياء فكما أن الياء على صورة واحدة في الوصل والوقف فكذلك البدل يجب أن يكون مثل المبدل منه على صورة واحدة). [حجة القراءات: 354]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {يا أبت إني} قرأه ابن عامر فتح التاء في جميع القرآن وقرأ الباقون بالكسر، ووقف ابن كثير وابن عامر على {يا أبت} بالهاء، ووقف الباقون بالتاء.
وحجة من فتح التاء أنه قدر إثبات ياء الإضافة في النداء وهي لغة مستعملة في القرآن والكلام، قال تعالى ذكره: {قل يا عبادي الذين أسرفوا} «الزمر 53» و{يا عبادي الذين آمنوا} «العنكبوت 56» فلما أثبت الياء في المنادى أبدل الكسرة، التي قبل الياء، فتحة فانقلبت الياء ألفًا، ثم حذفت الألف لدلالة الفتحة عليها، وهذا عند المازني أصل مطرد حسن ويجوز أن تكون فتحة التاء في {يا أبت} بمنزلة فتحة التاء في «يا طلحة» ووجه ذلك أن أكثر ما يُدعى ما فيه تاء التأنيث بالترخيم، فردت التاء المحذوفة للترخيم، وترك الآخر من الاسم يجري في الحركة، على ما كان عليه، والتاء محذوفة فلم يعتد برد التاء، وأقحمها، فاستعملت مفتوحة، كما أن ما قبلها كان مفتوحًا عند حذف الهاء للترخيم، كذلك فعل في {يا أبت} والوجه الأول أقوى.
2- وحجة من كسر أنه أبقى الكسرة تدل على الياء المحذوفة في النداء، وأصله «يا أبتي» كما تقول: يا غلام أقبل، وهذه هي اللغة المستعملة الفاشية، وهي الاختيار.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/3]
3- وحجة من وقف بالتاء أن الياء مقدرة منوية، فكما أنه لو وقف بالياء لم يكن بد من التاء كذلك حكم الهاء مع عدم الياء من الفظ، لأن الياء مرادة مقدرة، وأيضًا فإنه اتبع خط المصحف في ذلك، فهي بالتاء في المصحف وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه، ولمتابعة خط المصحف الإمام في ذلك.
4- وحجة من وقف بالهاء أنه جعلها بمنزلة تاء رحمة ونعمة، فغيرها في الوقف، كما فعل بـ «رحمة ونعمة» ولم يتعد بالياء لأنها غير ملفوظ بها، ولأن الكسرة التي تدل على الياء تسقط في الوقف، وقد قال سيبويه: لو رخمت رجلًا اسمه خمسة عشرة لقلت: يا خمسه، فأبدلت من التاء هاء في الوقف، ولم تبق التاء؛ لأن الاسم الثاني قد انفصل، وزال الترخيم، فكذلك يجب أن تقف بالهاء على «يا أبتي» لأن التاء قد زالت وانفصلت من الاتصال بالياء، وزالت الحركة الدالة على الياء أيضًا، فأما من قرأ بفتح التاء، وقدره أنه مثل «يا طلحة أقبل» فجعل حركة التاء كحركة ما قبلها، فإنه يجب أن يقف بالهاء؛ لأنه لا شيء محذوف من آخر الكلام يقدر اتصاله بالتاء، فإن فتحت التاء في «يا أبت» على تقدير حذف ألف، هي بدل من الياء حسن فيه الوجهان، إن قدرت الألف، وقدرت الياء، وقفت بالتاء، لأن التاء تصير كالهاء متوسطة في التقدير، لأن الذي بعدها منوي مقدر، وإن لم تعتد بالألف ولا بالياء، لزوالهما من اللفظ، وقفت بالهاء، على ما ذكرنا أولًا في كسر التاء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/4]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {يَا أَبَتَ} [آية/ 4] بفتح التاء في كل القرآن:
قرأها ابن عامر وحده.
والوجه أن أصله يا أبتا بألف هي بدلٌ عن ياء الإضافة، فحُذفت الألف كما تُحذف الياء، فبقيت الفتحة تدل على الألف، كما تبقى الكسرة تدل على الياء عند حذف الياء.
ويجوز أن يكون على نية الترخيم، أراد يا أبةُ بالضم، فنوى الترخيم ففتح التاء، كما قالوا يا طلحة بفتح التاء أرادوا يا طلحَ بالترخيم، ثم ردوا التاء التي حُذفت للترخيم وتركوا آخر الكلمة على ما كان عليه في حال الترخيم من الفتحة، وجعلوا التاء غير مُعتدٍّ بها، ومن هذا قول النابغة:
59- كليني لهمٍ يا أميمة ناصب
بفتح التاء من أميمة، أراد يا أميم بالترخيم.
[الموضح: 666]
وقرأ الباقون {يا أَبَتِ} بكسر التاء في جميع القرآن.
والوجه أن أصله يا أبتي فحُذفت الياء تخفيفًا واكتفاءً بالكسرة؛ لأن باب النداء باب حذفٍ، وذلك نحو قوله تعالى {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ}.
ووقف ابن كثير (وابن عامر) ويعقوب على يا أبة بالهاء.
والوجه فيه أن التاء للتأنيث وهي مفردة عن الياء؛ لأن الياء محذوفة فينبغي أن يبدل منها في الوقف هاء، كما وقفوا على غير المضاف بالهاء فقالوا يا طلحهْ.
ووقف الباقون عليه بالتاء.
والوجه أن الكلمة مضافة إلى الياء، والياء المضاف إليها في نية الثبات وإن كانت محذوفة، ألا ترى أن الحركة الباقية في حال الوصل دالة عليها، ثم إن الياء التي أُضيف إليها هذا الاسم حرف واحد، فلا يجوز تقدير الانفصال فيه؛ لأن الحرف الواحد لا ينفصل.
وهذه التاء تاء التأنيث عند الأكثرين زيدت على الأب في حال النداء.
وذكر بعضهم أن الأب والأبة لغتان.
وقيل: التاء بدل من لام الكلمة المحذوفة وهي واو، بدلالة الأبوين). [الموضح: 667]

قوله تعالى: {قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال أحمد: كان الكسائيّ يميل قوله: رؤياي [100] ورؤياك [5] والرؤيا* [43] في كلّ القرآن. وروى أبو الحارث الليث بن خالد عن الكسائي أنه لم يمل هذا الحرف، لا تقصص رؤياك وحده، وأمال سائر القرآن. أبو عمر الدوري عن الكسائي الإمالة في ذلك كله، ولا يستثني.
وكان حمزة يفتح رؤياك والرؤيا*، في كل القرآن، وكذلك الباقون.
قال أبو علي: الرؤيا مصدر كالبشرى والسقيا، والبقيا، والشورى، إلا أنه لما صار اسما لهذا المتخيّل في المنام جرى مجرى الأسماء، كما أن درّا لما كثر في كلامهم في قولهم: لله درّك، جرى مجرى الأسماء، وخرج من حكم الإعمال، فلا يعمل واحد منهما إعمال المصادر.
وممّا يقوّي خروجه عن أحكام المصادر تكسيرهم رؤى.
فصار بمنزلة ظلم، والمصادر في أكثر الأمر لا تكسّر، والرؤيا على تحقيق الهمز، فإن خفّفت الرؤيا فقلبتها في اللفظ، ولم تدغم الواو في الياء وإن كانت قد تقدمتها ساكنة، كما تقلب نحو طيّ وليّ، لأن الواو في تقدير الهمزة، فهي لذلك غير لازمة، فإذا لم تلزم لم يقع الاعتداد فلم تدغم، كما لم تقلب
[الحجة للقراء السبعة: 4/398]
الأولى من ووري عنهما [الأعراف/ 20] لما كانت الثانية غير لازمة، ومن ثمّ جاز: ضو وشي في تخفيف ضوء وشيء، فبقي الاسم على حرفين أحدهما حرف لين، وجاز تحرّك حرف اللين، وتصحيحه مع انفتاح ما قبله، لأن الهمزة في تقدير الثبات، وقد كسر أولها قوم فقالوا: «ريّا» فهؤلاء قلبوا الواو قلبا على غير وجه التخفيف، ومن ثم كسروا الفاء، كما كسروه من قولهم: قرن ألوى، وقرون ليّ). [الحجة للقراء السبعة: 4/399]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {لَا تَقْصُصْ رُؤْياك} [آية/ 5] بالإمالة:
قرأها أبو عمرو والكسائي.
والوجه أنها على فُعلى فهي مؤنثة، والألف للتأنيث، وألف التأنيث يجوز فيها الإمالة؛ لأنها تجري مجرى المنقلب عن الياء، وقد بينا ذلك فيما سبق.
وقرأ الباقون بالفتح، إلا أن نافعًا يُضجعها قليلًا.
والوجه في الفتح أنه الأصل، والإمالة من الأحكام غير الواجبة.
وأما إضجاع نافع فإنه إمالة إلا أنها غير مشبعة، وإنما فعل ذلك لئلا يعود إلى الياء التي يهربون منها حين يقلبون الياءات ألفات). [الموضح: 668]

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس