عرض مشاركة واحدة
  #95  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 01:39 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) )

قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {وَأَنفِقوا في سَبيلِ اللهِ وَلا تُلقوا بِأَيديكُم إِلى التَهلُكَةِ}
أخبرنا سعيد بن محمد الزاهد قال: أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن الجنيد قال: حدثنا عبد الله بن أيوب قال: حدثنا هشيم عن داود عن الشعبي قال: نزلت في الأنصار أمسكوا عن النفقة في سبيل الله تعالى فنزلت هذه الآية. وبهذا الإسناد عن هشيم حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عكرمة قال: نزلت في النفقات في سبيل الله.
أخبرنا أبو بكر المهرجاني قال: أخبرنا أبو عبد الله بن بطة قال: أخبرنا أبو القاسم
البغوي قال: حدثنا هدبة بن خالد قال: حدثنا حماد بن سلمة عن داود عن الشعبي عن الضحاك بن أبي جبيرة قال: كانت الأنصار يتصدقون ويطعمون ما شاء الله فأصابتهم سنة فأمسكوا فأنزل الله عز وجل هذه الآية.
أخبرنا أبو منصور البغدادي قال: أخبرنا أبو الحسن السراج قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: حدثنا هدبة قال: حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن النعمان بن بشير في قول الله عز وجل: {وَلا تُلقوا بِأَيديكُم إِلى التَهلُكَةِ} قال: كان الرجل يذنب الذنب فيقول: لا يغفر لي فأنزل الله هذه الآية.
أخبرنا أبو القاسم بن عبدان قال: حدثنا محمد بن حمدويه قال: حدثنا محمد بن صالح بن هانئ قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أنس القرشي قال: حدثنا عبد الله بن يزيد المقري قال: أخبرنا حيوة بن شريح قال: أخبرني يزيد بن أبي حبيب أخبرني أسلم أبو عمران قال: كنا بالقسطنطينية وعلى أهل مصر عقبة بن عامر الجهني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أهل الشام فضالة بن عبيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج من المدينة صف عظيم من الروم وصففنا لهم صفًا عظيمًا من المسلمين فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم ثم خرج إلينا مقبلاً فصاح الناس فقالوا: سبحان الله ألقى بيديه إلى التهلكة فقام أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية على غير التأويل إنما أنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار إنا لما أعز الله تعالى دينه وكثر ناصريه فقلنا بعضنا لبعض سرًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أموالنا قد ضاعت فلو أنا أقمنا فيها وأصلحنا ما ضاع منها فأنزل الله تعالى في كتابه يرد علينا ما هممنا به فقال: {وَأَنفِقوا في سَبيلِ اللهِ وَلا تُلقوا بِأَيديكُم إِلى التَهلُكَةِ} في الإقامة التي أردنا أن نقيم في الأموال فنصلحها فأمرنا بالغزو فما زال أبو أيوب الأنصاري غازيًا في سبيل الله حتى قبضه الله عز وجل). [أسباب النزول:50 - 52]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [195]
1 - أسند الواحدي من طريق هشيم عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال نزلت في الأنصار أمسكوا عن النفقة في سبيل الله فنزلت هذه الآية
ومن طريق هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن عكرمة قال أنزلت في النفقة في سبيل الله
ومن طريق حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن الضحاك ابن أبي جبيرة قال كان الأنصار يتصدقون ويطعمون ما شاء الله فأصابتهم سنة فأمسكوا فأنزل الله هذه الآية
2 - قول آخر أسند الواحدي من طريق حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن النعمان بن بشير في قوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قال كان الرجل يذنب الذنب فيقول لا يغفر لي فأنزل الله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة
3 - قول آخر أسند الواحدي من طريق المقري عن حيوة بن شريح عن يزيد بن أبي حبيب اخبرني أسلم أبو عمران كنا بالقسطنطينية وعلى أهل مصر عقبة بن عامر وعلى اهل الشام فضالة بن عبيد فخرج من المدينة صف عظيم من الروم وصففنا لهم صفا عظيما من المسلمين فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم ثم خرج إلينا مقبلا فتصايح الناس فقالوا سبحان الله
ألقى بيده إلى التهلكة فقام أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله فقال يا أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية على غير التأويل وإنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار إنا لما أعز الله نبيه وكثر ناصريه قلنا بعضنا لبعض سرا من رسول الله إن أموالنا قد ضاعت فلو أنا أقمنا في أموالنا أصلحنا ما ضاع منها فأنزل الله تعالى كتابه يرد علينا ما هممنا به فقال وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة في الإقامة التي أردنا أن نقيم في الأموال فنصلحها فأمرنا بالغزو فما زال أبو أيوب غازيا في سبيل الله حتى قبضه الله عز وجل
قلت أما الأول فأخرجه أيضا ابن أبي حاتم والبغوي في معجم الصحابة وأبو علي بن السكن وقال تفرد به هدبة عن حماد والصواب أنه مرسل
وكذلك أخرجه الطبري من طريق معتمر بن سليمان عن داود بن أبي هند عن عامر وهو الشعبي ولفظه إن الأنصار كانوا احتبس عليهم بعض الرزق وكانوا قد أنفقوا نفقات فساء ظنهم وأمسكوا فأنزل الله عز وجل وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قال فكانت التهلكة سوء ظنهم وإمساكهم وجاء عن حماد بهذا السند حديث آخر في الألقاب وهو مقلوب والصواب
رواية شعبة ووهيب وغيرهما عن داود عن الشعبي عن أبي جبيرة بن الضحاك قال أبو نعيم وأخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما من هذا الوجه وقد وافق الشعبي على التأويل المذكور قتادة أخرجه الطبري من طريق معمر عنه قال في هذه الآية يقول لا تمسكوا بأيديكم عن النفقة في سبيل الله
ومن طريق خصيف عن عكرمة لما أمر الله بالنفقة فكان بعضهم يقول ننفق فيذهب ما لنا ولا يبقى شيء فقال أنفقوا ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة يقول أنفقوا وأنا أرزقكم
ومن طريق يونس بن عبيد عن الحسن أنزلت في النفقة وفي لفظ له في التهلكة أمرهم الله بالنفقة في سبيل الله وأخبرهم أن ترك النفقة في سبيل الله هو التهلكة
وأخرج عبد بن حميد من طريق السكن بن المغيرة عن الحسن نحوه ولفظه إلى التهلكة قال هو البخل
ومن طريق عوف عن الحسن مثله
وأخرج الطبري من طريق ابن جريج انه سأل عطاء عن هذه الآية فقال يقول أنفقوا في سبيل الله ما قل وكثر وقال لي عبد الله بن كثير نزلت في النفقة في سبيل الله
ومن طريق العوفي عن ابن عباس يقول أنفقوا ما كان من قليل أو كثير ولا تستسلموا فلا تنفقوا شيئا فتهلكوا
وأخرج الفريابي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس نحوه
وأخرجه ابن المنذر ولفظه ليس ذلك في القتال إنما هو في النفقة أن تمسك يدك عن النفقة في سبيل الله وسنده صحيح إليه
وأخرج البخاري والطبري وغيرهما من حديث حذيفة في قوله وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة أنزلت في النفقة وفي لفظ أي لا تمسكوا عن النفقة
2 - وأما القول الثاني فحديث النعمان بن بشير أخرجه أيضا ابن المنذر من طريق حماد عن سماك ولفظه إذا أذنب أحدكم الذنب فلا يقولن قد أسأت فيلقي بيده إلى التهلكة ولكن ليستغفر الله ويتوب إليه
وجاء مثله عن البراء بن عازب أخرجه الطبري وعبد بن حميد وغيرهما من عدة طرق عن أبي إسحاق عنه أتمها رواية حفيده إسرائيل عنه سمعت البراء وسأله رجل فقال يا أبا عمارة أرأيت قول الله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة هو الرجل يتقدم فيقاتل حتى يقتل قال لا ولكنه الرجل يعمل بالمعاصي ثم يلقي بيده ولا يتوب
وفي رواية الثوري عن أبي إسحاق فيقول لا يغفر الله لي
وفي رواية الحسين بن واقد عنه فيلقي بيده فيقول لا تقبل لي توبة
وأخرج الطبري أيضا مثله عن عبيدة بن عمرو السلماني وهو من كبار التابعين من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين قال سألت عبيدة عن هذه الآية فقال كان الرجل يذنب الذنب حسبته قال العظيم فيلقي بيده فيهلك فنهوا عن ذلك فقيل أنفقوا الآية
ومن طريق هشيم أنا هشام نحوه وقال بعد قوله بيده إلى التهلكة ويقول لا توبة لي
ومن طريق أيوب عن ابن سيرين نحوه دون قوله ويقول لا توبة لي وفي لفظ عن أيوب هو الرجل يصيب الذنب العظيم فيلقي بيده ويرى أنه قد هلك
ومن طريق ابن عون عن ابن سيرين قال التهلكة القنوط
وأخرج عبد بن حميد من طريق عوف عن ابن سيرين قال لا تيأس فتقنط فلا تعمل
وأما القول الثالث فأخرجه الترمذي من طريق أبي عاصم عن حيوة كذلك وأخرجه أبو داود والطبري من طريق ابن وهب عن حيوة وابن لهيعة كلاهما عن يزيد ولكن قال في روايته عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بدل فضالة بن عبيد وقال في روايته إنما تأولون هذه الآية هكذا أن حمل رجل يقاتل في سبيل يلتمس الشهادة أو يبلى في نفسه إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار وقال في آخره والإلقاء بالأيدي إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد وقال في آخره حتى دفن بالقسطنطينية
وأخرجه الطبري من طريق المقري كما تقدم قال الترمذي حسن صحيح
قلت وصححه أيضا ابن خزيمة وابن حبان والحاكم
وجاء مثل الذي ذكره أبو أيوب عن عمر فأخرج الفريابي في تفسيره من طريق طارق بن عبد الرحمن عن المغيرة بن شبيل قال بعث عمر جيشا فحاصروا قيصر فتقدم رجل من بجيلة فقاتل حتى قتل وهو جد المغيرة بن شبيل فأكثر الناس فيه فقالوا ألقى بيده إلى التهلكة فبلغ ذلك عمر فقال كذبوا يc ثم قرأ ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله الآية
وله شاهد عند عبد بن حميد من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن قيس ابن أبي حازم عن مدرك بن عوف أنه كان ذات يوم عند عمر قال فذكروا النعمان بن مقرن ورجلا شرى بنفسه فقال مدرك ذاك والله خالي يا أمير المؤمنين زعم رجال أنه ألقى بيده إلى التهلكة فقال عمر كذبوا
وأخرجه ابن المنذر من هذا الوجه ولفظه قلت إن خالي غزا بنفسه حتى قتل فزعموا أنه ألقى بيده إلى التهلكة فقال كذب أولئك ولكن من الذين اشتروا الآخرة بالحياة الدنيا وسنده صحيح
وأخرج ابن المنذر من طريق القاسم بن مخيمر قال لو حمل رجل على عشرة آلاف لم يكن بذلك بأس
وذكر الطبري وغيره في سبب النزول أشياء آخر
أحدها ما أخرجه من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق قال سأل رجل البراء أحمل على المشركين وحدي فيقتلونني أكنت ألقيت بيدي إلى التهلكة قال لا إنما التهلكة في النفقة بعث الله رسوله فقال فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك
ومن طريق حكام بن سلمة الرازي عن الجراح عن أبي إسحاق قال قلت للبراء يا أبا عمارة الرجل يلقى ألفا من العدد فيحمل عليهم وإنما هو وحده أيكون ممن قال الله تعالى فيهم ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة فقال ليقاتل حتى يقتل قال الله تعالى لنبيه فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك
ثانيها من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال في قوله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قال إذا لم يمكن عندك فلا تخرج بنفسك بغير نفقة ولا قوة فتلقي بيديك إلى التهلكة
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق زيد بن أسلم أن رجالا كانوا يخرجون في بعوث يبعثها رسول الله بغير نفقة فإما يقطع بهم وإما كانوا عيالا فأمرهم الله أن ينفقوا مما رزقهم الله ولا يلقوا بأيديهم إلى التهلكة والتهلكة أن يهلكوا من الجوع أو المشي
ثالثها من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة لا يمنعكم النفقة في حق خوف العيلة
رابعها معناها أن ترك الصدقة يفضي إلى الهلاك قال مقاتل في تفسيره قال رجل من الفقراء يا رسول الله ما نجد ما نأكل فبأي شيء نتصدق فقال بما كان ولو بشق تمرة تكفون وجوهكم عن النار وهي التهلكة
خامسها لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة لا تنفقوا من حرام فتأثموا بذلك وتهلكوا حكاه القرطبي ونحوه عن الطبري عن عكرمة قال لا تيمموا الخبيث منه تنفقون
سادسها قال الطبري هي عامة في جميع ما ذكر لاحتمال اللفظ له
تنبيه كان ممن تأول الآية على من يحمل وحده على العدد الكثير من العدو عمرو بن العاص أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام عن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث أنه أخبره أنهم حاصروا دمشق فانطلق رجل من أزد شنوءة فأسرع في العدو وحده يستقتل فعاب ذلك عليه المسلمون ورفعوا حديثه إلى عمرو بن العاص فأرسل فرده وقال له قال الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة
وأجاز الجمهور ذلك بشروط منها أن يغلب على ظنه أنه ينجو أو ينكي العدو بذلك أو يرهبه أو يكون سببا لتجزئ المسلمين على عدوهم فيصنعون كما صنع أو يكون سببا للفتح على المسلمين كما وقع في اليمامة والقادسية أو يخلص نيته لطلب الشهادة كما وقع ذلك في عدة مواطن كما أخرج مسلم بعضها فعنده من حديث أنس في قصة الإثني عشر الذين قاتلوا بعث رسول الله واحدا بعد واحد حتى قتلوا أجمعين ومن حديث أبي موسى أنه حدث عن النبي قال الجنة تحت ظلال السيوف فقال له رجل أنت سمعت رسول الله يقول هذا قال نعم فكسر جفن سيفه ومشى بسيفه إلى العدو فضرب به حتى قتل). [العجاب في بيان الأسباب:471 - 1/485]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)}
روى البخاري عن حذيفة قال: نزلت الآية في النفقة.
وأخرج أبو داود والترمذي وصححه وابن حبان والحاكم وغيرهم عن أبي أيوب الأنصاري قال: نزلت الآية فينا معشر الأنصار لما أعز الله الإسلام، وكثر ناصروه، قال بعضنا لبعض سرا: إن أموالنا قد ضاعت، وإن الله قد أعز الإسلام، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله يرد علينا ما قلنا {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} فكانت التهلكة الإقامة على أموالنا وإصلاحها وتركنا الغزو.
وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي جبيرة بن الضحاك قال: كانت الأنصار يتصدقون ويطعمون ما شاء الله، فأصابتهم سنة فأمسكوا، فأنزل الله {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} الآية.
وأخرج أيضا بسند صحيح عن النعمان بن بشير قال: كان الرجل يذنب الذنب فيقول: لا يغفر لي، فأنزل الله {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}
وله شاهد عن البراء أخرجه الحاكم). [لباب النقول:36 - 37]
قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ): (قوله تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الآية 195.
وقال الإمام البخاري رحمه الله ج9 ص251 حدثنا إسحاق حدثنا النضر حدثنا شعبة عن سليمان قال سمعت أبا وائل عن حذيفة- {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} قال: نزلت في النفقة.
قال الترمذي رحمه الله ج4 ص72: حدثنا عبد بن حميد نا الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل عن حيوة بن شريح عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران التجيبي قال: كنا بمدينة الروم، فأخرجوا إلينا صفا عظيما من الروم، فخرج إليهم من المسلمين مثلهم أو أكثر، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر، وعلى الجماعة فضالة بن عبيد، فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل عليهم فصاح الناس وقالوا سبحان الله يلقي بيديه إلى التهلكة فقام أبو أيوب فقال: يا أيها الناس إنكم لتؤولون هذه الآية هذا التأويل، وإنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما أعز الله الإسلام، وكثر ناصروه، فقال بعضنا لبعض سرا دون رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إن أمولنا قد ضاعت، وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم يرد علينا ما قلنا: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} فكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وتركنا الغزو فما زال أبو أيوب شاخصا في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم. هذا حديث حسن غريب صحيح.
وأخرجه أبو دواد بمثل حديث الترمذي إلا أنه قال وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وأخرج حديث الترمذي ابن حبان ص401 من موارد الظمآن، وأخرجه الطيالسي ج2 ص13 وأخرجه الحاكم ج2 ص275 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وسكت عليه الذهبي لكن أسلم أبو عمران لم يخرجا له شيئا فهو ليس على شرطهما وهو ثقة كما في تهذيب التهذيب.
وقال الطبراني رحمه الله في الكبير ج22 ص390: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا هدبة بن خالد ثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي جبيرة بن الضحاك قال: كان الأنصار يتصدقون ويعطون ما شاء الله فأصابتهم سنة فأمسكوا فأنزل الله {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} هذا حديث صحيح إن ثبتت صحبة أبي جبيرة وسيأتي الكلام عليه في سورة الحجرات إن شاء الله.
فائدة:
ما أخرجه الطبراني: في الكبير (22/390).
قال ابن رجب شرح علل الترمذي (3/781) النوع الثالث قوم ثقات في أنفسهم لكن حديثهم عن بعض الشيوخ فيه ضعف بخلاف حديثهم عن بقية شيوخهم وهؤلاء جماعة كثيرون منهم حماد بن سلمة. وأما الشيوخ الذين تكلم في رواية حماد عنهم.
قال أحمد في رواية الأثرم: حماد بن سلمة إذا روى عن الصغار أخطأ وأشار إلى روايته عن داود بن أبي هند.
وذكر الإمام مسلم في كتاب التمييز ص92 اجتماع أهل الحديث من علمائهم على أن أثبت الناس في ثابت حماد بن سلمة كذلك قال يحيى القطان ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وغيرهم من أهل المعرفة. وحماد يعد عندهم إذا حدث عن غير ثابت كحديثه عن قتادة وأيوب وداود بن أبي هند فإنه يخطئ في حديثهم كثيرا.
وعن النعمان بن بشير في قوله: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} قال: كان الرجل يذنب فيقول لا يغفر الله لي فأنزل الله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}. رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجالهما رجال الصحيح ا.هـ.
وفي الفتح ج9 ص251 من حديث البراء نحوه قال الحافظ: وسنده صحيح ثم قال: والأول أظهر لتصدير الآية بذكر النفقة فهو المعتمد في نزولها ا.هـ.
وأقول: لا داعي لإلغاء الروايتين أعني رواية النعمان والبراء مع صحتهما فالآية تشمل من ترك الجهاد وبخل وتشمل من أذنب وظن أن الله لا يغفر له ولا مانع من أن تكون الآية نزلت في الجميع. والله أعلم). [الصحيح المسند في أسباب النزول:31 - 33]



روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس