عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 23 صفر 1440هـ/2-11-2018م, 05:21 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحديد

[ من الآية (16) إلى الآية (19) ]
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17) إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19)}

قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وما نزل من الحقّ).
قرأ نافع، وحفص، والمفضل عن عاصم (وما نزل من الحقّ) خفيفة.
وقرأ الباقون " نزّل " مشددة، وروى عباس عن أبي عمرو (وما نزّل من الحقّ) بضم النون.
قال أبو منصور: من قرأ (ما نزل من الحقّ) فهو من: نزل ينزل نزولاً.
ومن قرأ (وما نزّل من الحقّ) فالفعل لله، أي: وما نزّل الله من الحق.
ومن قرأ (وما نزّل) فهو على ما لم يسم فاعله، ونزّل بأمر اللّه). [معاني القراءات وعللها: 3/55]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {وما نزل من الحق} [16].
قرأ نافع وحفص عن عاصم: {وما نزل من الحق} مخففًا.
وقرأ الباقون: {وما نزل} مشددًا وهو الاختيار، لأن في حرف عبد الله {وما أنزل} بألف فأنزل ونزل بمعنى مثل كرم وأكرم.
وفيها قراءة ثالثة سمعت ابن مجاهد يقول روي عباس عن أبي عمرو {وما نزل من الحق} بالضم والتشديد على ما لم يسم فاعله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/351]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ نافع وحفص والمفضل عن عاصم: وما نزل من الحق [الحديد/ 16] خفيفة نصب.
وقرأ الباقون، وأبو بكر عن عاصم: وما نزل مشدّدة، وروى
[الحجة للقراء السبعة: 6/273]
عباس عن أبي عمرو: وما نزل من الحق مرتفعة النون مكسورة الزاي. قال أبو علي: من خفّف وما نزل من الحق فعلى نزل ذكر مرفوع بأنه الفاعل، ويعود إلى الموصول، ويقوّي التخفيف قوله:
وبالحق نزل [الإسراء/ 105].
ومن قال: وما نزل فشدّدها على الفعل الضمير العائد إلى اسم اللّه عزّ وجلّ، والعائد إلى الموصول الضمير المحذوف من الصلة كالذي في قوله: وسلام على عباده الذين اصطفى [النمل/ 59] أي: اصطفاهم. وحجة ذلك كثرة ما في القرآن من ذكر التنزيل.
ومن قرأ: وما نزل فالعائد إلى الموصول: الذكر المرفوع في نزل* وذلك الذكر مرفوع بالفعل المبني للمفعول، وما* الذي هو الموصول في كل ذلك في موضع جرّ بالعطف على الجار في قوله:
أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل [الحديد/ 16] ). [الحجة للقراء السبعة: 6/274]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [أَلَمَّا يَأْنِ لِلَّذِينَ]، مثقلة.
قال أبو الفتح: أصل "لما" لم، زيد عليها ما، فصارت نفيا لقوله: قد كان كذا، و"لم" ونفي فعل. تقول: قام زيد، فيقول المجيب بالنفي: لم يقم. فإن قال: قد قام. قلت: لما يقم، لما زاد في الإثبات "قد"- زاد في النفي "ما"، إلا أنهم لما ركبوا "لم" مع "ما" - حدث لها معنى ولفظ.
أما المعنى فإنها صارت في بعض المواضع ظرفا، فقالوا: لما قمت قام زيد، أي: وقت قيامك قام زيد.
وأما اللفظ. فلأنها جاز أن يقف عليها دون مجزومها، كقولك: جئت ولما، أي: ولما تجئ. ولو قلت: جئت ولم-لم يجز.
فإن قلت: فقد علمنا أن أصل لما - على ما وصفت -"لم" و"ما" - حدث لها معنى ولفظ.
أما المعنى فإنها صارت في بعض المواضع ظرفا، فقالوا: لما قمت قام زيد، أي: وقت قيامك قام زيد.
وأما اللفظ. فلأنها جاز أن يقف عليها دون مجزومها، كقولك: جئت ولما، أي: ولما تجيء. ولو قلت: جئت ولم - لم يجز.
فإن قلت: فقد علمنا أن أصل لما -على ما وصفت - "لم" و"ما"، وهما حرفان، وأما الظرف فاسم، فكيف جاز للحرف أن يستحيل، فيصير اسما؟
قيل: كما استحال الاسم لما ركب مع الحرف، فاعتد مجموعهما حرفا في قولهم: إذ ما تقم أقم. ألا ترى أن سيبويه ذكر "إذ ما" في الحرف، وقرنها بإن في الشرط؟ وذلك أن التركيب يحدث للمركبين حكما مستأنفا، ويخلقه خلقا مرتجلا. ألا ترى إلى قولهم: بأبأت الصبي: إذا قلت له: بأبي أنت، والباء في أوله مزيدة للجر، والثانية أيضا قد يمكن أن تكون للجر كررت، إلا أنك إذا مثلت قلت: هو فعللت، فجعلت الباء الزائدة للجر مقابلة للفاء؟ وكذلك قولهم: بسملت، فالباء من قولهم: "بسم الله"، والسين فاء "اسم"، واللام عين إله، ثم إنك إذا مثلت بسملت قلت: هو فعللت، ومثله حوقلت: إذا قلت: لا حول ولا قوة إلا بالله، ومثال حرقلت: فوعلت، والواو -كما ترى- زائدة،
[المحتسب: 2/312]
وهي عين حول في الأصل. أفلا ترى إلى استحالة أحوال الحروف من الزيادة إلى الأصل، ومن الأصل إلى الزيادة؟ وهذا كقول الله سبحانه: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَر} ). [المحتسب: 2/313]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ألم يأن للّذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق} 16
قرأ نافع وحفص {وما نزل من الحق} بالتّخفيف بمعنى وما جاء من الحق يعنون القرآن الّذي نزل من عند الله تعالى
وحجتهما قوله {وبالحق نزل} فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه أولى
وقرأ الباقون {وما نزل من الحق} بالتّشديد وحجتهم ذكر الله قبله في قوله {أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل} أي وما نزل الله من الحق). [حجة القراءات: 700]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (8- قوله: {وما نزل من الحق} قرأه نافع وحفص بالتخفيف، أضافا الفعل إلى «ما» وهو القرآن، وفي {نزل} ضمير {ما} يعود عليها، وهو القرآن، وقد أجمعوا على قوله: {وبالحق نزل} «الإسراء 105»، وهو القرآن، وقرأ الباقون «نزّل» بالتشديد، أضافوا الفعل إلى الله جل ذكره، لتقدم ذكره في قوله: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق}، أي: لما أنزل الله من الحق، وهو القرآن، فهو مفعول به في المعنى، وفي الكلام «هاء» محذوفة تعود على {ما} في القراءة بالتشديد، و{ما} في موضع خفض على العطف على ذكر الله، والتقدير: ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله، وللذي نزَّل الله من الحق، أي: نزله، وحذفت الهاء من الصلة لطول الاسم، وهو حسن كثير في القرآن). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/310]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [آية/ 16] بالتخفيف:-
قرأها نافع و-ص- عن عاصم.
والوجه أن نزل لازمٌ، وفيه ضميرٌ يعود إلى {مَا} الموصولة، وقد بُين ذلك الضمير بقوله {مِنَ الْحَقِّ}، و{مَا} معطوفة على المجرور في قوله {لَذِكْرُ الله}، كأنه قال: أن تخشع لذكر الله ولما نزل من الحق، أي للنازل من الحق.
وقرأ الباقون {وَمَا نَزَلَ} مشددةً.
والوجه أن نزل بالتشديد متعدي نزل، يقال نزل ونزلته وأنزلته، والمعنى وما نزل الله من الحق، ففي الفعل ضميرٌ يعود إلى اسم الله الذي تقدم في قوله تعالى {لَذِكْرُ الله}، والضمير المنصوب الذي هو مفعول نزل محذوفٌ، والتقدير وما نزله الله من الحق). [الموضح: 1248]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [آية/ 16] بالتاء:-
رواها يس- عن يعقوب.
والوجه أنه على الخطاب، وهو نهيٌ، فيجوز أن يكون خطابًا للمؤمنين
[الموضح: 1248]
ويكون على إضمار القول، أي وقل لهم: لا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب، ويجوز أن يكون خطابًا للمنافقين فيكون محمولاً على ما تقدم من الخطاب لهم.
وقرأ الباقون {وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ} بالياء، إلا أن ابن عامر قد اختلف عنه فيه.
والوجه في الياء أن قوله {وَلَا يَكُونُوا} عطفٌ على قوله {تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ}، والمعنى: ألم يأن لهم أن تخشع قلوبهم وأن لا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب، فعلى هذا تكون النون محذوفةً من الفعل للنصب، وفي الأول محذوفةً للجزم). [الموضح: 1249]

قوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17)}
قوله تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّ المصّدّقين والمصّدّقات).
قرأ ابن كثير، وأبو بكر عن عاصم (إنّ المصدّقين والمصدّقات) بتخفيف الصاد. وسائر القراء شددّوا الصاد والدال.
قال أبو منصور: من شدد الصاد فالمعنى: إنّ المتصدقين والمتصدقات. فأدغمت التاء في الصاد وشددت.
ومن قرأ (المصدّقين والمصدّقات) بتخفيف الصاد، فمعناه من التّصديق، كأنه قال: إن المؤمنين والمؤمنات، أي: الذين صدّقوا الله ورسوله، والإيمان والتصديق واحد، ويقال للذي يقبض الصدقات: مصدق. بتخفيف الصاد. فأما الذي يعطي الصدقة المسكين فهو متصدّق، ومصّدّق.
قال اللّه: (وتصدّق علينا إنّ اللّه يجزي المتصدّقين (88).
ولم يقل: صدّق علينا). [معاني القراءات وعللها: 3/56]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6 - وقوله تعالى: {إن المصدقين والمصدقات} [18].
قرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر مخففة الصاد.
وقرأ الباقون مشددًا في الحرفين جميعًا أرادوا: المتصدقين فأدغموا التاء في الصاد فالتشديد من جلل ذلك، وليس في الدال اختلاف؛ لأنه على وزن تفعل تصدق مثل تكبر، وتجبر، ومن خفف حذف التاء اختصارًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/351]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر: إن المصدقين والمصدقات [الحديد/ 18] خفيف.
وقرأ الباقون وحفص عن عاصم، مشدّدة الصاد فيهما.
قال أبو علي: من خفّف فقال: إن المصدقين فمعناه: إن المؤمنين والمؤمنات، وأما قوله: وأقرضوا الله قرضا حسنا [الحديد/ 18] فهو في المعنى كقوله: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات [الكهف/ 107] لأن إقراض اللّه من الأعمال الصالحة.
[الحجة للقراء السبعة: 6/274]
ومن حجّة من قال: المصدقين* فخفّف، أنه أعمّ من المصدقين، ألا ترى أن المصدقين مقصور على الصدقة، والمصدقين* تعمّ التصديق والصادقة، لأن الصدقة من الإيمان فهو أذهب في باب المدح.
ومن حجة من ثقّل فقال: المصدقين والمصدقات أنهم زعموا أن في حرف قراءة أبيّ: إن المتصدقين والمصدقات ومن حجتهم أن قوله: وأقرضوا الله قرضا حسنا [الحديد/ 18] اعتراض بين الخبر والمخبر عنه، والاعتراض بمنزلة الصفة، فهو للصدقة أشدّ ملاءمة منه للتصديق، وليس التخفيف كذلك، لأن الإيمان ليس الإقراض فقط، بل هو أشياء أخر، والإقراض منه.
ومن حجة من خفّف فقال: المصدقين* أن يقول، لا نحمل قوله: وأقرضوا على الاعتراض، ولكنّا نعطفه على المعنى، ألا ترى أن المصدّقين والمصدّقات معناه إن الذين صدّقوا، فكأنّه في المعنى:
إن المصدّقين وأقرضوا، فحمل وأقرضوا على المعنى لما كان معنى المصدّقين الذين صدّقوا، فكأنه قال: إن الذين صدّقوا وأقرضوا). [الحجة للقراء السبعة: 6/275]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا} 18
قرأ ابن كثير وابو بكر {إن المصدقين والمصدقات} بتخفيف الصّاد فيهما أي المؤمنين والمؤمنات الّذين صدقوا الله ورسوله
وقرأ الباقون {إن المصدقين والمصدقات} بتشديد الصّاد فيهما أرادوا المتصدقين والمتصدقات فأدغموا التّاء في الصّاد وحجتهم أن في حرف أبي (إن المتصدقين والمتصدقات) بتاء ظاهرة فهي حجّة لمن قرأ بالتّشديد وأخرى وهي في قوله {وأقرضوا الله قرضا حسنا} وذلك أن القرض هو أشبه بالصّدقة من التّصديق وحجّة من خفف هي أن التّخفيف في قوله {المصدقين} أعم من التّشديد ألا ترى أن المصدقين بالتّشديد مقصورة على الصّدقة والمصدقين بالتّخفيف يعم التّصديق والصّدقة لأن الصّدقة من الإيمان فهو أوجب في باب المدح). [حجة القراءات: 701]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (9- قوله: {إن المصَّدقين والمصَّدقات} قرأه ابن كثير وأبو بكر بالتخفيف، جعلاه من التصديق بالله وكتبه ورسله، ومعناه: إن المؤمنين والمؤمنات، لأن الإيمان والتصديق سواء، وقرأ الباقون بالتشديد، جعلوه من الصدقة، وأصله أن المتصدقين والمتصدقات ثم أدغم، وفي القراءة بالتشديد قوة من جهة المعنى، وذلك أن كل من تصدَّق لله فهو مؤمن، وليس كل من آمن يتصدق
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/310]
لله، فالقراءة بالتشديد أعم؛ لأنها تجمع الإيمان والصدقة، وفي القراءة بالتخفيف قوة أيضًا من جهة المعنى، وذلك أنه محمول على التصديق الذي هو الإيمان، ثم ذكر بعده: {وأقرضوا الله} فقد بيَّن أنهم جمعوا الحالتين: الإيمان والصدقة، ومن شدد فإنما يقدر أن قوله: {وأقرضوا} تأكيد مكرر، لأن التشديد يدل على الصدقة، وهي القرض، وكان في الكلام إذا قرئ بالتشديد، تكرير، وليس كذلك إذا قرئ بالتخفيف، بل التخفيف وما بعده من ذكر القرض يدل على الإيمان والصدقة، فذلك فائدتان، والتشديد وما بعده من ذكر القرض يدل على فائدة واحدة، وهي الصدقة، لا غير، ولولا الجماعة لاخترت التخفيف، لأنه يدل مع ما بعده على ما يدل عليه التشديد وزيادة الإيمان، فهو يدل على إيمان وصدقة، والتشديد ما بعده إنما يدل على الصدقة فقط، لكن قد عُلم أن المتصدق لله مؤمن، فثبت للمتصدق الإيمان من طريق الدليل، وثبت في التخفيف له الإيمان من طريق النص، فاعرف قوة التخفيف على التشديد ويقوي التشديد أن في حرف أُبي «المتصدقين والمتصدقات» فهذا يدل على التشديد بمعنى الصدقة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/311]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ} [آية/ 18] بتخفيف الصاد فيهما:-
والوجه أن المعنى: إن المتصدقين والمتصدقات، فأدغم التاء في الصاد، وهو من الصدقة، والتقدير: إن الذين أعطوا الصدقة واللاتي أعطين الصدقة، والدليل على تقدير الفعل في هذين الاسمين أنه عطف عليهما بالفعل وهو
[الموضح: 1249]
قوله {وَأَقْرِضُوا الله}، كأنه قال: تصدقوا وأقرضوا.
والقراءة الأولى أقوى؛ لأنه لما عُطف عليه بالإقراض كان الأحسن أن يكون الأول غير الإقراض ليفيد كل واحدٍ من المعطوف والمعطوف عليه فائدة جديدةً، والتصدق هو الإقراض بعينه.
وبعض من قرأ بالتشديد يجعل قوله {وَأَقْرِضُوا الله قَرْضًا} اعتراضًا بين اسم إن وخبره). [الموضح: 1250]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {يُضَاعَفُ لَهُمُ} [آية/ 18] بغير ألف:-
قرأها ابن كثير وابن عامر ويعقوب.
وقرأ الباقون {يُضَاعَفُ لَهُمُ} بالألف.
وقد سبق القول في مثله). [الموضح: 1250]

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس